|
لقاء أنابولس ملهاة استعراضية جديدة لكسب الوقت لمزيد من الاستيطان والتطبيع المجاني وهدر الحقوق الفلسطينية
محمود جديد
الحوار المتمدن-العدد: 2148 - 2008 / 1 / 2 - 11:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
- يبدو أنّ فريق "أوسلو" لايتعلّم من التجارب والأخطاء ، والأصحّ أنّه لايريد أن يتعلّم ، لأنّه وضع نفسه ،وقضيّة شعبه في متاهات متعاقبة ، وفي كلّ مرّة تثبت الحقائق والوقائع فيها خطأه يعود ليراهن على متاهة جديدة دون كلل أو ملل ، أو رادع من بقايا ضمير ...فبعد أن قامروا بالثوابت الفلسطينية ، ووقّعوا على "اتفاقية أوسلو المشؤومة" ، وضحّوا بالانتفاضة الأولى (987 1 – 1993 )قرباناً على مذبحها ، وشطبوا سنوات طويلة من النضال الفلسطيني ، وكانت النتيجة بعد مرور أعوام عديدة أن أكل الصهاينة لحم ومرق "أوسلو " تطبيعاً ،وإنشاء مستوطنات جديدة ، وانفتاحاً عالمياً غير مسبوق ، وازدهاراً اقتصادياً كبيراً ...الخ ،وعندما وصلت الأمور لتطبيق المرحلة –ج – من تلك الاتفاقية ،والتي كان بموجبها يمكن استرجاع مساحات مهمة من أرض الضفة والقطاع قام /شارون/ وحكومته بالتنصّل من كلّ ما يتعلّق باتفاقية أوسلو ، وداسوها بأقدامهم ... - وفي عام 2000 اندلعت انتفاضة الأقصى البطلة المستمرة حتى الآن ، وكان لابدّ للتحالف الامبريالي – الصهيوني ،من إدخال القضية الفلسطينية في متاهة جديدة ،تستهدف إيقاف الكفاح المسلّح ، وتصفية الحقوق الفلسطينية المشروعة ، وتوسيع دائرة التطبيع مع الكيان الصهيوني ، وذلك بالتقاطع والتنسيق في كثيرمن المسائل والتوجهات مع فريق أوسلو ، ولكنّ توقف الشهيد / أبو عمّار/ عند الخطوط الحمر الفلسطينية ، وتمسّكه بثوابتها فرمل الاندفاع باتجاه التسوية الاستسلامية ، بالرغم من إلحاح باقي فريق "أوسلو" على السير بها حتى النهاية ، وكانت النتيجة أن حدث انشقاق بين أطراف هذا الفريق قاده /أبو مازن ، ودحلان ، ونبيل عمرو..وآخرون/ ، وقد دفع /أبو عمّار/ حياته اغتيالاً ثمناً لهذه الفرملة ، انتقاماً منه ، ولإزالته من طريق / أبو مازن/ ومجموعته ، وللتمهيد لوصولهم للسلطة وتفرّدهم بها ، وتأمين هيمنتهم على /م.ت.ف/ ...غير أنّ (الانتخابات التشريعية ) التي شهدتها الساحة الفلسطينية في عام 2006 ، والتي فازت فيها " حركة حماس " بحوالي الثلثين أوجد نوعاً جديداًمن التوازنات داخل السلطة الفلسطينية خلق عوائق في طريق فريق "أوسلو" ، وقد حاول /أبو مازن/ ومجموعته ، وأوساط عربية ودولية جرّ حماس إلى مستنقع التسوية ،والاعتراف المجاني بالكيان الصهيوني ، ولمّا فشلوا في ذلك ، قرّروا تصفية "حماس" في غزة ،معقلها الأساسي ، عن طريق / دحلان/ وأدواته القذرة ، وبدعم أمريكي وإسرائيلي واضح ، ( وهنا أميّز جيّداً بين دحلان ومجموعته وبين مناضلي حركة فتح الذين نحترمهم كلّ الاحترام ) ...ولكنّ المخطط لم يكن خافياً على قادة حماس ، وحدث ما حدث من تطورات مؤلمة هناك ، لسنا في صدد التعرّض لها هنا ... ولكن لابدّ من الإشارة إلى أنّ انشقاقاً عامودياً حدث داخل السلطة الفلسطينية ، حيث أقام / أبو مازن/ حكومة جديدة في الضفة الغربية لم تعترف بها "حركة حماس " التي بقيت متمسكة بشرعيتها في قطاع غزة ...