أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - الناصرية .. شجرة لكنها عبقة وأصيلة














المزيد.....

الناصرية .. شجرة لكنها عبقة وأصيلة


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 663 - 2003 / 11 / 25 - 06:52
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


هي شجرة حقاً ومنها أبتدات أوراق الدنيا  الدنيا تمد حضارتها ، وهي شجرة حقاً ففيها يتعمد الأنسان بطهارة الماء الجاري حيث تغفو على نهر الفرات وتحيط الأهوار بخاصرتها  ، وهي شجرة حقاً فمنها قامت أول الملاحم وأول الثورات على الظلم والطغاة ، وفيها أيضاً اكتشف الأنسان النار وكتب أول حروف الكتابة على الطين وورق البردي  ، ومنها أبتدأت أهازيج الفلاحين في هور الغموكة والحمار والجبايش والفهود ، وهي شجرة حقاً حين تضلل العراق البهي بفيها وبأوراقها الناصعة اللون العراقي الزاهي ، وهي شجرة حقاً بأصالتها وعطائها وقوتها ومتانة جذورها وأمتداد سباح نخيلها مسافات بعيدة بحثاً عن الماء والطيب والحلاوة  ،   هي شجرة حقاً تتجمع الأسماك والطيور والقصب والبردي  في جرفها وعلى أطراف مياهها ، وهي شجرة حقاً محملة بالعبق والعطر والبهجة العراقية الأصيلة .
هي شجرة حقاً ففيها كانت حدود النهر والبحر ومنها تبحر السفائن ومنها تبتدأ اليابسة لأرض يقال لها أوروك  ، وهي المدينة التي ساهمت منذ بداية تكوينها في مفاصل الحركة الوطنية العراقية وبروز الوعي الفكري والسياسي  ، وشجرة  متواضعة حقاً ساهمت بفقرائها رفد  الجيش العراقي بالرتب الفقيرة ، وساهمت بأولادها في بناء العراق النقي العريق .
هي شجرة حقاً أعطت العراق الغناء الريفي الجميل ومنحت لنا داخل حسن وحضيري ابو عزيز وناصر حكيم وملأت لنا أجواء العراق بالغناء والفرح والمحبة ، وفي أهوارها ومزارعها تجيش أرواح القلاحين والرعاة بالغناء الأصيل وتحلق بين القصب وخرير الماء  ، وفي أهوارها تحج الطيور وتأبى الأسماك أن تغادرها وتسكن فيها الفقراء فوق جبايش القصب العائمة  فوق الماء فتتشكل مدن عائمة لاشبيه لها في الدنيا يضللها القمر ويلاطفها سكون الماء وتناغمها النجوم   ، وهي شجرة حقاً حين تواصلت تعطي من فنانيها وتوزعهم نوارس  فوق سماء  كل مدن الدنيا ولاتبخل على الدنيا  حين تطرز جيدها  بفلذات اكبادها    من مطربين وموسيقيين ورسامين وشعراء  وممثلين ومفكرين وقادة  ، وهي التي أعطت العراق كل هذه القيادات من  السياسيين والمفكرين الوطنيين  ومن رجال الدين ، وهي شجرة حقاً طرزت التاريخ العراقي بقوافل الشهداء وضحايا الأرهاب ، وهي شجرة حقاً شكلت معلماً من معالم المدن في الدنيا فبدت زقورتها وأطلالها شاهداً على أبدية العصر ، وشكلت خيوطاً من الذهب الخالص على صدر الزمان ، وكانت هذه الشجرة المضيف والأمان والبيت الواسع والصدر الرحب والقيم العراقية الجميلة  والملاذ الذي يلجأ اليه الملهوف ، والمدينة التي لايهدأ فيها الليل فيسكر معها على ضفاف البدعة أو عند شواطيء الفرات الذي يطرزها الى نصفين ، أو في بدايات أهوارها التي تعانق المدن الآخرى .
هي شجرة حقاً كانت دائماً الشوكة التي تثير الحنق في قلوب الذين يريدون الشر بالعراق ، والذين  يكرهون ويشتمون فقراء العراق فيطلقون عليها ( الشجرة الخبيثة ) دليلاً على ألصاق صفاتهم  وصفات اهلهم عليها مع انها شجرة عبقة وزاهية وباقية متميزة ومتباهية بعطاء أولادها وأهازيج أشعارها وألتواء أبلامها وصفاء سمائها  وسحنة قارها .
وهي الشوكة التي اقضت مضجع الطاغية وأنتفضت عليه كلها فأراد لها السوء كلها فرد الله عليه سوءه وأذله حين أرتفعت الناصرية شموخاً وهيبة .
هي شجرة لكنها ممتلئة بالمحبة والأصالة والقدرة على التجدد بعد كل مأساة أو كارثة أونازلة تحل بها وبأهلها الطيبين .
هي شجرة ممتدة الجذور تضرب في اعماق التاريخ الأنساني ، فتبدأ مع بداية شرارة النار الأولى وتدثرت في أحرف الكتابة المسمارية  فوق أوراق البردي وعلى تجاعيد الطين المفخور  ، وضمت بين جنبات ترابها ورمالها سيوف الفتح ومعارك ذي قار وبقايا السفائن التي غرقت وصارت حطباً  وقلائد الملوك وأختامهم الأسطوانية وحليهم المدفونة معهم  .
هي شجرة حقاً وطيبة الأصل والفروع  و خبيث من يطلق عليها الفاظ لاتليق بها  وتحل عليه لعنة العراق .
 صافية كمياهها  وعاشقة كشارع الهوى وحافظة لشعرها وعهودها وسلسة  كقصائد  شعرائها الشعبيين ، ملونة كما لوحات الرسم الطبيعية الممتلئة باللوان الحارة المبهجة  ، زاهية ومتباهية  كما يخلص ابنها لخدمة العراق ،  وبسيطة وطيبة كبساطة أسواقها وجميلة رغم أهمالها عمداً  من السلطات التي حكمتها و  التي رحلت كلها الى ذاكرة التاريخ وبقيت الناصرية أسماً خالداً  وشامخة شموخ القصب النابت في اعماق الهور والمتطلع نحو السماء يريد أن يعتلي نجومها  .
أنها الناصرية التي قامت فوق أرض آورالموغلة في القدم و التي مجدها سيدنا أبراهيم وتعمد فيها فتقدس مائها وتقدس  اهلها وطابت طيورها الحرة  حين تلم الناصرية هجرتها فتصير مركزاً لتجمعها من كل أطراف الدنيا ،   وتعطرت نسائمها وأشتد قصبها وأزداد فقرائها كرماً وتميزاً .
انها الناصرية الشجرة العراقية النقية الأبية العبقة التي نعتز بها والتي تعطي ولاتأخذ على مر الزمان  .

