|
الانسان و الحياة الاولى والصحه
هادي ناصر سعيد الباقر
الحوار المتمدن-العدد: 2148 - 2008 / 1 / 2 - 10:42
المحور:
الطب , والعلوم
الفصــل الاول
التمهيـد ومفاهيم في الصحة والمرض والصحة العامة
1) الإنسان والحياة الأولى وتركيبها: بعد نحو مائة وخمسين سنة فقط من العلم البيولوجي شرع الإنسان يفكر التفكير العلمي في اصل الحياة(1)، وشرع يبصر بان الحياة: هي خاصة من خواص المادة… كما إن العقل: هو خاصة من خواص الحياة(2). وقد فتحت لنا الكيمياء الحياتية Bio – Chem istry آفاقا جديدة في البحث والدرس انتهينا منها إلى الوقوف على أجزاء كثيرة من الجسم الحي، وكيف تصنع بالتفاعل والتركيب من مواد غير حية. فهناك مواد مركبات حيوية يصنعها جسم الحي مثل الأنزيمات والفيتامينات والهرمونات، وهي مركبات محورية في الأحياء بحيث لا يمكن أن تحيا بدونها. وقد نشأت الخلية الأولى قبل نحو سبعمائة مليون سنة أو اكثر حيث شرعت الأرض تبرد، وتتبخر الغازات إلى سوائل، ثم تجمد هذه إلى مواد صلبة. أما كيف نشأت الخلية الأولى هذه فلا يزال الأمر سرا مجهولا. إن ما نفهمه من عبارة (الخلية الأولى) شيئا غير الخلايا المفردة التي نراها الآن، فالخلية الأولى كانت اكثر بدائية واقل تركيبا من الخلايا الحاضرة. إلا إن أجسام الأحياء، من نبات وحيوان، تحتوي ثلاث مركبات لا يمكن أن يخلو منها الجسم الحي هي:
1- الكربوهيدرات مثل السكر والنشا. 2- الدهنيات مثل الشحم والزيت. 3- البروتينات مثل زلال البيض واللحم والجبن
والجزيء في السكر يحتوي 24 ذرة والجزيء في الشحم يحتوي 153 ذرة والجزيء في البروتين يحتوي 40.000 ذرة
من هذا نفهم إن اعقد المركبات في الجسم هي البروتينيات وأسهلها هي الكربوهيدرات(2)، فالبروتينيات هي من المركبات الأساسية في جميع الخلايا الحية وهي تتكون من خمسة عناصر هي: الكربون، والهيدروجين، والنيتروجين، والأوكسجين، والكبريت. وهي تتكون من سلاسل طويلة من الأحماض الأمينية، وهي ليست إلا مواد كيماوية عديمة الحياة إلا إن جزيء البروتين يصلح كمستقر للحياة. والإنسان استطاع في المعمل تصنيع السكر والشحم أي الزيت وأجسامنا تستطيع أن تحيل السكر إلى كربوهيدرات وبالعكس. ولكن البروتين لا يمكن تصنيعه ولا الجسم يستطيع صناعته بل عليه أن يتناوله جاهزاً. فالبروتين هو المادة الحية الاولى. والمادة البروتينية تحمل على الدوام شحنة كهربائية تجعلها على تفاعل مع الأجسام المكهربة المحيطة بها. فهي تتذبذب اقرب الأشياء إلى الإحساس والتحرك … والإحساس والتحرك هما من خاصية الأحياء. لذلك يمكن الظن بان أول الأحياء على الأرض هو مجموعة من الجزيئات البروتينية الكهربائية التي تهتز بالحياة وهذا الاهتزاز هو حركة أو ذبذبة. وهذه الحياة الأولى من المرجح إنها ظهرت في السواحل، حيث يختلط الماء بالطين وحيث أشعة الشمس تصل إلى قعر الماء. ودبيب الحياة الأولى في الجماد لا يزال سراً، ولكن المعروف انه ليس في الحي عنصر أو مركب لا نجده خارجه في الجماد. فالجسم الحي مؤلف من الكربون والنتروجين والأوكسجين والهيدروجين والكبريت وجملة أملاح أخرى. وبعض المركبات التي يصنعها الجسم الحي مثل النشا والبول والكحول يمكن صنعها الآن في المعامل الكيمياوية … إلا إننا إذا جمعنا المواد المؤلفة منها الجسم الحي لما أمكننا مع ذلك أن نصنع خلية حية … ولكننا يمكننا إن نلمح شيئا من طبيعة الحياة من تركيب عناصرها. فاهم خاصية أو صفة في الحياة هي الحركة والنشاط. وا딀هم صفة في عنصري النتروجين والكربون هي أيضا نوع من الاستعداد للحركة العنيفة، لان هذين العنصرين تستعملان في المواد الانفجارية كالبارود والديناميت(1). فمادة الحياة وصفاتها واحدة في الخلية الواحدة مثل الاميبيا وفي الأحياء الراقية من نبات وحيوان والإنسان الذي يقف على قمة تطور الأحياء، فكلها تتركب من نفس العناصر والمركبات. 2) الإنســـان والمـــرض: في التاريخ الموغل في القدم وقبل ملايين من السنين، يقول علماء الحياة وتطورها: إن الحياة الأولى كانت عبارة عن مكروب ذو خلية واحدة بسيطة التركيب تكونت لتوافر ظروف معينة … وقد شرع هذا المكروب الأول في التكاثر والانقسام إلى أعداد هائلة، وبخضوع هذه المكروبات إلى عوامل التحديات(1) المختلفة الموجودة في الطبيعة، والاستجابة إلى هذه التحديات خلال ملايين السنين: بدأت مرحل مدهشة لعمليات التطور والارتقاء أدت في النهاية إلى ظهور أنواع مختلفة من الكائنات الحية البسيطة منها والمعقدة. حياة ميكروبية بسيطة وأخرى معقدة وحياة نباتية بسيطة ومعقدة وحياة حيوانية متدرجة من البساطة إلى التعقيد. وباستمرار عملية التطور والارتقاء هذه نتيجة لاستمرار عوامل التحدي والاستجابة اتجهت هذه العملية باتجاه ظهور الإنسان. ويقدر علماء الانثروبولوجي إن ظهور أول مخلوق له خصائص إنسانية كان قبل حوالي (500.000) سنة فمنذ ذلك التاريخ ولحد ألان والإنسان في معركة دائمة مع المكروب الأول وذريته، حيث لازم الإنسان في بيئته فصائل من هذه المكروبات ضعفت وتطفلت على جسم الإنسان مسببة له أنواعا من الأمراض شتى. (2)لقد شعر الإنسان بفطرته وعندما وعى بيئته وادرك ذاته، بان أمامه نوعان من التحديات: 1. التحدي الأول: حصوله على طعامه: وقد استجاب لهذا التحدي بان بدأ يأكل من النباتات الموجودة حوله، فعرف منها ما يصلح له وتجنب ما شعر بأنه يسبب الضرر له. ثم وعندما واجه تحديات اشد بهذا الخصوص، تلك التي تهدده بالمجاعة، استجاب اكثر لهذه التحديات بان اخذ يتعلم الصيد. وهو بهذا قد ادخل على حياته تعقيدا اكثر ومفرادت اكثر من ذي قبل: فاخترع لهذا الغرض ادواتاً للصيد من الهراوات ثم الرماح وبعدها القوس والسهم ونصب الشراك وضرورة العيش على جماعات متعاونة لحصول صيد اكثر والطمأنينة. ثم استجاب اكثر من ذي قبل فأخذ يدجن بعض الحيوانات وعلمها العيش معه. واستجابة منه اكثر من ذي قبل تعلم الزراعة فبدأ بزراعة النباتات التي تعطيه طعامه. وهنا بدأ تاريخ نشوء المجتمعات الإنسانية بصورها التي نقلها لنا التاريخ فنشأت القرى ومن ثم المدن وبعدها الدول. ووجد الإنسان نفسه مضطراً للبقاء قرب حقله فبنى بنفسه بيتاً بدائياً ثم زود هذا البيت بحيز لحيواناته الداجنة ثم أضاف له قسما لخزن منتوج حقله ثم زوده بمرافق بدائية. وهكذا تطورت حياته بتطور حاجاته استجابته لهذه الحاجات. وبتطور حياته هذه ازداد احتكاكاً اكثر بالميكروبات التي تسبب له المرض الذي ينتقل له من الحيوانات التي يقتنيها. وكذلك الأمراض التي تنقل إليه من غيره من أفراد الجماعة مباشرة، أم بواسطة الحشرات التي بدأت تتوالد حوله في الازبال والقاذورات والفضلات والمياه المتجمعة حوله. فبدأ المرض صفة وحالة تلازم الإنسان وشعر بوطأته عليه ومقدار ما تسببه الأمراض له من تعاسة وضرر، وكيف إن المرض اخذ يؤثر على مقدرته على العمل والإنتاج ومقدرته على توفير الطعام اللازم له ولأفراد عائلته فصارت المجاعة تتحداه وتهدده ثانيةً. 