إستحدثت، مؤخراً، ولأول مرة في العراق، وزارة للبيئة، إستجابة للحاجة الماسة، وكضرورة اَنية ملحة، أملاها الواقع البيئي الراهن. ومع ان الفترة قصيرة جداً منذ ان باشرت مهامها حيال البيئة العراقية ومشاكلها الوخيمة، إلا أنها دللت على إدراك الوزارة ووزيرها لخطورة التلوث البيئي الراهن في العراق.
تؤكد ذلك تصريحات وزير البيئة السيد عبد الرحمن صديق كريم، الذي كشف بنفسه عن تضاعف نسبة الملوثات في العراق الى 11 ضعفاً عما كانت عليه عام 1987.وعزا الاسباب الى كثرة الحروب التي تسبب بها النظام المخلوع واستخدامه الاسلحة الكيماوية في ضرب المناطق المختلفة، وتجفيف ما يصل الى نحو 20 الف كيلو متر مربع من الاهوار، وعدم الاهتمام بالحزام الاخضر حول المدن مما ادى الى ظاهرة التصحر. واكد الوزير، في 29 تشرين الأول / أكتوبر الماضي، بان فرقا متخصصة من وزارته ستجري عمليات مسح اشعاعي على مناطق مختلفة في شمال وجنوب العراق، وبالتحديد المناطق التي تعرضت للضربات الكيماوية في كردستان العراق، والقصف باليورانيوم المنضب في جنوب ووسط العراق، مشيرا الى ان فرقا من الامم المتحدة ستشارك في هذه العمليات.
وفي تصريح صحفي، في 11 تشرين الثاني / نوفمبر 2003،اشار الوزير الى ان وزارته بصدد رصد النقاط الساخنة في مجال الطمر الصحي وتلوث المياه ومعالجة المياه الثقيلة والتنسيق مع بعض المنظمات لمعالجة هذه المشاكل.واكد الوزير على ضرورة مراقبة النقاط الملوثة باليورانيوم الناضب في شمال العراق وجنوبه، والمناطق التي شهدت معارك كمطار بغداد الدولي وغيرها. وكان صريحاً، حيث أعلن بان اجهزة البيئة قديمة وتفتقر الى تقنية قياس الملوثات الاشعاعية سواء في التربة او المياه، موضحاً بانه طلب اجهزة مسح اشعاعي عن طريق الطائرات الاشعاعية وهي الطريقة الاسرع بالاضافة الى الاجهزة الدقيقة وتخصيص فرق متابعة ومراقبة كل منطقة في العراق. وأضاف بان بعض الدول سوف تقوم بارسال وفود خاصة الى العراق للتأكد من نسبة التلوث الاشعاعي وتأثيرها على البيئة.
على صعيد اخر وفي اطار الانشطة المختلفة والمتعددة لوزارة البيئة قام فريق عمل تابع «لدائرة حماية وتحسين البيئة» (مركز الوقاية الاشعاعية) بالتعاون مع قوات التحالف، باتمام مسح المناطق المجاورة لمنطقة التويثة وجمع ما بين 10 ـ 15 من المصادر الاشعاعية وكذلك اعادة نحو80 حاوية بعد ما تعرضت منظمة الطاقة الذرية للسلب والنهب اضافة الى فحص 700 نموذج للمياه والخزانات التابعة لمركز مدينة بغداد.ونأمل ان يشمل المسح قريباً المناطق الملوثة بمخلفات اليورانيوم المنضب المنتشرة في أرجاء العراق..
إن الفهم السليم للمشاكل البيئية القائمة، والمباشرة بالتحرك لدراستها ومعالجتها، قد شجعتني وزملائي من الباحثين العراقيين في شؤون الصحة والتلوث البيئي، علىالتفاؤل بتحقيق طموحاتنا المشروعة في مجالات البيئة العراقية، وكلنا أمل ان تحضى الوزارة بالدعم والمؤازرة المطلوبين..
