عبد الرزاق حرج
الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 03:42
المحور:
سيرة ذاتية
كما لو أن الآمر بالمصادفه ,أجد نفسي في مصائب العالم , وأتعرف على نفسي في عذاب الآبرياء .....الطاهر بن جلون ..روائي مغربي ..
بالرغم أمتلئت معدتي بالبيرة واللحم المشوي لكن لم أنام على سرير الدكتور ..رأسي يتحرك بخدود ساخنة وعيون لم يطاوعها النوم على مخدة صلبة وبطانية خشنة الملمس خضراء اللون تلف جسدي الساخن الذي لم يهدأ على الفراش القطني القديم الذي لم يندف من زمن بعيد ,, كراريس ومجلات ماركسية وطريق الشعب وركاي كردستان وقدح زجاجي وأقلام جاف ومفاتيح الغرفة وساعة منضدية وفرشاة ملتوية على أسنانها البنفسجية شعيرات الدكتور ومستلزمات دراسية لدراسة الطب البشري كلها على منضدة صغيرة التي تقترب من رأس السرير وقشور أصباغها طائفة كدنامل مريض على أرجلها الواقفة المستقيمة ..أتقلب يمينا ويسارا وأبقى مسترخي لبعض الدقائق على ظهري وألعب بأرجلي كخنفسانه تستغيث من أنقلابها الذي يهدد حياتها ..في الطفولة نتمتع بلعب معاقبة القطط والكلاب والضفدع والآفاعي والعقارب والعناكب والسرطان المائي وأبو بريص والدود في كافة أحجامه والجراد وفرس النبي الآخضر ودودة القز والفراشات والصرصار الآحمر والصرصار القافز الشبيه بالعناكب ..كان اللعب مع هذه (المستحاثات’) .. بهدر حياتهم..(المستحاثات)..تسكن وتعيش معنا بمدينة الثورة,,, في بيوتنا الفلاحيه وفي سقوفنا الطينية المبنية من فرش القصب تحت أعمدة الشجر الطويلة صلبة القطر وتزيت سطوحها بالقير الآسود ..بيوت ككهوف مرتفعة خرج منها الآستبداد الشرقي نرضع يوميا القوة والعنف والقتل ..ساحات أحيائنا وأزقتنا وداربيننا الغير منتظمة في الطول والعرض ..تشتهر بالزبل والبرك والمستنقعات الحاوية على حشرات مدمرة ..البعوض والحرمس والذباب وأحياء مائية غريبة الشكل واللون ..ليلا يبدأ طيرانها وزحفها وهجومها على بيوتنا المفتوحة ..صباحا نشكل فريقا من أطفال الحي لنصطاد فرق الليل المؤذية ..ننزع رؤوس الجراد عن أجسادها نحاصر العقارب في دائرة نارية ونضحك منها حين تنتحر بمد عنقودها السام وتغرزه بجسدها وتموت أمامنا خوفا من لسعات النار, نقص ذيل أبو بريص بأمشاطنا الصغيرة ..يبقى الذيل يتحرك حول نفسه بقوة بالرغم أنفصاله, نمزق خيوط العناكب الشمعية, نسحق على الدود الفارسي والصرصر بأحذيتنا النايلون ,نبتر أرجل وأجنحة فرس النبي, نقتل الضفادع ونمثل بأجسادها المنقطة على أرماحنا الخشبية, نطارد الفراشات الجميله ,نضع القطط تحت( الطشت’) النحاسي ,نسرق صغار الكلاب من أمهاتهن حين تحيد عنهن لبعض الدقائق ..نرجع الى بيوتنا بثياب ملطخة ومبللة من الطين والمياه ..نتحدث أمام أشقائنا الصغار عن بطولاتنا( الساديه’) بمتعة أما أذا تعرضنا الى حادث فوري ..مثلا ..حرق من النار أوجرح في اليد او الرجل او الرأس ..نركض الى بيوتنا تعالجنا أمهاتنا بطرق بدائيه .مثلا.