2. التحدي الثاني: والتحدي الثاني الذي لازم الإنسان منذ أول نشأته هو الخطر الذي يهدد حياته وهذا الخطر على نوعين: أ- أخطار مصادرها معروفة لديه: وهي أخطار الحيوانات المفترسة، وقد استجاب لهذا التحدي ومواجهة هذه الأخطار ويضع الحلول لمواجهتها: فهو إما اخذ يهاجم هذه الحيوانات ويقتلها بالأسلحة التي اخترعها، أو انه اتخذ لنفسه محلات وملاجئ تكون بعيدة عن هذه الحيوانات يحتمي بها. ب- أخطار لم يستطع أن يدرك كنهها ومصدرها مثل الظواهر الطبيعية: كالحر والبرد والفيضانات والصواعق والزلازل وغيرها من الكوارث.. وكذلك الأمراض. ولصلة هذه العوامل والأخطار المحيطة به وتأثيرها على حياته ورغبة منه في اتقائها نسب مصادرها إلى قوى مجهولة فعمد، كوسيلة لاتقائها، إلى ابتداع طقوس ومراسيم تقربه إلى هذه القوى كوسيلة لاتقائها والتقرب بها. فظهرت عادات وطقوس اخذ الإنسان يمارسها لاتقاء الأمراض والوقاية منها. وعند الإصابة بالمرض للشفاء منه. وبنفس الوقت بدأت تتجمع لدى الانسان معلومات بسيطة عن بعض الادوية وطرق المعالجة بها وذلك نتيجة لاحتكاكه المباشر والمستمر بالطبيعة وقد لعبت الصدفة دورها بهذا الخصوص، فعرف ان هناك بعض النباتات والاعشاب تنفع في علاج بعض الامراض … وهنا بدأت النواة الاولى لظهور علم العلاج الذي كان وقفاً على الكهان محصوراً بين جدران المعابد اللذين كان لهم الوقت الكافي بحكم عملهم وطبيعة المعابد كي يقوموا بالبحث وتطوير ونمو هذه الخبرات. وقد بقي الطب ومعالجة المرض مرتبطاً باعمال الكهانة ملازماً لوظيفة الكاهن. واستمر العلاج عصوراً عديدة على هذا المنوال حتى عصر حضارات وادي الرافدين – الحضارة السومرية التي ارتفعت مهنة وفن علاج الامراض الى مستوى رفيع وحيث بدأت تظهر مهنة الطبيب التي وصلت هذه المهنة في العهد البابلي الى مستوى وضعها في اطار تشريعي يحدد اعمالها وواجباتها كما ورد في شريعة حمورابي.(1) ثم جاءت الحضارة اليونانية والتي يمكن ان تسمى بحق عصر الدراسة العلمية لظواهر الطبيعية والكون، وكان من جملة العلوم التي عنوا بدراستها: هو علم الطب وشفاء الامراض. فبدأت النواة الاولى لعلم الطب بالظهور فتم تصنيف الامراض واماكن اصابتها لجسم الانسان وصنفت العلاجات لهذه الامراض وبدأ نوع من التخصص لدى بعض الافراد الذين تميزوا بكونهم اطباء مثل ابقراط الذي يلقب سابقا وحاليا بابي الطب وكذلك جالينيوس. وقد دلتنا اثارهم واخبارهم على المدى الشاسع الذي بلغه هؤلاء الرجال في مهنتهم والتي لازال اكثرها معترف به … ثم مرت عصور طويلة كادت تنقرض فيها الاثار العلمية التي خلقتها لنا الحضارة اليونانية ويلفها النسيان، لولا ان تلاقفتها الحضارة العربية في دور انبعاثها الاسلامي، فاعادت دراستها واحيائها وابطلت الخاطئ منها. وتميزت الحضارة العربية هذه بالاسلوب العلمي التجريبي. فتم تصحيح الكثير من الاخطاء اليونانية في ميدان الطب والصيدلة. فالعرب هم اول من وضع الاسس العلمية للتشخيص السريري. فقد بلغ علم الطب شأواً عظيماً في دقة المعلومات التي وردت فيه. وظهر اعلام في الطب اثار نبوغهم الاعجاب ولازال يعتبرون حجة في هذا الحقل. ان الذي يراجع كتاب (القانون) لابن سينا وكتب الرازي في التشخيص السريري وابن النفيس … وتذكرة داود الانطاكي … لا يسعه الا ان يأخذه العجب. ففي علم التشريح وصفوا جسم الانسان واجهزته واعضائه، فابن النفيس هو من اكتشف الدورة الدموية و ليس وليم هارفي وتشريح ابن الهيثم للعين البشرية جاء دقيقاً. اما براعتهم في تشخيص الامراض فتكاد تبلغ حد الاعجاز ولا يكاد يجاريهم في ذلك حتى كبار اطباء هذا العصر بدون ان يلجأوا الى استعمال الاجهزة الحديثة … اما براعتهم في وصف الادوية فلازالت لحد الان تعتبر المرجع للبحوث الطبية العلمية، حتى ليقال ان الادوية الحاضرة هي عبارة عن ادوية الصيدلية القديمة محسنة بطرق علمية ولم تزد الا ما جاءت به المعامل الحديثة والوسائل الفنية. وللتأكد من صحة هذا الرأي يمكن لاي شخص ان يراجع كتب (الاقرباذين) أي مفردات الصيدلة والطب القديمة التي لا زالت الملاذ لكل العلماء الذين يعملون في مختبراتهم حاليا على اكتشاف اسلحة جديدة لمعالجة الامراض فهم اذا ما طال بهم البحث واتعبتهم الحيلة في ايجاد دواء المرض يرجعون الى مؤلفات العرب القدامى ليعرفوا الطريقة والنبات الذي كانوا يستعملونه لهذا الغرض ليتحققوا بمختبراتهم من ذلك. نرى ان المرض قديم قدم الانسان نفسه عانى منه قديما ولازال يعاني منه لحد الان. فكم من الامراض والاوبئة كانت السبب في انهيار إمبراطوريات واندثار حضارات. والامراض التي تصيب الانسان اكثرها مسبب عن مكروبات نباتية كانت ام حيوانية او فيروسات، او تكون مسببة عن طفيليات وهناك من الامراض ما لا ينتج عن مكروب. 3) الانسان والصحة: المرض قديم قدم الانسان نفسه عانى منه قديماً ولازال يعاني منه لحد الان. فكم من الامراض والاوبئة ما كانت سببا في انهيار امبراطوريات واندثار حضارات وتشتت مجتمعات. والامراض التي تصيب الانسان اكثرها مسبب عن ميكروبات قريبة من النباتية (بكتريا) او قريبة من الحيوانية: وحيد الخلية (البروتوزوا) او طفيلية متعددة الخلايا.او ان تكون مسببة عن الفيروسات. وهناك من الامراض ما لا ينتج عن مكروب(1). بل هي من الامراض العضوية الناجم معظمها عن اختلال في فسلجة الجسم نتيجة الخلل في توازن البيئة التي يعيش فيها الانسان، خلل في التوازن الغذائي وخلل ناجم عن تلوث البيئة. وهذه الامراض الناجمة عن تلوث البيئة وخلل في توازنها، يرتفع خطها البيائي بارتفاع مستوى التقدم والحضارات في المجتمعات. والانسان منذ القدم ومنذ ان ادرك ذاته وانسانيته وهو مع المرض في صراع، صراع قادة الى ظهور علم الطب وفي العصور القديمة وقبل النهضة العلمية، بقي علم الطب يتحدث عن المرض وغفل في اغلب مراحله، الكلام عن الصحة … فكان تفكير الاطباء القدامى وكتبهم تختصر في موضوع المرض والمريض وشفاءه وليس في العمل على حماية من المرض والارتفاع بمستوى كفاءته الصحية.فلقد كان صراع الانسان مع المرض وليس من اجل الصحة. ولرب سائل يلتبس عليه الامر وقد يسأل: أليس صراع الانسان مع المرض هو صراع من اجل الصحة ؟ وهذا مفهوم خاطئ قد يكون شائعا في اغلب المجتمعات النامية، حيث يسود الاعتقاد الخاطئ بان الصحة لا تعني اكثر من عدم المرض وان الصحة تكون بعدم المرض او بالشفاء منه. ان الصحة هي من الامور التي يوليها الفرد عنايته واهتمامه. فكل يرغب ان يتمتع بصحة جيدة ويحاول ان يحافظ عليها، لان الصحة هي اغلى شيء يملكه وانها مصدر سعادته وبدونها لايستطيع العمل والانتاج، فلكي يكون بامكانه ان يملك التصور الصحيح بمعنى كلمة الصحة وتاريخ الجهود التي بذلها ويبذلها الانسان كي يحافظ على صحته ويطورها، يجدر بنا اول الامر ان نعرف كلمة الصحة وماذا تعني بالضبط. ان احدث واشمل وادق تعريف متفق عليه دولياً من كلمة الصحة ويمثل خلاصة بحوث علماء الطب والصحة والاجتماع. وقد اقرته منظمة الصحة العالمية: (( World Health Organization W.H.O)) للصحة التعريفان التاليــان: 1- التعريف الاول: الصحة هي: ((حالة من الكمال الجسمي والعقلي والرفاه الاجتماعي، ولاتعني فقط حالة عدم وجود المرض او العاهة او الضعف)). حالة من الكمال الجسمي: تعني ان الجسم قبل كل شيء يجب ان يكون خالي من المرض ولاوجود للعاهة والتشوهات فيه التي تعوق قيامه بواجباته، وان يكون هذا الجسم متمتعاً بالحيوية والنشاط وان يكون قادرا على مزاولة العمل والانتاج برغبة وحيوية. فالاشخاص الذين تكتنز اجسامهم بكثرة اللحم والشحم ويستمروا او الكسل والتهرب من العمل والانتاج همهم ما يدخل جوفهم، يتصوروا انهم يتمتعوا بصحة جيدة. وواقع الحال يقول انهم لايختلفون عن تنابلة السلطان يعيشون عالة على المجتمع وعلى غيرهم وحتى على انفسهم، هم في الحقيقة مرضى لعدم تمكن اجسامهم من العمل والانتاج. ان مبرر وجود الانسان في الحياة هو العمل والانتاج ((وقل اعملوا.. )) وبذلك يضيف الى تراث الحياة شيئاً مهما اعتقدنا انه ضئيل الا انه يكون بمجموعة الكمي والنوعي اثراء للحياة ويدفعها الى الامام. لان العمل هو الصفة الانسانية للانسان، ارتبطت صفة العمل والانتاج بشرف الانسان لانه يرتبط بأنسانيته. ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)) حالة من الكمال العقلي: تعني ان الجهاز العصبي والنفسي والذهني والعاطفي الانفعالي يجب قبل كل شيء، ان يكون خالي من الامراض النفسية والعصبية والحالة النفسية خالية من الشذوذ والعقد النفسية والعاهات العصابية. وان تكون الناحية العقلية والنفسية والعصبية بحالة من التوازن الذي يحقق للفرد الانتظام والاستقرار. ومع ذلك فان الفرد يجب ان يمتلك الفكر المبدع الخلاق الذي يؤدي الى خير المجتمع. حالة من الرفاه الاجتماعي: الصحة لاتكون بجسم وعقل الفرد فحسب، فلا يمكن ان تتحقق في الجسم والعقل، ما لم تكن البيئة والمحيط الذي يعيش ويتحرك ضمنه الانسان، صحيحة بمكوناتها وعناصرها وخالية من الشوائب والملوثات وفي حالة من التوازن الطبيعي التي توفر للانسان الصحة والنقاء بأكله ومشربه ومسكنه وتربته وهواءه وفي علاقاته الاجتماعية والانسانية وفوق هذا وذاك ان توفر البيئة للانسان المتعة والرفاه والانتظام بعمله وحياته. فالبيئة التي يحيى فيها الانسان، ولكي توفر له الرفاه والصحة في جسمه وعقله. ويجب ان تكون هذه البيئة متميزة بكونها: 1- بيئة صحية 2- بيئة ممتعة 3- بيئة منتجة تساعد الانسان على العمل والانتاج. والبيئة التي يحيا فيها الانسان، صحتها وتنظيمها وتطويرها والمحافظة على نقاءها وسلامتها من التلوث البايولوجى والكيمياوي والفيزياوي، اصبحت لها في العصر الحالي، من العلوم ما كثر عددها وتفرعت اختصاصاتها وبحوثها اخذت تحضى باهتمام حيوي متزايد دفعت دول العالم قاطبة، وعن طريق الامم المتحدة، الى الانتباه الى اهميتها ليس فقط على صحة الانسان بل وعلى مصيره وحضارته ومصير الحياة ذاتها على هذا الكوكب. 2- التعريف الثاني: لمنظمة الصحة العالمية وضعته عام 1946: ليست الصحة هي حالة الخلو من المرض والعاهات الجسدية فقط بل هي تمام العافية البدنية والعقلية والاجتماعية. فالصحة بعناصرها الثلاثة: الجسم … العقل … والبيئة، تتمثل بترابط هذه العناصر الثلاثة وتأثر كل منها بالاخرى. فالجسم المريض يقود حتماً الى انحراف بالصحة العقلية او النفسية ويؤدي حتماً الى عدم الاهتمام بالبيئة والاضرار فيها. وكذلك هناك الكثير من الامراض الجسمية منشأها اختلال في الناحية النفسية. كذلك فان البيئة الملوثة والغير مريحة تكون سبباً في انتقال الامراض الى الجسم وظهور الكثير من الامراض النفسية والعصبية. ان الانسان بتاريخه الطويل ولا يزال بتاريخه الحاضر وما يأمل ان يحققه بتاريخه المستقبل، قد سعى ولا زال يسعى عن طريق كافة نشاطات حضارته السابقة والحاضرة والقادمة، الى تحقيق ما ورد في تعريف الصحة هذا. فمضمون هذا التعريف هو عبارة عن ما يصبو الانسان الى تحقيقه لنفسه من الطمأنينة، الرفاه والسمو دوماً بانسانية نحو الكمال. وكما ان الصحة مهمة للفرد يهتم بها ويداريها، فهي للمجتمع اكثر اهمية، ذلك ان صحة الفرد مرتبطة ارتباطاً وثيقاً لصحة غيره من الافراد. وهي ركن مهم من اركان تطور المجتمع. فالمجتمع الذي يشكو افراده المرض سوف لن يكون بمقدوره التقدم. وعلى العكس المجتمع الذي يتمتع افراده بالصحة والقوة. فالعلاج المريض – مثلاً سوف لن يكون بمقدوره العمل والانتاج حتى لو توفرت له وسائل الانتاج الحديثة، وعلى العكس منه الفلاح الذي يتمتع بصحة جيدة. فالصحة اذاً هي الخطوة السابقة والمرافقة لكل عمليات التقدم البشري. فلا يمكن لاي مجتمع ان يتقدم بمشاريعه الانتاجية (الزراعية، الصناعية، الثقافية)، ما لم تسبقها وترافقها وتدخل في مقوماتها مشاريع وخدمات الصحة العامة. وكما ان الصحة هي الخطوة السابقة لكل تقدم بشري، فهي غاية بحد ذاتها لكل تقدم بشري. والا فما الغاية من كل ما تعمل وتصبو الحضارة الانسانية على توفره للانسان، اليس من اجل ان توفر له الطمأنينة والرفاه والسمو دوماً بانسانيته نحو الكمال. والصحة هي دعامة رئيسية من الدعائم الثلاثة التي يقوم عليها المجتمع الحديث. والدعائم هذه هي: 1- الصحة 2- اقتصاد مزدهر 3- ثقافة منطقية بناءه مدركة ويمكن ان نطلق عليها ثالوث التقدم الاجتماعي. وهي عكس الثالوث الذي يقود الى تأخر المجتمعات وتدهورها وهذا الثالوث هو: 1- الفقر 2- الجهل 3- المرض فكل تبديل او تغير يراد احداثه باي مجتمع يجب ان يستند اولاً على تبديل او تغيير بالافراد انفسهم (أي صنع انساني جديد) تغير في صحتـهم الجسمـية والعقلية والاجتماعية. أي تغير في الاسس الثلاثة التي يستند ويقوم عليها المجتمع. وهذا التغير يجب ان يستند على التخطيط والدراسة بحيث تضمن عدم الاخلال بتوازن عملية التغيير. أي ان عملية التقدم والتغيير يجب ان تشمل جميع اسس المجتمع بشكل متوازن. واستناداً الى ما سبق طرحه من شرح لتعريف الصحة الذي اوردته منظمة الصحة العالمية: استطيع ان اطرح تعريفاً تنموياً اجتماعياً مختصرا للصحة بمفهومها الاجتماعي التنموية وهو الصحة:(1) هي القدرة على العمل والانتاج. وتعبير القدرة: تعني توفر القدرة الطبيعية للجسم الانساني والقدرة العضلية والنفسية التي تندفع للعمل برغبة وشوق وقابلية، وان يكون هذا العمل منتجاً ويهدف بوسيلة ونتيجة الى الخير العام للمجتمع.
4) صراع الانسان من اجل الصحة: ان صراع الانسان من اجل الصحة يختلف في طبيعته عن صراعه مع المرض.