أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور كاظم حبيب - الحلقة الخامسة والسادسة















المزيد.....



مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور كاظم حبيب - الحلقة الخامسة والسادسة


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 2146 - 2007 / 12 / 31 - 11:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الحلقة الخامسة
البنية العشائرية في العراق (1)

مقدمة

اعود اليكم والى الدكتور كاظم حبيب في الحلقة الخامسة من جادة الحوار الذي اخذنا الى مسافات بعيدة من محاولات فهم العراق سواء في طبيعته السياسية او في علاقاته الانتاجية او في بنيته الاجتماعية .. وهنا اشكر لكل القراء الكرام متابعتهم واهتمامهم بهذه الحلقات وردود الفعل التي اثارتها ، مثمنا كل الرسائل التي وردتني من داخل العراق وخارجه حول ما دار الى حد الان من جدل علمي .. كما استنكر اي كتابات تطال اي عراقي من دون وجه حق وهي تسيئ اساءات بالغة بعيدا عن المنهج العلمي وخروجا عن اللياقة في الحوار .. بهذه المناسبة ، لابد لي ان اشكر العديد من الاصدقاء الذين تكرموا باسداء معلومات عن مناطقهم وطبيعة العلاقات التي حكمت الناس قبل خمسين سنة . ولا اخفي عن القراء الكرام انني استفدت جدا من المعلومات التي اضمنها الان مشروع كتابي الجديد عن بنية المجتمع العراقي .



اولا : من المسؤول عن ماضي حياتنا العراقية ؟

نعم ، من المسؤول عن ماضي حياتنا العراقية ؟ هل المسؤول قائد او زعيم واحد ؟ هل المسؤول عنه نظام سياسي واحد ؟ هل يمكننا ان نضع كل البيض الفاسد في سلة واحدة ؟ هل كان كل حكام العراق اذكياء وملائكة وقادة سياسيين محنكين ؟ ام كانوا جميعا اغبياء وشياطين وزعماء فاشلين ؟ هل يمكننا اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين البقاء اسرى وسجناء شعارات واكاذيب ومعلومات منها الصواب ومنها الخطأ ؟ هل يمكننا ان نرحل من عهد سياسي الى آخر ونحن لا نملك الا اسطوانة مشروخة واحدة .. علما بأن العراق كلما تقدم الزمن به تأخر كثيرا عما يجب عليه ان يكون .. بل وازداد شعبه بؤسا وفقرا وحرمانا ..

ان اركيولوجيا تاريخ العراق في القرن العشرين تؤكد حفرياتها المعرفية ان المظاهر العامة والاشاعات الرائجة والشعارات الهامشية واطلاق احكام الجزء على الكل .. لا يمكنها ان تبقى يتداولها الناس عن غفلة او جهل او سياسة من دون الوقوف بحيادية ودقة على واقع مضى فيه الخطأ وفيه الصواب .. اننا لا يمكننا اليوم وبعد مرور خمسين سنة على عهد مضى لم نزل لا نعرف عنه الا المثالب وترديد ما كان يكتبه المعارضون ، ونحن ندرك ماذا يكتب المعارضون من غث وسمين. ان ما يعيد الى الاذهان العراقية صورة الواقع كما كان عليه في القرن العشرين جملة من الحقائق من دون اجتزاء معلومة على حساب اخرى ، ومن دون اجتزاء مكان وصبغ العراق كله بصبغة ذلك المكان .. ومن دون تفسير التناقضات مهما كان نوعها تفسيرا علميا غير منقوص .. ان البنية العشائرية في ريف العراق لها من قوتها الاجتماعية الكبرى ، فهي اقوى بكثير من البنية الحضرية المدينية في المدن .. ولقد وقعت هذه الثانية تحت وطأة الاولى في الخمسين سنة الماضية في كل مناحي حياة العراق .



ثانيا : المشكلة سايكلوجية قبل ان تكون واقعية

نعم ، المشكلة في العراق كله سايكلوجية ، وهي تنظر الى نفسها فقط من دون ان تقرن نفسها بتجارب العالم .. انها مشكلة ظلم النفس على النفس وعلى الاخر .. انها مشكلة انعدام للقناعة .. انها مشكلة قرابة عشائرية وصلات قبلية تتمتع بكل صفات وتقاليد الماضي من تفاخر ونسب وثراء وانصر اخاك ظالما او مظلوما .. لقد كان الفلاح اجيرا يعمل لدى مالك الارض منذ ازمان مضت ، وليست المهنة جديدة على الاثنين ، وكان العمل لقاء حصة من المحاصيل وفق نظام المحاصصة وتختلف نسب توزيع المحاصيل باختلاف الامكنة ، وحسب نوع المحصول . وبوجه عام ـ كما كما معروف ـ يمكن القول ان حصة مجموع الفلاحين في المزرعة هي 40% وياخذ الملاك 40% والباقي 10% حصة الحكومة و10% حصص مضيف الشيخ والحارس والسركال ورجل الدين.. واختلف مع الدكتور طلعت الشيباني ـ رحمه الله ـ في تقديره دخل الفلاح السنوي في ذلك الحين انه كان يتراوح بين عشرين الى ثلاثين دينارا وان هذا الدخل لا يسد حاجات الحياة وتكاليف المعيشة حتى لو كانت حد الكفاف هذا ما قدره الدكتور طلعت الشيباني في بحثه : ( " بعض مشاكل العراق الاقتصادية ومعرفة اتجاهاتها التطورية " بغداد 1953 ص16 ) . ان دخل الفلاح ربما يكون اعلى من ذلك وربما يكون اقل ، حسب الانتاج اولا وحسب طبيعة العمل ثانيا وحسب نوع المحصول ثالثا ، وحسب موقع البيئة الزراعية العراقية رابعا . اما الدكتور عبدالرحمن الجليلي في ( " محاضراته في اقتصاديات العراق " المنشورة في معهد الدراسات العربية ـ القاهرة ص34 )ـ فقد قدر نفس ما قدره الدكتور طلعت الشيباني من دون اي مقارنة بين انتاج المحاصيل الديمية عن المحاصيل السيحية ، ومحصول القمح عن الشعير ومحصول الشلب عن القطن .. الخ .

لقد علق الدكتور هاشم جواد في كتابه ( كيان العراق الاجتماعي ص48) على قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 50 لسنة 1932 ـ فقال: ان المبادئ التي رسمها واضع قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 50 لسنة 32 تستمد روحيتها من وضع قديم تسوده الفوضى وترتكز اركانه على اسس اقطاعية ولهذا فقد كان تطبيق هذا القانون في بعض المناطق مدعاة لنشوء اقطاعيات كبيرة.. ومن المعلوم ان هناك شخصا واحدا يملك مليون مشارة واخر اربعمائة الف مشارة وثالث مئتي الف مشارة وهناك بعض الملكيات في الجنوب مساحة كل منها ستين الف مشارة وثمانين الف مشارة ـ وعشرة الاف..) . ان التساؤل هنا مشروع حول عدم امتلاك الفلاح للارض ، بل وطالب البعض بأن يتملك كل عراقي ارضا ، وهو طلب مشروع كون العراق ارضهم وترابهم وان عليهم ان يأكلوا من خيرها .. المشكلة ليست كما ارى في النظم السياسية التي حكمت ، بقدر ما هي مشكلة في النظام الاجتماعي .. واعتقد ان كل تلك النظم السياسية المدانة قد عجزت في ايجاد حلول لمشكلة الارض الزراعية في العراق . ان المشكلة سايكلوجية في الاساس وكانت ولم تزل حتى يومنا هذا وستبقى مثار قلق لأي نظام سياسي بسبب ما يحفل به النظام الاجتماعي من تناقضات .

ثالثا : " الاقطاع " في العراق !!

كتاب بطاطو ليس تاريخا مقدّسا !

يتمنى الاخ الدكتور كاظم حبيب عليّ ان اراجع الجزء الاول من كتاب حنا بطاطو وكأنني لم اطلّع عليه وعلى نسخته الاولى بالانكليزية مذ نشر عام 1978 بمجلد واحد وعرفّت به العالم ونشرت عنه اكثر من مقال واعتمدت عليه وقمت بتفكيك بعض معلوماته وانتقدت بعض مصادره وقمت بتصويب بعض ما جاء به الرجل بطاطو وقمت باعلامه شخصيا عن ذلك في اكثر من لقاء جمعني به .. ان مشكلة بعض الاخوة اليساريين انهم يتلقفون كتاب بطاطو وكأنه كتاب منزل من دون فحص كل ما جاء به المؤرخ بطاطو ، وبأي اهداف وظّف كتابه وبأي نتائج خرج منها وكلنا يدرك ان بطاطو كان ماركسيا في شبابه وعاش هوسا او فوضى فكرية في ايام كهولته ، فلقد اخطأ اخطاء جسيمة في اسقاط ما كان يراه من رؤية مسبقة على المجتمع العراقي من دون ان يعرف خفايا المجتمع العراقي وعناصره والعلاقات العضوية التي ميزته عن غيره من المجتمعات . ان من اكبر الاخطاء المنهجية ان يلجأ اكاديميون ومؤرخون عراقيون لكتاب بطاطو ، وهم باستطاعتهم تبيان حقائق العلاقات الانتاجية على الارض ، لأن هناك من يعرف دواخل كل بيئة عراقية ، وان الملكيات للارض الزراعية معروفة .. ناهيكم عن تجنب الاخطاء التي وقع بها بطاطو .. انني ادرك بأن اعجابا عراقيا لا متناهيا بعمل المؤرخ بطاطو لئن من يقرأه من غير المضطلعين بشؤون العراق التاريخية سيأخذ ما نشره بطاطو حقائق ثابتة ، وهذا من اسوأ الاخطاء ، فالرجل قد خلط بعض المعلومات بعضها بالبعض الاخر ، وفي تشكيلاته للنسب والارقام زاد وانقص من عندياته فضلا عن كونه درس العراق برؤية ايديولوجية مسبقة وهذا ما يؤخذ عليه تماما ، واذا كان بطاطو قد انهك تاريخنا الاجتماعي العراقي بفرضياته الجاهزة ، فان المؤرخ البريطاني بيتر اسلاكليت قد انهك تاريخنا السياسي العراقي باحكامه البليدة ! وكلاهما من ابعد الناس عن فهم العراق تاريخا ومجتمعا وثقافات .

اننا لسنا بحاجة الى جدولية بطاطو الا للمقارنة مع المعلومات التي بحوزتنا .. وكنت اتمنى ان يرجع كتابنا الى اطروحات عراقية وغير عراقية ليتأكدوا من الاراء التي يحملونها منذ خمسين سنة عن الاقطاع في العراق . وعليه ، فانني اود ان اعلم الاخ الدكتور حبيب بأنني مؤرخ عراقي لن يرجع الى كتاب بطاطو يستقي منه المعلومات ، بل يرجع اليه لينتقده ويوضح الاخطاء التي ارتكبها بحق تاريخ العراق وهذا ما فعلته ولعل الاخ الدكتور حبيب غير مطّلع على بعض اعمالي الفكرية ، ولكنه غير مطلع على كل اعمالي العلمية !


رابعا : البنية العشائرية في العراق اقوى من اي سلطة سياسية :

على امتداد تاريخ العراق السياسي والحضاري معا ، كان مجتمع العراق مركّبا من ثلاثة مجتمعات : اهل حضر ومدن واهل عشائر وريف ، واهل بادية وقبائل .. وكانت الفواصل بين هذه البنى مختلفة ، وشهد التاريخ صراعات متنوعة في بينها منها مستترة ومنها معلنة .. وكثيرا ما تدخلت السلطات في شؤون العشائر والقبائل .. ولكنها لم تفلح في جعلهم مادة اساسية في التبلور الاجتماعي .. ربما تستميلهم ، ولكنها لم تستطع السيطرة الكاملة على مصادر قوتهم .. وكان لعشائر العراق جملة من سنن عشائرية لم يخترعها لا الانكليز ولا نوري السعيد ، ولم يستطع القضاء عليها لا عبد الكريم قاسم ولا الشيوعيين ولا الامريكان .. انها بمثابة قوانين ملزمة تحكم العلاقة بين الفرد والفرد داخل البنية القبلية او العشيرة نفسها وتحكم العلاقة بين القبيلة وبقية القبائل . وظهر من بين رؤساء هذه القبائل والعشائر اشخاص عرفوا بالحكمة والمقدرة والكرم مارسوا دور القضاء والمحكمين ويأخذون الحق للمظلوم من الظالم . وبمرور الوقت اصبحت احكامهم سنن لا ينبغي تجاوزها ( حمود الساعدي ، دراسات في عشائر العراق ، بغداد ، 1988 ، ص 7 ) . وبعد التشكيل الوطني ، دفعت الحالة الجديدة الناس ، ليس في الريف والبادية فحسب ، بل حتى في المدن الى الالتجاء الى العصبية القبلية والى القيم البدوية من اجل المحافظة على ارواحهم وأموالهم . وبنفس الوقت فقد اتجهت العشائر الصغيرة الى التكتل في اتحادات عشائرية او قبلية لتكون قادرة على الدفاع عن مصالحها ( علي الوردي ، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ، ج 1، بغداد ، 1969 ، ص 18 ) . وعليه ، فان قانون دعاوى العشائر الذي الغته ثورة 14 تموز 1958 ، شكليا ، الا انها لم تستطع ان تقضي على البنية العشائرية في العراق .. ان سايكلوجية العراق تتضح من خلال صورة العراقي وهو يتفاخر بنسبه وحسبه وقبيلته وعشيرته ومحتد اصله .. ان من يراقب ما صدر من كتب خاصة بكل عشيرة او قبيلة سيندهش تماما مقارنة بما لم يصدر في اي مجتمع عربي او شرق اوسطي آخر بحجم ما كتب ونشر من مواد واسماء .. بل وغدت العشيرة مجال فخر وامجاد بالنسبة لمن ينتسب لها وما قدمته في هذه الثورة او هذه الانتفاضة او هذا الانقلاب او هذا الحزب .. الخ

