سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 2139 - 2007 / 12 / 24 - 01:19
المحور:
المجتمع المدني
منذ سنين والعلماء يحذرون من نقص المياه العذبة، أي الصالحة للاستهلاك البشري، ويدقون ناقوس الخطر بشأن ما يسمونها بحروب المياه. فالحروب المستقبلية لن تندلع بسبب النفط كما يحصل الآن وليس على الحدود الثقافية مثلما توقع الأميركي هنتنغتون، بل بسبب المياه التي قد يصل سعر البرميل منها إلى ما يفوق سعر برميل النفط على حد توقع بعض المتشائمين. وفيما يخصنا فإن التقرير الأمني الأخير للاتحاد الأوربي، والذي قدمت جريدة الشرق الأوسط ملخصاً عنه، يتضمن تنبؤات عن واقع حال العالم بعد عشرين سنة، ومن ضمنه أن عدد سكان البلدان العربية سيزداد حتى 2025 بنسبة 40% أي أنه سيبلغ 437 مليون نسمة، وإذا ما عرفنا أنهم يعيشون على أرض نسبة الصحراء فيها 87% فإن هذه النسبة ستزداد بسبب الاحتباس الحراري وشحة الأمطار، وبالتالي فإن الوافدين من المواليد الجدد سيرثون أرضاً أشد خراباً فيما إذا لم تلتفت الحكومات العربية بجدية إلى هذه المشكلة المحدقة. فالماء سيقل عندنا بنسبة النصف خلال الربع القرن القادم.
وأحد أسباب حروب المياه بحسب تقرير فرنسي هي أن 15% من بلدان الكرة الأرضية تعتمد بنسبة 50% على البلدان الأخرى في الحصول على مياهها. وهناك أكثر من 300 نهر، ( أي نهران من كل ثلاثة أنهر ) يجري اقتسامها بين عدة دول، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمياه الجوفية. وبحسب تقرير آخر فإن 50% من سكان العالم سيجدون أنفسهم في معمعة نزاعات بسبب المياه في أفق العام 2050. وأيضاً بقدر تعلق الأمر بنا في منطقة الشرق الأوسط فإن أهم تلك النزاعات ستدور بين تركيا- سوريا- العراق بسبب السدود التركية التي بنيت فعلا أو تدخل ضمن مشاريع مستقبلية لمياه نهري دجلة والفرات. وإيران- العراق اللذان يتنافسان على شط العرب، ملتقى دجلة والفرات. ومصر- السودان- إثيوبيا حول مياه النيل. و مصر- السودان- ليبيا- تشاد- النيجر التي يدور بينها خلاف على حقل مائي جوفي بعمق 800 متر، وتريد ليبيا استثماره لشق نهر اصطناعي لتمد بذلك سواحلها بالمياه العذبة. ولا ننس أن أحد أهم الخلافات في النزاع العربي الاسرائيلي يدور حول المياه.
ولا شك أن العلة في هذه المشكلة ليست في الزيادة السكانية فحسب وإنما في السياسات الخاطئة المتسمة باللاأبالية لبعض الحكومات وكذلك الأنانية التي تسم سياسات بعضها الآخر.. فيما يشير بعض الباحثين إلى سياسات الخصخصة التي تجعل من الشركات الرأسمالية تتصرف من غير الشعور بالمسؤولية في تبديدها لهذه الثروة، أو في تلويثها لها طالما أنها لا تفكر إلاّ بالربح.
لسنا قطعاً أمام مشكلة سهلة، أو أزمة عابرة يمكن حلها بسهولة، وقد بتنا نتلقى في الواقع أولى نذرها. وأظن أن أي تفكير بمستقبل وطننا وشعبنا من النواحي الاقتصادية والأمنية لابد أن لا يجعل هذه المشكلة في صلبه لإيجاد حلول عملية وعلمية لها. وأن يكون ذلك من مسؤولية الحكومة والمؤسسات العلمية والبحثية ولاسيما الجامعات، ومنظمات المجتمع المدني وأجهزة الإعلام، من الآن، وباستمرار قبل فوات الأوان.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