أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سيف محمد - سورين كيركيغارد الحلقة الثانية















المزيد.....

سورين كيركيغارد الحلقة الثانية


سيف محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2146 - 2007 / 12 / 31 - 02:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سورين كيركيغارد
(1813-1855)
ترجمة: سيف محمد
الاغتراب
لم يحصر كيركيغارد نفسه في مجال التأثر الاكاديمي البحت بدراسته لهيجل وكانت ولوثر وهامان، فقد توزعت اهتماماته على كل من الفلسفة والدين وعلم الجمال والابستمولوجيا وعلم الاخلاق وعلم النفس، الامر الذي لم يستطيع الفلاسفة الذين جاءوا من بعده التغاضي عنه، والذي جذبهم بقوة الى دائرة اسس لها كيركيغارد اتصفت بأنها تتسع لكل ماهو خاص بالموجود او الكائن. ومن بين الذين تأثروا به نذكر منهم: الفيلسوف النمساوي لودفيغ فتغنشتاين وصاحب فلسفة النفي العلمية كارل بوبر وابسن واللاهوتي بول تيليش والروائي كافكا بالاضافة الى بورخيس وبونهوفر وشيستوف واونامونو والشاعر الالماني ريلكه والروائي الشهير هرمان هيسه..الخ. ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، فاعتماد اغلب فلاسفة الحركة الوجودية بقسميها، الوجودية المؤمنة (المسيحية) التي مثلها كل من كارل يسبرز وغابرييل مارسيل والوجودية الملحدة والتي مثلها مارتن هيدغر وكامو و جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار، في مسائل اعادة طرح المفاهيم الوجودية وتشذيبها، على افكاره، جعل من كيركيغارد ابا للوجودية الحديثة. ويلاحظ المتمعن في الفلسفة الوجودية صدى مفاهيم كـ(الايمان) و (العدم) وتعلق هذه المفاهيم بالقلق الوجودي عند هيدغر اوبالاكتئاب عند سارتر، كما يلاحظ عمق تأثر كارل يسبرز بالربط الذي اقامه كيركيغارد بين (الحرية) و (الضرورة). ولا يخفى علينا كذلك اهتمام كيركيغارد بمواقف وجودية اخرى كالاغتراب، بوصفه ظاهرة واسعة ومتنوعة تتضمن: أي شعور بالانفصال بسبب سخط يعانيه الفرد اتجاه المجتمع، أو الشعور بان هناك تهدم أخلاقي أو ضرب من العجز والاستسلام في العادات الاجتماعية والمجتمع بشكل عام. لكن كيركيغارد قد تقبل وفهم الاغتراب من منظوره الخاص، بأعتباره مرحلة انعكاسية متجهة نـحو الخارج أو فترة تأملية ـ بمعنى التأمل العقلي، ينتج نوعاً من التمسك بالقيم الموضوعية والتفكير خارج إطار الفعل، والخدمة اللامتناهية للمثال، ومحاولة معرفة الاشياء بعيدا عن سياقها الوجودي، بطريقة لا تخلو من الخيال والوهم ومناوئة الواقع.
وتأخذ هذه التحركات او الاشكال فعاليتها في تغريب الفرد، من وجهة نظر فيلسوفنا، عن الحالة العامة التي يعيشها الانسان حينما يفقد انواع محددة من السلطة. فليس هناك بديل عن سلطة الماضي أو سلطة التوراة على سبيل المثال، أو أي صوت مقدس أخير وعظيم لانملك بدونه الا الفراغ واللايقين. نـحن نخسر معنى حياتنا، وبالتالي نعاني من الاغتراب، بسبب رضوخنا لمعيار الواقعية في الحكم على وجودنا، وكذلك بسبب اقرارنا بأن الحقيقة هي فكرة موضوعية. فليس البشر رجال اليين او اميبيا لكي يخضعوا لما يمكن إثباته بواسطة المنطق أو البحوث التاريخية أو التحليلات العلمية، انهم يحتاجون لسبب يعيشون ويموتون من اجله، وما يعطي المعنى لحياة الإنسان بصورة يقينية هو أمر لا يمكن أن يصاغ بعبارات منطقية أو رياضية أو تاريخية. كما انه لا يجوز التفكير بخياراتنا في الحياة، تلك الخيارات التي يوضح كيركيغارد بأنها تصبح مختلفة ومتعددة بصورة تجريدية ما أن نباشر في استكشافها فكريا، وإنما يجب علينا أن نعيش هذه الخيارات.
نقد كيركيغارد موضوعية الباحث العلمي أو التاريخي التي تضيق افق الإنسان وتختصره في خانة المحفزات، كما انه قد شن هجوما لاذعا وجهه نـحو الموضوعية المحضة بوصفها حالة اغترابية تضيع الانسان في متاهات العجز والاستسلام الذاتي، مستندا في نقده على اساس ذاتي يضمن معنى حياة الفرد في الألم والرغبة والتعهد الديني والأخلاقي، بوصف هذه المواقف الوجودية الاخيرة غير قابلة للإثبات موضوعيا وهي لا تنتج من خلال أي شكل من أشكال العالم الخارجي، بل أنها تأتي عن طريق الانعكاس الداخلي ومن الطريقة التي ننظر بها إلى حياة واحدة معاشة بعيدا عن لغو التفحص الموضوعي الدقيق. فتنشأ بالتالي حقيقة غنية بذاتها في باطن رغبة قوية لشيء هو خارج النطاق البشري، شئ ما يتجاوز (يفوق) القوة البشرية وهو الذي يبقيها في اتصال مع المعنى الجوهري لحياتها وذلك لأنه يلهم الخشية والتساؤل ويتطلب التعهد المطلق في الوصول أليه.
تتشابه التعبيرات التي يستخدمها كيركيغادر في نقده للأغتراب ومسبباته مع تلك التي تخص كل من هيجل وماركس، مع ملاحظة ان مابين كيركيغارد وهيجل فرقا يشكل هبوطا من التقسيم العقلي المنطقي ألى التكامل الوجودي للإنسان.