بيد أن ما عكر تفاؤلنا هو الإدراك المغاير من قبل بعض أعضاء مجلس الحكم الإنتقالي، وأولهم رئيسه الحالي جلال الطالباني، مجسداً في رده على الصحفية العراقية، التي طرحت موضوع تلوث البيئة العراقية بإشعاعات اليورانيوم والأمراض التي سببها، وخاصة السرطانية، أثناء المؤتمر الصحفي، الذي عقد عصر يوم 15/11/2003، وكان رداً متسرعاً ومتشنجاً :" هذه إشاعات، ما مثبوتة علمياً "!!.. فإن مثل هذا التعامل مع المشاكل الساخنة في العراق لا يبشر بخير، ويسد الطريق بوجه التطلع المشروع بأن يقوم مجلس الحكم وحكومته الحالية بما يمليه عليهما واجبهما الوطني ومسؤوليتهما الإنسانية، الى جانب مسؤوليتهما الرسمية، تجاه شعبهما، وتحديداً تجاه مرضى الإشعاع والسموم، وأغلبهم من براعم حاضر ومستقبل الشعب- الأطفال، وتجاه المناطق المهددة بها، وما أكثرها، قبل فوات الأوان.. إن رد رئيسه المؤقت أمام صحفي العالم بكلام غير مسؤول أثار أكثر من سؤال، وزاد من المخاوف أن لا تشهد المرحلة الإنتقالية أي مسعى من جانب مجلس الحكم يهدف الى دراسة وتقييم ومعالجة مخاطر التلوث البيئي بإشعاعات اليورانيوم وسمومه..
لم نتوقع من السيد جلال الطالباني، وهو السياسي والحقوقي المخضرم،أن ينبري، واثقاً، بالرد على قضايا ليست من إختصاصه، وكأنه ملم وعارف بكل شيء، بينما أثبت بترديده لمزاعم البنتاغون بأنه لا يعرف شيئاً عن اليورانيوم المنضب ولا عن الأبحاث والدراسات العلمية المستقلة بشأنه، ومنها لوكالات دولية متخصصة تابعة للأمم المتحدة..
إنها ليست إشاعات يا سيد طالباني ! وما كان يفترض بك، وليس من حقك كمسؤول عراقي، أن تردد أكاذيب البنتاغون المفضوحة للتغطية على جريمة إستخدامه لسلاح اليورانيوم المنضب، وأنت لا تعرف شيئاً، كما أوحيت بردك، عن مخاطر إشعاعاته وسمومه المنتشرة في أرجاء العراق..فالبنتاغون يزعم بأنه " لا توجد" أدلة علمية على مخاطر ذخائر اليورانيوم المنضب، لأسباب أصبحت معروفة للقاصي والداني، وأولها: التهرب من تحمل المسؤولية، ومن دفع التعويضات للضحايا، ولنفقات علاج المرضى، ولتنظيف المناطق التي ضربت بسلاح اليورانيوم المنضب، والتي تقدر بمئات مليارات الدولارات!.
فقد ثبت يا سيد جلال أن ذخيرة اليورانيوم المنضب سلاح حربي فعال، لكنه فتاك بالإنسان والحيوان والنبات، لكونه يصنع من نفايات نووية.وهو لا يرحم العدو ومستخدمه في اَن واحد.. هل سمعت بالعالم الأمريكي دوج روكه، الذي كان ضابطاً في الجيش، وأرسل بعد إنتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 الى السعودية والكويت، بوصفه خبير فيزياوي، للأشراف على تنظيف ونقل الدبابات الأمريكية، التي أصيبت بالخطأ بنيران اليورانيوم "الصديقة" الى الولايات المتحدة، فأصيب بأمراض عديدة، وتبين أن جسمه تشبع بجرعة إشعاعية فاقت الحد المسموح به بـ 5 اَلاف مرة، وأخفوا عنه أسباب مرضه طيلة سنتين ؟..وهل إطلعت على ما قاله الطبيب الأمريكي دوغلاس روك،الذي عمل مع قوات التحالف الدولي إبان الحرب المذكورة،التي شهدت استخدام ذخيرة اليورانيوم المنضب لأول مرة في الميادين " الحية":" أن استعمال هذا النوع من السلاح جريمة في حق الإنسانية". وأكد بأن" 20 % من الفريق الذي كلف بإزالة الدبابات الأمريكية التي دمرت بذخيرة اليورانيم المنضب قد توفوا، بينما يعاني البعض الآخر منهم من مشكلات صحية خطيرة، وبضمنها السرطان". وقد أتلف البنتاغون أهم ما في الملفات الطبية، للتغطية على الأسباب الحقيقية لمرض وموت العسكريين ؟..