المخاط على الحروق, قشور البصل والتمر على الدنامل,فتات الآقمشة المحروقه على رؤوسنا المجروحه, ..عشائرنا الجنوبية سكنت الآهوار والمزارع البدائية ..عاشوا ويعيشوا مع الكائنات الحية بكل تفاصيل حياتها واسرارها ..يعرفوا هجرة الطيور في مواسم الصيد ..كانوا يتركون الجاموس يسبح بأقدامه الضخمة وتبرك بثقلها بالآهوار لكي تتقي سخونة الحر ..لهم خبرة بولادة الحيوانات ..يصطادوا الآسماك والآفاعي والسرطان بدراية مذهلة وبأوقات محسوبة ...أبائنا وأمهاتنا يغرزوا فينا ثقافاتهم الموروثة بحكايات وأقاصيص عن الآرض والآجداد والصراعات مع الحيوانات الكاسرة ,,نحن ننظر الى أفواههم ووجوههم الجادة بعيون لامعة ومتعجبة وأفواه مفتوحة..هذه الآقوام والعشائر الشيعية الآمية والنصف متعلمة ..كانت صيد سهل وسمين للآحزاب السياسية وخاصتا الشيوعية ..اصبح الحزب الشيوعي في الآربعينات والخمسينات بالعراق غالبية جماهيره من عشائر الشيعة.. (كان أنجذاب الشيعة الى الشيوعية على نطاق هائل أبان فترة الخمسينات بصفة خاصة ,يعكس بحث الشيعة عن أطار سياسي يمكنهم من لعب دور في السياسة الوطنية العراقية)’(اسحق نقاش ) ..حتى وصلوا الى قيادته في الخمسينات بالرغم الرعيل الاول في تأسيس الحزب من الآديان اليهودية والمسيحية ..لكن في المعارك والتسليح في الستينات تربعت على قيادته قيادة كردية..ظهرت أجيال من الشباب متعلمة في مدينة الثورة ..أنتسبت الى الشيوعية في المدارس والجامعات التعليمية بأعداد كثيرة ..وصلت لنا الشيوعية ونحن طلاب في الصفوف المنتهية من الآبتدائية ..كان يلتقي بي صديق الطفولة بن( بندر)’ ..بوجهه الآسوي وقامته المتوسطة كقامة لاعب رياضي في لعبة رفع الآثقال ويمشط شعر رأسه على الطريقة الآنكليزية ..دائما نظيف المظهر والهندام ..أشتهر والده وأعمامه بتجارة الزجاج ..كان أصغر أشقاء والده معتقل بسبب الشيوعية في نهايات الستينات وخرج من المعتقل في سبعينات القرن السابق...كانت الشيوعية تأتي لنا عن طريق ذلك الشخص ..أبن أخيه يتحدث لنا عن ..لينين ..الآتحاد السوفيتي ..مكسيم غوركي ..نجازف بذهابنا الى ساحة الطيران ..نمر على مكاتب صغيرة ..يؤشر بن بندر بيده على كتب لينين الحمراء بسرية ..كنت أنظر الى صورة لينين بلحيته القصيرة الراتعه على الكتب كلطخت خاتم أسود ..نتمشى في شارع السعدون ,,يتقاذف من فمه البني كلمات عن الشيوعية ويحرك يديه القوية بن بندر في شرح المفاهيم الشيوعية ..مثلا ..الآيديولوجية , البروليتارية, الآمبريالية, الرأسمالية , الصهيونية ,الماركسية ,البرجوازية,,. صدق( أركون )’..عندما قال ..(في ان هؤلآء المناضلين قد خرجوا من صفوف مجتمعاتنا ولكنهم أكتسبوا (ثقافتهم السياسية) من خارج مجتمعاتنا) .عندما أصبحنا طلاب في المتوسطة ..دقت أبواب تفكيرنا الخام,, أفكار الشيوعية بسهولة .. ذهبنا بأقدامنا الى أوليات التنظيمات السرية الطلابية الشيوعية ..تعرفنا على أصدقاء جدد في التنظيم في أعدادية أبي عبيدة الجراح في الثورة .. تقريبا كل جماعة التنظيم من عشائر الشيعة ..