وهكذا بلغ الانقسام داخل الصف الفلسطيني مرحلة خطيرة لم يشهد تاريخ الشعب الفلسطيني مثيلاً له ، ممّا أساء إلى حدّ كبير إلى هذا الشعب العظيم ،وقضيته العادلة ، وأثبت أنّه لايمكن التعايش بين خطين متناقضين في سلطة واحدة ... أهداف لقاء أنابولس : إذا نظرنا إلى لقاء أنابولس من خلال توقيته ، وتسلسله في النشاط السياسي الأمريكي والإسرائيليي ، وتداخله وتشابكه في الأحداث الجارية في المنطقة العربية والعالم ،لاستطعنا أن نكشف ونحدّد أهدافه ودوافعه المركّبة التي استهدفها الأمريكيون والإسرائيليون من عقده : ا – أهداف أمريكية : كلّنا يعلم مأزق الإدارة الأمريكية في العراق وأفغانستان ، وفشل سياستها في تحقيق أهدافها المنشودة في كلّ من فلسطين ولبنان وحول الملف النووي الإيراني حتى الآن ...الخ إضافة إلى مأزقها الداخلي المعروف وهي على أبواب انتخابات الرئاسة وتجديد الكونغرس ، ولذلك أراد البيت الأبيض إنجاز ما في ملف ّ هام صالح للاستثمار الداخلي ، والتوظيف الخارجي لصالح ملفات أخرى ، وخاصة في العراق وإيران ، ولهذا كلّه شكّل لقاء أنابولس تتويجاً للقاءات وجولات /كوندا ليزا رايس/في المنطقة خلال عام 2007بهدف جرجرة الحكام العرب إلى تحالفات واصطفافات جديدة في المنطقة تقوم على اعتبار إيران هي العدو ، والخطر الداهم بدلاً من الكيان الإسرائيلي ، مستخدمة القضية الفلسطسنية باعتبارها جوهر الصراع في المنطقة للدخول من باب ملفّها ، والانطلاق منه لبناء سياستها الجديدة ، من خلال كسر حالة الجمود التي تلفّ هذه القضية طيلة سنوات طويلة من الصراع ،وإيهام الفلسطينيين والعرب بأنّ الإدارة الأمريكية جادّة في إيجاد حلّ يرضي الطرفين ... ب –أهداف إسرائلية : إنّنا نعلم جميعاً مأزق الحكومة الإسرائلية أيضاً ، وخاصة بعد فشل أهداف عدوانها في تموز /يوليو2006 على لبنان ، وهزيمتها العسكرية هناك ، وانعكاساتهاالسلبية على وظيفتها الاستراتيجية في المنطقة ، وما لحق بأولمرت من أضرار سياسية على الصعيد الداخلي الإسرائيلي ، وخاصة أنّ التقرير النهائي للجنة / فينوغراد / أصبح وشيكاً ، والذي يهدّد مصير هذه الحكومة من الأساس ، ولهذا أراد أولمرت كسب الوقت لمزيد من الاستيطان ، وأن يحقق خطوات جديدة على طريق إنهاء تصفية القضية الفلسطينية لاستثمارها داخلياً ، مستغلاًّ ضعف السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس ، وهيمنة فريق أوسلو على قيادة فتح ، و/م.ت.ف /، وانقسامات الساحة الفلسطينية ، والتخاذل والتواطؤ العربي ، والانحياز الدولي لمصلحة (إسرائيل) ...إضافة إلى محاولة دفع الإدارة الأمريكية ، والحكام العرب باتجاه تصعيد العداء تجاه إيران على طريق استهدافها العسكري لاحقاً ، وتصفية الحساب مع طموحاتها النووية المحتملة ، وفصل ،أو إبعاد النظام السوري عن تحالفه مع إيران لإضعاف هذا المحور ، وتحقيق المزيد من الضغوط على المقاومة اللبنانية بهدف عزلها ومحاصرتها وتصفيتها ، وتوسيع دائرة التطبيع المجاني في الساحة العربية ... التحضير للقاء أنابولس : قامت /رايس ، وليفني / بوضع خطة اللقاء ، والتي اعتمدت تحقيق أكبر مشاركة واسعة عربية ودولية من أجل (الزفّة) الاستعراضية