وهذا نوري السعيد يقول في مجلس البرلمان ـ بعد مناقشة اضراب بغداد في 5 تموز عام 1931 ـ بسبب قانون رسوم البلديات ـ الذي عم مدن العراق ـ اذ اعترف نوري السعيد امام المجلس من انه استخدم (قانون العشائر) ضد الحوادث والطوارئ وخاصة في البصرة والتي ادت بالحكومة البريطانية الى انزال قوات حماية رعاياها ومصالحها هناك. وعند النظر الى موضوعية الاراضي في العراق ـ فيشير الواقع الى ان العراق بلد زراعي يمتاز بسعة ارضه القابلة للزراعة ففيه الانهار التي تحقق له وفرة في مياه الري ويعمل فيه حوالي خمسون بالمئة من مجموع السكان اما ان يعتمدوا على الزراعة مباشرة او بالواسطة ويصلون الى نحو الثمانين بالمئة من السكان مما جعل الزراعة اهم وسيلة من وسائل الانتاج، فحيازة الارض هدفا اساسيا للاغلبية من سكان العراق. ( د. هاشم جواد ، مقدمة في كيان العراق الاجتماعي، جمعية الرابطة الثقافية 1946 ، ص28 ـ 29 ) .



خامسا : شيوخ عشائر ام رجال اقطاع ؟؟

في محاضرتي التي القيتها في غاليري الكوفة بلندن ، سبتمبر 2005 ، اندهش بعض الاخوة الحاضرين عندما قلت بالحرف الواحد بأن ليس هناك اي اقطاع في العراق باستثناء ممارسات قاسية لشيوخ عشائر العمارة واجزاء من الناصرية ( وقد وافقني في ذلك الصديق الدكتور صلاح نيازي الذي نشأ في الناصرية ) .. ولم ازل عند كلامي ذلك لأنني ادرك بأن البيئات الفلاحية العراقية كانت ولم تزل عشائرية وقرابية صرفة ، وان ما كان يمارسه بعض الشيوخ العشائريين من قسوة بحق الفلاحين كان لاسباب ذاتية صرفة وليست لاسباب اجتماعية ، اذ لم نلحظ اي صراع طبقي بين الفلاحين ورؤساء العشائر في اغلب مناطق العراق الزراعية ، بل افصح بعضهم قائلا : كنا نستخدم القسوة ضد الكسالى والغشاشين والكذابين والسراق واللصوص وقطاع الطرق منهم ، وبعضهم كان يقول : كنا ندري ان اطنانا من الشلب تختفي بعد سرقتها ، ولكن ماذا نفعل ، انهم اولاد عمنا !! .. اما بصدد علاقات الأنتاج في العراق ، فاجدها متشابهة الى حد كبير ، بل هي نفسها في اغلب البيئات الزراعية ، ثمة روابط وعادات عشائرية متوارثة تحكمها ابا عن جد ، وهي ملتزمة بارث ثقافي وديني يتحكم بها او يتسلط عليها وربما قادها الى مشكلات قتل وثارات تصل الى حد الجريمة .. ويا ويل من يتجنى على التقاليد العشائرية .. انها والكبت والتسلط والقهر والعوز قادت الجموع الى الانتماء للشيوعية خصوصا اذا وصل التمرد الى الذروة ، وقد ينفى الفرد من العشيرة عندما ينتهك طقوس العشيرة المتنوعة الخاصة بالعلاقة بين الرجل والمرأة ، او بأخذ الثأر .. الخ دعونا نتأمل في المواصفات والنماذج التي يتميز بها الشيوخ ( من الاقطاعيين ) في العراق :

1/ الصورة الاولى : لم يكن الشيخ محمد العريبي في العمارة قاسيا على الفلاحين باستثناء آل خليفة الذين كان الفلاحون يطالبون بالمال دون ان يعملوا ! ولم يكن مشايخ وامراء قبيلة ربيعة في الكوت يتعاملون بقسوة مع ابناء قبيلتهم الواسعة ! ولم يكن كل من الشيخ بلاسم الياسين وعبد الله الياسين يتعاملان في الحي ومناطق الناصرية مع فلاحيهم الا بتلك القسوة التي وصفا بها ! يتردد الحديث عن قساوة الشيخ موحان الخير الله مع فلاحيه في مناطق بالناصرية .. اما الشيخ سالم الخيون زعيم قبيلة اسد في بحيرة الحمّار والجبايش وكرمة علي والعمارة ، فكلنا يعرف سيرته النضالية والسياسية ومطالبته بحكم جمهوري للعراق قبيل تأسيس الملكية العراقية ، فضلا عن دوره في استصلاح الاراضي الزراعية وعنايته بالفلاحين .

2/ الصورة الثانية : وقد حدثّني صديقي الشيخ سامي ابن الشيخ موحان الخير الله عن الاسباب التي كانت تدعو الشيخ اتباع وسائله من اجل العمل والانتاج ودفع الضرائب .. ولم يزل آل الخير الله شيوخا ولهم كلمتهم ، ولم يستطع اي قانون ان يستل العلاقة العشائرية التي تربط الفلاحين بشيوخهم .. بل وجدت ان الاف الفلاحين ترك الارض حتى بعض اصدار الاصلاح الزراعي ليأتي يعيش في صرائف حول المدن الكبيرة ! ومن شيوخ مشائخ شمر كان الشيخ عجيل الياور وابنه الشيخ احمد الذي يعد واحدا من اكبر الملاكين للارض الزراعية ، لم اشهد من قراءة تاريخ قبيلة شمر بفرعيها من الياور والمطلك قد مارست القسوة مع ابناء قبيلتها ابدا .. كنت اجد الشيخ بين افراد قبيلته وثمة اعتزاز متبادل بين الشيوخ والفلاحين وتبدو العلاقة بدوية صرفة .. ولكن ثمة صراعات ومناكفات قبلية وعشائرية بين هذا الطرف او ذاك لاسباب لا علاقة لها بالارض وانتاجها .

