انباء الزيارة التي يقوم بها الرئيس الاميركي بوش الى المملكة المتحدة هذه الايام شكلت الحدث الشاغل للشارع البريطاني المنقسم حولها،وكذلك وسائل الاعلام، وتشعب الحديث ليصل الى عدد الحراس الذين سيقومون بالحفاظ على حياة الرئيس وملابسات تواجد خمسة الاف حارس اميركي، ابت بريطانيا"العظمى" الا ان يقوموا بمهامهم بملابسهم الشخصية.
وسط هذا السيل من الانباء- عن هذه الزيارة- يجري حديث عن عملية تقويم"اساسية" للجهد المشترك بين "الحليفين" حول مجريات الامور في العراق، خاصة وان الرئيس بوش قد اعتاد"الاستماع" لاصدقائه البريطانيين الذين عودوه ان يكونوا "امينين" في نصحهم وارشادهم للرئيس الذي يعاني من انعدام الرؤى الاستراتيجية للشؤون العالمية، وخاصة شؤون المنطقة.
صحيفة الديلي تلغراف كشفت جانبا من ما يدور في "مطابخ" مراكز الاستشارات البريطانية حول العراق، والتي من المقرر ان يتناولها رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير مع ضيفه الذي لايخفي قلقه الانتخابي من حجم التوابيت التي باتت تصل يوميا من العراق بشكل شبه يومي.
خلاصة النصيحة البريطانية- على ذمة الديلي تلغراف- تتلخص ب"منح دور اكبر للمسلمين السنة، وتقديم حوافز اقتصادية وسياسية، بدلا من التركيز على دعم المسلمين الشيعة الذين يمثلون الاغلبية في العراق، وذلك في محاولة للحد من تأييد السنة للنظام السابق.
كما تشمل الاستراتيجية المقترحة السماح لحزب البعث السابق بالعودة الى الحياة السياسية والمشاركة في الانتخابات.
وايا تكن الاسباب والدوافع التي حدت باطلاق "بالونة الاختبار " هذه ومن العاصمة البريطانية بالذات، فان هناك مجموعة حقائق لم يعد بالامكان تجاوزها، لامن قبل بريطانيا" العظمى" ولا حليفها "الاعظم"،
اولى هذه الحقائق: ان مارد الاكثرية قد انطلق من قمقه، وليست هناك قوة على وجه الارض تستطيع اعادة عقارب الساعة للوراء، نعم "قد" يكون بالامكان "تمرير" مثل هذه الطبخات، ولكن الثمن مقابر جماعية جديدة تفوق عدد مقابر النظام المقبور.
ثاني هذه الحقائق: ان حزب البعث العربي الاشتراكي"الطبعة العراقية تحديدا" حزب لاينتمي لصنف الاحزاب التي يمكن ان تتعايش من مستجدات الوضع العراقي الجديد، ولايملك مؤهلات المرونة والحيوية التي تؤهله ليدخل اللعبة الديموقراطية،بادنى مواصفاتها واكثرها تخلفا، يكفيه ماقدمه من امتحان"مشّّّرف طوال 35 عاما كانت حافلة – للعراقيين- بانجازات لم يحلموا بها منذ ان عرفوا انفسهم عبر التاريخ.
ثالث هذه الحقائق: لابديل لصناديق الاقتراع في عراق الغد، وان العراق عاد لجميع العراقيين، ولم يعد مسموحا ان تظهر ديكتاتورية – اية ديكتاتورية- مهما اختلفت العناوين والاسماء.
بعد هذا نتمنى للرئيس الامريكي جورج بوش طيب الاقامة في قصر الملكة بلندن، ولمضيفه طوني بلير، وليتباحثا حتى"مطلع" الفجر، وسينام العراقيون ملء جفونهم رغدا مطمئنين الى غدهم الذي هم صانعوه، مدركين بان" ماكل مايتمنى بوش يدركه" فنحن لسنا احجار شطرنج، لنتحرك- بالرمون كونترول- عبر قرارات تصمم في الغرف
المظلمة عبر البحار والمحيطات.
--------------------------------------------------------------------------------
*سياسي اعلامي عراقي