فصراعه مع المرض بدأ واضحاً مقصوداً محدود المعالم ذلك ان المرض كان يشكل مشكلة آنية واضحة ملموسة وشكوى يومية. اما صراعه من اجل الصحة فقد بدأ عرضياً غير مقصود وغير واضح المعالم. فلقد بدأ الصراع من اجل الصحة يأتي عرضاً(1) كنتيجة لازدياد ثروة المجتمعات بسبب الحروب التي انشأت الامبراطوريات الغابرة فتكدست الثروات الكثيرة والتي كانت تنفق بالدرجة الاولى لانشاء المباني الكبيرة والانيقة وجلب المياه لها بقنوات خاصة وايجاد وسائل مخفية لتصريف القاذورات وانشاء الحمامات الخاصة والعامة والملابس النظيفة الغالية الثمن …الخ. كل هذه كانت وسائل ادت الى درجة ما الى المحافظة على الصحة وتحسينها، قادت اليها عملية تراكم الثروات، لم يكن القصد منها صحياً بل هو نتيجة للبذخ. لم تدم هذه الحالة باي من هذه المجتمعات بل كانت تضمحل بعد فترات معينة. وهذا ما يمكننا ملاحظته في الحضارات السامية والاغريقية التي قامت في وادي الرافدين ومصر واليونان وغيرها. فلقد فتح لنا علماء الآثار الباب على مصراعيه للاطلاع على ما جاء بهذه الثقافات. فلقد ادخل البابليون في قوانينهم التي سنوها لتنظيم المجتمع والتي تعتبر اول التشريعات المقننة في تاريخ البشرية. ادخلوا في هذه القوانين والشعائر الدينية تعاليم لها علاقة بالصحة الشخصية وتنظيم الحياة الجنسية وتنظيم مهنة الطب. والوسائل والاماكن والكيفية التي يتم بواسطتها تصريف القاذورات وكذلك التعقيم. وفي اوراق البردي الفرعونية ذات الكتابة الهيروغليفية التي تعود الى سنة 1500 ق . م. نجد معلومات لها علاقة بكيفية الوقاية من الامراض وطرق حفظ الطعام. اما الاغريق فقد قيل بانهم قد حققوا اعلى حالة من الكمال الجسدي عرفت لحد الان. وذلك نتيجة اتعشقهم جمال الجسم الانساني فتعهدوه بانواع التمارين الرياضية والتمتع بنور الشمس والهواء الطلق. والاثنيون قدسوا هايجا Hygia التي كانوا يسمونها ربة الصحة واكسير الحياة عند الاغريق. فانصبت تعاليمهم ومثلهم على الطريقة المعتدلة والمتزنة في الحياة، والتمارين الرياضية التي تحقق الجمال الجسمي، والحركات الجسمية الرشيقة وكذلك النظافة، وما ورد بتعاليم ابقراط حول غلي الماء قبل شربه وكذلك معالجة المسلولين بنصحهم بالانتقال الى الجبال حيث الهواء العليل. ولقد كانت المكتبة الهيلانية في الاسكندرية تحتوي على دراسات علمية في علم التشريح والفسلجة وحفظ الصحة. وان مثل هذه الدراسات كانت – بلا شك – متأثره بافكار وكتابات ابقراط وارسطوا وغيرهم من فلاسفة الاغريق واليونان. ثم جاء بعد ذلك الرومان الذين اشتهروا باعمالهم الهندسية العمرانية الباهرة. فشيدوا القنوات لجلب المياه، والمجاري لتصريف القاذورات وانشاء الحمامات العامة. وعينوا موظفين مسؤولين عن المحافظة على نظافة قنوات المياه ومنع تلوثها وقد كان هؤلاء الموظفين بمثابة المهندسون الصحيون في الوقت الحاضر. وكان هناك منذ القدم اروع نظام للمجاري في مدينة بكين الصينية(1). وبعد ذلك غرقت اوربا في عصور مظلمة حيث دلتنا المعلومات التي تعود لتلك الفترة بان الاتجاه الذي كان سائداً آنذاك اتجاهاً سلبياً يسوده الجهل والشعوذة نحو الصحة، فقد تميزت تللك الفترة بانتشار الاوبئة بكثرة مثل الطاعون والكوليرا و السفلس وغيرها. فقد كانت الاجرات الصحية الوقائية المتخذة آنذاك، مقتصرة على الاساطير الشعبية والخرافات واستعمال التمائم وغيرها. اما الاجراءات الصحية الوقائية فقد كانت مهملة ولكن ظهرت آنذاك طريقة الحجر الصحي. وبالوقت الذي عمت جميع العالم تقريباً فترة مظلمة هددت تراث الحضارة الانسانية بالضياع، بزغت شمس الحضارة الاسلامية العربية وعم نورها العالم اجمع. فالتعاليم الصحية جاءت كتعاليم وشروط يتطلبها الدين الاسلامي الحنيف. فمن الاحاديث النبوية الشريفة ((النظافة من الايمان)) و ((قصوا اظافركم فان الشيطان يكمن ما بين اللحم والاظافر)). وكذلك التوضؤ للصلاة خمس مرات باليوم … ((المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء)) و ((نحن قوم لانأكل حتى نجوع واذا اكلنا لانشبع)) و ((فروا من المجذوم فراركم من الاسد نادلوهم باطراف الاسنة)). هذا جزء يسير من الاحاديث الشريفة وهي تعاليم تمثل علم الوقاية من الامراض وحفظ الصحة العامة. وعند ازهار الحضارة الاسلامية وازدهار الحركة العلمية والثقافية ظهر اعلام في الطب وحفظ الصحة عرفوا ما للوقاية الصحية والشروط الصحية من اهمية فبينوا ما للهواء العذب النقي من تأثير على الصحة والغذاء الجيد والماء العذب والهواء والسكن الجيد. وقصة الرازي في كيفية اختياره مكان بناء المورستان في بغداد وذلك بان علق قطع من اللحم في جهات مختلفة من بغداد، وبعد فحصها بعد اربع وعشرون ساعة قرر بناء المستشفى في المنطقة التي كان فيها اللحم اقلها تفسخاً. وكذلك ما ورد في كتاب ابن سينا ((قانون الطب)) من وصايا وتعاليم للمحافظة على الصحة. وعند عودة الحملات الصليبية (مغلوبة) من ارض فلسطين، حملت معها الى اوربا معالم الحضارة الفكرية والعلمية التي كانت سائدة آنذاك في الشرق العربي. ومن جملتها علوم الطب وحفظ الصحة. فقد تم ترجمة كتاب قانون الطب وحفظ الصحة لمؤلفه الفيلسوف الشهير ابن سينا (الذي الفه سنة 980 – 1037 بعد الميلاد) الذي تمت ترجمته في اوربا بامر وايعاز من قبل ملك صقلية فردريك الثاني(سنة 1227 – 1250 بعد الميلاد) وقد ظل هذا الكتاب المرجع والحجة لكل علماء وفلاسفة اوربا لعدة قرون. ثم بدأت فترة النهضة العلمية في اوربا وظهرت فيها افكار تدعوا الى حب الطبيعة والتمتع بخيراتها. وقد ادت هذه الافكار الى حدوث رد فعل عنيف ضد الافكار الداعية الى حياة التقشف. ففي سنة (1378 – 1446 بعد الميلاد) انشأ احد اثرياء روما، مدرسة خاصة لتدريس طرق حفظ الصحة والتمارين الرياضية، حيث كانت صحة الطلاب في هذه المدرسة خاضعة للعناية والملاحظة المستمرة. واظهر البابا بيوس الثاني ميلاً واهتماما خاصاً للعناية بتناسق التركيب الجسمي وتحسين طرق الاكل والشرب وضرورة التأكيد على تعليمها في المدارس والكنائس. واتجه اهتمام العلماء في هذه الفترة الى دراسة علم التشريح البشري وقاموا برسم لوحات جميلة وتماثيل دقيقة تبين جمال تناسق جسم الانسان. ثم اكد علماء اخرون على ضرورة تدريس جسم الانسان والعناية به والتمارين الرياضية والحركات التي تؤدي الى بناء وتمثيل جسم الانسان، اكدوا على ضرورة تدريسها في المدارس. ثم كان بعد ذلك لكتابات بعض الروائين والكتاب مثل جان جاك روسو الفرنسي وتشارلس ديكنز الانكليزي، تأثير جيد على تحسين بعض النواحي الصحية االتي كانت سائدة آنذاك والتي كشفتها هذه الكتابات الى الرأي العام مبينة مساوئها وظروفها اللاإنسانية وتأثيرها على المجتمع. مما ادى الى تحسين ملبس الاطفال وتغذية الرضع. وقد بين روسو بان ((الجزء النافع من علم الطب هو علم حفظ الصحة، الذي هو فضيلة قبل ان يكون علماً)). مما سبق يتضح لنا بان الانسان في نشدانه للصحة لم يكن ناتجاً عن معرفة بكنة الامراض ومسبباتها بل جاء عرضاً نتيجة لزيادة الثروة وبنشدانه الى وسائل الرفاهية والترف، ثم بعد ذلك بسبب ادراكه ما لعناصر الطبيعة من تأثير على صحة الانسان كالشمس والهواء والسكن والنظافة والتغذية والرياضة. ولعل هناك من ادرك بالحدس ان هذه الامراض لابد ان تنشأ عن شيء غامض لا يمكن رؤيته ينتقل من شخص الى آخر بوسيلة ما. لهذا نرى عادة حرق الموتى في الهند منذ قديم الزمان التي يمكن اعتبارها اجراءً صحيا في بلد تكثر فيه الاوبئة والخطر الناجم عن دفن جثث الموتى. وكذلك ابتداع طريقة الحجر الصحي للمصابين بامراض وبائية وقد استعملت هذه الطريقة بقساوة بعيدة عن الانسانية في اوربا في الفترة المظلمة حتى كان يكفي ان يقول احدهم بظهور اصابة بالطاعون في بيت ما حتى يتم بناء باب البيت ونوافذه حالاً على ساكنيه ويتركوا هناك حتى الموت. ولكن صراع الانسان من اجل صحته والمحافظة عليها لم يبدأ بصورة واضحة المعالم بصوره علمية، الا حين تم اكتشاف الميكروبات التي تمت دراستها وطرق تكاثرها ووسائط انتقالها وكيفية مكافحتها والتحصين ضدها. ولا بأس ان ندرج نبذة مختصرة عن صراع الانسان مع الميكروب.