3/ الصورة الثالثة : لم اجد القسوة عند شيوخ قبيلة الجبور وامرائها في مناطق عدة من بلاد الشام والعراق قد مورست مع الفلاحين ، وعلى رأسهم شيخ مشايخهم عبد العزيز المسلط وكم كانت العلاقات وشيجة بينه وبين ابناء قبيلته ! لم اجد شيوخ العزة في مناطق ديالى قد اضطهدت فلاحيها وكلنا يعرف سيرة الشيخ حبيب الخيزران وعلاقته بالفلاحين .. لم يمتلك شيوخ عشائر الفرات الاوسط كآل الجريان في الحلة ولا شيوخ شرقي دجلة ولا شيوخ الانبار مناطق هائلة المساحة ، كانوا يعتزّون بمشيخاتهم العشائرية اكثر من كونهم اصحاب ارض .. كانت ممتلكاتهم من الارض ذات مساحات صغيرة ولنا ان نفحص آل جويبر في سوق الشيوخ والعزة في ديالى والعبيد والبو حمدان في الحويجة وآل سليمان في الرمادي والانبار .. انتقالا الى آل فتلة ( بفرعيهما الكبيرين آل فرعون وآل سكر ) ومنهم في المجر ( برواية الصديق الدكتور كامل كمونه ) وآل السعدون وآل العطية .. وكل ممتلكاتهم كانت ذات مساحات صغيرة وكانت المشخاب مركزيتهم لانتاج الشلب ( التمن / الرز ) ويقال ان الشيخ هديب الحاج حمود في الشامية بالديوانية كان يعتني بالفلاحين عناية فائقة ، والرواية معروفة انه كان يجلب الاحذية المطاطية الطويلة (= الجزمات ) لكل الفلاحين من اجل المحافظة عليهم من البلهارزيا ، كونهم يعملون في حقول الشلب المائية وينتجون اجود انواع الرز بالعالم (= عنبر شامية ) .. ربما ليس للمحافظة عليهم ، بل من اجل الا تصيبهم البلهارزيا ويؤثر ذلك على مصالحه !

4/ الصورة الرابعة : ولقد جذبتني معلومة تاريخية تقول بأن اولاد الاقطاع واولاد الفلاحين يدرسون في مدرسة واحدة وصف واحد .. يكتب ذو النون أيوب في كتابه ( للحقيقة والتاريخ ) النص التالي : " وانهى عبد الكريم قاسم دراسته الثانوية دون تلكؤ .. ويظهر ان ظروف العائلة كانت أقسى من ان تساعده على الاستمرار في الدراسة ، فتركها وتوظف معلما في مدرسة ابتدائية ، في الشامية من اقضية لواء الديوانية ، حيث يتعلم الفلاحون وابناء رجال الاقطاع جنبا لجنب . وان النبيه البقظ لتثيره الفوارق بين الطبقتين .. " ( ص 69) . اما نواحي بغداد ، فلقد انتشر بنو تميم وتنبؤنا الاخبار بأن طبيعة العلاقات كانت على احسن ما يكون بين شيوخهم من آل السهيل الشيخ علي واخوانه وبين كل الفلاحين من آل تميم المنتشرين في كل من غربي بغداد وشمالها . اما بين بلد وسامراء ، فكانت اكبر الاراضي بيد الشيخ عبد العزيز ابراهيم الصالح الاسماعيل ، وكان يعامل فلاحيه بالحسنى والمعروف سواء كانوا من آل درّاج او من غيرهم في الطويرانية والمجمّع في ناحية الاسحاقي ، وكان ان صودرت منه الاراضي الزراعية التي كانت منتجة بدرجة كبيرة وقد تركها عام 1959 ليستقر ببغداد ، فيضعف انتاجها وتصبح نهبا للصراعات .

5/ الصورة الخامسة : وننتقل الى سهول الموصل ، فلم نجد اي اقطاع مسيطر على الارض والانسان .. كانت المساحات صغيرة ويمتلكها ملاكون قدماء يقطنون في المدن ويناصفون الفلاح الانتاج فهم اصحاب الارض والبذور والمكننة والتسويق وما على الفلاح الا العمل من حراثة وزراعة وحصاد .. ويعتبر كل من سهل الموصل وسهل اربيل من اغنى اراضي العراق والشرق الاوسط قاطبة بانتاج القمح والشعير .. اما ممتلكات الاكراد من الارض فهي تابعة بمساحات مختلفة للشيوخ والاغاوات التي تسيطر عليها الروح العشائرية أيضا لا الاقطاعية سواء في اربيل ام السليمانية .. ولم يضطهد الفلاح الكردي اضطهادا ذاتيا ، بل ربما وقع تحت طائلة الصراعات القبلية العشائرية والتي كانت مستعرة الى تاريخ قريب .. الخ

ماذا نستنتج ؟

وعليه ، لو سلمّنا بوجود " اقطاع " في العراق ، فهذا ما لمسناه في العمارة وبعض اجزاء من الناصرية فقط ! اما بقية انحاء العراق ، فليس هناك أية علاقات اقطاعية كالتي صبغ بها تاريخ العراق الاقتصادي ظلما وعدوانا .. ان غالبية شيوخ العشائر كانت تمتلك سندات التفويض بالطابو لأراضي العشيرة والتي كانت تدعي بـ " الديرة " ، وتعريفها : انها مساحة من الأرض التي تأوي العشيرة التي اعتادت زراعتها أباً عن جد ، وهي ارض اميرية مملوكة للدولة ، ولكنها مفوضة بالطابو باسماء شيوخ العشائر .. وكان استثمار الأرض يتم طبقاً للأعراف والتقاليد التي تلتزم العشيرة بها ، وكان لكل اسرة في العشيرة لزمتها الخاصة ، بما فيها اسرة الشيخ .. وكانت العشائر في جنوب العراق والادنى من الفرات الاوسط هي التي تضطلع بكري الجداول والنهيرات وبناء السدود وفتح الترع .. وكلها تتم باسلوب التعاون وبتلقائية من قبل الجميع بما فيهم طاقم الشيخ . وكلنا يعرف ان الفلاحين انقلبت على شيوخها في كل من العمارة والناصرية يوم 14 تموز 1958، اذ لم نجد اية ثورات وانتفاضات وانقلابات فلاحية ضد شيوخ الديوانية ولا الكوت ولا الانبار ولا ديالى ولا شهربان ولا الحويجة والعظيم ولا الموصل ولا اربيل والسليمانية ..