إذا لم تكن أضرار سلاح اليورانيوم المنضب " غير مثبوتة علمياً"، فلماذا طالبت وتطالب العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية، مثل مركز الفعل الدولي International Action Center ومنظمة الأطباء العالمية لمنع حرب نووية IPPNW والحملة الدولية ضد اليورانيوم المنضب CADU والمنظمة الطبية الدولية MedAct وغيرها، بالإضافة الى البرلمان الأوربي، يتحريم إستخدامه ؟..ولماذا ترفض الدول المتحضرة مرور النفايات النووية المشعة في أراضيها، وتحرم دفنها فيها، حرصاً على سلامة مواطنيها، وتجنباً لمخاطرها على بيئتها؟..
إذا لم تصدق، فإن كاتب هذه السطور، وهو يبحث ويتابع عن كثب، منذ 12 عاماً،أضرار اليورانيوم المنضب الصحية والبيئية، يحتفظ بعشرات المئات من المصادر العلمية بشأنه.وقد نشر عشرات الدراسات والمقالات والتقارير العلمية حول أضرار اليورانيوم، حتى ان الكاتب الصحفي والمحلل السياسي البحريني رضي السماك إعتبره " أكثر من فجر قضية ذخيرة اليورانيوم المنضّب الذي استخدمته أمريكا في حرب الخليج". وهو يدعوك يا سيد جلال ان تبحث في شبكة البحث العالمية Googleعلى الإنترنيت عن اليورانيوم المنضب- بالعربي، وdepleted Uranium بالإنكليزية،وأنت تجيد الإنكليزية، وتطلع على بحوث ودراسات العلماء المستقلين بشأن المخاطر الصحية والبيئية لليورانيوم المنضب، مثل: سيغفرت-هورست غونتر (ألمانيا)،هاري شارما ( كندا)، دوج روكه ( الولايات المتحدة)، كريس بسبي ( بريطانيا)،أساف دوراكوفيتش (الولايات المتحدة)، داي وليامز (بريطانيا)، روساليا برتل ( الولايات المتحدة)، دوغلاص هولدستوك (بريطانيا)، وغيرهم، التي أثبتت إبحاثهم عكس ما يزعمه البنتاغون تماماً.وهو يحتفظ أيضاً بالدراسات التي مولها البنتاغون،وصرف عليها ملايين الدولارات، كي " يثبت علمياً" مزاعمه..
وكي يسهل عليك المهمة أكثر يدعوك الكاتب الى قراءة دراساته:"الكشف عن تأثيرات اليورانيوم المنضب مهمة إنسانية اَنية ملحة"( مجلة "الثقافة الجديدة" العراقية، العدد 296،أيلول-تشرين الأول 2000)، و:" جريمة إستخدام السلاح المحظور دولياً ضد الشعب العراقي وأبعادها بين الصمت واللاإكتراث والنتائج"( مجلة " المستقبل العربي"، العدد 259 (9/ 2000)، و:"هل ينظف العراق من مخلفات اليورانيوم ؟"( مجلة " البيئة والتنمية" اللبنانية، العدد 63، حزيران/ يونيو 2003)، ودراسته مع عماد فرحات:" تنظيف اليورانيوم المهمة المؤجلة:غبار اليورانيوم المستنفذ يسمم الهواء والتراب والماء في العراق والخليج" ("البيئة والتنمية"، العدد 65، تشرين الثاني/ نوفمبر 2003)، ومقاله:" مهمة إنقاذ أطفالنا لا تكتمل من دون تنظيف العراق من مخلفات اليورانيوم المنضب" في "إيلاف"و" الحوار المتمدن" والمواقع العراقية على الإنترنيت، والآخر: "المجتمع الدولي مدعو لأبداء المساعدة في إزالة مخلفات الحرب:تطهير العراق من مخلفات اليورانيوم المنضب عملية علمية معقدة"( جريدة " الزمان"، في 15/10/2003).. فستجد فيها الكثير المفيد، وعندئذ ستتأكد بأنك تسرعت في ردك على قضية لا تملك معلومات كافية عنها..