5) صراع الانسان مع الميكروب(1). بدأ هذا الصراع منذ ثلاثة قرون، بين الانسان وبين الميكروب وهي حرب ضروس قامت منذ حين قريب بيننا وبين هذه الاعداء الصغيرة التي عاشت منذ الازل في رحابنا عيشة الاحلاف، واقامت بين اظهرنا منذ كانت الحياة اقامة الاضياف، وفتكت بنا فتكاً دونه فتك النار والحديد. تلك الجنود المجندة المروعة التي وجدنا اعظم خطرها في صغرها، واشد مراسها في دقتها، وانكى دهائها في خفائها. وقد قام نفر من الرجال اللذين يتحملون الالم الاليم في سبيل المبدأ الكريم، الذين يتحلون بالصبر على المكاره ابتغاء نفع الانسانية ومرضاه لوجه الله. وهؤلاء هم:
1) لوفن هوك: ((1632 – 1723))م المولود في قرية دلفت الهولندية (سنة 1632 – 1723) بائع الاقمشة الهولندي الساذج الذي ضحك منه اهل بلدته واستمعت لم الجمعية الملكية البرطانية وصفقت له خمسين عاماً. الذي شاءت له ارادة الله ان يكون اكتشاف ذلك العالم العجيب من الكائنات الغير مرئية، على يديه من دون علماء ذلك العصر واطبائه. اليس عجيباً ومدهشاً ان يكون فتح باب ذلك العالم المجهول وارساء الحجر الاساسي للعلوم الحياتية وعلوم الطب والصحة على يد بائع اقمشة بزاز محدود الثقافة يعيش في قرية. فقد ولع لوفن هوك لدرجة الهوس بالعدسات التي تكبر الاشياء فكان يستعملها للنظر الى كل شيء يقع تحت يديه. وكانت العدسات في عصره بسيطة لم يرضى بها اضافة الى انه لم يكن يرغب بشراء اعداد كبيرة منها. فعمد خلال عشرين سنة من حياته الى الذهاب الى صناع النظارات وتعلم مبادئ نحت الزجاج، وخالط الكيميائين والصيادلة وتدخل في اعمالهم ونفذ الى اسرارهم، فعلم كيف يستخرجون المعادن من خامتها، حتى تعلم صناعتها واتقنها وحسنها واخذ يركبها في مستطيلات صغيرة من النحاس او الفضة يصنعها بنفسه. حتى توصل الى صناعة الميكروسكوب تلك العين السحرية التي اطلت على عالم الميكروبات العجيب. كان جيرانه يظنون به الخبل ويتسارقون الضحك منه بينما كان يشق لنفسه طريقاً عسيرا الى صناعته عدسات صغيرة جدا قطرها دون 1/8 البوصة، غاية في التماثل، غاية في الكمال، بلغ منها ان أرته دقائق الاشياء كبيرة ضخمة في صفاء وروعته. ثم بدأ يصوب عدسته الى كل شيء وجد. فقد كان لوفن هوك كالجرو يتشمم كل ما حوله فلا يميز الطيب من الخبيث ولايعوقه عائق من عرف او ادب. لقد كان رجلاً شكاكاً ملحاً في شكه. فلم يقنع بالنظر خلال ميكروسكوب واحد فاكثر من صناعتها حتى تجمع لديه المئات منها. ومن اقواله: ((لقد انفقت على مشاهدتي زمناً طويلاً لايتسع له تصديق الكثيرون، ولكني انفقته في سرور ولذة، ووضعت اصبعي في اذني كلما سمعت الناس يقولون: ولم كل هذا التعب؟ وما الفائدة من هذا التعب؟ فان هؤلاء قوم لايفقهون، وانا انما كنت اكتب لطلاب الفلسفة ورواد الحكمة …)). وقد ظل يعمل من غير راء ولاسامع ، من غير مادح مصفق او مهلل مكبر، مدة بلغت العشرين عاماً. وكانت الجمعية الملكية البريطانية اول مستمع له وقد راعهم ما قاله لوفن انه رآه بعدساته الجديدة. وقد استمر بمثابرته على صنع عدسات جديدة والح فيه الحاح معتوه، ثم شغفه بعد ذلك بنظر كل شيء، فنال من ذلك خبرة وكسب مرانا هيأة لاستقبال ذلك اليوم المفاجئ الخالد، يوم نظر من خلال عدسته الى … قطرة ماء. تلك النظرة الى تلك القطرة … بدأت تاريخاً مجيداً فبمجرد ان نظر الى تلك القطرة خلال عدسته، حتى بدأ اضطرابه رعد بغتة صوته، واخذ يصيح لابنته في اهتياج ظاهر ((تعالي . تعالي . اسرعي! اسرعي! اني ارى احياء في الماء، احياء صغيرة، انها تسبح، انها تدور وتلعب، انها اصغر الف مرة من الحيوانات التي تراها اعيننا المجردة. انظريها وانظري ماذا اكتشفت. لقد كان يوما في العلم مشهور. فقد سبق العالم فأطل على عالم عجيب لايبلغه البصر، عالم من مخلوقات صغيرة عاشت ونمت وعاودت النماء، وتقاتلت وعادت التقاتل، وماتت، وكل ذلك تحت عين الانسان وسمعه، ومنذ بدأ الزمان والانسان لا يسمعها، والانسان لا يبصرها. مخلوقات على صغرها اهلكت شعوباً واذلت امماً من رجال يكبرونها عشرات الملايين من الاضعاف. ومخلوقات قتالة، تقتل في صمت، تقتل الطفل وهو في مهده وتقتل الملك بين اعوانه وجنده. تلك المخلوقات الخفية الحقيرة العدوة اللدود. والتي قد تسالم احيانا وتصادق. هي التي نظر اليها لوفن هوك اول رجل على ظهر البسيطة. وقد اعاد الرجل النظر الى هذه المخلوقات آلاف المرات فوجد منها انواعاً شتى. ثم عمد الى قياس هذه المخلوقات ولما لم يكن لديه قياس معلوم آنذاك لاستعماله بهذا الخصوص عمد الى نسبة قياس عين قملة فجاءت مقاييسه مطابقة للواقع. ثم تعلم مصادفة كيف يربي هذه المخلوقات ويكثرها في منقوع الفلفل الجاف. وبهذا الكشف العظيم نال عضوية الجمعية الملكية البرطانية. وقد وجد لوفن هوك هذه المخلوقات في اماكن عديدة، فوجدها في فم الانسان وفي امعاء الضفدع والخيل وامعائه هو. وكان يجدها اسراباً كلما اعتراه اسهال ولكنه لم يقل او يشير الى انها تسبب الضرر للانسان. ومرت السنون وهو يشتغل بالبزازة في دكانه الصغير، او يقوم بكنس دار البلدية في ((دلفت)) فشاع ذكره في اوربا وجاءه بطرس الاكبر قيصر الروس يقدم له احترامه، وسعت اليه ملكة الانجليز في بلدته لترى الاعاجيب من خلال عدساته. واذا كان لوفن هوك قد فاته ان يرى الجراثيم التي عنها تنشأ امراض الانسان، واذا كان خياله قد قصر عن ادراك ما تأتيه حيواناته من قتل واجرام، فلم يفته ان يدرك ان هذه الحيوانات التي تفلت من العين قد تقتل وقد تأكل حيوانات تجل عنها اضعافا كبيرة فوجد انها تفترس اجنة نوع من المحار المسمى ببلح البحر. هذا هو لوفن هوك الذي فتح الباب على مصراعيه للقادمين من بعده على دراسة هذا العلم العجيب من المخلوقات.
2) الايطالي لازارو اسبلراني. (1729 – 1799)م. القس الماكر الذي مالق الكنيسة والسلطان لكي يعيش ولكي يعمل في سكون الذي ناضل الجند بغير اهبة الجند وعدة الجند. الذي اثبت من مرق اللحم الذي كان يربي فيه الميكروبات ككل الاحياء لابد لها من آباء ولايمكن ان توجد من لاشيء فقد كان الرأي الشائع آنذاك، ان الشيء قد يخرج من لاشيء. وان في الاقذار المركومة والاوساخ المتراكمة تتوالد من غير والد. حتى العلماء كانوا من جانب هذا الرأي. فقد اعلن الطبيعي الانجليزي ((رس)) بيقين ((ان من يشكك في ان الخنافس والزنابير والذباب تكونت من روت البقرفانما يتّهم العقل والحس والتجربة)) حتى الحيوانات التي هي اعقد من هذه واكثر اعضاء كالفئران لاحاجة بها الى الامهات والابآء، ومن قال غير هذا فعليه ان يذهب الى مصر ليعرف كيف تعج الحقول بالفئران التي تكونت من غرين النيل فأذت السكان ايذاءً كبيراً فبرهن اسبلزاني بالمختبر بان الحياة لاتنتج الا عن حياة، حتى الميكروبات. ثم برهن على ان هذه الميكروبات تتكاثر بطريقة الانشطار وليس الولادة او البيض. وقد اهدى هذا الرجل الجليل للعلم مثانته الوبيئة لدراستها.
3) الكيميائي (الصيدلي) الفرنسي لويس باستور: (1822 – 1895)م. داهية الميكروب وداعيته، الرجل الذي فتح عيون الناس وسعها لمخاطرة وارزائه وفتحها وسعها لنعمه وآلائه. الرجل الذي فسر من ظواهر الكون الازلية ما عجزت عن تفسيره الدهور. برهن على ان هناك نوعاً من الميكروبات تسمى الخمائر هي التي تحول عصير العنب والبنجر الى خمر والى خل وبرهن على ان هناك مكروبات تفسد هذا التخمر وذلك بقتلها الخمائر. وبرهن كيف يتخثر لبن الابقار بواسطة الميكروبات. واكتشف طريقة تعقيم الحليب بواسطة البسترة التي تقتل الميكروبات المرضية. برهن واثبت ان الميكروبات هي التي تسبب الامراض للانسان فافزع الخلق بذلك. فقاموا قومة واحدة يعلنون عليها حرباً عواناً لن تنطفئ وقدتها ابداً. فقد قال ((ان الانسان قوته في مقدوره محو الامراض المعدية من على ظهر البسيطة)). برهن على ان سبب مرض وموت دودة القز التي تنتج الحرير هي ميكروبات وبين الطريقة التي يمكن اتباعها. اوجد مصلاً لداء الكلب فانقذ البشر من خطر الموت شر ميتة. اوجد مصلاً لداء الجمرة الخبيثة فحمى الحيوانات من الموت بها. لقد اغرى باستور كل فرنسي ان يهتم لهذه المكروبات، من الامبراطور في عظمته وابهته، الى الزبال بين قمامته. وشغل حديث الميكروب اوربا كلها فلم يعودوا ينظرون الى هذا الميكروب نظرتهم الى اللعبة المسلية، بل عرفوا مقدار نفعه لبني الانسان واوشكواان يعرفوا مقدار ضرره لبني الانسان كذلك، وكيف انه على صغره يعيش فيهم تلصصا واغتيالاً. لقد فتح هذا الرجل الفذ الطريق امام العلماء الباحثين لدراسة المكروبات التي تسبب الامراض وبذلك وضع الحجر الاساس لعلم الطب الحديث وعلم الصحة العامة ومكافحة الامراض والوقاية منها.
4) الطبيب الالماني كوخ: (1843 – 1910)م. طبيب القرية الذي ضجر بالطب لجهله اسباب الداء ثم ادعائه علاجه. الذي شغله البحث في اصول الامراض عن مداواة اربابها. الذي حقق احلام باستور واثبت ان الميكروب ينتج الامراض، وان لكل مرض مكروب يخصه، ويخصه وحده. الذي علم الدنيا كيف تصطاد النوع الواحد من الميكروب، وتصطاده خالصاً خالياً من الاخلاط. الذي كشف مكروب الجمرة الخبيثة قاتلة الماشية والانسان، ومكروب السل قاتل الانسان والحيوان. الرجل الذي كشف مكروب الكوليرا على ارض مصر في اجسام ضحاياها. البطل الذي نزل بساحات الموت فاطلقه فيها ارفع بنوده، وقاتلته على ارضها افتك جنوده فاسر منها على هواه، وخرج عنها سالماً قد اخطأته سهامها قضاءاً وقدراً. علم الناس كيف يبدأون في محاربة المكروب ويدفعون عن انفسهم اسباب المهالك التي تكمن لهم خفية في الظلام. وهكذا بدأ في حمل الاطباء على الاقلاع عن اللعب الهازل بالحبوب والعلق في مدافعة الادواء واحلال العلم والمنطق محل السحر والخرافات. ادخل طريقة تصوير الميكروبات فوتوغرافياً من المجهر رأساً حتى يمكن دراستها. اوجد طريقة زرع الميكروبات على مادة غذائية صلبة مثل سطح البطاطس وبذلك استطاع تربية انواعها منفصلة عن بعضها لا مختلطة.
5) الصراع مع الدفتريــا: اكتشف تلميذ باستور (اميل رو) الفرنسي سمها. واكتشف تلميذ كوخ (اميل فون بارنج) المصل الواقي منها والشافي لها.
6) علم الحصانة: Immunity العلم الذي لايزال ناشئاً، وبه تتفسر لنا مناعة الانسان من الميكروب، فالذي بدأ هذا العلم، على نحو ما، هو رجل باحث كثير الاهتياج، قليل الاتزان، ذو جنة تعاوده كثيرا، كان يهودياً يدعى ايلي منشينكوف. ولد في جنوب روسيا عام 1845م. قال ان في اجسامنا في دماءنا كريات بيضاء تلتهم الجراثيم فتحمينا من ويلاتها. وهذه الكريات البيضاء – التي سموها فاجوسات – هي سبب حصانتنا من العدوى. واوجد الاسس التي يستند عليها علم الحصانة من الامراض.
7) ثيوبلد اسمث: الرجل الذي قاد الانسانية فمالت معه حيث مال الى طريق جديد طلع عليها بامل جديد. اول امريكي سبق الى كشف الميكروب. اكتشف الميكروب الذي يسبب الحمى التكساسية التي تفتك بالابقار وتوصل الى ان هذا الميكروب ينتقل من بقرة الى اخرى بواسطة القراد. وبذلك كان اول من اوضح احد السبل التي ينتقل بواستطها الميكروب من المريض الى السليم واول من بين اهمية الحشرات كواسطة لنقل الميكروب. فهو يعتبر اول ناجح في تتبع أثر ميكروب قاتل، والكشف عن السبيل الذي يسلكه الى حيوان بركوبه على ظهر اخر. فينتقل الميكروب من البقرة المصابة الى السليمة عن طريق مص القراد لدم المصابة ونقله الى دم السليمة. ثم بين كيف يمكن حماية الابقار من هذه الحمى وذلك بمكافحة القراد وقتله بالمبيدات.
8) والتر ريــد: الامريكي الذي ترأس بعثـة الحمى الصفراء في منطقة قناة بناما. الذي اثبت ان سبب الحمى هو فايروس لا يمكن رؤيته بالمجهر انذاك. وان هذا الفايروس يوجد في دم المصاب. ينتقل هذا الفايروس من المصاب الى السليم بواسطة بعوض من نوع خاص يسمى (ايدس اجبتا) يضع بيوضه في المستنقعات والمياه الاسنة التي تفقس عن يرقات ثم تتحول الى خادرات تخرج من البعوضة البالغة. فدرس مرض الحمى الصفراء وفايروسه ودرس البعوض وعاداته. قام بتجاربه على نفسه وعلى متطوعين فاصابتهم الحمى ولكن مشيئة الله انقذتهم من الموت. وبذلك اوجد ريد الاسس الاولى لمكافحة الامراض والوقاية منها عن طريق تصحيح البيئة الصحية.
9) سير رونالد روس والملاريا: الانكليزي الذي تتبع دراسة مرض الملاريا والطفيلي الذي يسببه وهو من قام بتتبع البعوض الناقل لطفيلي الملاريا فبرهن على ان انثى بعوض الانوفلس هي التي تنقله واجرى تجاربه وبحوثه في فلسطين
10) بول ارليش الالماني: الذي صنع حقاً رصاصة من عبقر. قلب سماً معروفاً مألوفاً يتخذه القتلة المجرمون لابادة الانفس، فصيره دواء وشفاء وخلاصا لتلك الانفس من داء من شر داءاتها(1). طبخ الرزنيخ طبخة ومزجه مزجةً احالته الى عقار يذهب عن مرضى بني الانسان بلعنة ذلك الداء الكريه ذي المكروب اللولبي، ذلك الداء القبيح الاسم الاسم الذي هو جزاء الخطيئة الكبرى، مرض الزهري او السفلس.
6) صراع الانسان من اجل تحسين بيئته الصحية: هذا هو تاريخ صراع الانسان مع الميكروب ،استمر هذا الصراع قدما في الكشف عن ميكروبات معظم الامراض ولازال مستمرا" لحد الان وسيبقى مستمراً حتى يتم القضاء على جميع الامراض . صراع بدأه رجل قماش لم يثقف ثقافة مذكورة ومع ذلك كان اول راء رأى الميكروب.ثم جاء كيميائي فاوجد للميكروبات مكانة ذات بال في خريطة الوجود، وارعب الناس منها وارعد.ثم تلاه طبيب قريه،فجعل من صيادة الميكروب شيئاً منظماً قارب ان يكون علماً صحيحاً. واراد فرنسي والماني ان ينجو بالاطفال من سم مكروب من اقتل المكروبات، فجزرا في سبيل ذلك عدداً لا تحصى من الخنازير الغينية ومن الارانب لو تراكمت لبلغت اكواماً كالجبال. ان تاريخ هذا الصراع تاريخ ملئ بالمخاطرات الجميلة، والايحاءات النادرة، ولكن به كذلك كثيراً من الغباوات المدهشة والمتناقضات المجنونة. ولكن هذا الصراع فتح الطريق العلمي بوضوح امام الانسان في صراعه من اجل صحته. واستمراراً لصراع الانسان هذا من اجل صحته ونتيجة للمعلومات والخبرات التي تجمعت حول الميكروبات وطرق تكاثرها وكيفية انتقالها واحداثها للامراض. فانتقل هذا الصراع الى تبيان اهمية البيئة التي يعيش فيها الانسان في نشوء الامراض وانتقالها. مثل القاذورات والماء والسكن والحشرات وغيرها. فبعد ان كانت الجهود توجه فقط لدراسة الميكروب وطرق مكافحته في جسم الانسان، انتقلت هذه الجهود الى دراسة الاماكن التي تتوالد ويعيش فيها هذه الميكروبات والوسائط التي تنتقل بواسطتها للانسان. ففي القرن الثامن عشر ادرك كل من ادوين شادوبك والدكتور ساوت وود سمت – في انكلترا بملاحظتهما القوية العلاقة بين الفقر والمرض، وان الامراض اكثر انتشاراً بين طبقة الفقراء منها بين الطبقة الغنية والمتوسط. لان الفقراء يعيشون على الغالب في احياء مزدحمة وقذرة ولا توجد بها مجاري بينما تنتشر القمامة في الشوارع، ثم ان الاكل الذي يأكلونه كثيرا ما يكون في منتهى القذراة. وعلى الاثر قام فريق من اصدقاء الرجلين والاطباء بجملة بحث وتحري عن الاحوال الصحية في الاحياء الفقيرة ووضعوا نتيجة لذلك تقريراً عن النتائج التي توصلوا اليها يؤيد رأي شادويك وزميله. وقد ادى هذا التقرير الى اثارة الرأي العام هناك في حينه. فتم سن اول قانون من نوعه في العالم سنة 1828، وهو قانون الصحة العامة واقامة اول مجلس عام للصحة للقيام بتحسين موارد المياه واقامة مشاريع المجاري وتنظيف المدن. وبنفس الوقت كان نفس الشيء يحدث بامريكا في ولاية ماسوشوستش عندما نشر لمفل شاتاك تقريراً مسهباً مشابهاً لتقرير السير ادوين شادويك وزميله، والذي ادى الى نفس النتائج. ومنذ ذلك التاريخ ارسيت الاسس الاولى لعلم الصحة العامة والبيئة الصحية فبعد ان كان التفكير قاصراً على صحة الفرد والتفكير بسعادته ومختلف شؤونه، اتجه في الوقت الحاضر نحو العناية بصحة الجماعة وعلاج الامراض والعيوب الجسمية والاخلاقية والاجتماعية، والنظر في تحسين حالة المجتمع والنظر اليه كوحدة اصلاحية.
الصحة العامة: Public Health تعرف بانها علم او فن الوقاية من الامراض، واطالة الحياة ورفع المستوى الصحي العام والجدارة البدنية عن طريق تنظيم وتوجيه الجهود في المجتمع. فهي تلك المبادئ الصحية السليمة التي تستخدم في ميادين الحياة الاجتماعية، لوقاية الافراد، والجماعات من الامراض، وخاصة الامراض الانتقالية، الوبائية والمتوطنة، والعمل على استمرار تطبيق التدابير الفنية المتخذة ومتابعتها، وتقوية مقوماتها حتى تتوافر المستويات الصحية التي تليق بحياة شعب ينشد الراحة والطمأنينة تحت ظل الصحة.فهذا العلم يتضمن جميع الاعمال التي تقوم بها الدوائر الصحية من اصلاح للبيئة ووقاية من الامراض المعدية، ويتناول ايضاً الاطعمة وتركيبها وما هيتها وتأثيرها في المرض والصحة وطريقة فحصها من الغش وما ينتج عنها من الاضرار وما تسببه من الامراض. ويبحث كذلك عن المناخ وصحة اماكن السكن والتهوية وعن الطرق الحديثة في تنقية البلدان من الاقذار بواسطة المجاري وغيرها. وتنقية مياه الشرب. والصحة العامة بمدلولها ومفهومها العلمي –وان كانت – تعني الطب الواقي الذي من شأنه ان يتوالى الى التدابير الوقائية البحتة، ويوفر سبل التعليم الصحي، والثقافة الصحية، ويهيء الفرص الدعائية، ويبذل كل طاقاته لرفع المستوى الصحي العام، وضمان بيئية صحية سليمة، الا انه اخذ يتطور في الوقت الحاضر فأخذ يشمل النواحي العلاجية المبنية على اسس وقائية فبعد ان كان العلاج يقدم عشوائيا لعلاج الامراض، تتجه النية حالياً الى تقديم العلاج للامراض ضمن حملات منظمة لابادتها، أي القيام بالاجراءات الوقائية لمنع انتقالها للانسان، وبنفس الوقت المعالجة الجماعية للمصابين وبذلك يتم قطع دابرها وابادتها. ويمكن ملاحظة هذه الصورة بوضوح في حملات ابادة الملاريا. فالسياسة الصحية في جميع بلدان العالم لم تعد قاصرة على علاج المريض فحسب، فهذه اسهل مسائلها، لان هناك البيئة واصلاحها. والا فكل علاج شافي للمريض مهما حسنت نتيجته لا يؤدي الغرض المنشود منه، بل يجب ان يقترن العلاج بمقاومة الامراض ومنعها. لان المريض اذا شفي وعاد الى بيئته الفاسدة التي مرض فيها، لقى فيها ثانية الاسباب المباشرة وغير المباشرة المهيئة لعودة المرض اليه. فالفرق بين السياسة الصحية الوقائية والسياسة الصحية العلاجية يمكن توضيحه بالقصة القصيرة التالية: (( كان هناك طريقاً جبلياً واحداً يستعمله الناس في السفر بين مدينتهم وباقي المدن، يضيق هذا الطريق لحد الخطر عند حافة واد سحيق حيث تكثر حوادث سقوط المسافرين، وقد اراد يوماً سكان تلك المدينة ان يعالجوا تلك المشكلة فبنوا في ذلك الوادي عند اسفل الجبل مستشفى لمعالجة الضحايا والاعتناء بالمصابين. وسرعان ما ادرك سكان تلك المدينة انهم بحاجة الى اكثر من مستشفى، وذلك لكثرة وتزايد حوادث السقوط. وعندما ارادوا بناء مستشفى اخر اقترح عليهم بعضهم بناء حائط متين مرتفع عند حافة الطريق الجبلي يقي المسافرين من السقوط. وعندما اتموا بناء الحائط لم تعد هناك حوادث سقوط اخرى وكنتيجة لذلك لم تعد هناك حاجة للمستشفى فحولوها الى فندق للراحة)).