نشرت في موقع الدكتور سيار الجميل



29 ديسمبر 2007



تابعوا الحلقة السادسة



جادة حوار عراقي

مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور كاظم حبيب



أ.د. سّيار الجميل



الحلقة السادسة

البنية العشائرية في العراق (2)





سادسا : 14 تموز 1958 : الاخفاق في تحطيم البنية العشائرية

اذا كان الفلاحون في الجنوب قد تمردوا اثر 14 تموز / يوليو 1958 على شيوخهم ، فان فلاحي الفرات الاوسط وغرب الفرات وشرق دجلة والموصل لم تثر ولم تنقلب ابدا ! وعليه ثانية ، فليس من المعقول ان يصبغ تاريخ العراق الاقتصادي بالاقطاعية ووصفه باشنع الصفات وهو ليس كذلك ابدا .. ان العلاقات الانتاجية للارض الزراعية العراقية كانت اقوى بكثير قبل 14 تموز 1958 مما غدت عليه من بعدها .. الفلاح الذي كان يخاف فيعمل وينتج ، اصبح حرا طليقا لا يعمل ولا ينتج .. الانتاج الزراعي العراقي من قمح وشعير وشلب وتمر وفواكه .. كان فائضه يصدر من خلال نقله عن طريق النهر الى البصرة ليشحن الى خارج العراق ، بات العراق يستورد المواد الغذائية الاساسية لأن الارض لم تعد تزرع وبات الفلاح حرا لا يعمل .. وانسحق الانتاج الزراعي ابان الثمانينيات ايام الحرب العراقية الايرانية .. حتى بات يستورد اللحوم المجمدة لتأكل الناس .. ولما شهد العراق حصارا اقتصاديا قاسيا في التسعينيات من القرن العشرين ، بدأ يسترجع زراعاته ولكن من اجل الاكتفاء الذاتي ولم تكن كافية ابدا .. ان ضعف الانتاج الزراعي العراقي قاد الى انخفاض الثروة الحيوانية التي كان العراق يزخر بها .. وكان من المقرر ان تحدث ثورة اقتصادية وزراعية في العراق اثر تنفيذ مشاريع الري العملاقة لمجلس الاعمار العراقي الذي استبدل بمجلس التخطيط بعد 14 تموز/ يوليو 1958 ، ولكن الانقلابات العسكرية والسياسات الحزبية الثورية والحروب التي عاشها العراق على مدى خمسين سنة قد اضرت به ضررا بالغا . يكتب الدكتور عبد الجليل الطاهر قائلا بأن السلطات المنبثقة عن ثورة 14 تموز 1958 نظرت الى العشائر على انها مصدر ضعف في كيان الوطن وتؤدي الى تعريض أمن الوطن وسلامته الى الخطر وتحول دون تحقيق المواطنة الحقيقية لأنها تعمل على تجئة الوطن الى وحدات عشائرية غير منسجمة وتسود بينها شريعة الغاب ، لذلك فقد اقدمت هذه السلطات على الغاء قانون العشائر ، وتشريع قانون الاصلاح الزراعي ومارست ضغوطا واسعة ضد شيوخ العشائر والاقطاعيين ( عبد الجليل الطاهر ، العشائر والسياسة ، بغداد ، 1958 ، ص6 ) .



سابعا : ماذا نقول في اضطهاد الفلاحين ؟

لا يمكن لأي عراقي مهما طال الزمن او قصر ان ينكر ما فعله بعض شيوخ العشائر ببعض الفلاحين من ابناء عشيرتهم خصوصا عندما يغضب الشيخ غضبته ويستهتر بكل قيم العلاقة التي تجمعه بالفلاحين المنتمين اليه قرابة ونسبا .. لا يمكننا ان ننسى ما كان يفعله احد الشيوخ من حفر حفر عميقة يطمر فيها نصف جسم الفلاح !! ومن كان يفعل ذلك معروف لدى الاخرين من دون ذكر اسمه .. ولا يمكننا ان ننسى ما كان يفعله بعض الشيوخ بعبيدهم الذين يمتلكوهم .. وقصة ذلك الشيخ معروفة عندما دخل احد عبيده ، فوجد الشيخ يهتك عرض زوجته ، فقام بقتله وقتلها معا ! لا يمكن ان ننسى ما كان يفعله احد شيخين اخوين بحرق منازل الفلاحين القصبية ، ويسجن في سجنه الخاص ، وينفي بعضهم نفيا لا رجعة فيه .. لا ننسى ما كان يفعله اولئك الطغاة في الارض ، فهم بيدهم الارض والانسان والقوة والثروة .. كله اعترف به وادرك خطورته ، ولكن وأود هنا ـ ان يستكمل القارئ الكريم معي ـ ان الظلم كان منحصرا في لواء العمارة واجزاء من لوائي الناصرية والكوت .. وحتى اولئك الظلمة الذين نعرفهم واحدا واحدا لم يكن آباؤهم واجدادهم كذلك ، بل تحّولوا من آباء يمتلكون العطف والحنان وروح القرابة الى شيوخ قساة وغرباء وطغاة .. اما البقية الباقية من شيوخ العراق وملاكيه فلم يمارسوا اي طور من البشاعة الاجتماعية العراقية . ويتبدى الوضع واضحا اثر الانقلاب الجذري الذي حدث في 14 تموز / يوليو 1958 ، ذلك ان الشيوخ الاقطاعيين الذين آذوا فلاحيهم ، فان الفلاحين انقلبوا عليهم في العمارة وبعض مناطق الناصرية والكوت .. في حين لم يشهد المجتمع العراقي الفلاحي اي انقلاب عشائري من قبل الفلاحين على شيوخهم لا في الفرات الاوسط ، ولا في الفرات الاعلى ولا في ديالى وبساتين الشرق ولا في منطقة الجزيرة والموصل ولا في كردستان او الحويجة ولا في اي مكان آخر تحكمت فيه العلاقات الانتاجية الزراعية .



ثامنا : حول قانوني الاصلاح الزراعي

1/ هل دارت العجلة الى الوراء ؟

انني احترم رأي الاخ الدكتور كاظم حبيب ومن يرى رؤيته في موقفه السياسي من قانوني الاصلاح الزراعي الاول عام 1959 والثاني عام 1970 في العراق ، ولكنني اخالفه الرأي في ان القانونين قد كسرا شوكة الاقطاع وبدأ التحول التدريجي صوب الرأسمالية ، واخالفه الرأي ان سياسات النظم التي سادت في العراق منذ العام 1961 .. قد اعادت العجلة الى الوراء ويستدرك قائلا : " وأعيدت الارض بصيغ مختلفة لشيوخ العشائر والاقطاعيين . لقد أعيد لهم ما اقتطع منهم قبل ذاك وفق القانون من أرض زراعية وعاد لهم وضعهم الاقتصادي والاجتماعي والسيطرة الفعلية على الفلاحين, وخاصة الفقراء والمعدمين وصغار المزارعين منهم. وفي مثل هذه الأجواء تنمو الطائفية بأبشع أشكالها المقيتة أيضاً. نحن بحاجة إلى كسر حلقة التخلف في المجتمع وفي وعي المجتمع .. " .

