مايكل نبيل سند
الحوار المتمدن-العدد: 2145 - 2007 / 12 / 30 - 12:39
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
أنتشرت فى بدايات القرن الماضى تعبيرات كثيرة من أمثال "اليهودى التائة" و "اليهودى الكارة لنفسة " و غيرها من التعبيرات التى عبرت عن حال اليهود فى الحقبة الزمنية للمحرقة ... اليوم لم يعد اليهودى تائها بل أصبح لة وطنا ودولة و رئيسا و لغة و هوية سياسية بالأضافة لهويتة الدينية .... و حينما عرف اليهودى هويتة عرف أين هو و ماذا يريد , و أصبح يعرف أهدافة بوضوح ... حينها لم يعد تائها
لكن حتى الآن - و على الرغم من أن اليهودى الذى كان تائها وجد الطريق - لازال ذلك الشخص الوهمى الذى يسمونة الأنسان العربى تائها لا يعرف ما هى هويتة ؟ و ما هو الفرق بين الهوية الدينية و الهوية السياسية ؟
لازال ذلك التائة لا يدرى ما معنى كلمة عربى ؟ هل هى هوية لغوية مستمدة من اللغة العربية ؟ أم هى هوية دينية مستمدة من الدين الأسلامى ؟ أم هى هوية وطنية مستمدة من شبة الجزيرة العربية ؟ أم هى مزيج من الثلاث ؟ أو ربما لا شئ من الثلاث ؟ .. هل يدرك ذلك التائة ما الفرق بين الثلاث ؟ أم يطالب بدولة ثيئوقراطية تجمع بين الثلاث لكيلا يتعب نفسة فى التفكير فى الفرق بين الثلاث ؟ و خصوصا أن التفكير قد يعرضة للتكفير
المشكلة أساسا هى فى ثقافة اللغو أو ثقافة الكلمات التى بلا معانى .... فالمدعويين عربا يستخدمون كلمات كثيرة و بدون أن يكون لأستخدامها أى علاقة بمعناها
- فمثلا تخيلوا : الحزب الوطنى ديموقراطى!!! هذا أسمة " الحزب الوطنى الديموقراطى" ..!؟
- و أيضا مصر دولة أشتراكية .. هكذا يقول الدستور .. و لك أن تتعجب من برامج الخصخصة التى لا تتفق أبدا مع أبسط مبادئ الأشتراكية
- و يمكنك أيضا أن تسمع عن مجلس قومى لحقوق الأنسان و عن حقوق المرأة أو حقوق الطفل و لكنك لن تفعل شيئا أكثر من السماع لأن هذة الأمور لا وجود لها على أرض الواقع فى مصر
- و يمكنك أن تسمع عن مواقف حازمة مع أسرائيل و مع ذلك هناك تطبيع كامل فى العلاقات السياسية مع أسرائيل و حجم التجارة البينية يزيد كل يوم عن الذى قبلة
- و أيضا تصريحات المسؤولين كل يوم عن النمو الأقتصادى و أنخفاض الأسعار و الفائض فى الموازنة و كأننا لا نشترى أى شئ من الأسواق المصرية و لا نعرف ماذا أصاب الأسعار أو كأننا نعيش فى بلاد الواق واق و لا نشعر بحالة البلد الأقتصادية و البورصة المصرية و مسلسلات الأفلاس
- و يمكنك أن تسمع عن الحرية و العدالة و المساواة .. و كل سنة و أنت طيب .. مش كفاية أنك سمعت عايز أية تانى
نرجع لموضوعنا ,أن كانت العروبة هوية لغوية يا أيها التائة فهل الأسترالى و الأمريكى بل و الكينى (الأفريقى)الذين يتحدثون الأنجليزية أنجليز؟ هل سمعت فى حياتك شخص كينى أو أمريكى أو أسترالى قال عن نفسة أنة بريطانى أو أنجليزى لمجرد أنة يتحدث بالأنجليزية؟
و هل الشخص الذى من بوركينا فاسو أو الكونغو أو غينيا أو بعض الجزائريين و المغاربة الذين لا يتحدثون بغير الفرنسية فرنسيون ؟ كيف تصف شخص أفريقى بأنة فرنسى لمجرد أنة يتحدث الفرنسية ؟ و هل تقبل فرنسا أعتبار هؤلاء مواطنين فرنسيين ؟
و هل الأرجنتينى والبوليفى و التشيلى و الكوبى و المكسيكى أسبانيين لمجرد أنهم يتحدثون الأسبانية ؟ و هل تقبل أسبانيا ذلك ؟
و هل الشخص الذى من البرازيل أو أنجولا أو غينيا بساو برتغاليين لمجرد أنهم يتحدثون البرتغالية ؟ هل تقبل البرتغال ذلك؟
بل أقول لك أن كل تلك البلاد تتحدث بلغة مستعمريها الذين رفضتهم و طردتهم من أراضيها .... فالأمريكى لن يقول أنة أنجليزى لأنة حارب الأنجليز يوما ليحرر بلدة من الحكم الأنجليزى و كذلك بالنسبة للجزائرى و البرازيلى و الكوبى ... كل منهم لن يقبل أن ينسب نفسة ألى عدو بلادة الذى كان يستعمرها يوما