 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة قانون لأيجار العقار يحل مشكلة الأيجار في العراق
- صرخة عراقية
- سيادة العراق
- هل يمكن أن يعود صدام ؟
- تحية وتقدير للكاتب العراقي الأصيل طارق الحارس
- هل يساوي عزت ابراهيم عشرة ملايين دولار ؟
- هل أسمعت لوناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي السيد الجليل عبد ...
- الأبتذال وكلمات الهتر في مقالة السيد حتر
- هل من ردة فعل مساوية في القوة ؟
- تجربة الكرد في كردستان العراق جديرة بالتقدير
- أصلاح النظام القانوني في العراق
- النقابة العامة للملوك والرؤساء العرب
- هل يستطيع صدام أن يقتل العدالة وينتصر على الحق في العراق
- تحية من الأعماق للمناضل العراقي الدكتور كاظم الحبيب
- التحليل السياسي في شتم العراق
- الخراب المادي يمكن ترميمه .. من يرمم خراب الأنسان العراقي ؟
- متى ستتم محاكمة أذناب سلطة صدام ؟
- الملف الأمني
- الدخول بغير المفتاح العراقي
- أرهاب العراقيين أم أخراج الأمريكان ؟


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - الناصرية .. شجرة لكنها عبقة وأصيلة