أخذت كراس صفحات طلابية مجيدة وكتاب ( كيف سقيناه الفولاذ)’ من مسؤولي الآول ..أدخل هذه الآشياء الى البيت بصورة سرية ..كان يقود تنظيمات المتوسطة (بن فالح)’..شاب يتصف بالهدوء وأدارة عمل المنظمة بشكل ناجح .. أرفض أكتب عنه بأيجاز ..لذلك سوف أرجع في الكتابة عنه بتفاصيل أكثر دقة في الآجزاء القادمة ..يشتهر بن بندر في المشاكسه والوعي المبكر والوسامة .. سريع الغضب وينهي جولاته الصدامية مع أقرانه بمعارك دموية ..يحب لعب القمار والقصف والسهر ..له ولع غير طبيعي في النساء ..تزوج مرتين ..أتقن مهنة تركيب الزجاج وتجارتها بأحسن الصور . يمسك (جرخ او ماسة)’ الزجاج في العمل لتركيب الزجاج في البيوت..كسبحة تلعب بين أصابع يديه رفض أن ينخرط في تنظيمات الشيوعيون ..عندما توقفت التنظيمات الطلابية التابعة للحزب الشيوعي العراقي ..وقف أمام جميع التنظيمات الطلابية المجتمعة في أحد الدور في الثورة ..قال ..أنا أعمل في منظمة مهنية ليست سياسية ..لكن عندما تتحول المنظمة المهنية الى سياسية ..فأنا أنسحب ..والده الثري قتلته عشيقته وهم على فراش الجنس ..أخر لقاء معه كان في سجن رقم واحد بعام 83.. معتقلا بسبب مشاجرته مع مسؤول منطقته الحزبية لحزب البعث..في تسعينات القرن يملك محلات ومعامل لتركيب الزجاج والمرايا في منطقة باب لاغه .توارثها عن أبيه المقتول ..توفي بصورة غامضة في منتصف التسعينات .....نهضت من فراشي الى المغاسل على صوت شغيلة المقر ..بعد الفطور ..أخذني أحد قواد الحزب الشيوعي الكردي الى المكتب السياسي الديمقراطي الكردي في أحد المدن في أربيل لكي أحصل على الخروجية ...رفض المكتب اعطاء الكتاب او التصريح الى أدارة الجوزات ..لآن لا يوجد عندنا تصريح أو ورقة تزكية من قيادة الحزب الشيوعي العراقي ...كثيرا تدخلوا من قيادة الكرد وحتى سكرتيرهم الحزبي الرجل الكبيرلمساعدتي حول حصولي على ورقة تزكية او تصريح الذي يتمم سفري الى تركيا ..لكن كل المحاولات باءت بالفشل !!...فكرت بالسفر الى السليمانية ..بعدما جاءت دعوات من أصدقاء السجن في المدينة ..يتبع
المستحاثات.. هو علم الجينات والتطور للكائنات الحية
الطشت .. هو اناء حمام نحاسي تغتسل فيه الاسرة
السادية.. هو مرض نفسي عدواني يتلذذ بتعذيب ضحيته
اسحق نقاش .. باحث ومؤرخ وصاحب كتاب شيعة العراق
بن بندر .. وهو شخصية تكنى باسم سلام محمود بندر من عشائر البوزيد
اركون .. هو محمد اركون فيلسوف ومفكر وباحث من بلد الجزائر
كيف سقيناه الفولاذ .. هي رواية تعبوية روسية تتحدث عن البطولة والصمود للفتيان الشيوعيون
بن فالح .. هو شخصية عراقية احد قواد التنظيمات الطلابية التابع الى الحزب الشيوعي العراقي في بغداد يدعى كريم فالح حافظ
جرخ أو الماسه ..هي أداة صغيرة الحجم لقص الزجاج في مقدمة رأسها دائره مسننه فضية اللون ..يستعملها الشغيله في قص الزجاج
#عبد_الرزاق_حرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