المطلوبة دون تكلفة سياسية من الطرفين الأمريكي والإسرائيلي ، وفي الوقت نفسه كانت السلطة الفلسطينية برئاسة /أبي مازن / تطبّل وتزمّر له في الساحة الفلسطينية ،معتمدة أسلوباً دعائياً ديماغوجياً يرتكز على استغلال معاناة الشعب الفلسطيني العظيم جرّاء الاحتلال الإسرائيلي البغيض ، والتبشير بإنهاء العنف والقتل والتدمير ، والاستيلاء على الأرض وهدم البيوت ، وإطلاق سراح الأسرى ، وبإقامة الدولة الفلسطينية القادرة على الحياة ، وبوقف الاستيطان وبناء الجدار ، وبالحلول الاقتصادية المجزية ، وبوضع رزنامة للانتهاء من بحث المسائل الأساسية ، وبإمكانية وضع وثيقة إعلان مبادئ ....وتمّ تصوير الأمور وكأنّ الدولة الفلسطينية المستقلة على مرمى حجر ..كما قام أبو مازن وموفدوه بزيارات متعددة للدول العربية وخاصة مصر والسعوديةللمطالبة بالمشاركة العربية الواسعة بهدف تدعيم المطالب والحقوق الفلسطينية ، وضمن هذا السياق جرى عقد اجتماع لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية ، طالبوا فيه بأخذ المبادرة العربية موضع الاهتمام في لقاء أنابولس ، وبوضع مسألة الجولان المحتل على جدول أعماله ، لأنّ النظام السوري قرن موافقته على المشاركة بتحقيق هذا البند ...وبالرغم من قلّة اكتراث الإدارة الأمريكية بالمطلب السوري في البداية إلاّ أنّ أتباعها في المنطقة بذلوا جهوداً حثيثة في هذا المجال لأنّ الحضور السوري يقدّم غطاءً سياسياً مهماً لهم ، ويسحب من النظام السوري ورقة المزايدة والاتهام بالتفريط والتطبيع ، وخاصة في ظلّ ظروف عدم التفاهم القائمة بينه وبين بعض الأنظمة العربية بعد العدوان الإسرائلي على لبنان في صيف 2006 ...كما بذل /أولمرت/ نفسه جهوداً إضافية في هذا السبيل لأنه يعرف حساسية مقاطعة النظام السوري ،وإمكانيته في خلق متاعب سياسية داخل الساحة الفلسطينية عن طريق نشاط وتحركات الفصائل الفلسطينية المعارضة المتواجدة في دمشق ، وقد أشار إلى هذه الجهود عندما صرّح لصحيفة / يديعوت أحرنوت / الإسرائلية :" بانّ الأمريكيين لم يكونوا معنيين بدعوة سورية إلى المؤتمر ،لكنّي قدّمت بنفسي توصية بهذا الشأن ." كما عبّر في مناسبة أخرى عن سعادته بمشاركة سورية ...ونتيجة لهذا كلّه صدر تصريح عن الإدارة الأمريكية تعلن فيه وضع مسألة الجولان على جدول أعمال اللقاء ، وبذلك تحقق ولو شكليّاً الشرط السوري للحضور ، وتنفّست بعض الدول العربية الصعداء لهذه المشاركة منعاً من إحراجها بالحضور بغياب النظام السوري .. وبعد أن تأكّدت الحكومة الإسرائلية من المشاركة العربية، وابتدأ وزراء الخارجية بالسفر أعلنت /ليفني/ :" إنّه من دون الدعم العربي لايوجد فلسطيني يمكن التوصّل لاتفاق مع لإسرائيل .." " لكن يجب على الدول العربية ألاّ تحدّد شروطاً للمفاوضات ،أو أن تتدخّل فيها ." وهذه إشارة على رفض " المبادرة العربية" ،كما أنّ فهم /ليفني / للدعم العربي ليس بالطبع لتحسين الموقف التفاوضي الفلسطيني ، وإنّما لخلق الغطاء العربي لهم لمزيد من التنازلات ، وبمعنى آخر تريد منهم أن يكونوا شهود زور على ما يجري ،وان يزيّنوا للفلسطينيين طريقهم التفاوضي ، ويحموهم من غضب شعبهم وأمتهم تجاه التنازلات القاسية المطلوبة منهم ، وخاصة حق العودة ...وهنا لاحظ كل متتبع الفرحة والبهجة والسرور على وجوه الوفد الفلسطيني المفاوض خلال لقاءاته مع /أولمرت/ وحاشيته ، وحرارة اللقاءات المتتالية التي حدثت قبيل لقاء أنابولس ، وخاصة بعد التأكّد من المشاركة العربية ، هذه المناظر التي تلحق أشدّ الأذى بمشاعر الجماهير الفلسطينية والعربية في كلّ مكان ، وتترك انعكاسات سلبية على اهتمامهم وتفاعلهم مع ما يجري من ممارسات إجرامية داخل فلسطين المحتلة ، هذا إضافة لما تركته الصراعات الفلسطينية – الفلسطينية المؤلمة والمؤسفة في نفوسهم ... المشاركة السورية : كان النظام السوري يدرك جيّداً أهداف وأبعاد أنابولس ، وبالرغم من ذلك قبل المشاركة فيه مستهدفاً كسر طوق العزلة العربية التي عاشها بعد عدوان تموز 2006 إثر ذلّة لسانه رئيسه بتوصيفه الحكام العرب بأنصاف الرجال ،وكان المقصود حكام مصر والسعودية والأردن الذين تواطؤوا مع العدوان في بدايته ، علماً أنّ هذا التوصيف صحيح إلاّ أنّ الدكتور بشار الأسد لم يكن على دراية كافية بانعكاساته السلبية اللاحقة عليه من جهة، كما لم يكن على الدرجة من القدرة على تحمّل تبعات هذا التوصيف لاحقاً من جهة ثانية ، وقد كان الموقف السعودي الأكثر تشدّداً وقساوة ...كما كان النظام السوري يريد من هذه المشاركة استبعاد نفسه من دائرة خطر الاستهداف الأمريكي والإسرائيلي المباشر له،وتمهيد الطريق للمفاوضات مع الكيان الصهيوني حول الجولان المحتل ، وخاصة أنّه قد يشعر بالخشية من احتمال التوصل إلى حل ما للقضية الفلسطينية ، وفي هذه الحالة ستبقى مسألة الجولان محنّطة لآجال طويلة ، ولاسيّما أنّ النظام السوري لايمتلك القدر الكافي من إرادة الكفاح المشروع لتحرير الأرض ، ولم يعدّ القطر العربي السوري لهذا الهدف بالدرجة التي تؤهّله لخوض هذا الكفاح ، بالرغم من مرور 40 عاماً على الاحتلال ... دوافع المشاركة العربية الواسعة : لقد أثبتت الأحداث على امتداد الوطن العربي فقدان النظام العربي الرسمي أهليته السياسية والعسكرية والاقتصادية ، وتلاشي دوره ، وتحوّله إلى تابع ذليل للإدارة الأمريكية ، فبعد أن روّضت /رايس/ أكباشه أكثر فأكثر خلال العام المنصرم بلقاءاتها المتكرّرة مع وزراء خارجية ست دول عربية مع مدراء مخابراتها ،وفقاً لإيماءة منها في كلّ مرّة ، جاء دورهم داخل الجامعة العربية كمؤسسة يُراد لها المزيدمن ( البهدلة) والجرجرة خلف أزيال الإدارة الأمريكية ، ولهذا جاءت المشاركة الواسعة /15/ دولة ، بالإضافة الى الجامعة العربية تعبيراً وتجسيداً للتبعية العمياء للبيت الأبيض مقابل السكوت عن المتابعة الأمريكية لأنظمة هذه الدول داخل أقطارهم ، والكفّ عن التدخّل في شؤونهم الداخلية ، ضماناً لاستمرار عروشهم ...وهكذا جاؤوا ليشكّلوا غطاءً سياسيّاً للسلطة الفلسطينية ،وشهود زور على مايجري ، وسيجري لاحقاً من جرائم وتنازلات ، وحتى يُقطَع الطريق على أيّ نظام عربي إمكانيّة القول :إنّني لم أشارك في الجريمة ، أو يدّعي أنّه مؤهّل لحمل راية النضال ضدّ التحالف الإمبريالي – الصهيوني في أيّة مرحلة لاحقة ..... لقاء أنابولس في 27-11-2007 ، ونتائجه: حضر الجميع بزفّة استعراضية إشهارية مليئة بالتقاط الصور والمصافحات ، وكان الرئيس بوش ،وأولمرت أهمّ المتحدثين في اللقاء ، واللذان أشارا بوضوح إلى توصيف الكيان الصهيوني "بالدولة اليهودية" ، وما تحمله هذه العبارة من دلالات خطيرة على التوجهات المستقبلية للمفاوضات اللاحقة ، وعلى مستقبل عرب فلسطين المحتلة الباقين في حدود عام 1948 ، ولم يعترض أحد ،أو يعلّق على هذا التوصيف ، ولكن هذه العبارة لم ترد في "وثيقة التفاهم" بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ، هذه الوثيقة التي صاغتها كلّ من /رايس ،وليفني / ، والتي تجاهلت المطالب الفلسطينية والعربية والإشارة إلى المبادرة العربية التي ( طنطن )فيها العربان سنة بعد سنة ، أو إلى أيّ قرار من قرارات مجلس الأمن أو الأمم المتحدة التي تنصف الشعب الفلسطيني بعض الشيء ...ووفقاً لما ذكرته صحيفة /هآرتس / الإسرائلية في عدد 28/11/2007 أنّ رئيس الوفد الفلسطيني للمفاوضات / أحمد قريع / حين قرأ الوثيقة الجاهزة تردّد في التوقيع عليها بعد اكتشافه أنّها تجاهلت مطالبه ، ولكنّ /رايس/ وبّخته قائلة :" اقلعوا عن هذه الألاعيب والمناورات ،ويجب أن نتفق الآن." ،وحين طلب إدخال تعديل على بعض بنودها نهرته /ليفني/ قائلة :" إمّا أن تقبلوا البيان كما هو ،أو تتركونا وشأننا " ، فكانت النتيجة "أنّ رئيس الوفد الفلسطيني وقّع صاغراً " ...وهكذا كان الفد الفلسطيني ،والوفود العربية كالأيتام على مائدة اللئام ... وفيما يلي أهمّ ما ورد في " وثيقة التفاهم": " إنّ الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وافقا على البدء فوراً في مفاوضات ثنائية لحل جميع القضايا العالقة دون استثناء ، مع التعهّد ببذل الجهود للتوصّل إلى اتفاق قبل نهاية عام 2008 ،وستشكّل منهما لجنة متابعة لهذا الغرض ، من مهامها تنفيذ الواجبات التي تمليها خريطة الطريق ،كما ستشكّل هيئة أمريكية –فلسطينية – إسرائلية للتثبّت من الالتزام بالخريطة المذكورة " ، هذا ،وقد ثبّتت الوثيقة رؤية بوش التي أطلقها عام 2002 ودعا فيها إلى إقامة دولتين :إحداهما إسرائلية "خالصة لليهود"،وأخرى فلسطينية"،وقد اعتبر البعض أنّ هذه الرؤية بمثابة "وعد بلفور"جديد ...كما أشارت إلى أنّ تطبيق أيّ اتفاقية سلام مستقبلية سيخضع لتطبيق خريطة الطريق. ملاحظات عامة حول لقاء أنابولس : - تغييب ذكر " المبادرة العربية" في وثيقة التفاهم أو في اللقاء ، وتجاهل ذكر المسائل الجوهرية بشكل صريح ، والتملّص من تحديد جدول زمني قاطع ، واستُعيض عنه بعبارة مطّاطة تحمل في طيّاتها ذريعة التنصّل الإسرائيلي منها مستقبلاً، وهي :" إنّ الأطراف ستبذل جهودها لإنجاز اتفاق قبل نهاية 2008 ". - تجاهل وتغييب قرارات الشرعية الدولية ، وقرارات الأمم المتحدة كمرجعيات لعمليّة السلام ،واستبدالها جميعاً بخريطة الطريق ، وما يتفق عليه الطرفان ، أو بمعنى آخر دقيق هو ما يوافق"ويتفضّل" به الكيان الإسرائلي .. - إنّ الهيئة التي ستشرف على تنفيذ خريطة الطريق سوف تكون برئاسة الجنرال الأمريكي /جيم جونز / الذي كان مسؤولاً عن التنسيق الاستراتيجي بين الجيش الأمريكي والجيش الإسرائيلي ، وقائداً سابقاً لقوات حلف الأطلسي ، وبالتالي إبعاد الأمم المتحدة ، وحتى باقي أعضاء اللجنة الرباعية عن هذا الملفّ ، ووضع كل الأوراق بيد الأمريكيين قولاً وفعلاً ... - حاولت الولايات المتحدة تدعيم وثيقة التفاهم بصدور قرار من مجلس الأمن يتضمّن بنودها ، ولكنها سحبت مشروعها المقدّم بهذا الخصوص بطلب من الحكومة الإسرائيلية بهدف إبعاد أيّة مفاوضات لاحقة عن أجواء الأمم المتحدة ، ولإبعاد الالتزام الفضفاض الذي يشير إلى "بذل الجهود لإنجاز اتفاق قبل نهاية 2008 " ، عن أيّة قرارات دولية ، وهذا يُعتبَر مؤشّراً واضحاً للنوايا الإسرائيلية المبيّته لهذا الاتفاق والمفاوضات الناجمة عنه .... تصريحات وممارسات لاحقة تلقي الضوء على ما تمّ تحقيقه في اللقاء ،والنوايا المستقبلية : - اعتبرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بتاريخ 28/11/2007 :"أنّ أولمرت حقّق إنجازاً كبيراً في المؤتمر ،وأنّ الوثيقة التي أعلنها الرئيس بوش جاءت تلبية لمطالب الجناح اليميني المتطرّف في الحكومة الإسرائلية ، حيث لم تكن سوى إعلان نوايا فضفاض لايلزم إسرائيل بشيء "...كما صرّح أولمرت عقب عودته من أنا بولس إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية :" بأنّه لامجال للتفاوض حول القدس ، وليس هناك التزام بموعد نهائي للمفاوضات ، ولن يكون هناك اتفاق قبل القضاء على كل أثر لخلايا الإرهاب ". وعقب انتهاء لقاء أنابولس ، ونقلاً عن صحيفة /معاريف/ الإسرائلية ،عبّر مسؤولون إسرائيليون عن حفاوتهم بالإنجاز الذي حققته بلادهم في المؤتمر ، وقالوا : " إنّ تشديد البيان على اعتبار خريطة الطريق مرجعية وحيدة للمفاوضات يعني أنّ عمليّة التفاوض مستمرّة إلى ما لانهاية ." - ومن زاوية أخرى ،ولكنّها تتلاقى مع التقييم نفسه ، ولكن بمنظار آخر كتب أحد أبرز قادة " حركة السلام الآن الإسرايلية "/ يوري أفنيري /في مقاله الأسبوعي في مجلّة "الحقيقة" حول لقاء أنابولس وكشف ألغازه وخفاياه قائلاً : " لقد قال شارلوك هولمز في أحد تحقيقاته إنّ حلّ اللغز كامن في التصرفات الغريبة للكلاب في الليل ، وحين أخبروه بأنّ الكلاب لم تفعل شيئاً أجاب "هذاهو الغريب في الأمر " ،ولذلك مَن يريد ان يفهم ماذا حدث (أو لم يحدث) في أنابولس ،سيجد الحلّ في الواقعة التالية : الكلاب لم تنبح ، جلس المستوطنون وأصدقاؤهم بهدوء ، لم يتأثّروا ولم يصرخوا .." وهنا يعني الكاتب أنّ المستوطنين راضون عمّا حدث ، وهذا دليل قاطع على أنّ الفلسطينيين لم يحصلوا على شيء ،وكانوا الخاسر الأكبر ...ويذكر /أوفنيري / في المقال نفسه:" يقول أولمرت أنّه يجب القضاء على " بنية الإرهاب التحتية " أوّلاً ، ومن ثمّ فقط سيكون من الممكن التقدّم نحو السلام هكذا يثبت بنفسه أنّه لايفهم شيئاً عن بنية الإرهاب التحتية ،حقيقة مؤسفة عن إنسان كان أبوه إٍرهابياً ، لإنّه يثبت على نفسه أيضاً أنّ السلام ليس من أولياته ، لأنّ هذا القول يشكّل عقبة فتاكة على طريق التسوية ، إنّه يربط العربة أمام الحصان ."... - استمرار الاستيطان في الضفة الغربية وخاصة حول مدينة القدس ،وهذا يخالف قرارات مجلس أمن سابقة ، وحتى بنود "خريطة الطريق" التي أنعشوها مجدّداً ،وهذا دليل قاطع على أنّ الإسرائيليين لن يحيدوا عن تنفيذ مخططهم الاحتلالي الاستيطاني المرسوم ، ولن يأبهوا باتفاقية خارطة الطريق ( على سوئها) ،والتي فرّغوها من أي شيء محتمل للفلسطينيين بشروطهم الأربعة عشر المعروفة ، والتي وافقت إدارة بوش عليها جميعاً ... - تصاعد عمليات الإرهاب الإسرائيلي في قطاع غزّة ،وبشكل خاص بعد عقد لقاء "أنابولس " ، سواء أتمّ ذلك بسياسة إسرائلية منفردة ،أم بالتنسيق مع الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية لتأمين نزع سلاح المقاومة وتصفيتها تنفيذاً لما ورد في القسم الأول من "خريطة الطريق " ،كشرط مسبق ملزم لاغنى عنه وفقاً للمطالب الإسرائلية ... مستقبل "وثيقة التفاهم" الصادرة عن لقاء أنابولس : حتى نتمكّن من التنبّؤ بمستقبل ّ وثيقة التفاهم " يترتّب علينا إعادة قراءة "اتفاقية خريطة الطريق " ثانية ، والتي تنص:" تصدر القيادة الفلسطينية بياناً لايقبل التأويل يعيد تأكيد حق إسرائيل بالعيش بسلام وأمن ، ويدعو إلى وقف فوري للانتفاضة المسلّحة ، وكافة أشكال العنف ضدّ الإسرائيليين في كل مكان ، وتوقف كافة المؤسسات الفلسطينية التحريض ضد إسرائيل ." كما تفرض على أجهزة الأمن الفلسطينية التعاون الأمني وعلى مستوى عال وبمشاركة أمريكية ، وهدف ذلك كلّه هو ملاحقة وتصفية المناضلين من أبناء الشعب الفلسطيني ، بغرض تحطيم إرادة القتال والصمود لديهم عن طريق تجريد الأجنحة المقاومة من أسلحتها ، ثمّ تفتيتها ، وتذويب بعضها في هياكل أمنية لتُستخدم في الاتجاه المعاكس لمبرّر وجودها الحقيقي ، أي لقمع شعبها ...وهذا ما سييحاول " فريق أوسلو" والحكومة الإسرائيلية فعله كخطوة أولى ، وتحت مظلّة القانون والأمن ، والالتزام بالمواثيق والاتفاقات ، وفقاً لمقولات السلطة الفلسطينية ، وما أشارت إليه في أكثر من مناسبة ، وقد أصدرت عدة قرارات حوله ، وبشكل متناسق مع تصاعد عمليات الإرهاب الإسرايلي ضد قادة ورموز وكوادرالكفاح المسلح دون استثناء ، وخاصة في قطاع غزّة ...كما ستحاول السلطة الفلسطينية امتصاص روح المقاومة الكامنة في نفوس الجماهير الفلسطينية المناضلة بتسريبها في أقنية الانتعاش الاقتصادي المخطط له بعد إغداق الدول المانحة ملياراتها التي فاقت المطالب الفلسطينية نفسها بملياري دولار ، وكم نتمنّى لو كانت هذه المليارات ،وأكثر منها ، جاءت من الدول النفطية العربية كدعم غير مشروط لتعزيز صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني الذي هو جدير بكل مساعدة دون منّة من أحد ،لأنّ ذلك واجب قومي في عنق كل عربي ...ولوتمّ تنفيذه لكان النضال الفلسطيني قادراً على تحقيق إنجازات حقيقية تتماشى مع ضخامة التضحيات التي قدّمها الشعب الفلسطيني العظيم عبر نضاله الطويل .....ونظراً لوجود سلطتين فعليتين على أرض الواقع ،إحداهما في القطاع ، والثانية في الضفة ، فإنّ كل القرائن والوقائع تشير إلى أنّ حكومة /سلام فياض/ عاجزة عن تنفيذ شروط "خريطة الطريق" في غزّة ،وما تمّ تاكيده في " وثيقة التفاهم " الصادرة عن لقاء أنابولس ، ولذلك فإنّه من المحتمل أن يكون التفاهم قد تمّ قبل وخلال أنا بولس على قيام الكيان الإسرائيلي بهذه المهمة من خلال توجيه ضربات وهجمات متعاقبة على الأجنحة المقاتلة لمختلف الفصائل ،وخاصة لكتائب / عزالدين القسّام / و/ سرايا القدس/ ، لاستنزافها ، وتحطيم معنوياتها ، وتدمير الهياكل الاقتصادية المنتجة للفصائل التابعة لها ،لخلق الظروف الملائمة لإجبار الجماهير الفلسطينية على التخلّي عنها ...