أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الله واحد -النظرة البهائية لمجتمع عالمى موحد-(3)















المزيد.....

الله واحد -النظرة البهائية لمجتمع عالمى موحد-(3)


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2146 - 2007 / 12 / 31 - 07:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الارتباك الظاهر بشأن دور الدين في خلق الوعي الأخلاقي يظهر جليًا أيضًا في المفهوم العام للدورالذي يقوم به الدين في تشكيل بُنية المجتمع وتحديد معالمه . ولعل أكثر الأمثلة جلاءً هو الوضع الاجتماعي الذي تحدده معظم النصوص المقدسة بالنسبة إلى المرأة بمرتبة أدنى من الرجل . ولقد كانت الفوائد التي انتفع بها الرجال نتيجة لذلك بلا شك أهم عامل في دعم هذا المفهوم المتعلق بوضع المرأة الاجتماعي ، وبُنيت المبررات الأخلاقية لهذا الوضع على ما فهمه الناس أنها مقاصد تلك النصوص المقدسة نفسها . وباستثناء عدد قليل منها فإن هذه النصوص تخاطب الرجال أولاً ، وتخصص للنساء دورًا تابعًا للرجال ومساندًا لهم في الحياة الدينية والاجتماعية في آن . ومما يؤسَف له حقًا أن فهم الأمور على هذا النحو جعل من السهل وبشكلٍ شنيع أن تُلام المرأة في المرتبة الأولى ، وتُتهم بالضعف تجاه كبح جماح الغريزة الجنسية ، باعتبار هذا النوع من الانضباط إحدى السمات الجوهرية في النمو الأخلاقي وتقدمه . وإذا نظرنا إلى وضع المرأة هذا من زاوية ما تنادي به الأفكار الحديثة لوجدناه بلا تردد موقفًا مجحفًا في حقها لأنه يتسم بالتعصب . ففي غضون مراحل التطور الاجتماعي التي شهدت مولد كل الأديان الكبرى ، سعت الهداية التي تضمنتها النصوص المقدسة في المرتبة الأولى إلى تهذيب العلاقات القائمة بين البشر على قدر ما تسمح به الظروف والتي كانت حصيلة ظروف تاريخية صعبة وشديدة القسوة . ولا نحتاج إلى كثير من التبصر لندرك أن التشبث بقواعد السلوك والمعاملات البدائية في يومنا هذا لابد أن يُعطِّل الهدف الحقيقي للدين في ما يبذله من جهد دؤوب لبعث معاني القيم والأخلاق في النفوس .
وثمة اعتبارات مشابهة لما قام من علاقات بين مختلف المجتمعات الإنسانية . فالمرحلة العسيرة الشاقة طويلة الأمد ، التي احتاجها بنو إسرائيل ليُهيئوا أنفسهم لتحمُل الرسالة التي أُنيطت بهم ، لدليل على الطبيعة المعقدة والمتصلبة للتحديات المعنوية التي انطوت عليها تلك الرسالة . ولأجل أن يتم إنعاش تلك الإمكانات الروحية وازدهارها ، والتي نادى بها أنبياء بنى إسرائيل ، كان من الضروري مقاومة المغريات التي عرضتها الثقافات الوثنية المجاورة مهما كلف الأمر . فالنصوص المقدسة في وصفها ما أُنزل من العقوبات اللائقة بحق الحكام وأتباعهم من الذين خالفوا ما أُمروا به لدليلُُ على أهمية ذلك بالنسبة إلى الغاية التي أرادها الله .
وقامت قضية مشابهة بعض الشيء تمثّلت في كفاح الجامعة الإسلامية حديثة التكوين ، والتي أنشأها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ، إذ صمدت أمام محاولات القضاء عليها من قِبل القبائل العربية الوثنية التي كانت تُذكي حميّتها قساوة الجاهلية وعقيدة الأخذ بالثأر ، ولن يجد من له إلمام بالتفاصيل التاريخية أية صعوبة في إدراك السبب الذي من أجله كانت أوامر القرآن الكريم صارمة بصدد هذا الموضوع .
وإذ عُومل اليهود والمسيحيون بالاحترام لأنهم كانوا من الموحدين . فإنه لم يُسمح بأي تهاون مع عبدة الأصنام أو مساومة . ولم يمض سوى زمن قصير نسبيًا حتى نجح هذا الاسلوب القاسي الصارم في توحيد قبائل شبه الجزيرة العربية ، وفي توجيه الجامعة الإسلامية حديثة التكوين نحو انتهاج مسيرتها التي استغرقت أكثرمن خمسة قرون من الزمان وحققت فيها إنجازات أخلاقية وفكرية وثقافية واقتصادية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قبل في سرعة انتشارها ومدى اتساعها . وحكم التاريخ حكم لا لين فيه ولا رحمة . وفي نهاية الأمر ، ومن منظور للتاريخ لا محاباة فيه ، علينا أن نزن دائمًا ما أصاب أولئك الذين أعمتهم رغبتهم في وأد الدين الجديد في مهده بتلك الفوائد التي جناها العالم بأسره حين انتصر ذلك الدين محققًا رؤية الكتاب المقدس المتعلقة بإمكانات الإنسان وقدرته على الإنجاز والتقدم والتي ترجمها إلى الوجود نبوغ الحضارة الإسلامية .
ولعل من أكثر هذه القضايا إثارة للجدل والخلاف في فهم تطور المجتمع الإنساني وتقدمه نحو النضج الروحي هي مسألة الجريمة والعقاب . وبرغم وجود اختلافات في التفاصيل المتعلقة بأحكام العقوبات وتفاوت في حدود تلك العقوبات ودرجة شدتها ، فإن الأحكام الواردة في معظم النصوص المقدسة الخاصة بأعمال العنف ضد المصلحة العامة أو ضد حقوق أفراد آخرين هي أحكام تميل إلى الشدة . وإضافة إلى ذلك غالبًا ما كانت تلك الأحكام توسِّع دائرة تنفيذها فتسمح للمعتدى عليهم بأن ينتقموا لأنفسهم أو أن ينوب عنهم في ذلك أي من أعضاء عائلتهم . أما من منظور التاريخ فمن المعقول أن يسأل المرء عن الخيارات العملية الأخرى التي كانت متاحة آنذاك .
ففي غياب البرامج المعاصرة لمعالجة السلوك الإنساني غير المقبول والسعي إلى تغييره ، وانعدام إمكان اللجوء إلى تطبيق إجراءات قهرية مثل السجن أو وكالات للشرطة للمحافظة على النظام العام ، كان همُّ الدين في مثل هذه الأحوال أن يترك انطباعا باقيًا في الوعي العام بأن السلوك الذي يؤثر في تثبيط الهمم وعرقلة تقدم المجتمع ورُقيه سلوك مرفوض أخلاقيًا ونتائجه في الواقع باهظة الثمن . وقد جنت الحضارة الإنسانية من ذلك فوائد جمة لاحقًا . والإقرار بهذه الحقيقة هو أقل ما تفرضه علينا واجبات الصدق والأمانة .
وهكذا كان عليه الحال في الرسالات الدينية التي بقيت أصولها التارخية ومصادرها الأولى محفوظة في آثارها الكتابية التي وصلتنا . أما التسول ، والرق ، والحكم الاستبدادي ، والفتح العسكري ، والعصبيات الإثنية ، وغير ذلك من معالم السلوك غير المرغوب فيه بالنسبة إلى التعامل والتعاشر في المجتمع – كل هذه الموبقات غُضّ الطرف عنها ، ولم يُكبح جماحها بل استمرت علنًا دون أن يحدها حد . وحدث ذلك حين كان الدين يشغله سعيه إلى تحقيق إجراءات إصلاحية في أنماط من السلوك اعتُبرت في مراحل خاصة من مراحل تقدُم الحضارة ، أنها كانت حينذاك أكثر أهمية وإلحاحًا من غيرها . إلا أنه إذا أخذنا على الدين فشله في أي دورة من دوراته المتتابعة في صب كل اهتمامه على معالجة كل نوع من أنواع المظالم الاجتماعية القائمة ، فسيكون ذلك تجاهلاً منّا لكل ما تعلمناه عن طبيعة التطور الإنساني . وأي تفكير من هذا القبيل عفا عليه الزمن وأصبح منافيًا لمتطلبات الحاضر ولابدَّ أن يقيم حواجز نفسية شديدة الوطأة تمنعنا من مواجهة مطالب زمننا الحاضر وتقديرها حق قدرها .
فالماضي هنا ليس القضية ، بل القضية فيما تفرضه أحداث الماضي من تَبِعات بالنسبة إلى الزمن الحاضر. وتقع المشكلات عندما لا يستطيع أتباع دين من الأديان العالمية التمييز بين الخصائص الأزلية التي لا تتغير في الدين وتلك الخصائص الأخرى المؤقتة والمتغيرة . ومن ثمّ يحاول هؤلاء أن يفرضوا على المجتمع قواعد للسلوك قد استنفذت أغراضها منذ زمنٍ طويل . وهذا التمييز يُمثّل مبدءًا جوهريًا في إدراك مفهوم الدور الاجتماعي للدين ، فقد تفضّل حضرة بهاء الله فبيّن ما يأتي :
{إن ما يحتاجه العالم اليوم من علاج يشفي آلامه وأوجاعه لن يكون نفس العلاج الذي يحتاجه عالم الغد . إذًا اهتموا اهتمامًا عظيمًا بمقتضيات زمنكم وركِّزوا مداولاتكم حول مطالبه وحاجاته المُلحة . }
أنتظر تعليقاتكم على عنوانى:
[email protected]