كيركيغارد وماركس في الاغتراب
باستطاعتنا أن نقيم مقارنة بسيطة لهدف توضيحي يبدد الغموض عن مفهوم الاغتراب عند كيركيغارد مع ذلك الذي اسس له كارل ماركس.
وأول نقطة نستطيع الارتكاز عليها في تحليلنا هذا تتشكل بتشخيص كيركيغارد للمرض الذي يثقل قلب المجتمع الحديث. وينشىء هذا المرض تحديدا من تفشي الشعور بـ(الإثم) على الصعيدين الشخصي والعام. أن الفردية هي أصل الإثم، كما يصرح كيركيغارد بذلك، ولكن المجتمع وثقافته (ثقافة المحيط) تصبح آثمة بمرور الزمن أيضا، من خلال العملية التراكمية للآثام الفردية وانعكاساتها على الإنسانية والبيئة المحيطة.
أما بالحديث عن المفهوم الماركسي، وهو في كفة الميزان (الثقيلة) الأخرى، فأن ماركس قد أخرج المفهوم الهيجلي ألى الوسط الاجتماعي ودائرة العالم الاقتصادي، مؤمنا بأن البشرية تستطيع تحقيق غايتها النهائية في الحصول على المعنى، عن طريق فعاليات هذا العالم فقط، الذي يشكل فيه العمل مفتاحا للأرتقاء (التغيير) وللتفهم الذاتي. ويظهر الاغتراب للوجود حينما يؤخذ العمل الذي يحققه الإنسان من بين يديه ويوضع لمصلحة وفائدة الذين يستغلون طبقة معينة لتدعيم قوتهم وحصولهم على المال، اذ يختزل المعنى اللامتناهي لحياة الانسان تحت وطئة هذا الوضع المميز للنظام الرأسمالي في (المال)، ليغدو هذا الاخير مشكلا للهوية الذاتية ومعناها الفردي. وهذا هو ـ من وجهة نظر ماركس ـ التغريب بحد ذاته، انه ابتعاد الإنسانية عن طبيعتها الحقيقية. أن المعنى الحقيقي للبشرية هو تكامل الاجتماعي والفردي في وحدة لا تنفصم عراها.. وكذلك هو أيمان الفرد بقدرته على اختراع الأفكار وبميادينه العديدة سواء أكان في الشعر أو الدين أو الفلسفة، لكن بشرط أن يكون تحقيق هذه الأفكار واقعا في إطار ألـ(هنا) و (ألان).
ومع هذا النقد الماركسي اللاذع للمجتمع الحديث، فأننا نغالي ونتحيز إذا ما اعترفنا بتصويبه الأكثر مباشرة من النقد الكيركيغاردي، بسبب كون الأخير مصبوبا في البعدين الروحي والديني لحياة الإنسان، وهي الأبعاد التي تغدو اكثر واقعية إذا ما وسمت بعبارات تعبر عن الاحتياجات الفردية والاكتفاء الذاتي للوسط الحديث. ومهما زدنا من صعوبة مفهوم الفردية فأن الهدف هو التماس العنصر الحقيقي الديني المفهوم بحد ذاته.



#سيف_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورين كيركيغارد الحلقة الاولى
- وقدمَ للشمس ِ نهراً باردا
- من يغني للأشرعة
- البحر..البحر
- لتسمو شطآن الوحدة


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سيف محمد - سورين كيركيغارد الحلقة الثانية