|
ما حاجة خطة فرض القانون للدعاية لها في الفضائيات
علي الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 03:42
المحور:
الصحافة والاعلام
منذ اسابيع والماكنة الاعلامية الحكومية العراقية تضخ مئات الملايين من الدولارات،لتغطية تكاليف الحملة الدعائية لخطة فرض القانون وتشجيع المهجرين بالعودة الى اماكن سكناهم. وتذهب تلك الملايين بدون شروط مسبقة او لاحقة لصالح العشرات من القنوات الفضائية، بما فيها العربية والجزيرة الناطقتان باسم التكفيريين والصداميين والقاعدة. وبرغم الغنى الاسطوري لمالكي تلك القنوات، التي كانت ومازالت ترقص احتفاء بالدم المراق في اسواق ودور العبادة وازقة الفقراء والمعدمين من العراقيين،لم تتحرج السلطات العراقية من التعامل معها، وهي تعرف جيدا ان تلك القنوات ستعتبر ذلك "شعرة من جلد خنزير".ان هذا التصرف من جانب مؤسساتنا الاعلامية، فيه من الاستخفاف بمشاعرالعراقيين ما يجرح الكرامة، فليس بمقدورهم ان ينسوا زهو وتفاخر تلك القنوات ببث رسائل واشرطة بن لادن والزرقاوي المحرضة على القتل والتدميروالفتنة الطائفية. ويتذكرون جيدا الندوات التي كانت تنظم في استوديوهاتها مستضيفة شخصيات نكرة عربية وعراقية يسمح لها بتزوير الحقائق والتدخل في شؤوننا الخاصة. ويتذكرون ايضا كيف كانت تتسابق في نشرمشاهد القتل والتدمير لارواح الناس وممتلكاتهم بدون تمييز باعتبارها كفاحا بطوليا ضد الاحتلال. وامام هذا الموقف الغريب يتسائل المواطنون عن مغزى هذا التعامل مع المتشفين بدماء العراقيين، وفيما اذا كان ما يقومون به تكرما بقول المسيح " من صفعك على خدك الايمن اعطه خدك الايسر". ان مثل هذا البذخ الترفي لا يعبر عن شعورعال بالمسؤولية،اضافة الى انه يعطي الانطباع ، بان من يستلم زمام السلطة في العراق لابد ان يكون مصابا بعقدة البخل،لذا تراه يتظاهر بكونه اكثر العرب والعجم سخاء في الدفع دون مقابل، والاكثر استخفافا بصيانة ثروات وحقوق شعبه.وهذه حقيقة توشك ان تؤكدها تجارب الماضي القريب. فالحكم السابق اسرف في عطاياه على جيرانه وجيران جيرانه على حساب جوع ومعاناة شعبه،وها هي سلطة العراق الجديد تعيد للتاريخ قانونه المعوج. فتجربة سلفهم المتمرد المتعالي على شعبه تاخذ طريقها الى قلوب وافئدة سلطة العراق الجديد، فها هي تدفع لهذا وتكرم ذاك، متناسية ومتجاهلة، ان على هذه الارض شعبا يزداد فقرا واغترابا وحزنا ويأسا وغضبا، وانه اولى بالرعاية والترفيه والغنى، لانه ابن هذا الوطن ووريثه الشرعي ومالك ثرواته. ويبلغ استخفاف المسؤولين بشعوبهم، درجة يكونوا عندها في امس الحاجة، لمن يذكرهم بشططهم وخروجهم عن المعقول، وبضرورة العودة الى الشعب، كما حدث مع مكرمة نائب الرئيس السيد عادل عبد المهدي الى شيخ الازهر،الذي رفضها معللا ذلك بان شعب العراق احق واولى بها في ظرفه العصيب هذا.. وفي الوقت الذي تبعثر فيه مئات الملايين من الدولارات على اعلانات لا معنى لها، تزيد الاغنياء غنا من ملاكي القنوات الفضائية، المتاجرة بدمائنا علنا مع سبق الاصرا، يتحرق ما بين 4 الى 5 ملايين يتيم الى ثياب جديد ةاواحذية جديدة في العيد او بعده، يتساوون بها مع الاخرين من اقرانهم. وحيث في عراق اليوم تترمل مائة امرأة في اليوم، مع وجود مليوني امراة على قائمة الارامل بسبب الحروب السابقة والاعمال الارهابية. وحيث اكثر من 60% من الاطفال دون السابعة عشرة من اعمارهم، تركوا مقاعد الدراسة بسبب الفقر واليتم والتهجيروالخوف.وحيث اكثر من 15مليون مواطن ومواطنة يحيا باقل من دولار في اليوم ويسكن في مساكن غير صالحة لسكنى البشر ودون ماء صالح للشرب او خدمات بلدية. وحيث حوالي 25 مليون لغم ارضي مزروعة في طول البلاد وعرضها تشكل الموت والعاهة بالانتظار.هذه وغيرها الكثيرلها الاولوية في ما يخصص من موارد مالية وفنية مثل تحسين امدادات الكهرباء والمياه الصالحة للشرب في المدن والاحياء الفقيرة، التي عادت تشرب وتستخدم مياه الانهار والقنوات غير الصالحة مسببة مخاطر معروفة على الصحة العامة للمواطنين.