ان المشاريع الصحية الوقائية والاجتماعية يراد بها تحقيق نتيجتين هما: 1- تحصين افراد المجتمع ضد الامراض وذلك بخلق مناعة لديهم ضدها. وقد تكون هذه المناعة مكتسبة عن طريق التلقيح والتطعيم، او بتطوير وتنمية المناعة الطبيعية لديهم عن طريق رفع المستوى الاقتصادي والثقافي والصحي. 2- القضاء على الامراض ومسبباتها في اماكن تواجدها وقطع الطرق التي تسلكها للوصول الى الانسان. وهذا يكون بتطوير البيئة الصحية وعاداتها في المجتمع وذلك بتنظيفها وتنسيقها صحياً.
كيف تنتقل الامراض الى الانسان..؟: ان الانسان هو الحاضن وموطن المكروب المرضي. أي ان المكروب المرضي لا يمكنه ان يعيش ويتكاثر خارج الجسم البشري، أي انه لضعفه لا يستطيع الا ان يتطفل على الجسم البشري. فهو يحتاج الى: أ. درجة حرارة 37.5 مo وهي درجة حرارة الجسم البشري. ب. وسط عالي الرطوبة وهذا متوفر في الجسم البشري. ج. وسط عالي وغني بالمواد الغذائية وهذا متوفر في الجسم البشري. وان وجود المكروب المرضي خارج جسم الانسان يكون لفترة قصيرة يجب خلالها ان يصل الى جسم انسان آخر والا لمات هذا المكروب. والمكروب عند وجوده خارج الجسم البشري مدة طويلة فانه يفقد القدرة على التغذي والتكاثر وكلما طالت فترة بقاءه خارج الجسم البشري كلما ازداد ضعفاً ويقرب من نقطة الهلاك مالم ينتقل الى جسم انسان آخر بواسطة احد عناصر البيئة. وحتى يمكن تصور سلسلة انتقال الامراض من الانسان المريض او الحامل للمرض الى الانسان الصحيح، علينا ان نعرف العوامل الضرورية لانتقال المرض وهي: 1- العامل المسبب للمرض – المكروب. 2- الحاضن او موطن ومصدر العامل المسبب هذا. 3- اسلوب مغادرة العامل المسبب هذا الجسم المريض او الحامل للمرض. 4- اسلوب وصول العامل المسبب هذا الى الجسم الصحيح. 5- طريقة دخول هذا العامل المسبب الى داخل الجسم الصحيح. 6- وجود الجسم القابل للاصابة بالمرض. ان فقدان احد هذه العوامل يجعل من غير الممكن الاصابة بالمرض ويمكن ملاحظة هذه العوامل بالمخطط التالي وتفسيره وفق نظرية الصحة العامة(1):حسب رأي ان خدمات الصحة العامة تقسم الى قسمين رئيسين هما: اولاً: خدمات الصحة العامة الاساسية: تقسم الى: 1- الخدمات الخاصة بتشخيص وعلاج المرض: وخدمات العلاج المبينة على اسس الصحة العامة تعتيبر من الخدمات المرتبطة والمتكاملة مع اجراءات صحة البيئة والاجراءات الوقائية،بحيث يتم استئصال ومكافحة المرض كمشكلة صحية في المجتمع ولاتقف عند علاج المرض كحالات فردية منفصلة بعضها عن البعض الاخر وبمفرد عن المجتمع والبيئة ككل. كما ان المكروب الذي يغادر جسم المريض الخاضع للعلاج يكون اضعف منه اذا كان المريض غير خاضع للعلاج. والخدمات هذه تتكون من الخدمات التالية: أ. الخدمات الطبية – في المستشفيات والعيادات (الرسمية والخاصة). ب. خدمات التمريض بانواعها. ج. خدمات النقاهة. د. خدمات التأهيل. هـ. الخدمات المختبرية. و.الخدمات الشعاعية. وهذه الخدمات تنصب على المريض والحامل للمرض فهي تلاحقها وتحاول الكشف عنها واخضاعهما للعلاج. 2- اجراءات صحة البيئة: هذه الاجراءات تتعامل مع البيئة التي يعيش فيها الانسان وعناصرها التي تشكل اماكن تساعد على توطن المرض (العامل المسبب) عند توفر الظروف البيئية الجغرافية ((كالمناخ والرطوبة ودرجة الحرارة والتربة والرياح)) وكذلك تعمل عناصر البيئة هذه كوسائل او وسائط تستخدمها هذه المكروبات المسببة للمرض وعناصر البيئة هذه هي: أ- الماء ب- الادوات والوسائل ج- التربة د- الهواء هـ- الطعام بانواعه… فخدمات صحة البيئة تتعامل مع هذه العناصر وتمنعها من ان تكون وسائل صالحة للمكروبات. وبذلك يتم قطع سلسلة انتقال المرض ومحاولة حصر اعمال مكافحته في اجراءات معالجة المريض وبالنتيجة وبالتدريج يتم استئصال العوامل المسببة للمرض كما يحصل حالياً في اعمال استئصال الملاريا وما ثم فعلاً في عملية استئصال الجدري من الكرة الارضية. أي ان نظرية اجراءات الصحة العامة تعتمد في الاساس على فكرة ومبدأ استئصال الامراض من على الكرة الارضية أي استئصال العوامل المسببة للمرض. 3- اجراءات وقاية الانسان الصحيح وحمايته من المرض: هذه الاجراءات تتعامل مع الانسان الصحيح لغرض حمايته من الاصابة بالمرض، وخصوصاً ذلك الانسان الضعيف القابل للاصابة بالمرض فالعامل المسبب للمرض أي المكروب لا يمكنه ان يسبب المرض لاي انسان بل يجب ان تتوفر بهذا الانسان كل ظروف الضعف والوهن والاستعداد للاصابة بالمرض. فالجسم القوي الذي يتمتع بلياقة وصحة جسمية جيدة وغذاء جيد واجهزة صحيحة تعمل بحالة من الكمال والكفاءة، مثل هذا الجسم عندما يدخله المكروب المرضي تتغلب عليه عوامل المقاومة في الجسم فتقضي عليه. فخدمات واجراءات وقاية الانسان الصحيح وحمايته من المرض هي: أ. اجراءات التلقيح والتطعيم. ب. اجراءات التغذية الصحية والجيدة وتوفير العناصر الغذائية الاساسية. ج. اجراءات الصحة الشخصية ورفع قابلية الجسم مثل: 1- صحة الاسنان 2- صحة العيون 3- صحة الحواس 4- نظافة الجسم 5- الرياضة البدنية 6- اللياقة الجسمية 5- خدمات الرعاية الصحية: أ. خدمات الامومة والطفولة. ب. خدمات تنظيم الاسرة ورعاية الحوامل. ج. خدمات رعاية المعوقين. د. خدمات رعاية الاحداث. ه. خدمات رعاية المسنين والعجزة. ثانياً: لخدمات الصحة العامة المساعدة: وهي الخدمات التي تعمل على تهيئة الامكانيات المادية والبشرية خدمات الصحة العامة الاساسية ان تحقق اهدافها وتصل الى غاياتها في التعامل مع المريض والبيئة والانسان الصحيح. وهذه الخدمات المساعدة هي: 1- الخدمات المختبرية: عن طريق خدمات مختبرات الصحة العامة وهي التي تساعد على التشخيص المرضي وتلوث عناصر البيئة. 2- خدمات الاحصاء الحياتي: وهي الخدمات التي تساعد على رصد واكتشاف المشاكل الصحية والبيئية وعمليات تقييم النتائج والاعمال الصحية وتحقيق الاهداف. 3- خدمات الاسعاف: هي خدمات مساعدة ومكملة لخدمات وكفاءته وتعمل هذه الخدمات أي خدمات الاسعاف على مساعدة الحالات الطارئة واتاحة الفرصة لها كي تصل او يصل اليها العلاج لانقاذها. الان تطورت فكرة الاسعاف الى الاسعاف الاولي الاجتماعي الذي يهدف الى اكتشاف المشاكل الصحية عن طريق التعامل مع الشكوى اليومية واسعافها. 4- خدمات وفعاليات التثقيف الصحي: لايمكن لاي مشروع او اجراء صحي من تحقيق النجاح اذا كان صادراً من خارج الانسان ومفروض عليه، من ان يحقق أي نجاح. فصاحب المشكلة هو اولى على حل مشكلته اذا وعاها وعرفها. وهذه مهمة عملية التثقيف الصحي فهي تهدف الى ان يأخذ الانسان على عاتقه حل مشاكله وتحقيق تعاونه مع المؤسسات الصحية. فعملية التثقيف الصحي هي عملية وخطوة سابقة ومرافقة لاي مشروع صحي وتستمر الى ما بعد هذه المشروع. 5- الخدمات الصيدلانية: وتشمل كافة الاجراءات والفعاليات التي تعمل على توفير كافة العقاقير والادوية والاجهزة والمستلزمات الطبية. من استيراد وتصنيع وخزن وتوزيع هذه المواد. اذ لا علاج وتشخيص دون توفر العقاقير الطبية الفعالة والتكنولوجيا الطبية المتطورة. 6- خدمات التعليم والتدريب الطبي الصحي: ان عملية توفير الايدي الطبية والصحية عملية ترتبط ارتباطاً عضوياً بخطط الصحة العامة وخدماتها وتطور هذه الخطط والخدمات والمجتمع الموجودة فيه. فان تهيئة هذه الكوادر العلمية والفنية وفق المتطلبات العلمية والاجتماعية عملية ضرورية لتنفيذ وتطبيق خطط وخدمات الصحة العامة. 7- الخدمات الادارية الصحية والنقل: وهي ادارة الصحة العامة التي تعمل بمثابة الماكنة والجهاز التي تساعد على تشغيل وحمل وتنفيذ خدمات الصحة العامة. وهي تشمل على خدمات التخطيط الاداري والمالي وادارة الافراد والقوى العاملة وتوفير وسائط النقل الضرورية.
