|
ليلة حلم في فضائية ( LBC )
عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)
الحوار المتمدن-العدد: 2142 - 2007 / 12 / 27 - 06:09
المحور:
الصحافة والاعلام
في العادة قبل أن أرقد إلى فراشي ، أحاول جاهدا مشاهدة آخر الأخبار المحلية والعالمية .. دائما ينقلون لك في بداية النشرة الأخبار السيئة ، القتل والتفجيرات والاغتيالات والحروب ، فيزداد أرقك بهموما جديدة تجعلك خائفا قلقا متعبا ، لا تجد في النوم أي راحة لجسدك المنهك ... في ليلة من هذا الأسبوع لم أستطع مشاهدة الأخبار ؛ لأن زوجتي كانت تشاهد برنامجا في محطة ( LBC ) اللبنانية ، لم يكن لي أي خيار إلا مشاهدة ما كانت تشاهده زوجتي المشدودة بكل جوارحها نحو البرنامج .. في بداية الأمر لم أعر للموضوع أي اهتمام ، فأنا غالبا لم أشاهد مثل هذه البرامج أو حتى هذه الفضائيات ؛ لكن انشغال زوجتي المستمر للبرنامج دفعني فضولي لمتابعته ، وبالطبع لم أشاهد البرنامج من بدايته .. بعد وقت قصير فهمت أن البرنامج يقدم التسهيلات الكاملة لتحقيق حلم أو رغبة لمواطن عربي لم يستطع تحقيقه لهذا الحلم لوحده ..! بين كل مقطع يعلن مقدم البرنامج للمشاهدين بأنهم هم أيضا باستطاعتهم تحقيق أحلامهم إذا أرسلوا بها للبرنامج ، وبالفعل الحلم الأول الذي قدمه البرنامج كان لمواطن مصري عاش طيلة عمره يحلم بتحقيق حلمه بالغناء .. وها هو في ربيعه الثالث بعد الستين يحقق حلمه من خلال البرنامج ، كان ابنه الشاب قد شاهد البرنامج ، فأرسل لهم حلم أبيه المهندس المحال على المعاش ، بعد أن اقتنع معدي البرنامج بالقصة ، قاموا بعمل كل الإجراءات اللازمة لاستقبال المهندس المتقاعد عبد الرحيم الشيخ كي يحقق حلمه الذي بات يحلم به سنيين طويلة .. قدموه في حفل ضخم ، من على المنصة غنى عبد الرحيم مقاطع للمغني الراحل عبد الحليم حافظ .. حقيقة أنني تفاجأت كثيرا من كهل في العقد السابع يغني أغاني عاطفية رومانسية ، كان قويا مرحا يرقص مع أغنيته أثار إعجاب الجميع .. المفاجأة الكبرى التي قدمها الشاب الوسيم ( طوني ) مقدم البرنامج المشهور بخفته ورشاقته وصوته الحميم ، كانت حينما أعلن أن البرنامج كان قد أعد وصور أغنية ( فيديو كليب ) لهذا الرجل ستعرض الآن على شاشة كبيرة .. لم أستطع حفظ كلمات الأغنية الجديدة ، لكن عبد الرحيم ذو اللحية البيضاء كان يغني ويرقص مع فتيات صغيرات جميلات لم يحلم عبد الرحيم في شبابه بأن يرقص ويغني مع مثلهن ، بعد عرض الأغنية التي صفق لها جمهور الحفل بحرارة ، عرض الشاب ( طوني ) نموذج لألبوم الأغنية الذي سيوزع في اليوم التالي في قاعة فندق ضخم بحضور المغني الجديد عبد الرحيم الشيخ ..! الحلم الثاني الذي قدمه البرنامج كان لامرأة مسنة تبلغ في العقد التسعين من عمرها تدعى شمس تعيش في بيت قديم بمدينة حمص السورية وتحلم أن ترى أو تجتمع بأختها ( كاميليا ) المهاجرة إلى البرازيل والتي لم ترها منذ ستين سنة .. سافر طاقم البرنامج إلى البرازيل ليلتقي بكاميليا وعائلتها البرازيلية ليقدم لها عرضا بالسفر للقاء أختها شمس في سوريا .. كاميليا قبلت العرض وجهزت نفسها للسفر في وقت قصير لتعود مع طاقم البرنامج إلى سوريا ... قبل أن يفاجئوا أختها شمس عرضوا عليها لقاء مصورا مع كاميليا خوفا من الصدمة تمهيدا للقائها الحقيقي بتحقيق حلمها الذي عاشت تحلم بها طيلة عمرها .. أختان شقيقتان افترقتا في ريعان شبابهما ولم تلتقيا مدة ستين سنة انقضت من عمريهما .. لحظة التقاء الشقيقتين كانت مذهلة ، فالاثنتان أغمي عليهما احتضانهما لبعضهما البعض وكاميرا التصوير لم تغب عن إغمائهما الذي سرق من المشاهد عقله وجوارحه مع هذا اللقاء .. بعد عرض حفلا للشقيقتين وأقاربهما ، قال مقدم البرنامج : عدنا بعد أسبوعين لإكمال التصوير مع الشقيقتين فوجدنا أن السيدة الحمصانية شمس ، قد فارقت الحياة ، لكن حلمها تحقق قبل أن تغادرنا ، وأن تحقيق الحلم في أول العمر وآخر العمر هو فرحة كبيرة..!؟ الحلم الثالث كان لشاب متفوق يحلم بأن يكون رجل فضاء تمهيدا لذلك ، أو عوضا عنه ، قاموا بعمل اللازم كي يزور هذا الشاب مختبر الدفع النفاث بالولايات المتحدة وهو مركز أبحاث علمي بتعلق بالفضاء .. وفعلا استقبله مدير المركز في الولايات المتحدة وبالمناسبة مدير المركز بروفيسور عربي من أصل لبناني يدعى شارل عشي ؛ لذلك قرر هو شخصيا بأن يستضيف الشاب ليرشده ويشرح له أقسام المركز والأبحاث التي يقوم بعملها .. بالتأكيد البرنامج ناجح بامتياز ، وكل العاملين والقائمين عليه مارسوا مهنتهم بإخلاص لا مثيل له ، ولم يخلو البرنامج من أي خلل سواء فنيا ، أو إعلاميا .. والسيد ( طوني ) بوسامته وشبابه وصوته العذب كان بحق فارس جذاب بكل المقاييس المطلوبة لإعلامي يقدم برنامجا من هذا النوع .. يعتمد البرنامج في مادته الإعلامية على ما يقدمه المشاهد والمواطن العربي من المحيط إلى الخليج ، ولا شك أن هذه الملايين لها أحلاما كثيرة لم تستطع تحقيقها .. وما أكثر أحلام المواطن العربي الذي يحتاج إلى الكثير ، والذي يعاني من الحرمان الشديد بدء من الفقر والجوع وانتهاء بالحريات والرغبات التي ليس لها حدودا .. فهذا الفقير قد يحلم بأن تتحقق رغباته في أنواع كثيرة من الأكل والوجبات الشهية ، وهذا المسكين قد يحلم بأن يكون له بيتا متواضعا يأوي إليه بحيث يحميه ويستر به حاجته ، كذلك قد نجد الكثير من الشبان يحلمون بأن يصبحوا أطباء أو مهندسين أو أي مهنة أخرى لكن حلمهم لم يتحقق نتيجة ظروف قاهرة ، وأيضا كثير منهم يحلم بأن يتزوج من ملكة للجمال ، أو ممثلة ، أو مغنية شاهدها من خلال الشاشة ..! وهاهم السياسيون يصارعون ويتنازعون كي يرتقون إلى ما هو أعلى مما هم فيه ، فالوزير يحلم بأن يصبح رئيسا ، والقائد الحزبي يحلم بأن يفوز بالانتخابات ، و ..... الكثير من الأحلام التي يصعب تحقيقها ، وأحلام الشعوب العربية بالتحرر من الدكتاتورية لهي أبرزها وأكثرها صعوبة والتي إن تحققت .. سيتحقق بعدها أحلام الكثيرين ..! أما الحلم العربي الكبير فهو الخلاص من رجس الاحتلال الإسرائيلي الذي طال بطشه وجبروته .. فيا سيد ( طوني ) إن كنت قد ساهمت بتحقيق أحلام بعض المواطنين ؛ فكيف يمكن أن نستطيع تحقيق حلم الفلسطينيين والعراقيين والسوريين بالتحرر والاستقلال وطرد الصهاينة من أراضينا المغتصبة والمنهوبة ..؟!
#عبد_الكريم_عليان (هاشتاغ)
Abdelkarim_Elyan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من عرفات وغزة ..!
-
يا شعبي في غزة ..!
-
يا حماس ويا فتح ويا كل التنظيمات : ابتعدوا عن أطفالنا ..!
-
المهاجرون المصريون والعرب إلى إسرائيل ؟!
-
بين فلسفة المقاومة وصراع التنظيمات الفلسطينية المسلحة ؟! ( 2
...
-
بين فلسفة المقاومة وصراع التنظيمات الفلسطينية المسلحة ؟!
-
خطاب السيد هنية سرد صحفي وديماغوجي وتغييب لوعي الجماهير
-
عندما يفلت المجرمون من العقاب يصبح كل الوطن مستباحا ؟؟
-
للنساء فقط ..!
-
إسرائيل ونظرية الزمن ؟؟
-
العيد وغزة المسلوبة من فلسطينيتها وعروبتها !؟
-
يا فتح أكشفي عن وجهك ..! إما تكوني علمانية أو تكوني أصولية .
...
-
احذروا .. غزة في مهب الريح !
-
مرثية إلى أبي خالد عبد الشافي
-
الصحافة ومفهوم السلطة الرابعة ..؟
-
الطحين الفاسد وتورط جامعة مرموقة في غزة ..؟
-
المنبوذون ..؟
-
صورة العربي في أدب الطفل اليهودي .. رسالة إلى اللاهثين وراء
...
-
أسئلة خطيرة على بوابة السنة الدراسية الجديدة ..؟؟
-
كسوف
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|