ولو رجعت الى ما نشره الأطباء العراقيون وصرحوا به من معلومات، ومنهم:د. منى الخماس (يغداد)، د. جواد خادم العلي، و د.جنان غالب حسن( البصرة)، د.منى الهاشمي، د. ميسون كامل حسن، د. سحر حلبية (المركز الوطني لتسجيل التشوهات الولادية في المستشفى الجامعي ببغداد)، د. رسالة رزوقي حسين، د.صدى جميل عبد الغني، د. مثنى عبد الرزاق العمر، د. قاسم فالح، د.حميد العسكري ( مركز الاورام في مستشفى مدينة الطب التعليمي)، د. فائق السامرائي، د.جواد العلمي، د.أحمد حردان ( مركز الإشعاع والطب الذري)، د. عالم عبد الحميد يعقوب، د. عبد الكريم حسين (البصرة)، د.يسرى هاشم (أبو الخصيب)، د.عبد المنعم الدليمي (الرمادي)، د. محمد عبود سلمان ( عيون)، د.نبيل المختار ( أنف،أذن، حنجرة)، وغيرهم، (والكاتب يحتفظ بما نشروه) لتعرفت على الدور الكبير لليورانيوم المنضب في إنتشار أمراض السرطان، وحالات التشوهات الخلقية،والولادات الميتة، والإجهاض المتكرر، والعقم، والإعتلالات العصبية والعضلية، وغيرها، وسط العراقيين بعد عام 1991..
لقد تأكد بما لا يقبل الشك ان اليورانيوم المنضب مادة سامة ومشعة، تضر بالكلى والكبد والرئتين والدماغ والعظام وجهاز المناعة. فقد أكد العالم البايولوجي من ويلز روجر كوجيل، مثلاً، امام مؤتمر علمي عقد في لندن عام 1999 وكرس لبحث العلاقة بين اليورانيوم المنضب والسرطان في العراق: « إن جزيئاً واحداً من اليورانيوم المنضب في عقدة ليمفاوية يمكنه ان يدمر نظام المناعة كله في الجسم». واليورانيوم المنضب يسبب سرطانات: الدم، والرئة، والجهاز الهضمي، وأورام الغدد اللمفاوية، والإعتلالات العصبية والعضلية، وغير ذلك..
ولو كانت " إشاعات، لم تثبت علمياً"- كما تزعم يا رئيس مجلس الحكم المؤقت:
• فلماذا وضعت التوجيهات العسكرية الأمريكية بعد حرب الخليج الثانية، التي تطلب من كل جندي يقترب 45 متراً من مدرعة قصفت بقذائف اليورانيوم المنضب، ان يستعمل كمامة غاز ولباساً واقياً ؟..
• ولماذا طلب من الجنود الذين شاركوا في الحرب الأخيرة على العراق الإبتعاد عن أي هدف يقصفونه بهذه القذائف تفادياً لخطر الإصابة بالسرطان ؟– إنظر الصورة !
• ولماذا أصدرت وزارة الدفاع البريطانية الى الضباط الميدانيين تعليمات تشرح كيفية التعامل الآمن مع ذخائر اليورانيوم المنضب،أهمها عدم الإقتراب من الغبار، وإرتداء أقنعة وملابس واقية وقفازات عند الضرورة، والحرص على عدم تلوث الأطعمة ؟..
• ولماذا أرسلت منظمة الصحة العالمية الى العراق، في اَب/ أغسطس 2001، فريقاً من خبرائها في أمراض السرطان والتشوهات الخلقية، لدراسة الآثار السلبية لليورانيوم المنضب وتأثيراته على البيئة العراقية، بما فيها الإنسان والحيوان والنبات، وإن لم تتم المهمة بسبب تداعيات أحداث سبتمبر 2001..
• ولماذا طلب برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP من الإدارة الأمريكية، في مطلع نيسان/أبريل الماضي، دخول العراق فوراً لإجراء تقييم شامل للمخاطر البيئية التي يمكن ان تكون نتجت عن إستخدام أسلحة اليورانيوم المنضب مجدداً. وحذر د. كلاوس توبفر-المدير التنفيذي للبرنامج من إن الصحة العامة للعراقيين قد تكون في خطر ناجم عن قذائف محتوية على اليورانيوم المنضب.وقد أعد برنامجه تقريراً من 98 صفحة، قدمه لوزراء البيئة في مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، في إجتماعهم الأخير في باريس، جاء فيه:"إن كمية غير معروفة من ذخائر اليورانيوم المنضب إستخدمت في الحرب الأخيرة على العراق، ما يشكل تهديداً لمصادر المياه، فضلاً عن إنتشار الغبار المشع الخطر على البيئة والإنسان وسائر الكائنات الحية".وأبدت الحكومة البريطانية إستعدادها للمساهمة بتنظيف العراق من مخلفات السلاح المذكور، بيد ان الحكومة الأمريكية رفضت ذلك.ولليوم لم تسمح لخبراء برنامج البيئة من دخول العراق..والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا..إن لم يكن الخوف من إكتشاف المزيد من الحقائق، التي تدين جريمة إستخدام هذا السلاح ؟!