لكن طبعا التائة العربى يجب أن يسير وحدة عكس كل البشرية و يقفل راجعا الى ظلامية الفكر و جمودة فينسب نفسة للمستعمر و ينتحل هويتة و يظن فى نفسة أنة عربى على الرغم من أنة مصرى أو سودانى أو مغربى أو لبنانى و على الرغم من أن اللغة العربية هى لغة المستعمر الذى غزا و أحتل أراضية يوما
طبعا هذا لأن المستعمر كان مسلما .......على الرغم من أن كون أنجلترا مسيحية مثل الولايات المتحدة الأمريكية فأن هذا لم يغير شئ بالنسبة للأمريكى و لم يمنعة من الأحتفال بعيد أستقلال بلادة عن أنجلترا
فليس معنى أن المحتل الذى فرض لغتة على أهل البلاد (عن طريق قطع ألسنتهم كما فعل الحاكم بأمر اللة الفاطمى ) من دين الأغلبية أن ننسب أنفسنا للمحتل و ننسى هويتنا و نتية على أبواب العرب الحقيقيين من أبناء شبة الجزيرة الذين لن يعترفوا بنا بعد أن تركنا هويتنا و نظل تائهين بلا هوية
و أن كانت هوية دينية , أى أن كل مسلم عربى , فقل لى يا أذكى الناس هل عرب الجاهلية بل و رسول الأسلام قبل ظهور الأسلام لم يكونوا عربا؟ و أن لم يكونوا عربا يا أبا الفهم فماذا كانوا؟
و ماذا عن المسلم المنتمى لدولة غير أسلامية ؟هل مثلا الفرنسى أو الأمريكى أو الهندى أو اليابانى المسلم يمكنك أن تصفة بأنة "عربى"؟
و ماذا عن الأقليات الدينية التى تعيش فى الدول التى تتحدث باللغة العربية (مسيحيين و يهود و وثنيين) هل هم عربا لأنهم يتحدثون بالعربية أم ليسوا عربا لأنهم ليسوا مسلمين ؟
و أن لم يكونوا عربا , فماذا نسميهم ؟ ماذا نسمى مسيحيي مصر ؟ لأننا فى رأيك لن نستطيع أن نسميهم عربا لأنهم ليسوا مسلمين ؟ هل سنسميم أمريكان مثلا ؟ إذن ماذا كان أسمهم قبل أكتشاف أمريكا ؟ و كيف ستنسبهم لدولة مسيحية كفرنسا أو بريطانيا مثلا مع عدم وجود علاقة بينهم و بين فرنسا مثلا ؟ فكيف يمكنك أن تقول لشخص لا يتحدث الفرنسية و لم يزر فرنسا أبدا و أبواة ليسا فرنسيان أنة فرنسى؟
أم ستدعوهم مصريين ؟ و بالتالى سيقف أمامك تساؤل بسيط : أذن أنت لست مصريا ؟ فمصر فى نظرك يقيم فيها مصريين (المسيحيين) و عرب (المسلمين).. فكأنك تنفى عن نفسك مصريتك دون أن تدرى
ثم قل لى كيف تقول عن شخص تركى أو أندونيسى أنة عربى على الرغم من أنة لا ينتمى لشبة الجزيرة العربية و أيضا لا يتحدث باللغة العربية ؟ الأتراك مثلا يكتبون لغتهم بحروف لاتينية مثل الأنجليز و الفرنسيين .. فكيف يكونوا عربا لمجرد أعتناقهم للديانة الأسلامية؟
الحقيقة أذن أن كلمة عربى تعبر عن هوية وطنية لأبناء شبة الجزيرة العربية سواء كانوا قبل الأسلام أو بعدة . و سواء كانوا وثنيين أو مسلمين أو مسيحيين أو من أى ديانة أخرى
و كلمة مسلم تعبر عن أى أنسان أعتنق العقائد الأسلامية مهما كان وطنة و مهما كان دين نظام الحكم فى بلدة و مهما كانت لغتة
أما الذى يتكلم باللغة العربية فنصنفة لغويا على أنة: متحدث بالعربية .. لكن تبقى الهوية الوطنية بعد ذلك مستقلة عن هوية أبناء شبة الجزيرة العربية و عن الهوية الدينية
فمثلا المصرى المسلم هو: مصرى مسلم متحدث بالعربية و لكنة ليس عربيا . و المصرى المسيحى هو : مصرى مسيحى متحدث بالعربية و هو أيضا ليس عربيا
و كذلك تقول عراقى مسلم متحدث بالكردية و جزائرى وثنى متحدث بالعربية و سورى مسيحى متحدث بالعربية و فرنسى مسلم متحدث بالفرنسية و هكذا دون خلط للأوراق ببعضها تعبر الكلمة الأولى عن الهوية الوطنية , و تعبر الكلمة الثانية عن الهوية الدينية , و تعبر الكلمة الثالثة عن الهوية اللغوية
عزيزى القارئ يجب أن تفخر بأنك مصرى و لا تنسب نفسك لدولة أخرى و تذكر قول مصطفى كامل : لو لم أكن مصريا , لوددت أن أكون مصريا
و تذكر أن مصر للمصريين و من ليس مصريا فليس لة فيها شيئا
للتعليق على المقال
http://ra-shere.blogspot.com/2006/10/blog-post_26.html
#مايكل_نبيل_سند (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