أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق الحارس - عيدكم مبارك يا أهل العراق














المزيد.....

عيدكم مبارك يا أهل العراق


طارق الحارس

الحوار المتمدن-العدد: 663 - 2003 / 11 / 25 - 06:52
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


سألني مذيع اذاعة العراق الحر في لقاء أجرته معي هذه الاذاعة ، كنت حينها أعيش بالأردن ، سألني عن ذكرياتي عن العيد وكيف أقضي وقتي هنا في أيام العيد وكيف كنت أقضيه هناك بالعراق الذي كانت العودة اليه في ظل الحكم الفاشي مستحيلة جدا .

لم أتحدث طويلا عن العيد في الغربة فلا ذكريات لي عن العيد بالرغم من مرور أكثر من عشرة أعياد علي فيها . تحدثت عن العيد هناك في بلدي تذكرت أيام الطفولة البريئة ، تلك الأيام التي لم يكن صدام قد وصل فيها الى سدة الحكم ، وهي الأيام التي لم أكن فيها أميز بين الدكتاتورية والرأسمالية والاشتراكية وغيرها من المصطلحات السياسية . كنت فيها أنتظر جالسا أمام شاشة التلفاز متى تغني أم كلثوم أغنية ( ليلة العيد ) ، هذه الأغنية التي منها فقط أفهم أن العيد قد وصل الى بيتنا . أهرع بعد سماعي هذه الأغنية الى خزانة الملابس لأخرج بدلتي الجديدة التي اشتراها لي أبي وأضعها جنب سريري منتظرا صباح اليوم التالي ، يوم العيد الذي كنا بعد أن نستلم (عيديتنا ) نذهب الى مكان العيد ، فللعيد أمكنة خاصة كنا نقضي فيها وقتا طويلا نعود بعد ذلك الى بيوتنا حيث ننتظر الزوار الذين كانوا يأتون الى بيتنا ليباركوا أهلنا بمناسبة حلول العيد ، أما نحن فقد كنا ننتظر هؤلاء الزوار لكي يمنحونا عيديتنا .

كبرنا ، لكن للأسف كبر صدام معنا ليجعل طعما جديدا لأيام العيد ، طعما مرا ، فلم نعد ننتظر أم كلثوم ولم نعد نذهب الى مكان العيد . لقد تغير الحال ، لم يكن السبب أننا كبرنا على هذا المكان فقد كان هناك أطفال ، لكن مكان العيد هو الذي لم يعد هناك . لقد تغير الحال ، فقد أصبح اليوم الأول من العيد مخصصا لزيارة القبور ، قبور الآباء والأبناء الذين أما أن يكونوا قد ذهبوا ضحية لحروب الطاغية أو ضحية اعدامات الطاغية وهكذا كنت ترى المقابر وقد امتلأت بالناس فعدد الموتى كبير جدا وكيف لا يكون كذلك الحال والجلاد كان يستمتع بالقتل والحروب .

في اليوم الثاني من أيام العيد كنا لا نستطيع أن نقول لبعضنا ( عيدكم مبارك ) أو ( كل عام وأنتم بخير ) ، كيف نقولها ودموع أمسنا مازالت واضحة في عيوننا ، بل أن بعضها لازال على الخدود .

شخصيا كنت أخجل من أقولها لوالدتي التي كانت يوم أمس تبكي بين القبور باحثة عن قبر لابنها الذي أعدمته السلطة الفاشية ولم تسلم جثمانه لها .

حقا ، كان الخجل يمنعنا من قول ذلك ، وهكذا يمر اليوم الثالث لتنتهي أيام العيد، تلك الأيام التي يفرح بها المسلمون في أنحاء الأرض كلها ، الا نحن أهل العراق .

اليوم ، وصل العيد الى بيتنا بطعمه القديم ، فلقد غنت بالأمس أم كلثوم أغنية ليلة العيد ولقد سمعناها بطعمها القديم ، فقد تخلص أهل العراق من الكابوس ، تخلص أهل العراق من الجراثيم التي جثمت على صدورهم وقلبت أيامهم الى جحيم حتى أيام العيد منها .

إذن هذا هو أول عيد يمر علينا بعد الخلاص لذا سأقول لأمي في قبرها ، ستسمعني حتما ، ولأخي في المكان الذي دفن فيه ، ان كان هناك مكان لجثمانه سأقول لهما :

عيدك مبارك يا أمي ، لقد تحررنا من الطغاة ، اطمئني فأن أولادك الآخرين بخير ينامون في فراشهم فلا سلالم تتسلق السطوح منتصف الليل ، لقد ذهبوا اليوم الى الجامع دون خوف ، فلا رقيب يترصد حركاتهم وأنفاسهم ، أما عن زيارة القبور في اليوم الأول من العيد فلقد ذهب الجميع الى هناك ، لكن ليس للبكاء ، فقد ذهبوا ليباركوا لكم فهذا أول عيد يمر عليكم وعلينا بعد الخلاص من الطغاة الأنذال ، فهنيئا لمن زار قبرك في هذا اليوم المبارك ، أنا زرتك أيضا يا أمي ، لكنني الوحيد الذي بكيت فحسرتي كبيرة لأنني لم أودعك في يوم وفاتك ولم تسنح لي الفرصة في دفنك ، لقد زرتك من غربتي البعيدة وقرأت سورة الفاتحة على روحك الطاهرة .

أما أنت يا أخي فنم قرير العين أينما كنت فكل أرض العراق طاهرة ، لا تقلق على أولادك فقد ذهبوا ليلعبوا مع الأطفال في مكان العيد ، أتتذكره ؟

تتذكر عندما كنا نسمع أغنية أم كلثوم ( ليلة العيد ) في ليلة العيد ، أتتذكر كيف كنا نحضر ملابس العيد التي اشتراها لنا والدنا وننتظر قدوم الصباح لنذهب الى مكان العيد . لقد عاد يا أخي هذا المكان والأطفال اليوم هناك يلعبون .

جميع الأقارب والأصدقاء حضروا اليوم ليباركوا لهم العيد وأعطوهم العيدية ، العيدية التي زادت عن عيدية أقرانهم فهم أبناء الشهيد .

أما أنتم يا أهل العراق فعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير فهذا هو أول عيد يمر عليكم بعد أن أنقذكم الباري عز وجل من المجرم صدام .

اللهم عده على هذا البلد وعلى شعبه بالخير والبركة فالذي ذاقوه لم يذقه شعب في الكرة الأرضية كلها .

كاتب عراقي مقيم في استراليا



#طارق_الحارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطعم حبايبنا - قاعدة أمريكية
- الى القوميين والعروبيين والاسلاميين الجدد فقط


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طارق الحارس - عيدكم مبارك يا أهل العراق