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين الله واحد -النظرة البهائية لمجتمع عالمى موحد-(2)
- دين الله واحد -النظرة البهائية لمجتمع عالمى موحد
- الفارق بين الحق و الباطل
- هوّ ربنا خلقنا ليه؟؟؟؟؟؟؟-هدف الله من خلق الخلق
- نحو إقتصاد عالمى أفضل من خلال الرؤى البهائية
- الكلمات المكنونة
- لوح أصل كل الخير
- مكانة المرأة ومساواتها بالرجل
- هذا بلاغ للعالمين -يوم الله
- المراتب السبعة للسالكين إلى الوطن الالهي من المسكن الترابي
- الوديان السبعة-رحلة الروح من عالم الوجود إلى عوالم القرب لله ...
- وثيقة ازدهار الجنس البشرى-الجزء الرابع والأخير (4)
- البهائيون من يكونون
- ازدهار الجنس البشرى-الجزءالثالث(3)
- تاريخ الأديان
- وثيقة ازدهار الجنس البشرى -المقال الثانى
- رسالة إلى قادة الأديان فى العالم
- ازدهار الجنس البشرى-الجزء الأول
- رقيّ العصر الحاضر
- يوم جديد وحضارة جديدة ونهار لا يعقبه ليل


المزيد.....




- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...
- المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الله واحد -النظرة البهائية لمجتمع عالمى موحد-(3)