ونزيدك علماً يا سيد طالباني بأن الدراسات التي قام بها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في البوسنة وكوسوفو، أثبتت بقاء تلوث التربة والهواء والمياه باليورانيوم المنضب حتى بعد مرور 7 سنوات على إستخدامه هناك، وألقت الضوء على مخاطر تسربه الى مصادر مياه الشرب،وإمكانية ان تؤدي سميته ودرجة إشعاعه الضعيفة الى الأضرار بالكلى والكبد والرئتين، وقد تسبب أنواعاً من السرطان. علماً بأن هيئة الطاقة الذرية البريطانية UKAEA كانت قد حذرت من ذلك قبل 12 عاماً، وأكدته أبحاث الأكاديمية العلمية البريطانية Royal Society في أعوام 2001 و 2002 و 2003.
ونضيف بأن العالم الأمريكي أساف دوراكوفيتش كان قد حذر قبل بضعة سنوات من أنه "لا توجد شرطة حدود لليورانيوم المنضب، إنه ينتقل بحرية من بلد الى اَخر بفعل قدرة الرياح على حمل جزيئاته المشعة.أي مكان في الخليج أثرت فيه الرياح أو العواصف أو ترسبات الأتربة يحتمل أن يكون ملوثاً، وأن يكون سكانه إستقطبوا في أجسادهم تراكيز مرتفعة من اليورانيوم مقارنة بسكان المناطق الأخرى، التي لم تتعرض لفعل الرياح والأتربة وتراكيز اليورانيوم".وأضاف:"حتى يصبح اليورانيوم بلا إشعاع، عليك أن تنتظر 4.5 مليار سنة".الى هذا تؤكد المعلومات الطبية تزايد أمراض السرطان، وتلف الكبد والكليتين، والإعتلالات العصبية والعضلية، والتشوهات الولادية، والإجهاض، في الكويت والسعودية، وغيرها، كما في العراق، منذ حرب الخليج الثانية عام 1991..وحتى الركام المتروك يشكل خطراً. وقد أثبت ذلك العالم البريطاني كريس بسبي في جنوب العراق بعد مرور 10 أعوام على إنتهاء الحرب. وأكدت صحيفة "كريستيــان ساينـس مونيتـور" الأميركية،في 15/5/ 2003، أن فحصاً ميدانياً لقياس إشعاعات الركام الذي خلفته أسلحة اليورانيوم المنضب المستخدمة في الحرب الأخيرة في مناطـق داخـل بغـداد، أثبت وجود مستويات تتجاوز القياس العادي- المسموح به- بما بين 1000 و1900 مرّة..
من هنا مرد مؤازرتنا ودعمنا علناً، منذ أكثر من 8 سنوات، لدعوة العلماء الشرفاء الى تنظيف المناطق الملوثة، ومنها العراق، من مخلفات اليورانيوم المنضب. ومن منطلق الحرص على براعم حاضر ومستقبل شعبنا، والعلماء يؤكدون أن أضرار اليورانيوم المنضب لن تقتصر على الجيل الحالي، بل ستنتقل الى الأجيال اللاحقة،إعتبرنا إزالة مخلفاته والكشف عن اَثاره مهمة وطنية وإنسانية اَنية ملحة.ونبهنا الى كونها عملية علمية صعبة ومعقدة، لن تتحقق من دون مساعدة المجتمع الدولي، ومراكز البحث الوطنية والإقليمية والدولية، والوكالات الدولية المتخصصة، كبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها.
والتأريخ لن يرحم، وشعبنا لن يغفر، لكل من يقف،أياً كان، ومهما كان، بوجه هذه المساعي النبيلة !
-----
* طبيب ، وباحث بشأن اليورانيوم المنضب وتأثيراته الصحية والبيئية، عراقي مقيم في السويد