|
المدرس والتفكير النقدي
وعد العسكري
الحوار المتمدن-العدد: 2140 - 2007 / 12 / 25 - 01:51
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
المــقــدمــة: تعرف المنظومة التربوية على أنها نسق علمي اجتماعي مفتوح ، مؤسس على نظريات فلسفية علمية تربوية نفسية اجتماعية ، لابد أن تعتوره اختلالات بنيوية ، و إكراهات وضغوطات موضوعية تقلص وتحد من تحقيق أهدافه ، ومن بين مكوناته : المنهاج الدراسي الذي يعد العمود الفقري تقنيا في أداء وظيفته العلمية الاجتماعية . و غالبا ما يوضع منهاجنا الدراسي خارج نظرية معينة ، وفي غياب المعنيين المباشرين : المتعلم ـ المدرس ـ المشرف التربوي ـ المدير ـ الآباء ... مما يوجب معه تكوين الرؤية النقدية لهؤلاء المعنيين ، خاصة منهم المدرس الذي يتعاطى مع هذا المنهاج ، ويؤجرؤه في الحجرة الدراسية ، فهو معني بمعالجة اختلالاته وتقديم طروحات وسيناريوهات علاجية للمواطن السلبية فيه ضمن إطار نظرية فلسفية علمية تربوية نفسية اجتماعية معينة . تسير وفق معطيات الطفل المغربي ومطالب المرحلة الراهنة و المستقبلية ، وطموحات المؤسسة الرسمية ، المعلنة سياسيا على الأقل و إمكانياتها المتنوعة إزاء الطموحات المجتمعية المفصح عنها و المضمرة . و الاطلاع على مكونات مناهج التكوين الأساس للمدرسين بمراكز التكوين ، يفصح بأنها خالية من مواد و نظريات للنقد ، و ملامحها العامة و التفصيلية تؤدي في أحسن الأحوال إلى تكوين كفايات تلقين الدروس كما أنزلها المشرع المبرمج التربوي التعليمي دون تدخل أو مقاربة نقدية . و هذا خلل / إبستيمي / ديداكتيكي يجب استدراكه غير أن هذا الطرح يبقى كلاما عاما و إرهاصات أولية ممتحاة من الواقع التربوي التعليمي المعيش ، فإلى أي حد يصدق عمليا ؟ هذا ما سنصيغه تساؤلا مفتوحا على البحث . 1. التساؤل نقد المنهاج الدراسي مهمة من مهام المدرس ، إذ به يستطيع في الحدود الضيقة و المساحات المنحصرة الوعرة تحديد مطابقة المادة العلمية المدرسة للأهداف الإجرائية ، في مستوى التدريس الصفي من جهة أولى ، و من جهة ثانية به يمكن تقويم مدى تحقيق الأهداف العامة لمنهاج عبر المسلك المنهجي المطروح فيه و الأدوات و المعينات المرصودة ، و كثيرا ما تعترى المنهاج الدراسي اختلالات في البنية و الموضوع ، حيث إن لم يمتلك المدرس التفكير النقدي ، و الرؤية النقدية الشمولية لوظيفته التربوية التعليمية ، لا يمكنه تحديد مواطن الخلل الموجودة في المنهاج الدراسي سواء في مادته أو منهجيته أو معاينته البيداغوجية أو أهدافه أو استراتيجياته . لذا لا بد من إغناء برنامج التكوين الأساسي بمراكز تكوين المعلمين و المعلمات و الأساتذة بأساليب النقد ، و نظرياته ، و تكوين الحس و التفكير النقديين السليمين لدى المدرس ، و إن لم يتأت ذلك فعلى الأقل استحضاره في التكوين المستمر و التكوين عن بعد للمدرس . فغالبا ما يكون المنهاج الدراسي معوقا في الأداء الصفي ، و يكون ناتج التعليم هزيلا ضعيفا ، و لا تتحقق معه الأهداف بمختلف مستوياتها ، و بفشل المنهاج الدراسي في تحقيق السياسة التربوية التعليمية ، و غاياتها و مراميها . و نرجع ذلك إلى المدرس بالدرجة الأولى أو إلى أسباب خارجية دون أن ندري المصدر الحقيقي للفشل ، و يكون كلامنا و حديثنا في هذه الحالة عاما و غير علمي ، و غير دقيق بل غير مسؤول . مما يصعب مهمة التشخيص و إيجاد الحلول و المناسبة الناجعة .فتشخيص اختلالات المنهاج الدراسي المتنوعة ضرورة إبستيمية و ديداكتيكية في الأداء الصفي للمدرس التربوي التعليمي ، و لا تتم إلا من خلال رؤية نقدية علمية موضوعي له . لذا نتساءل : هل مدرسنا و مربينا يمتلك الفكر النقدي و أدواته الإجرائية اتجاه المنهاج الدراسي ؟ و كيف يوظفه ؟ و أين يتجلى هذا التوظيف ؟ ... 2. مسوغات التساؤل : و هي نابع من معطيات واقعية و موضوعية و ذاتية . 2-1. المعطيات الواقعية : و تنبع أساس من اختلالات البرنامج الدراسي ، و تعاطي المدرس مع هذا البرنامج نظريا و عمليا ، حيث أكدت الزيارات الميدانية للفصول الدراسية : أن البرنامج الدراسي لمختلف المستويات يشهد اختلالات بنيوية و موضوعية ، تنعكس سلبا على ناتج التعلم عند المتعلم .