الامراض المتوطنة: تعني ان ظروفاً ببيئة ملائمة ساعدت على ظهور وانتشار مرض معين او عدة امراض والتوطن بذلك المكان بصورة مستمرة. وان السبب الرئيسي لاستمرار هذه الامراض بالظهور هو جهل الناس وعدم فهمهم لهذه الامراض وطرق مكافحتها، وكيفية اصلاح البيئة التي يعيشون فيها. المشكلة الصحية العامة: تعني ان هناك مرضاً او عيباً صحياً عاماً في البيئة يعاني من نتائجها جماعة كبيرة من الناس بصورة مستمرة، ساعد على استمرارها جهل الناس وعدم فهمهم لهذه المشكلة. فالمشاكل الصحية والامراض المتوطنة هي مشاكل اجتماعية بالدرجة الاولى السبب الحقيقي لها التأخر الاجتماعي وعلى الاخص التأخر الثقافي وانخفاض مستوى الوعي الصحي. فالمشاكل الصحية في العصر الحاضر معظمها معلوم اسبابها وواضحة بين طرق مكافحتها وحلها، الا اننا نلاحظ ان هناك تفاوتاً كبيرا في درجة حلها. ففي بعض المجتمعات الراقية نرى ان حل هذه المشاكل يتم بسرعة ويسر في حين نرى صعوبة حلها في المجتمعات المتأخرة والتي في طريقها للنمو. ذلك ان العنصر الانساني هو العامل الرئيسي والحيوي الذي يقرر فيما اذا كان حل هذه المشاكل سهلا او صعباً. لانه يعتمد على درجة الوعي والثقافة الصحية والادراك والتفهم الذي يتميز به افراد المجتمع وجماعاته. فتجارب وتعاون ومشاركة الشعب بجميع افراده وجماعته وهيئاته الاجتماعية والرسمية في حل هذه المشاكل، امر له الاهمية الرئيسية بهذا المجال. والحصول على التعاون الايجابي من قبل المجتمع لايكون الا عن طريق بث الوعي الصحي المدرك بين جميع افراد المجتمع وتوجيه نظره الى الاسس الحقيقية التي تساعد على تقدم البلد. فاذا استطعنا ان نحقق ذلك الوعي فسوف لن تبقى هناك مشكلة صحية مستعصية الحل. من هذا نرى ظهور علم او فن جديد من علوم او فنون الصحة العامة هو علم او فن الثقافة الصحية والذي سنأتي على الكلام عنه بالتفصيل في محل آخر.
الطب العلاجي والطب الوقائي
اقسام علم الطب: 1. الطـب العلاجي: وفروعـه: الطب الباطني – الجراحة – امراض الاذن والانف والحنجرة-امراض العيون – الامراض النسائية والتوليد – الامراض التناسلية والايدز والامراض العقلية - المختبرات – الامراض الجلدية. 2. الطب الوقائي: لقد كان الاهتمام منصب مع توفير طرق العلاج للمرض من مختلف الاصابات اكثر من الاهتمام بالطرق الوقائية نظراً لعدم معرفة سبب تفشي الامراض ولكن في السنين الاخيرة تم اكتشاف الجراثيم والطفيليات على مختلف انواعها وبذلك امكن معرفة نوعية المرض وكيفية انتشاره واصبح من الممكن القضاء على هذه الامراض بالوقاية والحد من انتشارها وعلى الاخص الامراض المعدية (الانتقالية). وفروع الطب الوقائي: أ- الصحة الشخصية: النظافة البدنية، نظافة المسكن ومواد الطعام. ب- الصحة العامة: 1- مكافحة الامراض الانتقالية ومنعها من الانتشار. 2- رعاية الام والطفل والصحة المدرسية. 3- تصحيح البيئة او المحيط (الهندسة الصحية). 4- التثقيف الصحي. 5- الاحصاء الحياتي. 6- التمريض الصحي. 7- مختبرات الصحة العامة. 8- صحة العمال ومنع الحوادث في المعامل. 9- امراض الشيخوخة والامراض المزمنة كامراض القلب والسرطان. 10- التغذية: وهي سوء التغذية عند الشعوب المتأخرة وامراض التغذية الناتجة عنها. 3- هدف الطب العلاجي: العناية الطبية بمعالجة المصابين وهذه يقوم بها الاطباء العاملين في حقول الامراض الباطنية والجراحية وفروعها. 4- هدف الصحة الشخصية: المحافظة مع صحة الفرد ومحاولة توفير مسكن صحي له. ليصبح مواطنا صحيحاً وسليماً ونافعاً للمجتمع. 5- هدف الصحة العامة: وقاية الافراد من الامراض ونشر الثقافة الصحية ورفع المستوى الصحي والاجتماعي العام وبذلك يمكن ضمان بيئة سليمة وصحية. كذلك يعني الطب الوقائي بالاغذية ومعرفة الانواع المفيدة منها وهل هي كافية لسكان المنطقة لتقيهم من سوء التغذية. فالطبيب المعالج يعالج الاشخاص بصورة فردية اما طبيب الصحة العامة فيتعامل مع الجماعات ببث الثقافة الصحية فيهم لرفع المستوى الصحي والاجتماعي بصورة عامة لذلك فأن طبيب الصحة العامة يعمل كفريق مع: المهندس الصحي ، الزائرة الاجتماعية Social Worker القابلة الزائرة ، ممرضة الصحة العامة Public H. Nurse. المثقف الصحي ، المعاون الوقائي والمراقب الصحي
اما تحديد وتعريف الصحة فهو كما وضعته منظمة الصحة العالمية التابعة لهيئة الامم المتحدة سنة 1946 بحضور ممثلي أي دولة في نيويورك وهو: ليست الصحة هي حالة الخلو من المرض والعاهات الجسدية فقط بل هي تمام العافية البدنية والعقلية والاجتماعية. وبذلك فأن منظمة الصحة العالمية تهدف الى توسيع معنى الصحة من الحقل الطبي الضيق الى معنى اوسع واشمل واعطائه صبغة اجتماعية. وتثبيتاً لهذا التعريف الواسع أكد احد بنود حقوق الانسان الذي وضعته هيئة الامم المتحدة ما يلي: "يحق لكل انسان الوصول الى مستوى معيشة يضمن له حفظ صحته وصحة عائلته خاصة فيما يتعلق بالتغذية والملبس والمسكن والعلاج" فأذا كان تحديد الصحة يشمل النواحي الاجتماعية والطبية والتغذية فأننا نقدر ان نصور مشاكلنا على الوجه التالي التربية الاساسية: لو كنا مجتمعاً راق ومتقدم في جميع هذه الحقول لما فكرنا ولما احتجنا التربية الاساسية لانه سوف لا يكون وجود لمثل هذه المشاكل.
#هادي_ناصر_سعيد_الباقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التلوث يهدد مياه الخليج العربي... بالموت ؟!
-
تهجير وامن
-
مفاهيم جديده عن البيئه
-
حقوق الانسان
-
الصراع بين الماديه والروحيه هو اساس مشاكل الانسانيه وحروبها
المزيد.....
-
اضطراب الوسواس القهري عند الأطفال.. الأعراض وطرق العلاج
-
استشارات طبية.. كيفية التعامل مع قصر النظر عند الطفل
-
فوائد العسل لتقوية مناعتك في الشتاء
-
بكتيريا السالمونيلا الضارة تخفي مفتاحا لعلاج سرطان الأمعاء!
...
-
الرغبة في مضغ الثلج قد تكون علامة على هذا المرض
-
الطيران المسيّر للاحتلال يستهدف مجددا الكوادر الطبية لمستشفى
...
-
أفضل نمط حياة لصحة القلب وفحوصات مهمة
-
عاجل | مراسل الجزيرة: إصابات بين الطواقم الطبية في مستشفى كم
...
-
إصابة 3 من الطاقم الطبي لمستشفى كمال عدوان شمال القطاع بطائر
...
-
راقب لعب طفلك وانفعالاته.. علامات وعلاج اضطراب ما بعد الصدفة
...
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|