أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نايف سلوم - زمنان للأزمة زمن أزمة الحزب الشيوعي السوري وزمن انفجارها















المزيد.....

زمنان للأزمة زمن أزمة الحزب الشيوعي السوري وزمن انفجارها


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 661 - 2003 / 11 / 23 - 11:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


نشرت جماعة "قاسيون" ورقة لنقاش أزمة الحزب الشيوعي السوري بعنوان "موضوعات حول أزمة الحزب" من دون تاريخ . وهي مناسبة بالفعل لتقديم إسهام متواضع في المراجعات النقدية حول الحزب الشيوعي السوري وتاريخه.

جاء في الورقة : "إن تشخيص نقطة انطلاق الأزمة، ترتدي أهمية كبرى" هذا كلام صحيح . لكن لنقرأ بقية العبارة حيث تقول: "وهي [نقطة الانطلاق] تحديد التناقض الأساسي الذي أخرج الأزمة إلى الوجود وسمح لها بالاستمرار". الورقة في هذه البقية من العبارة غير معنية بزمن الأزمة، غير معنية بنقطة انطلاقها وتشكلها، بل  هي معنية بزمن انفجار الأزمة وخروجها للعلن.

من هنا نستطيع فهم تحديد الورقة لتاريخ "الأزمة" أو الأصح تاريخ تفجرها وخروجها للعلن إلى منتصف الستينات.  نقتطف من الورقة: "يعيش الحزب حالة صراع داخلي مستمرة منذ أواسط الستينات، مستترة حيناً وعلنية حيناً.."

إن تحديد نقطة انطلاق الأزمة أمر مهم حقيقة ، وتحديد زمن خروجها للعلن أمر آخر مهم أيضاً.  لكن الزمن الثاني يفقد مصداقيته في حالة تجاهل الزمن الأول أو زمن تشكل الأزمة.

أرى أن الأزمة بدأت مع ظروف ولادة الحزب الشيوعي السوري نفسه ، حيث كانت ولادة الحزب الشيوعي في فلسطين وسوريا ولبنان بقرار من الكومنترن . نأخذ مقتطف من كتاب فؤاد الشمالي "أساس الحركات الشيوعية في البلاد السورية – اللبنانية 1936" (1). يقول الشمالي: "في أواخر عام 1924 أخذت كتاباً من السيد يوسف يزبك يدعوني به إلى موافاته إلى فندق أوربا في بيروت لأمر مهم، فلبيت دعوته ووصلت إلى الفندق في الموعد المعين فدخل بي السيد يوسف إلى غرفة في الطابق الأعلى فإذا أنا أمام رجل في العقد الثالث من عمره وعلى عينيه نظارات سوداء وقد أرخى لحية مهابة وارتدى ثياباً تدل على أنه من أبناء الطبقة الوسطى . وعرفني إليه يوسف بقوله .. أعرفك إلى هذا الرفيق وهو مندوب لتأسيس حزب شيوعي في لبنان .. وقد علمت فيما بعد أن اسم هذا الرفيق هو جوزيف بيرجيه* .. وفهمت منه أنه مندوب من الحزب الشيوعي الفلسطيني للعمل على تأسيس حزب شيوعي في لبنان . فأخبرته أن الحزب قد تأسس في بكفيا من عشرة رفاق كلهم من العمال وأننا ننتظر أول فرصة للاتصال بأحد فروع الكومنترن لكي نستطيع أن نتوسع في تنظيم حزبنا وتأسيس فروع له.  وطلبت إليه أن يصعد معي إلى بكفيا حيث أجمعه بالرفاق فاعتذر .. قلت إني أدعوهم إذن إلى حيث يجتمعون بك في إحدى ضواحي بيروت أو في بيروت نفسها ، فأجاب سنرى فيما بعد ، أما الآن فقد دعوتك لكي تشترك معنا في الاجتماع الذي اتفقت ويوسف على عقده في هذه الليلة " [ص 25-26] .

ويدعم استنتاجاتنا هذه ما جاء في الورقة : "ما عاناه الحزب الشيوعي السوري لم يكن حالة خاصة، بل إن معظم أحزاب هذه الحركة بدأت تعاني ما عاناه " من هنا فتاريخ أزمة الحزب الشيوعي السوري وثيقة الارتباط بالأزمة التاريخية للبيروقراطية السوفيتية . ومن هنا نلاحظ تأكيد الورقة على أن الأزمة بدأت منذ بداية الستينات وظهرت بشكل واضح منتصف الستينات وهو الزمن الذي بدأت تظهر فيه الصراعات بين أجنحة البيروقراطية السوفيتية ، خاصة بعدما تبين أن مراجعة الحقبة التي حكم فيها ستالين والهجوم عليها من قبل المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي لم يخرج البيروقراطية والمجتمع السوفيتيين من الأزمة التاريخية .

