أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس ولد القابلة - النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 3















المزيد.....

النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 3


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 664 - 2003 / 11 / 26 - 04:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


و فيما يخص مؤسسة إمارة المؤمنين، ذهب البعض إلى طرح تطويرها في اتجاه الملكية البرلمانية العصرية و دولة حامية لكل الديانات، كما البعض نحو اختزالها في البعد المادي الزمني الصرف (حماية الثغور)، كما عبر عن ذلك مثلا محمد عابد الجابري.

و بالرجوع إلى المفهوم الإسلامي، ليس هناك مصدر تبث فيه الفصل الواضح و الصريح بين صفة القائد و الإمام، و هما الصفتان المجتمعتان في خليفة الرسول (صلع) و في خليفة الله في أرضه، يحكم بما أنزله الله و يرعى بهما شؤون عباد الله في دينهم و دنياهم على السواء.

و يرى البعض أن العلمانيين و بعض الإسلاميين يتشابهون في المطلب، فالفريق الأول يطالب بعزل الدين جانبا و الفريق الثاني يقول بفصل القيادة عن الإمامة.

و يعتقد البعض في هذا الصدد أن الإمامة تقوم على أسس تقليدية لا يمكن أن تسمح بالتحديث و الدمقرطة. و يرد عليهم آخرون بأن إمامة المؤمنين صمام أمان يحمي الملكية كقيادة للدولة من الخروج على ما أنزل الله، و الإمامة بالنسبة لهؤلاء تلزم باحترام ثوابت الدين و لا تقبل ما يعارض شرع الله، و بذلك يقول هؤلاء أن الإمامة تحفظ الملك من الخروج عما أنزله الله دون تكبيله عن التطلع إلى متطلبات القيادة الحداثية.

و يبدو أن هناك شبه إجماع ما بين الإسلاميين و العلمانيين بخصوص تحديث إمارة المؤمنين، إلا أن البعض يرى أن المطلوب ليس هو تغيير مؤسسة الإمامة و تطويرها لأنها في نظرهم ضرورة إسلامية، و إنما المطلوب في نظر هؤلاء هو ما يمكننا كمغاربة مسلمين أخذه من الآخرين دون أن نتخلى عن ثوابتنا و على رأسها وجود إمام واحد يضطلع بمسؤولية الحكم بما أنزل الله و إبقاء الحلال حلالا و الحرام حراما. و يرتكز هؤلاء في قولهم هذا على أن التحديث في ظل الإمامة كان دائما مطلوبا على امتداد التاريخ الإسلامي منذ عهد الرسول (صلع) عندما كانت الفتوحات الإسلامية متوالية و كذلك تلاقح الثقافات و الحضارات، لكن دون أن يمس ذلك بالشأن الأخروي اعتبارا لكون "القائد يجدد و الإمام يسدد" حفاظا على التوازن.

و بخصوص دور وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، هناك إجماع على ضرورة إعادة هيكلتها لتخليصها من الانزلاقات التي تم تكريسها في عهد الوزير السابق المدغري العلوي، و هي الآن في حاجة إلى إصلاح على أكثر من مستوى للتصدي للاختلال الذي ساد فيها. و لم تعد خافية الآن التداعيات السلبية للتجربة السابقة على امتداد سنوات، مما يدعو إلى إعادة هيكلة المجالس العلمية و إعادة تأهيلها و مراجعة هيكلة الوزارة برمتها، و إعادة النظر في أوضاع نظارات الأوقاف و التي الكثير منها أضحى بمثابة دولة داخل الدولة إذ أن القائمين عليها أحرارا يتصرفون فيها كأنها اقطاعات خالصة لهم، لا يخضعون لأية مراقبة من أي نوع و لا لأي متابعة و تتبع بالرغم من جملة من التصرفات المشبوهة. هؤلاء ظلوا يتصرفون في ثروات هائلة و عقارات شاسعة و مداخيل غزيرة بدون أي شفافية و لا ضوابط لا تتبع، و بدون حسيب و لا رقيب. و ظل الحال على ما هو عليه رغم ظهور ممارسات مريبة بجلاء و رغم تراكم الشكايات و المطالبات في هذا الشأن.
و في هذا الإطار قدم الوزيأن الشأنللأوقاف و الشؤون الإسلامية استراتيجية جديدة و تصورا جديدا، و هو تصور يقع ضمن الإطار العالمي لمحاربة الإرهاب و التطرف و يروم إعطاء نفس جديد للمشروع الديني لمنعه من الانزياح نحو التطرف و الانفلات.و في هذا الصدد يرى البعض أن الشأن الديني لا يتعلق بوزارة الأوقاف وحدها لاسيما و أن المغاربة يعيشون الآن في عالم منفتح، يفعل فيه تداخل المذاهب و الثقافات و الأديان و يجعل الاقتصار على المذهب المالكي من باب التمسك بأمور تاريخية لا يمكن التمسك بها أراد من أراد و كره من كره. خصوصا و أن الأسئلة المطروحة في عهد الإمام مالك لا علاقة لها بالأسئلة المطروحة اليوم. و من ضمنها تلك المرتبطة بالتطرف، إذ أن الإمام مالك لم يعالج هذه الإشكالية بالمفهوم الحالي رغم أنه كان له موقف من الخوارج. و الأخذ بمذهب مالك أو بغيره ليس كافيا لإصلاح الحقل الديني بالمغرب ما دام الأمر لا يرتبط فقط بالشق الديني الصرف و إنما يرتبط بالأساس بإرادة سياسية تجتمع فيها كل مكونات المجتمع المغربي من أجل إصلاح هذا الحقل، و ذلك من أجل تهييء الظروف الملائمة لإجراء هذا الإصلاح.