ان توجيه الموارد المادية والبشرية لتطوير هذه الخدمات له مردوده المباشرعلى تحسين حياة الناس، في وقت لا ينتظرمن مئات الملايين من الدولارات المدفوعة الى تجار الرذيلة والاعلام الغادر اي مردود او حتى كلمة امتنان. وبدلا من التوجه للاعلام لتحسين صورة الحكومة امام الراي العام، ينبغي ان تكثف من جهودها لاجل انتاج المزيد من الخدمات للمواطنين حيث الاختبار الحقيقي لادائها وتحسين سجلها في خدمة الشعب. ولاجل تحقيق هذه الهدف العظيم في مغزاه لما يؤديه من فوائد للناس في حياتهم العادية ونشاطهم الانتاجي، يحتاج مجلس الوزراء الى توجه جدي وفاعل لدراسة مشكلة امدادات الطاقة الكهربائية، ووضع الوزيرالمختص امام خيار واحد،هو حل هذه المشكلة او التنحي عن المسؤولية والاتيان بأخر يفهم مهمته مقدما دون لبس. لقد كان لوزارة الكهرباء خططا في الماضي تضمنت بناء محطات جديدة للطاقة الكهربائية، ولا احد يعرف بالضبط ان كان ذلك من قبيل الدعاية الرخيصة لوزراء الكهرباء السابقين. واذا كانت هناك محطات بالفعل في طورالانشاء، فعلى مجلس الوزراء ان يكون على صلة بالفنيين المشرفين على بنائها، للتعرف على النسبة المئوية للاداء ومدى الالتزام بالجدول الزمني لانجازها. وبهذه الجدية واستمرارية المتابعة يمكن تلافي اي عقبات جدية قد تعطل انجازها في مواعدها المحددة مسبقا. وينبغي ان يدرج في جدول اعمال مجلس الوزراء والوزير والفنيين كفاءة منشأت الطاقة الكهربائية العاملة في انحاء البلاد، ومعوقات عملها التي يعلن عنها بين الحين والاخر. ولا ينبغي ان يحمل الارهاب اعمالا قد لا يكون هو وراءها،وخاصة ان النشاط المعروف( بالمقاوم) لايستهدف المنشآت المدنية التي تخص المجتمع العراقي.وفي هذه الحالة لابد من دراسة احتمال ان يكون وراء الاعمال التخريبية جهات لها مصلحة في توقف امدادات الطاقة وغيرها من مثل خدمات المياه الصالحة للشرب وخدمات التلفون الارضي التي تعرضت للتعطل عدة مرات في الماضي. وعليه ينبغي دراسة احتمال ان يكون هناك نوع جديد من المخربين المرتزقة الذين يستاجرهم من هو بحاجة الى خدماتهم لتحقيق اهدافه الخاصة. وهنا قد يكون المستفيد تجارومستوردوا المحولات الكهربائية،و مصنعوا ومستوردوا قناني المياه المعبئة من الخارج، ومستوردوا اجهزة التلفون المحمول ومحتكري اسعاره واسعار خدمته في العراق مقارنة بالدول الشائع استخدامه فيها. والغرض واحد هو الاثراء السريع على حساب معاناة المواطنين المحبطين. ان خطة فرض القانون انجاز رائع يفتخر به العراقيون الاصلاء، وقد عمت نجاحاتها البلاد كلها،وكان التعبير عنها واضحا على محيا اطفالنا ايام عيد الاضحى المبارك، التي ابى الارهاب في السنين الماضية الا ان يحولها الى احزان دائمة. ان السلطات العراقية امام تحد جديد، هو كيف يمكن استثمار الدينار الاضافي المدخرفي تحسين حياة الناس، ودعم مؤسسات رعاية الطفولة و التعليم والصحة و الرعاية الاجتماعية، لتشمل كافة المتضررين من اعمال العنف والارهاب، من مختلف الاعمار نساء ورجالا،ايتاما وارامل ومعوقين وكبار السن. وهذه المنجزات لو تمت لن تحتاج الى اي دعاية او اعلان انها تعلن عن نفسها بافضل مما تعمله اي قناة فضائية في العالم.
#علي_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الا يخجل الصدريون كونهم...صدريين؟؟
-
دولة نصف حكومتها وبرلمانها يتخم في عمان وطهران والخليج
-
تفكيك التكتلات الطائفية شرط لتفعيل دور البرلمان
-
ليت للحقيقة قدرة النطق...يا دولة رئيس الوزراء ؛؛
-
ليت للحقيقة القدرة على النطق...يادولة رئيس الوزراء ؛؛
-
الفنانون العراقيون... الصورة المنسية عن العراقي الاخر
-
يارخص الوطن من ينشرى وينباع..؛؛
-
الباحثون عن الجنة في برك الدماء
-
محنة المرأة البصرية وصمت سلطة القانون؛؛ بمناسبة اليوم العالم
...
-
من المسؤول عن العاطلين عن العمل؟؟
-
الاعدام جريمة قتل لا ينبغي لدستورنا ان يجيزها؛؛
-
فيدرالية ديمقراطية ام نسخة معدلة لنظام طالبان الافغا-ايراني
-
تشويه صورة المعارضة سياسة مآلهاالفشل يا حكومة؛؛
-
لماذا ننتقد مشروع قانون النفط
-
سماحة المرشد الاعلى لفدرالية الجنوب السيد عمار الحكيم المحتر
...
-
رسالة من مواطن الى السادةفي الحكومة والمعارضة الافاضل
-
السيد العليان كزميله الدليمي اضاع الطريق الى العراق؛؛
-
المصالحة الوطنية خيار المالكي الوحيد للابقاء على العراق موحد
...
-
كلمة حق يراد بها حق؛؛
-
التحالف الشيعي الى اين؛؛
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|