في الورقة عبارات تحوي على مفارقات أو تناقضات في العبارة ذاتها . على سبيل المثال : "يمكن القول أن ما جرى عالمياً منذ أوائل الستينات كان محكوماً بظرف موضوعي عام سببه العامل الذاتي الكابح المتمثل بدور قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي التي انتقلت إلى مواقع انتهازية يمينية في معالجة مسائل الحركة الثورية العالمية " #. القضية باتت واضحة : الورقة تفسر التاريخ السوفييتي بالعامل الذاتي الذي هو سبب للظروف الموضوعية وهذا العامل الذاتي هو انتقال قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي أوائل الستينات إلى مواقع انتهازية يمينية . نستنتج من قراءة هذا النص مسألتين : 1- أن قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي كانت يسارية في معالجة مسائل الحركة الثورية العالمية قبل أوائل الستينات ، وهذا ما تدحضه اتفاقات يالطا وتقاسم النفوذ بين الحلفاء والاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية، كما تعاكسه فكرة إطالة أمد "الراحة" للدولة السوفيتية الوليدة ، وتعاكسه أحداث الثورة الأسبانية منتصف الثلاثينات . ننقل عن مرقص : "ما نعرفه عن خط الأممية الشيوعية في الدور الثالث 1928-1934 من "يسارية" متصلبة في ألمانيا والصين وجميع بلدان الغرب والشرق ، وعن التصحيح العام والعلني الذي أجري بعد ذلك في المؤتمر السابع للكومنترن عام 1935 (تبني خط "الجبهة الشعبية " والجبهة "الوطنية"، التحالف مع البورجوازية الوطنية ومساندتها الخ...)" (2) وقد استمر هذا الخط ليأخذ طابعاً "استراتيجياً" . 2- تفسير التاريخ والظروف الموضوعية بالعامل الذاتي وهذا سقوط في المثالية ، أي نعود إلى فكرة أن الأفكار هي التي تحرك التاريخ والتي دحضها ماركس في كتابه "الأيديولوجية الألمانية".

هذا الشكل في مقاربة أزمة الحزب مضلل من جهة أنه يبعدنا عن معالجة مسألة البيروقراطية السوفييتية والأزمة التاريخية التي ولدتها على مستوى الاتحاد السوفييتي وعلى مستوى أزمة الأحزاب الشيوعية في العالم .

بعد ذلك تقدم لنا الورقة صياغات غاية في المفارقة ، حيث تحاول هذه الصياغات تفسير الانهيار الذي حصل للاتحاد السوفييتي . فتارة تعزو الأمر إلى قصور ذاتي في رؤية طبيعة المرحلة : "عدم وضوح طبيعة المرحلة" ، وتارة "عن العجز عن تنفيذ البرامج والأهداف المعلنة " . لكن كيف لحزب أن يضع برامج وخطط وأهداف واضحة للتنفيذ وهو يعاني من عدم وضوح في طبيعة المرحلة وهل يمكن تنفيذ برامج غير واضحة والخروج بواسطتها من الأزمة التاريخية للبيروقراطية؟

لكن ما آفاق ذلك وانعكاساته على الشيوعيين السوريين ؟ حسب الورقة ، وباعتبار أن أس الأزمة هو قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي وانحرافهم اليميني أوائل الستينات وباعتبار أن هؤلاء قد كنسهم التاريخ ، إذاً " فالظروف الموضوعية ذات السبب الذاتي" قد زالت ، بالتالي يفترض بالشيوعيين السوريين أن يعدوا أنفسهم للتوحد والانطلاق من جديد وكأن شيئاً لم يكن! لكن بـ "الإرادة والعزم الضروريين " . لكن هذه الإرادة وذالك العزم يتعرقلان بشرط تاريخي موضوعي حقيقة هذه المرة وهو المد الذي شهدته القوى الرأسمالية بعد الحرب العالمية الثانية والجزر في الحركة الثورية ، وبالطبع ما يحتاج إلى تفسير هو هذا الازدهار القطري للرأسمالية على أثر الحرب العالمية الثانية خاصة الصعود الإمبريالي الأمير كي .