2/ متى كان العراق بلدا رأسماليا ؟

مع خالص اعتزازي بمكانة الدكتور حبيب العلمية والسياسية ، لكنني اتمنى عليه ان يكون دقيقا في ما يصدره من احكام ، ذلك ان العراق لم يعرف " الرأسمالية " ولم يشهد اقتصاده حتى الخمسينيات الا بضع شركات صناعية صغرى وبضعة تجار قدماء ( ومحدثين برزوا بعد الحرب العالمية الثانية ) كانوا اعضاء في غرف تجارة قديمة وثمة ملاكين قدماء للارض والعقارات الصغرى وبضعة شيوخ عشائر لا اعتقد انهم يمتلكون رؤوس اموال كبرى .. فكيف يمكننا القول ان نظام العراق رأسمالي ؟ كانت هناك طبقة عليا في المجتمع من اعيان وشيوخ ونقباء وبيكات وتجار كبار ( = جلبية ) وهي طبقة صغرى ، وكان هناك طبقة وسطى اجتماعية نشأت منذ القرن التاسع عشر يؤلفها موظفون وعلماء وافندية وتجار صغار ورجال من علماء الدين تبلورت عنها فئة بورجوازية صناعية وتجارية في عقود الثلاثينيات والاربعينيات والخمسينيات ثم هناك طبقة فقراء عريضة في المجتمع يؤلفها الزراع والعمال والمهنيين والحرفيين والكادحين والمحرومين والمعدمين .

ان من الخطأ القول ان العراق كان رأسماليا وميزانية الدولة العراقية لا تتعدى حصتها ابان الخمسينيات الخمسين مليون دينار عراقي ؟ ولم تسجّل في تاريخ العراق حتى عام 1963 اية اختلاسات كبرى ولا اي نهب منّظم ، ولا اي استلاب غير مشروع للمال العام .. ربما كانت هناك رشاوى ، ولكن بقي النظام الاقتصادي في العراق يحافظ على خصوصيته على ايدي ابنائه العراقيين .. ربما كان هناك نهب منظم لشركات نفطية ، ولكن هذا لا يدخل في صلب موضوعنا العراقي كتصنيف طبقي او صراع طبقي او رأسمالية دولة ومجتمع .. وعليه ، لا يمكن ان نقوم بنفخ العراق من اجل القول انه كان بلدا رأسماليا ، ونحن ندرك معنى الرأسمالية ومعنى المجتمعات الرأسمالية مذ تبلورت في الثورة الماركانتالية ابان القرن السابع عشر ونشوء البنوك وقوة الصيرفة والنفوذ المالي على العالم بتطور التجارة الدولية في مجتمعات معينة في العالم .

3/ هل كان العراق بحاجة الى اصلاحات ؟

نعم ، كان العراق بحاجة الى جملة هائلة من الاصلاحات ، ومنها الاصلاح الزراعي ، ولكن لا يمكن اصدار القانون وتنفيذه من دون اية ادوات تطوير ولا اية مكننة ولا اي تسويق ولا اي بذور ولا اية مواصلات متطورة .. اعطيت الارض للفلاح المعدم ، فكيف باستطاعته ان يحمي نفسه اولا من رئيس عشيرته الشيخ المتربص به وهو يرى ارضه قد ذهبت الى الفلاح الذي كان يرتبط به ؟ كيف باستطاعته وهو المعدم في الجنوب او الشمال ، في القرى البعيدة والضياع القصية ان يعتمد على نفسه في تهيئة مستلزمات الزراعة ؟ من اين سيحصل على ما يؤهله للانتاج ؟

انني مقتنع بأن الضربة التي تلقاها شيوخ العراق من الملاكين الكبار لم تكن بمستوى اي ضربة تلقاها غيرهم من الملاكين الصغار .. ولكنني مقتنع بأن الضربة القاضية كانت قد اصابت العلاقات الإنتاجية ( شبه الإقطاعية ) في كل المناطق الزراعية العراقية ، وان السلطة الجديدة لم تستوعب ذلك الخطر ، فليس التغيير يكتفي باصدار القوانين من دون معالجة مستلزمات تطبيقاتها على الارض في أعقاب التغيير السياسي عام 1958 والذي لم يصاحبه تغيير جذري بنيوي في تغيير العلاقات الانتاجية .. فبدأت تموت العلاقات الانتاجية القديمة مع انعدام لأي تأسيس بنيوي جديد .

4/ لماذا غدت تظاهرة استعراضية ؟

لقد كان صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 والبدء بتوزيع الأراضي على فقراء وصغار الفلاحين مجرد تظاهرة استعراضية اضرت بواقع العلاقات الانتاجية القديمة بالرغم من كل ما حفلت به من سيئات ، اذ ظهر الفلاحون من الملاكين الصغار الجدد يفتقرون ايضا الى الرأسمال "النقود وادوات الانتاج".وحسب احصاء 1957 كان لكل 6 عوائل فلاحية حصان واحد اي سدس حصان لكل منها.. وكان مابين 60%- 70% من مجموع العوائل الفلاحية لا يملك حصانا واحدا او بغلا او حتى حافرا!.. كان تملك الفلاح او عدم تملكه لحيوان حراثة قوي يمكن ان يتخذ مقياسا لتصنيفه من مرتبة فقراء الفلاحين او اغنيائهم او متوسطيهم الى جانب المقاييس الاخرى.. لقد استغلت في زراعة ما قبل 1958 (2712) ساحبة و(1056) حاصدة دارسة وآلاف الآلات الزراعية مما اسهم في تفكيك العلاقات الابوية ( عن : سلام كبه ، طريق الشعب ، 30/9/ 2007 ) ، فما نفع ان يتفجر الغضب ضد الشيوخ من الملاكين القدامى في حين لم يأت نظام الاصلاح الزراعي بأي اصلاحات اساسية تغير بنى العلاقات الانتاجية العراقية ولا تميتها ؟ .

5/ انها ليست مسألة نظم سياسية !

انها ليست مشكلة نظم سياسية يا اخي الدكتور حبيب .. انها مشكلة نظم اجتماعية وادارية واقتصادية . ولماذا حددت سنة 1961 نهاية للقانون الاول ؟ لقد اخفق القانون الاول للاسباب التي ذكرتها آنفا .. اما القانون الثاني الذي اصدره نظام البعث عام 1970 ، فكان نظاما تعيسا هو الاخر ليس بسبب مصادرته الارض من اصحابها واعطائها لمن يزرعها ـ كما كانوا يذيعون ذلك ليل نهار عبر الاذاعة العراقية ـ ، وكانت الدولة قد اخذت على عاتقها منح القروض الزراعية وتوزيع البذور ولكن اصبحت الجمعيات الفلاحية بمثابة كوميونات حزبية مشيخية لكل الشقاوات والطرداء من حزبيين وسلطويين .. جماعات اخذت تتحكم فيها العوامل الحزبية والعشائرية ابان السبعينيات ، ولما انتقل العراق نحو الثمانينيات لم تكن الحرب العراقية الايرانية سببا وحيدا في انحلال الاقتصاد الزراعي العراقي ، بل استجدت عوامل اخرى اشد بؤسا مما كان عليه الوضع قديما .