أمّا في الضفة الغربية فستتم ملاحقة المناضلين الفلسطينيين بالتنسيق والتعاون بين القوات الإسرائيلية ،والأجهزة الأمنية الفلسطينية التي يراد لها التحوّل إلى مايشبه قوات لحد سابقاً في الجنوب اللبناني ،والتي يجري تدريبها و تدعيمها بالأسلحة والعتاد لهذا الغرض ، وفي هذه الحالة ، سيكون لأولّ مرّة في التاريخ – حسب علمنا – تتحوّل أداة الثورة لتصبح متناسقة ومتكاملة مع أدوات الاحتلال لقمع شعبها خدمة لأمن المحتلّ ...وهذا كلّه مقابل تخفيف بعض الإجراءات الإنسانية والأمنية الإسرائيلية ، وتأمين بعض الخدمات الإدارية التي كان بالإمكان إجبار العدو على تنفيذها عن طريق مطالبة عربية جادّة في المحافل الدولية بإلزام المحتل بتنفيذ ما نصّت عليه الاتفاقات والمعاهدات الدولية ، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 949 ، وذلك دون تنازلات سياسية فلسطينية مؤلمة ... - وعلى ضوء ما تقدّم ذكره ،نستطيع القول : إنّ فريق أوسلو مستمرّ في إنحرافه عن خط الثورة الفلسطينية ،وإصراره على محاولة دفع الشعب الفلسطيني خلفه على هذا الطريق الخاطئ ، ولكنّه لن يحصد من ذلك إلاّ إضاعة الوقت ، والخيبة والفشل ، وهدر الحقوق ، كما حدث في الماضي ، وبالتالي لن يتمكّن من تحقيق أيّ هدف من أهداف الشعب الفلسطيني المعروفة ، والتي يردّدها الجميع بمن فيهم ذلك الفريق الذي برع في التضليل والخداع .... وإزاء هذا ،لابدّ من توحيد كلّ الجهود المقاومة من مختلف الفصائل الفلسطينية، وفي طليعتها "حركة فتح" ، لخلق جبهة وطنية فلسطينية مقاومة تنبثق عنها قيادة جديرة بتحمّل شرف هذه المسؤولية ، وفقاً لمنطلقات وأهداف الشعب الفلسطيني التحررية ،ووضع برنامج سياسي منسجم معها ، ويصبّ في خدمتها ، متسلّحة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ، وبالقوانين والأعراف ، والقرارات الدولية التي تنصف الشعب الفلسطيني ... إذ علّمتنا التجارب الكفاحية للشعوب عبر التاريخ بأنّه ما من ثورة ،أوحركة تحرر وطني استطاعت أن تحقق أهدافها دون تحديد استراتيجية نضالية واضحة ، وتوحيد أدوات النضال التي تكافح من أجل تنفيذها ، وإفراز القيادة المؤهّلة والجديرة بقيادة هذا النضال ...وكلّنا أمل وثقة بأن الشعب الفلسطيني العظيم سيتسمرّ في مقاومة الاحتلال ، وسيعرف كيف يجابه انحرافات المنحرفين ، ويحافظ على حقوقه المشروعة ، وكيف يجد الطريقة والوسيلة المناسبة لتحقيقها ...وذلك مهما عتا الطغاة المحتلون ، وتخاذل المتخاذلون ... في 28- 12-2007
#محمود_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنامي حركة مقاومة الغلاء: تظاهر أكثر من 2000 مواطن بمدينة صف
...
-
على ضوء خطاب الولاية الثانية في سورية ، وما ورد بخصوص الإصلا
...
-
من تاريخ قمع النقابة العمالية بالفصل 288 من القانون الجنائي
المزيد.....
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|