أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد حسنين الحسنية - نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين














المزيد.....

نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2146 - 2007 / 12 / 31 - 07:25
المحور: حقوق الانسان
    


تحل نهاية العام ، و مع تلك النهاية يحل محلها الشعور بالألم و الخزي و العار ، و ذلك منذ نهاية عام 2005 . و كيف لا و في تلك الأيام تتجدد ذكريات مذبحة المهندسين . هذه المذبحة هي مبعث تلك المشاعر ، و التي يجب أن تعتري كل مواطن مصري .

الشعور بالألم مبعثه هو مقتل إثنان و خمسون نفساً عزلاء ، منهم صبية و نساء ، و ذلك في أقل التقديرات ، و التي ترتفع في تقديرات أخرى إلى أكثر من مائة أعزل ، راحوا ضحية عسف النظام الحاكم الحالي و جوره ، و ضحية ثقتهم في أنهم مسالمين ، لا شأن لهم بالسياسة ، وظناً منهم إن لهم حقاً إنساني مشروع في الإحتجاج و الإعتصام .

أما مبعث الشعور بالخزي و العار ، أن ترتكب تلك المذبحة على مرأى و مسمع من الشعب المصري ، و في قلب أحد أهم أحياء القاهرة الكبرى ، و ليس في منطقة نائية ، كالجلف الكبير ، أو حلايب ، أو على الحدود المصرية في سيناء ، بل في أحد شوارع القاهرة الكبرى ، و الذي لا تنقطع به الحركة ليلاً أو نهار .

و يزيد الإحساس بالخزي و العار ، عندما يكون السبب في تلك المذبحة سبباً ما أتفهه ، و هو خوف النظام الحاكم على صورته قبل البطولة الأفريقية لكرة القدم ، و التي أقيمت في مصر في يناير 2006 . و للأسف و العار أن جلس معظم الشعب المصري ليتابع بطولة كانت بدايتها إراقة دماء إثنان و خمسون نفساً ، على الأقل ، ثم ما تبع ذلك من غرق عبارة البحر الأحمر الشهيرة ، و غرق أكثر من ألف مواطن مصري بسيط ، من أمثالنا . بل رقص البعض و هتف مع إحراز كأس تلك البطولة المنحوسة ، التي كانت قبل بدايتها مذبحة و قرب نهايتها كارثة .

إنني لا ألوم آل مبارك ، رغم إنهم هم من أمروا بإرتكاب مذبحة المهندسين ، و هم أول من يتحملون المسئولية الفعلية ، و إنهم هم يجب أن يكونوا أول الواقفين في قفص الإتهام ، فسلوكهم هذا شيء متوقع منهم ، فلم يعد في عهدهم من دخل مصر أصبح آمنا .

فمبارك الأب لو كان حي يحكم مصر على زمن المسيح عيسى بن مريم ، عليه و على أمه البتول السلام ، لكان بادر إلى تسخير كل إمكاناته الأمنية للقبض عليهما ، و تسليمهما إلى عدوهم ، لقاء الحصول على تأييده لعملية التوريث .

مثلما لا ألوم أبواق آل مبارك في الإعلام ، و التي حاولت تبرير المذبحة بإلقاء المسئولية على عاتق الضحايا ، مع تشويه صورتهم في ذهن الرأي العام ، كما هو معتاد منها ، فهذه عادة النظام الحاكم ، مثلما ذلك الإسلوب القذر هو مصدر رزقهم الحرام .

و لا ألوم ذلك الفنان الكوميدي الذي إنبرى لتشويه سمعة الضحايا ، و الإدعاء إنهم كانوا سكارى ، فما أكثر أمثاله ممن باعوا ضميرهم .

إنما ألوم ، فيمن ألوم ، موظفي مفوضية اللاجئين بالإمم المتحدة بالقاهرة ، و الذين أسهموا في إسباغ الغطاء الشرعي على تلك المذبحة ، ثم أعقبوا ذلك بجريمة أخرى هي سكوتهم المريب على المذبحة ، فلم يخرج منهم سوى تنصل من المسئولية ، و عتاب خفيف ، فكان من الواضح أن الهم الأول لديهم هو إبعاد أي مسئولية أدبية عنهم ، و الحفاظ على وظائفهم المربحة ، من خلال المحافظة على علاقاتهم الطيبة مع الطغاة من آل مبارك .

