أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - قنبلة الأفكار المسمومة .. التى قتلت بينظير بوتو














المزيد.....

قنبلة الأفكار المسمومة .. التى قتلت بينظير بوتو


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2149 - 2008 / 1 / 3 - 12:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اغتيال بينظير بوتو زعيمة حزب الشعب الباكستانى ورئيسة وزراء باكستان السابقة حادث مأساوى تنفطر له القلوب، خاصة لمن يعلم تفاصيل حياة هذه السيدة الاستثنائية والتاريخ الميلودرامى لأسرتها التى امتزجت سيرتها الذاتية بتاريخ بلادها.
ومع ذلك .. فإن هذا الحادث المروع الذى هز وجدان البشرية لم يكن مفاجئاً بالمرة، فى بلد دأب على تفريخ غلاة المتطرفين، وتوليد العنف والإرهاب منذ اليوم الأول لتأسيسه.
فباكستان هى بلد الانقلابات العسكرية التى لا تتوقف، وإذا توقفت فترة قصيرة لتفسح المجال أمام حياة سياسية "طبيعية" تتنافس فيها الأحزاب السياسية وتحتكم إلى صناديق الاقتراع، فإنما يكون توقفاً مؤقتاً مقل الجملة الاعتراضية سرعان ما تنهيه المؤسسة العسكرية بانقلاب جديد، كان ذلك الذى قام به الجنرال برويز مشرف مجرد حلقة فى سلسلته الطويلة.
وفى ظل حكم العسكر شهدت باكستان العديد من أحداث العنف والإرهاب، التى وصلت إلى ذورتها باغتيال رئيس الدولة ذاته (مثلما حدث مع الجنرال محمد ضياء الحق) وإعدام رئيس الوزراء الأكثر شعبية فى تاريخ البلاد منذ حصولها على استقلالها ( وهو ذو الفقار بوتو مؤسس حزب الشعب ووالد بينظير بوتو).
والعجيب ان هذه الحلقة المفرغة المخضبة بالدماء التى تعيشها باكستان منذ "استقلالها" حتى الآن تأتى على النقيض تماماً مما يجرى فى الهند، البلد الأم الذى انفصلت عنه باكستان غداة استقلالها عام 1947.
وهو تاريخ ملفت للنظر، لأن باكستان تأسست فى نفس العام الذى تم فيه تأسيس دولة إسرائيل، وعلى يد نفس القوة الاستعمارية المهيمنة وقتها (وهى بريطانيا)، وعلى نفس الأساس الدينى، فالأخيرة دولة "يهودية" والأولى دولة "إسلامية". والأثنان لعبا أدواراً ذات مغزى فى الصراع بين القوى الاستعمارية وحركات التحرر العالمية.
وقبل انفصال باكستان عن الهند – عشية الاستقلال – حاول الزعيم الهندى التاريخى جواهر لال نهرو منع الانفصال بأى شكل، لدرجة أنه لجأ إلى مصطفى النحاس باشا زعيم حزب الوفد المصرى، وزعيم الأمة المصرية وقتها، لبذل مساعيه الحميدة لاقناع محمد على جناح بابقاء هذه المناطق التى يطالب بانفصالها موحدة داخل النسيج الوطنى الهندى، لكن هذه المحاولات ذهبت أدراج الرياح، وانتصر تيار الانفصال على أساس دينى.
هذه الصبغة الدينية .. لم تكن مجرد ذرعية لتبرير الانفصال عن الهند وإقامة دولة "إسلامية" موزعة بين شطرين، باكستان الشرقية وباكستان الغربية، تمرد أحدهما فيما بعد واعلن استقلاله وتكوين دولة ثالثة هى بنجلاديش، التى يعنى إسمها بلاد البنغال،.. ،
وإنما تكفل هذا الطابع الدينى للدولة الباكستانية بتحويل البلاد إلى مراعى لتيارات أصولية من كل صنف، وهذه التيارات الاصولية المتطرفة لم تكتف بالعمل داخل الحدود الباكستانية، بل انها مدت بصرها خارج هذه الحدود السياسية والجغرافية لتمارس دورها الفكرى والسياسى والعسكرى فى أماكن متعددة .
وكان من المنطقى ان يكون لافغانستان المجاورة النصيب الاوفر من هذا النشاط المحموم لجماعات الاسلام السياسى.
واذا كانت الادارة الامريكية تشكو اليوم من تصاعد نفوذ هذه الجماعات الاصولية فانها مسئولة مسئولية مباشرة عن ذلك ، سواء من خلال توسيعها لنطاق الارهاب ونقلها لبؤره الرئيسية من افغانستان إلى باكستان منذ شنت حربها على أفغانستان، وسواء بتحالفها مع الحكم العسكرى الذى توجد روابط عضوية بين اجهزة استخباراته وبين جماعات الاسلام السياسى فى باكستان وافغانستان .
وعندما رات ادارة الرئيس بوش الامور تفلت من أيدى الجميع فى باكستان كانت محاولتها الاخيرة لانقاذ ما يمكن انقاذه هى اقناع حليفها الجنرال مشرف باقتسام السلطة مع السيدة يبنظير بوتو، على امل ان تؤدى هذه الصفقة الى الاستفادة من تحالف المؤسسة العسكرية مع المؤسسة السياسية المدنية فى مواجهة اكثر كفاءة مع الجماعات الاصولية التى لا تتوقف عن كسب ارض جديدة كل يوم.
لكن المحاولة إنهارت باغتيال بينظير بوتو التى تفرقت دماؤها بين مسئولية الادارة الامريكية ومسئولية المؤسسة العسكرية الباكستانية بقيادة الجنرال مشرف ومسئولية الجماعات الاصولية التى توعدتها بينظير بوتو بانها ستقتلعها من جذورها، وانتقدت الجنرال مشرف على تواطؤه معها طويلاً .
وبهذا الحادث المأساوى المروع لم تفقد باكستان زعيمة سياسية متميزة وفريدة فقط، وإنما فقدت ايضاً أحد الرهانات المهمة للسيطرة على الموقف المتدهور، ودخلت فى دوامة جديدة من العنف والعنف المضاد.
وما يهمنا نحن فى مصر من ذلك.. هو ان التجربة الباكستانية تعطينا دروساً بليغة عن مخاطر الخلط بين الدين والسياسة . وهى مخاطر فادحة لا تهدد الامن القومى للبلاد فقط، وانما تهدد ايضا الوحدة الوطنية والسلم الاهلى والتنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعى..
فهل نستوعب الدرس ونتعلم من هذه التجارب المخصبة بالدماء ؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغم أى شيء.. كل سنة وأنتم طيبون!
- -تشريع- الكونجرس و-أنفاق- ليفنى!
- أفيقوا.. البلد يغرق!
- أسئلة تحتاج إجابات قبل أن يحترق الوطن (2)
- أسئلة تحتاج إجابات قبل أن يحترق الوطن -1-
- باقة ورد علي ضريح فتحي عبدالفتاح
- عندما جلس رئيس الحكومة على مقعد الأقلية!
- مبروك.. لمصر
- باقة ورد على ضريح فتحى عبد الفتاح
- شيزوفرينيا وطنية .. مخيفة!
- انتخابات نقابة الصحفيين .. تعليق أخير
- شكر مستحق .. واعتذار واجب .. ل -طلعت حرب-!
- قراءة في تقرير مهم .. مبادرة »ياسين« وتحذير »الجبالي«
- طلعت حرب
- متى نتوقف عن اللت والعجن فى قضايا القرون الوسطى؟!
- هل تتذكرون بنك القاهرة ؟
- جماعة الإدارة العليا .. بامتياز (2)
- القلق لا يليق بإسرائيل .. فقط
- الكل فى واحد : مدارس صحفية متعددة ومطالب نقابية موحدة
- رغم سلبيات تافهة وتجاوزات غير بريئة.. ألف مبروك للصحفيين .. ...


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - قنبلة الأفكار المسمومة .. التى قتلت بينظير بوتو