تاسعا : نوري السعيد : الارض سيتوارثها الابناء والاحفاد عن الاباء والاجداد

لا اناقشك في مقولة السيد نوري السعيد ـ رحمه الله ـ ( الذي ذهب قبل قرابة نصف قرن ، فهو ليس بحاجة لا الى تهكمنا ولا الى تقييمنا فقط ، اذ اجد ان ثمة اعادة تقييم لسياسته وحكمه وتبيان مدى قوة ارتباطه بالعراق او ارتباطه ببريطانيا من قبل كل الاجيال ، كما توضح بأن ليس هناك زعيم حكم العراق ما لم تكن له ارتباطات خفية او علنية بهذا الطرف او ذاك ) ومعتقده في قسمة الملكيات الزراعية من خلال التوريث ، ليس بسبب ايمانه لما حدث في بلاد زراعية اخرى ، ولكن بسبب علاقاته القوية برؤساء العشائر الذين يمتلكون الاف الدونمات ، واعتقد ان كل من يريد حكم العراق بقوة عليه صناعة تلك العلاقات ، فالمشكلة ليست في نوري باشا ، بل انها كانت منذ والي العراق مدحت باشا وصولا حتى يومنا هذا ، عندما عجزت امريكا نفسها من ادارة شؤون امن العراق ، فراحت تشتري قوة العشائر العراقية بالمال والسلاح !

في كتابه " الاقطاع في العراق " الصادر في 1957 يؤكد الاستاذ ابراهيم كبة (ص 17) بقوله : " من الغريب ان يطمئن السيد نوري السعيد الرأي العام العراقي بقرب زوال النظام الاقطاعي العشائري عن طريق الارث وتقسيم الاقطاعيات الكبيرة على الابناء والاحفاد ، وقد تناسى فخامته ان قرونا سحيقة مضت على نظام الارث دون ان تنال من النظام المذكور وان الانظمة والتقاليد العشائرية تحتفظ بالملكيات الكبيرة للابناء الكبار فقط . ويعلم الرأي العام ان السبيل الوحيد للقضاء على هذا النظام الظالم هو تغيير العلاقات الاقطاعية نفسها بتمليك الارض لمنتجها والقضاء على الملكيات الاستغلالية الكبرى في الزراعة وتوزيع اراضي الدولة على الفلاحين واتباع نظام التعاونيات الزراعية... الخ. كل هذا مرتبط بالقضاء على الاستعمار وسحق الرجعية وانتصار الحركة الوطنية بمجموعها وتحقيق الاهداف الوطنية الكبرى ." .. انني اسأل كباحث ومؤرخ : لقد مضى اكثر من خمسين سنة على هذا النص في اعلاه ، فما الذي تحقق على ايدي مختلف الانظمة السياسية التي حكمت العراق ؟ فهل هي مشكلة النظام السياسي ام مشكلة النظام الاجتماعي ؟ وهل هي نفسها مشكلة نوري السعيد سواء قال بالتوريث ام لم يقل ؟



عاشرا : عبد الكريم قاسم : الاقطاعي اخو الفلاح

باستثناء حكم الزعيم عبد الكريم قاسم الذي لم يدرك اهمية هذا الجانب الذي يعد ركنا اساسيا من اركان حكم العراق .. وحتى قاسم ادرك صلابة البنية العشائرية ، فما كان منه الا ان اطلق قولته الشهيرة : " الاقطاعي اخو الفلاح " ! انني اعتقد ان عبد الكريم قاسم ـ رحمه الله ـ قد وعى بحجم المشكلة العراقية المستديمة ، وانها اكبر بكثير من ان يعالجها اي قانون عاجل للاصلاح الزراعي والذي اخفق في اغلب الاهداف التي قام من أجلها . لقد اقيمت آلاف الدعاوي القضائية من قبل الشيوخ الإقطاعيين على الفلاحين ومارست ضغوطاً كبيرة على عبد الكريم قاسم كان من نتائجه اقتطاع 5 % من حصة الفلاح من الحاصل الزراعي واضافتها إلى حصة الإقطاعيين ، مما حدا بالفلاحين تنظيم مظاهرة سلمية في العاصمة بغداد ، اذ تجمعوا فيها امام وزارة الدفاع مقر اقامة الزعيم عبد الكريم قاسم ، وقدّم وفد منهم مذكرة تتضمن مطاليبهم وهوس احدهم في هذا التجمع قائلا : ( راحت خمسة من الفلاح اسمع يكريم ) والمقصود هنا الـ 5 % وكان جواب قاسم على ذلك في احدى خطبه : ( ان الإقطاعي اخو الفلاح ) عندها انبرى له في حينه الشاعر الشعبي ( جواد ) من اهالي النعمانية والذي يعرف باسم ( جواد مطاعم ) لانه رئيس نقابة المطاعم آنذاك بقصيدة عنوانها ( شلون تكول الاقطاعي اخو الفلاح ) ومما قاله :



شلون تصير خوه نوخذه اوملاح ومحمد ربيعة ينفذ الأصلاح



المقصود هنا أمير ربيعة حيث يقع قصره وأملاكه في ناحية الأحرار- الكوت . ويستطرد صاحب الحكاية والنص بقوله : والتساؤل هنا عن كيفية تنفيذه لقانون الإصلاح الزراعي استمر الوضع يزداد سوءا فقد ألغيت المقاومة الشعبية واغلقت مقرات الشبيبة الديمقراطية ، وزورت بشكل فاضح انتخابات الجمعيات الفلاحية والنقابات العمالية ، وشنت حملة اعتقالات واسعة شملت الشيوعيين والتقدميين وابعادهم عن مؤسسات ودوائر الدولة المدنية والعسكرية ، وسرح المئات من العمال من اعمالهم . ويبقى النص يحكي لنا الحكاية عما كان يحدث من تفاصيل : ويمكن القول هنا ان ماجاء في المذكرة التي قدمها الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق إلى الزعيم قاسم عبرت اصدق تعبير عما ال اليه الوضع في البلاد خلال تلك الفترة ومما جاء فيها ( .... اننا نقولها لكم بصراحة ياسيادة الزعيم ، ان السوط الذي الهب ظهورنا في العهد البائد ، عاد ليلهب ظهورنا من جديد ... ) وبدلاً من أن يعمل الحزب للدفاع عن مواقعه وقيادة الجماهير للحفاظ على المكتسبات التي تحققت في العام الاول للثورة أعتمد الحزب سياسة التراجع غير المنظم التي فرضها عليه هجوم السلطة ، وما توصل اليه الاجتماع الموسع للجنة المركزية في أواسط تموز 1959 والذي عزا فيه تراجع قاسم الى الاندفاعات الجماهيرية المتطرفة والاخطاء التكتيكية التي أنتهجها الحزب . مما أدى الى سلبها واحدة بعد الاخرى . في حين كان بالامكان قيادة الجماهير في نضالات يومية متواصلة للحفاظ على مكتسباتها أو لاسترجاع المكتسبات التي سلبت منها . كما حصل في معركة فلاحي ثلث الجزة في الحي ، حيث تمكن الفلاحون بفضل توفر قيادة واعية وجريئة من هزيمة الإقطاعي مهدي بلاسم الياسين الذي حاول بالتعاون مع السلطات المحلية فسخ عقود الفلاحين على الأراضي المتعاقدين عليها ( انتهى ) ( راجع : جليل حسون عاصي ، سيرة ذاتية 6 ، الفصل الثاني ، الطريق ) .