و لكن لومي الأكبر يقع على كاهل الشعب المصري ، الذي أنتمي إليه ، على سكوته على تلك المذبحة المروعة ، حين وقوعها ، ثم جلوسه لامبالي ليتابع بطولة كروية تافهة ، لا يساوي كأسها حياة إنسان واحد ، و إستكماله الغرق في تلك اللامبالاة رغم وقوع كارثة العبارة .

إننا جميعاً نتحمل المسئولية الأدبية عن تلك المذبحة ، فقد أصبحت دماء الضحايا أطواق ثقيلة في أعناقنا ، على مدى الأجيال و التاريخ ، مثلنا في ذلك مثل الشعب الياباني و الألماني و الإيطالي ، الذين يتحملون المسئولية الأدبية عن الكثير من فظائع الحرب العالمية الثانية ، و مثل مسئولية كافة شعوب الدول الإستعمارية عن جرائم كل إحتلال و غزو .

لقد أصبحنا مجرمين ، هذه هي الحقيقة المؤلمة ، و الضمير الشعبي في السودان و العالم ، إن سكت اليوم ، فلن يسكت غداً.

و التاريخ إن لم يتكلم اليوم ، فسوف يسطر غداً تفاصيل تلك الجريمة الشنعاء ، و يتحدث عن المسئولين ، و عن سكوتنا المشين .

ليس أمامنا ، إلا أن نعترف بإننا مسئولين عن المذبحة ، و إن على عاتقنا وحدنا تقع المسئولية الكاملة لتقديم الجناة ، من الرأس الكبير الذي أمر بالمذبحة ، و إلى أصغر جندي نفذ تلك الأوامر الوحشية ، للمحاكمة العادلة ، مع التعويض العادل و المجزي لأسر الضحايا .

كما إن علينا ، و كما كتبت في حينها ، منذ عامين ، أن نكفر عن جريمة سكوتنا ، بإقامة نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين ، في نفس موقع المذبحة ، حيث أزهقت الأنفس ، و إرتوت أرض الحديقة بدماء الأبرياء ، وسط سكوتنا المريب و المخزي .

و ليكن هذا النُصب ، ليس فقط إعترافاً و تكفيراً ، و ليس فقط رسالة لإخواننا في وادي النيل ، إننا نعترف بالخطأ و إننا نرغب في تصحيحه ، ، بل و أيضاً إعتباراً و تذكره ، للأجيال المصرية القادمة ، ألا تقع في نفس الخطأ ، فتسمح لحكامها بإرتكاب المذابح ، و لنفسها بالصمت .

على إن الواقع يذكرنا ، بأن كل تلك الخطوات التكفيرية للجريمة ، لا يمكن أن تتم في ظل النظام الحالي ، و إنها لكي تكتمل ، فعلينا أولاً العمل على تأسيس الجمهورية المصرية الثانية ، جمهورية الضمير و الحرية .



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يعقوب صنوع أديب الحرية
- الأغنياء و المساتير أيضاً يثورون
- هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام
- لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر
- يا راكب القارب، تعال نصنع أوروبا في مصر
- حتى لا يساء للقرآن، إبحثوا عن بديل لكلمة إرهاب
- مبارك و بوتين، الفارق بين من فرط و من إسترد
- مبارك و بوتين، لا وجه في المقارنة بين من فرط و من إستعاد
- الجمهورية المصرية الثانية، هكذا ستقوم
- أحمدي نجاد، لا فارق بينك و بين آل سعود و آل مبارك
- لماذا أقف مع الأفرو ضد الجنية؟
- الخطوة القادمة شريحة تحت الجلد
- ماذا لو ان عرفات في غير عرفات؟؟؟
- حالة الطوارئ الباكستانية هل تختلف عن المصرية؟؟؟
- لا تتوسلوا للبناويين أو لأحد
- إنه مخاض لعصر أكثر إظلاماً، يا أستاذ هيكل
- و حملها الإنسان، الرد على مفكر النازية المصرية
- مش دورك يا أبو جيمي
- قانون الخروف الأسود، هل سيطبق على جرائم الكراهية؟؟؟
- موافقة آل مبارك على الإجتياح التركي، قصة تكرار الخطأ


المزيد.....




- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد حسنين الحسنية - نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين