سهير قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 10:15
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
في الوقت الذي تتوافر فيه الإمكانات الحقيقية والأساسية للوحدة الفعلية والتواصل بين الأقطار العربية والإسلامية، تقف هذه البلدان عاجزة أمام القارة الأوروبية التي تسعى قدر طاقاتها لتوحيد شعوبها، وتسهيل أمورهم بشتى الوسائل والطرق. لا يهمهم الحديث عن الوحدة ضمن مظاهرها الشكلية، بل الأهم ما نراه على أرض الواقع من إنجازات وتخفيف للأعباء على الأفراد ومن يقطنون في هذه القارة. ما يحدث في أوروبا هو التجسيد الحقيقي للوحدة الفعلية على الأرض.
أين الأقطار العربية في قاراتهم من أوروبا التي تتقدم يوماً بعد يوم نحو الوحدة بخطى وعزم ثابتين؟ بينما نغطّ نحن في جهل وسواد وظلام دامس، ينشغلون أو ربما يتشاغلون بمشكلات سطحية ليست من صميم القضايا الرئيسة. وليس ذلك فحسب بل يسخّرون إمكاناتهم وقدراتهم لخلق التناقضات والصراعات التي تنعكس على الشعوب المحتلة كما يجري حالياً في فلسطين والعراق، أوروبا تحاول ضمن إمكاناتها الخروج من أزمة السفر والعراقيل التي تقام بين الحدود، والتسهيل على المواطنين قدر طاقاتهم. أما العالم العربي فيقف متفرجاً على نتاج التناقضات المفتعلة من قبلهم أولاً بقصد في القضايا التي تخصّ الشعوب المقهورة؛ من أجل بثّ السموم فيها وتذويبها ضمن سياسة ممنهجة تعود بمرجعيتها للسياسة الإسرائيلية العالمية. يشعر المسافر فيما بين الدول العربية التي تدّعي أو تكنّي نفسها بالشقيقة بصعوبة الحصول على التأشيرات وكذلك التفتيش، وقضاء ساعات طويلة على الحدود المصطنعة والوهمية وغير ذلك من السياسات التي كرستها سياسات الاستعمار منذ عقود طويلة. والأغرب أننا حتى هذا القرن لم نصل لمجرد التفكير في آليات ووسائل من شانها التخفيف أو وضع بذور للوحدة. مع الأسف لا يوجد مخطط واحد مدروس وواضح يتناول قضايا مماثلة للقضايا التي تتحسسها وتعيشها القارة الأوروبية. لم يستطع أي من الساسة العرب مجرد الحديث عن قرار جريء يخفف شيئاً فشيئاً من تلك القيود. فهل ذلك نتاج للخوف أم الجهل غير المقصود، أم أنه الاستمرار الموجّه للسياسات الاستعمارية المقصودة التي تزيد الأمور تعقيداً.
ها هي الشعوب في القارة الأوروبية التي تتحدث بلغات مختلفة يفرحون ويعبرون عن سعادتهم بمثل تلك القرارات التي تزيد من المظاهر الموحدة لهم، والمقومات الفعلية مجرد أنهم ينتمون إلى قارة واحدة هي أوروبا. فما شأننا نحن الذين ننتمي لدين واحد ولغة واحدة وعرق واحد، ألا تستحق تلك المقومات من الساسة والقائمين عليها التفكير جدياً فيما آلت إليه بلادهم من تشتت وتشرذم وانقسامات، أما آن لهم أن ينظروا لأوروبا التي نحس بالفخر بما يقومون به، ونتمناه لأنفسنا!!! هل يتوجب عليهم التوقف عن بثّ السموم في القضايا المصيرية!!!
#سهير_قاسم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