كما أن تعاطي المدرس معه يشهد اختلالات نظرية و منهجية ، مما يعقد و يصعب الأداء الصفي ، و يراكم السلبيات في اتجاه التطبيع ، بمعنى أن تصبح تلك السلبيات طبيعة دون تناولها بالنقد و التصحيح . 2-2.المعطيات الموضوعية : وتتمثل بالأساس في طبيعة بناء المنهاج الدراسي ــ لمختلف المستويات ــ الهشة ، المؤسسة في الفراغ الفلسفي ، إزاء الفراغ النظري ، و عشوائية مكوناته موضوعا ، و هدرها التعليمي . و في تقادم التكوين الأساس للمدرس ، أداة تنفيذ هذا المنهاج . تتقادم مكوناته و صيغه التي لا تسمح بتكوين التفكير النقدي لديه ، وتخبطه في تناول الديداكتيك العامة و الخاصة بمكونات المنهاج الدراسي . 2-3.المعطيات الذاتية : و تتمظهر بالتأسف لهذا الواقع المزري المحفز على دراسة هذه الظاهرة دراسة علمية ، بحكم المهام الوظيفية كباحث تربوي يعيش الواقع بكل تجلياته ، و يستهويه بحث قضايا التربية و الاجتماع بحكم التخصص فيهما ، المتولد من طبيعة الإشكالات و المعانة الواردة من ثنايا قضايا التربية و التعليم . و الداعي إلى معالجة هذا الواقع من أسقامه أو على الأقل التخفيف منها . 3. تموضع التساؤل : يدخل هذا التساؤل في نظرية الإبيستيمولوجيا ( نظرية المعرفة ) ، التي تسمح بالربط بين النظرية و الممارسة العلمية ( التجريبية ) المتزامنتين بالضرورة العلمية ـ افتراض ـ في سيرورة البحث عن الحقيقة ، و اكتشاف العوائق الذاتية و الموضعية و الديداكتيكية و الاجتماعية المعيقة لتقدم المعرفة و تطبيقاتها و مصادرها ، و إشكالاتها ، و أغلاطها ، و منزلقات فصم ما بين الممارسة النظرية و الممارسة العلمية (التجريبية) و اختلالاتها. فالإبستيمولوجيا تتناول " من جملة ما تتناوله بالتحليل و النقد نتائج العلوم الطبيعية منها و الإنسانية إنها من هذه الناحية نوع من فلسفة العلوم " بما تعني الدراسة النقدية للعلوم . و تكمن أهمية النظرية النقدية للمجتمع و تحليل الاتجاهات التربوية الغربية التي تأثرت بها في أنها تضع بين أيدي مفكري التربية ، و المهتمين بالبحث التربوي ، طرق بديلة للتفكير في مفهوم ( العلم ) و ( الطبيعة النظرية ) و خصائص ( المنهج العلمي ) ، و الأهم في ذلك أنها تساعد في إيضاح العلاقة بين البحث العلمي و آلياته ، وبين الحياة الاجتماعية و تطورها . تزودنا الدراسة النظرية النقدية ببدائل نظرية و منهجية للانموذج الأساسي العالمي السائد الذي يبدو أنه يساعدنا ـ بقدر كاف ـ على حل مشاكلنا التربوية ، و توجهنا كذلك إلى تلمس إرهاصات نظرية ( عربية ) للتربية . حيث يدخل تساؤلي هذا في إطارها بهذا الشكل ، كونها تبحث في التفكير لدى المدرس و مدى ارتباطه بأدائه البيداغوجي ، كما تدخل من وجهة آخر وصفة في الميتودولوجيا ( المنهجية ) لكونها تقارب موضوعها بالمسلك النقدي للمنهاج الدراسي . و من ثم فهم تساؤل مزدوج ما بين الإبستيمولوجيا و الميتودولوجيا . و يتموضع بالتقاطع بين الميتودولوجيا و الابستيمولوجيا .
#وعد_العسكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيانة إمرأة
-
المرأة وعولمة الضياع
-
أين أنتي ياملكتي ؟!
-
دور المرأة العراقية في أواخر العهد العثماني
-
وراء كل مجنون امرأة
-
يا هادي الرشد
-
يا واعق الدمع
-
ملائكية الدمع
-
دور الجامعة في المجتمع
-
إمرأة ولكن
-
حب سياسي
-
أنادي
-
رباك
-
الحضيض
-
خائنة الهوى
-
استخدام الحاسوب في إعداد الوسائل التعليمية
-
المتحولون
-
تجارة الجسد
-
سلاما إلى روحك الطاهرة
-
في حضرة الجسد
المزيد.....
-
فيضانات عارمة في جنوب فرنسا تتسبب في أضرار جسيمة وانقطاع للك
...
-
- هو يحيى ليحيا وهم الراحلون-.. هذا ما نشرته الشيخة موزا تزا
...
-
بشار جرار يكتب عن تصفية إسرائيل للسنوار و-اليوم التالي- للحر
...
-
بوتين يدعو الرئيس الفلسطيني لحضور قمة -بريكس- في قازان
-
زيت الزيتون.. -سلاح طبيعي- ضد مرض خطير يصيب كبار السن
-
المغرب.. القضاء يدين -نصابي محيط المحاكم- بالسجن والغرامة
-
ترامب: ما كان على زيلينسكي -أن يدع الحرب تندلع-
-
من هو الخليفة المحتمل ليحيى السنوار؟
-
مع بدء مناورات -ايونيز 2024 -.. إيران تستقبل الأسطولين الروس
...
-
-يا سنوار، بايعناك-
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|