و يرى البعض أنه إذا اعتمدنا المذهب المالكي وحده كنهج لتطبيق الدين فإننا قد نقتل الدين، لذا وجب الأخذ بروح المذهب المالكي و كذلك بالاجتهاد و هذا أضحى ضروريا. فالنص القرآني قادر على تقديم مقترحات بامكانها تحرير الفكر الديني مما علق به على امتداد قرون ما دام الإشكال يكمن في ترسبات علقت به عفا عليها الزمان و تحتاج لإعادة نظر. و بالتالي فان الالتزام بمذهب ما لن يسمح بهذا الإصلاح لكونه سيظل يفرض أشياء لم تعد صالحة للناس حاليا.

و يظل أكبر إشكال بالمغرب، في هذا الصدد، هو اعتقاد فئة ما أنها تمتلك الحقيقة و أن إسلامها هو الإسلام الحق و غيره ليس أسلاما. ناهيكم عن اللخبطة التي من شأنها أن تبرز بين الإسلام الرسمي و الإسلام الشعبي و الإسلام الحركي.

و في هذا الإطار نجد أن المسألة محسومة دستوريا بالمغرب، إلا أنه هناك حركات إسلامية منافسة في الحقل الديني. و من هنا يمكن القول أنه بالمغرب إذا كان الملك يملك السلطة الزمانية فان الحقل الديني تتفاعل فيه الكثير من المكونات، فهناك مكونات النص الديني و هناك حاجة الواقع المرتبطة بهذا النص (ربط النص بالواقع) أي الاجتهاد. و المشكلة هي أن البعض يعتقد بأن هذه العملية إذا أشرف عليها الرسميون فقط فهي باطلة، و هذا يجرنا من جديد إلى إشكالية احتكار النطق باسم الإسلام، علما أن كل عملية اجتهادية تظل عملية نسبية قابلة للصواب و الخطأ. و في هذا الصدد يدعو البعض إلى اعتبار ما يسمى حكما شرعيا أنه يبقى اجتهادا بشريا، و هذا الاجتهاد قابل للصواب و الخطأ و ليس ملزم للناس بشكل نهائي و أزلي، و إنما هو اقتراح من طرف الجهة المجتهدة (شخصا كان أو هيئة) و هو اقتراح يمكن تصحيحه أو تجاوزه، سواء كان اجتهاد مالكي أو شافعي أو حنبلي أو من عالم القرن الواحد و العشرين أو غيره، ما دام أننا لسنا ملزمين أزليا باجتهادات تاريخ معين دون سواه، و إلا سنعلن على اغتيال الاجتهاد و الانفتاح. علما أن الظرف الذي ظهر فيه الإمام مالك كان مرتبطا بالقوة الإسلامية آنذاك، و بالتالي من الصعب قبول حاليا جملة من اجتهادا ته، من قبيل أن تارك الصلاة يقتل حدا مثلا.
لهذا يبدو أن أنجع السبل هو أن يقوم الرسميون أو الوزارة الوصية بتأطير الحقل الديني في إطار حرية تسمح بنقاشات و حوارات خاصة بالحقل الديني دون إقصاء أي طرف و دون اعتماد أي نوع من أنواع الاحتكار في هذا المجال. و لعل مثل هذا التصور برز بشكل كبير عندما قام ثلة من العلماء بالمغرب بالتوقيع على نص الفتوى المحرمة لمشاركة المغرب في الحرب الأمريكية على الإرهاب، و حينها كان رد الوزارة الوصية عليها بعنف و صرامة.

و مهما يكن من أمر بالنسبة للمغرب حاليا، الأفضل هو التعبير في الضوء و أمام الملأ حيث يمكن الرد و الحوار و النقاش و ليس اعتماد القرارات في الظلام و الكواليس و وراء ستار ركح الواقع المعيش. و هذا يعني أن المغرب في حاجة إلى الحريات في المجال الديني، حريات مؤطرة و مسؤولة. لأن الشرعية لا تكتسب بالفرض و إنما تكتسب من خلال إعطاء الحرية. و هذه الشرعية أقوى و أمثن و أقدر على التصدي إلى أي انزلاق. و هذه الحرية لكي تكون مجدية هي في حاجة إلى تهييء فضاء علمي و ثقافي من أجل تجديد الفكر مادام لا يمكن انتظار أي جديد مهما كان في إطار اعتماد المطلق و غياب حرية التعبير في هذا المجال بالذات. فما يحتاجه المغرب اليوم بصدد الحقل الديني هو إصلاح ديني حضاري و ليس إصلاح احتكاري.

يتبع



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 2
- النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 1
- كيف يرى الدكتور المهدي المنجرة مغرب 2020
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الأخيرة
- الحوار نهج يفتح الأبواب و لا يصدها
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 26
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 25
- أحزاب تحول دون استكمال الانتقال الديقراطي
- زيادة تعويضات النواب بالمغرب قرار حكومي يتذمر له الرأي العام
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 24
- تنحي عبد الرحمان اليوسفي ليس في مستوى مساره الطويل
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة23
- القضاء في محنة بالمغرب
- محاكمات الإرهاب - الحلقة 22
- الحرس الجامعي و حرمة الجامعة بالمغرب
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 21
- الجامعة المغربية و الحركة الإسلامية
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 20
- المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 19


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس ولد القابلة - النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 3