الحداثة...قضية شغلت و لازالت تشغل بال العديدين بالمغرب، إلا أن الحداثة تقتضي أولا تحديث الدولة عبر تبني جملة من التغييرات السياسية، لا سيما الإصلاح الدستوري لكونه يعتبر حجر زاوية التحديث السياسي و الاقتصادي الفعليين.
و حسب البعض أن أول خطوة لامناص من تحقيقها في هذا المضمار، هو التخلص من الطبيعة المخزنية للنظام السياسي، باعتبار أن الدولة ليست فوق الطبقات، و لا يمكنها مهما كان الأمر أن تكون متعالية على إرادة الأفراد و المجتمع برمته. و هذا هو السبيل الأنجع و الأجدى للدمقرطة الداخلية و التحديث الذاتي لمختلف مكونات المجتمع المغربي.
و في هذا الإطار لابد من القول أن دور الأحزاب السياسية المغربية ليس هو مجرد التصارع على الكراسي و الاستوزار و المواقع في فترة الانتخابات فقط على رأس كل 6 سنوات، و خارج ذلك تظل تنتظر هذا الموعد متفرجة على المجتمع الذي لا يحيا إلا بالحفاظ على المكتسبات و تحقيق مكتسبات جديدة و تجديد الفكر و الإبداع السياسي.
و هذا المسار جعل الأحزاب السياسية المغربية أضعف بكثير مما كانت عليه في السابق، بل أغلبها أضحى مجرد وكالات انتخابية ليس إلا. و هذا لن يجر على مستقبل المغرب إلا المزيد من الضبابية الكثيفة. و ذلك لأن الحداثة الفعلية تقتضي بالأساس تحديث الدولة نفسها بنفسها عن طريق تبني التغييرات السياسية التي أضحت ضرورية. و أهم خطوة في هذا المسار هي التي تكمن في اعتماد إصلاح دستوري و الذي أضحى يكتسب حاليا بالمغرب راهنية و ضرورة خاصتين باعتبار ارتباطه الوثيق بالتحديث السياسي و الاقتصادي. علما أنه لا يمكن الحديث عن التحديث الفعلي بدون رد الاعتبار لدولة المجتمع و دولة المؤسسات.