تشير الورقة بعد ذلك على أن حيز الظروف الموضوعي والعوائق الموضوعية التي قسمت الشيوعيين يضيق يوماً بعد يوم . بالتالي يتوجب أن تكون وحدتهم من قبيل تحصيل الحاصل مع وجود الإرادة والعزم . وبعد أن تشير الورقة إلى العائق الأساسي اليوم الذي يتمثل بطبيعة وتركيب القيادات ، أي أن العائق ذاتياً وهو ناجم عن القتال على المناصب ، نشير هنا إلى أن الامتياز والمنصب ليس سوى التعبير الأكثر حضوراً عن المنشفية كتيار عالمي اعتقد البعض أنه خاص بروسيا بداية القرن العشرين وهو في الواقع ظاهرة عالمية مرتبطة بالظاهرة الإمبريالية كمرحلة اقتصادية جديدة في الرأسمالية أدت إلى إفساد شرائح واسعة من الطبقة العاملة في المراكز الرأسمالية وفي الأطراف عن طريق تغليب المصلحة النقابية أو المطلبية المباشرة على الأهداف السياسية والتاريخية للبروليتاريا . لقد انعطف الكومنترن منشفياً بحجة الدفاع عن مصالح الدولة السوفييتية المحاصرة اعتباراً من منتصف الثلاثينات، وقد ورثته الأحزاب الشيوعية البيروقراطية كتقليد "ثوري" . وهذا يعطي قول لينين في كتابه الإمبريالية صحة مضاعفة حين يكتب :"هناك كتاب .. يحبون تحاشي واقع الصلة بين الإمبريالية والانتهازية في حركة العمال" [الإمبريالية ص170](3)

تحت عنوان "التراجع" تكتب الورقة : "وبسبب استمرار هذه الحالة فقد وصل الأمر إلى مفترق طرق : فإما إيجاد مخرج مبدئي صحيح من الأزمة يسمح باستعادة الحزب لدوره ونهوضه من جديد" ويتوقع القارئ حضور إما الثانية . لكن واقع الورقة يشير إلى غياب "إما " الثانية هذه . لكن إما الأولى الحاضرة تستبطن إما الثانية ، وفحوى هذا القول المستبطن هو : إما أن نجد مخرجاً مبدئياً ينهض بالحزب ، وإما أن يبقى الحزب في المستنقع التاريخي الذي غرق فيه والذي يؤدي لاحقا إلى تحلله واندثاره.

هوامش ومراجع

(1)- فؤاد الشمالي "كتابات مجهولة" تحرير وتقديم محمد كامل الخطيب . دار المدى دمشق ط1 2000 ، ط2 2001 .

* ي. برغر: اسمه الحقيقي جوزيف ميكائيل زيلسنيك، يهودي بولوني معروف باسم "بارزيلي" من خبراء الكومنترن ومبعوثيه إلى فلسطين عام 1920 ، ومن ثم إلى سوريا ولبنان ، عاد إلى موسكو عام 1932 وفيما بعد صار رئيساً لقسم الشرق الأوسط في "معهد فارغا للشؤون الاقتصادية والسياسية والعالمية " اعتقل عام 1937 بقي في السجن حتى خرج منه عام 1951 عاد إلى بولونيا عندما أفرج عنه ، ومن ثم هاجر إلى "إسرائيل" واستقر هناك . له عدة كتب تحكي سيرته ، ويبدو أنه تحول إلى" صهيوني"  فيما بعد [ هامش "كتابات مجهولة ص 188"]

(2) الأممية الشيوعية والثورة العربية الكفاح ضد الإمبريالية، الوحدة، فلسطين وثائق   1931 ترجمها وقدم لها الياس مرقص دار الحقيقة 1970

(3)- لينين "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية – وصف مبسط " دار التقدم موسكو. من دون تاريخ

(4) هربرت ماركوز "الماركسية السوفياتية" ترجمة جورج طرابيشي دار الطليعة الطبعة الأولى 1965 

--------------------------------------------------------------------------------

#    يتناول برنامج 1961 (للحزب الشيوعي السوفييتي)، مسألة التحول التدريجي من الاشتراكية إلى الشيوعية ، بلغة "القوانين الموضوعية" ... بناء المجتمع الشيوعي عن طريق "التحول التدريجي" . [الماركسية السوفياتية ص 140] . وهذا يتعارض مع الخط الستاليني (منذ 1950 والذي تأكد في كتابه "المشكلات الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفيتي")والذي أصر عليـــه خر وتشوف والمتمثل بالقول : "إن الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية هو عمل الأجهزة القيادية للدولة السوفيتية .. وسوف تبنى "الشيوعية" عن طريق التدابير الإدارية" [الماركسية السوفياتية ص 139]



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقضات النظام الرأسمالي مستويين لمقاربة أيديولوجيا العولمة
- في نقد المرجعية الفكرية


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نايف سلوم - زمنان للأزمة زمن أزمة الحزب الشيوعي السوري وزمن انفجارها