واخيرا : ماذا نقول ؟

انني لست مع هذه البنية العشائرية في العراق ، ولست مع بقائها كونها حجر عثرة في سبيل التقدم الحضاري ، ولكن علينا ان نعترف ان " الثورة " و " الاحزاب الثورية " لم تستطع ابدا ان تغّير من الواقع شيئا ، وهي التي تنادي بالتغيير ، فكيف يمكن للاصلاحيين ان يغيروا الواقع ؟ لقد مرت المجتمعات الزراعية القوية بثورات عديدة للفلاحين ، ولم تحدث في العراق اي ثورات اجتماعية بالرغم من كل الظلم الذي عانى منه بعض الفلاحين العراقيين .. ربما كانت هناك حالات تذمر ولم تكن انتفاضة عشائر الفرات الاوسط لاسباب اقتصادية ابان الثلاثينيات بقدر ما كانت لاسباب عدم الانخراط في الجيش اثر صدور قانون الخدمة الالزامية على عهد ياسين الهاشمي ! وحتى في فترات الخمسينيات لم نلحظ قيام اي ثورة او تمرد على سوء الاحوال الاقتصادية من قبل الفلاحين ! لماذا ؟ لأنه ظلم ذوي القربى ؟ لأن الفلاح العراقي محكم بنظام اجتماعي قبلي او عشائري سواء كان ذلك في الريف ام البادية .. ان الاسباب التي جعلت قانوني الاصلاح الزراعي يخفقان في العراق اعمق من وجود نظم سياسية .. وسواء كانت الانظمة السياسية ملكية ام جمهورية ، اقطاعية ام اشتراكية ، دكتاتورية ام دينية .. فان الحكام ورؤساء العشائر في العراق لا يمكنهما ان يبتعدا أحدهم عن الاخر الى حين ثبات مؤسسات دولة لا تعترف بالعشائرية وامراضها ، ولا تستلهم من الاحادية الحزبية هيمنتها ، ولا تتوسل بالمرجعية الدينية وسطوتها .. ان العراق وامثاله من مجتمعات الشرق الاوسط من ابعد ما يمكن عن وجود بروليتاريا ، حتى نتخيلها تحكم مجتمعاتنا . هنا ما المطلوب ؟

قبل ان اتابع انعكاسات السياسات الاجتماعية وتناقضاتها وما انتجته من ترسبات وخطايا كالذي ساعالجه في الحلقة السادسة .. ينبغي علينا ان نعيد التفكير في تاريخنا العراقي وعلينا ان نخرج من الشرانق التي ادخلونا فيها او حبسونا في دواخلها .. ولم يعد باستطاعتنا الخروج لرؤية الحقائق . ان تاريخنا العراقي الحديث من اصعب ما يمكن العمل فيه .. ولا يمكن لأي باحث عراقي او غيره ان يطلق احكامه من عندياته او كما سمع وتربى عليه ، فكل ما مضى من زمن تكاد الحقائق تكون فيه مغيبة ، ولم يعرف حتى الطلبة في المدارس والجامعات الا التشويه وترديد الشعارات وتقليد الخطابات .. ثمة مشكلة اخرى تتمثل بعدم الاعتراف بالحقائق والتخلي عن الاخطاء ، بل التخلي عن التصدي لمن يعريها ! ان الاحزاب والقوى الثورية قد ارتكبت اخطاء وجنايات فاضحة بحق ليس النظم السياسية ( اذ ان هذا من حقها ) ، بل حتى الاجتماعية والادارية .. الخ واذا كان زعماء العراق قد اقتص منهم الثوار باساليب دموية ووحشية .. فان الثوار لم يكونوا مثاليون في قيادة المجتمع العراقي على امتداد القرن العشرين . واخر ما يمكنني السؤال عنه : هل لأي قوة في الارض مهما نّظرت ومهما تحّزبت ومهما كتبت ونشرت وقامت بمؤتمرات وتنظيمات ووزعت منشورات .. مهما علت وطغت وتجبرت حتى يومنا هذا ان تقف لتلغي البنية العشائرية والقبلية في العراق ؟ وكلنا يعرف ممن تتكون هذه " البنية الاجتماعية " في نظامها المتوارث وخصوصا عند العرب والاكراد .. واذا كانت مثل هذه البنية راسخة حتى اليوم ، فكيف بنا بالنزعة الطائفية التي ليس من السهل ابدا محوها من الوجود .



نشرت في موقع الدكتور سيار الجميل

29 ديسمبر 2007

انتظروا الحلقة السابعة




#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جادة حوار عراقي مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور ك ...
- جادة حوار عراقي مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور ك ...
- جادة حوار عراقي - مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور ...
- أين البرلمان العربي .. و ما هو دوره اليوم ؟
- جادة حوار عراقي: مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور ...
- سركون بولص حامل فانوس في ليل صحراوي حالك
- الباكستان مشروع فوضى خلاقة جديد !
- تحيّة الى مثقّفي الناصريّة الاصلاء
- رهانات فاضحة بلا نهايات واضحة
- المسألة الاقليمية وخطورة الحزام الشمالي !
- أنابوليس محطة صراع للشرق الاوسط !
- - الديمقراطية - في مجتمعاتنا ...... !! جادة نقاش بيني وبين ا ...
- بنازير امرأة تقف بوجه الاعصار
- - الديمقراطية - في مجتمعاتنا ...... !! جادة نقاش بيني وبين ا ...
- - الديمقراطية - في مجتمعاتنا ...... !! جادة نقاش بيني وبين ا ...
- الملك فاروق الاول : ملاحظات تاريخية
- مشروع بايدن: تمزيق العراق لا تقسيمه !
- المسلسلات التلفزيونية : موديل طفيلي جديد !!
- انقسام لبنان (من ضمن صراعات المنطقة)... هل هو الثمن؟
- العراق رواندا جديدة ؟


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - مقاربات ومباعدات بيني وبين الاستاذ الدكتور كاظم حبيب - الحلقة الخامسة والسادسة