أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فينوس فائق - لقاء مع الكاتبة الهولندية المصرية الأصل ناهد سليم: حديث حولة إشكالية التفسير الذكوري للقرآن و الحديث و السنة النبوية















المزيد.....



لقاء مع الكاتبة الهولندية المصرية الأصل ناهد سليم: حديث حولة إشكالية التفسير الذكوري للقرآن و الحديث و السنة النبوية


فينوس فائق

الحوار المتمدن-العدد: 2137 - 2007 / 12 / 22 - 12:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في لقاء مع الكاتبة الهولندية المصرية الأصل ناهد سليم
حاورتها فينوس فائق


يعتبر كتاب (نساء النبي) لكاتبته الهولندية ، مصرية الأصل ، ناهد سليم ، الذي أصدرته عام 2003 باللغة الهولندية ، من الكتب المهمة التي صاحبتها ضجة إعلامية في الأوساط السياسية و الإعلامية الهولندية.. النسخة المترجمة إلى اللغة الألمانية و التي تحمل عنوان (أنزعوا القرآن من أيدي الرجال) تسبب هو الآخر في ضجة أخرى في ألمانيا.. تتناول الكاتبة قضية من أهم القضايا حالياً و هي قضية تفسير القرآن و الحديث النبوي ، الذي تم لحد الآن على أيدي مفسرين رجال فقط ، و الذي ألحق الضرر الكبير في مساعي المرأة نحو الحصول على حقوقها ، و حرمها من الكثير منها ، بسبب التفسير الرجولي الذي يخدم دائماً مصلحة الرجل في ظل الشريعة الإسلامية.. حيث من المهم جداً أن تشارك المرأة في تفسير القرآن و السنة النبوية و حتى في كتابة السيرة النبوية ، على الأقل من أجل تحقيق المساواة..
ناهد سليم من مواليد مصر ، تبلغ من العمر 53 عاماً ، مقيمة منذ ما يقارب الـ33 عاماً في هولندا.. منذ بداية نشاطها الكتابي و هي تسعى من خلال أفكارها و طروحاتها خدمة مسألة إصلاح الدين و تحديثه و أنسنة الدين الإسلامي و إشراك المرأة في تفسير القرآن و السنة النبوية.. ناهد سليم لم تخرج عن الدين الإسلامي إلا أنها تطالب بتغيير روح الدين و أقلمتها مع روح العصر و تحديث مباديء الدين الإسلامي ، مثل مسألة بقاء الفتاة عذراء حتى وقت الزواج ، قتل المرأة بدافع غسل العار ، الذي يعني حسب رأيها أن المرأة لا تملك جسدها ، و مسألة الحجاب و عدم المساواة بين الرجل و المرأة..
قبل هذا الكتاب أصدرت ناهد سليم باللغة الهولندية كتاباً آخر بعنوان (رسائل من مصر) عام 2000 ، و بعد كتاب (نساء النبي) اصدرت عام 2005 كتباً بعنوان (الصمت خيانة) الذي تتحدث فيه عن النساء المسلمات..
و هي الآن عضوة في اللجنة الداعمة للجنة المسلمين السابقين في هولندا التي تأسست على يد الشاب إحسان جامي من أصل إيراني في هولندا و تم الإعلان الرسمي عنها في شهر مارت 2007 هذا العام.. و هي لجنة تختص بشؤون المسلمين الذين لم يعودا يؤمنون بالدين الإسلامي..
حول كتاب (نساء النبي) و لجنة المسليمن السابقين في هولندا ، كان لي هذا الحديث مع ناهد سليم ، حيث أحببت التطرق إلى إشكالية تفسير القرآن و السنة النبيوة من قبل الرجل و فتح باب لحديث من طراز آخر عن الدين و إصلاح الدين لكن من خلال إمرأة ، و طرح أهم سؤال و هو هل بإمكان المرأة أن تشارك في نقاش من هذا النوع و التطرق لمثل هذه الإشكالية التي لم يتم التطرق إليها إلا من خلال الرجل؟

• كتاب )زوجات الرسول( ، هل هو إنتقاد للدين الإسلامي و القرآن ، أم إنتقاد لتفسير القرآن و السنة النبوية على أيدي الرجل ، أي التفسير الأحادي من قبل الرجل؟ و هل من الممكن التطرق إلى قضية أو إشكالية الجنس (رجل و إمرأة) بين طيات تفسير القرآن و من ثم فتح باب نقاش من نوع آخر تشارك فيه المرأة؟



أعتقد أن هذا ممكن ، كتاب نساء النبي كان بالدرجة الأولى هو إنتقاد للتفسير الذكوري للقرآن و مفهوم الدين بشكل عام الذي إحتكره الرجال من قديم الزمان ، و هذا الإحتكار يؤدي إلى تضييق النظرة للدين بشكل عام ، و إلى حرمان المجتمع من وجهة النظر النسائية .. و التفسير الذكوري للقرآن أدى أيضاَ إلى الإعتقاد بأن الدين الإسلامي و تغطية الشعر مثلاً شيء ينص عليه القرآن و بينما هذا شيء ليس مؤكد ، على الأقل هناك لحد الآن إختلافات في الرأي في هذا الموضوع ، لأن الكلمات المستخدمة في القرآن لا تعني الحجاب بالمعنى المتعارف عليه الآن.. و نقطة أخرى و هي أن التفسير الذكوري أدى إلى مفهوم الحريم و إعتكاف المرأة عن الحياة العامة و حبسها داخل البيوت ، و حرمانها من التعليم و العمل ، فهذا التقليد كان منتشر في كل البلدان الإسلامية لغاية نهاية القرن التاسع عشر أو منتصف القرن التاسع عشر ، و في بعض البلدان موجود لحد الآن ، و هذا سبب كل هذا يعود إلى تفسير خطأ لآية معينةفي القرآن ، و هي آية الحجاب التي نزلت في نساء الرسول ، و بالذات في زوجته زينب بنت جحش.. قال فيها أنه يجب أن يكون بين الرجال و النساء حجاب أو جدار أو ساتر أ, ستار ، هذا كان في الوقع محدد و خاص بنساء النبي ، إذا تحدثوا مع رجل غريب أن يكون من وراء حجاب. فيما بعد تطور مفهوم الحجاب من مفهوم مقتصر على نساء النبي إلى مفهوم عممه الفقهاء على كل النساء المسلمات ، و بناتهم. و بهذا حبسوهم في سجن مدى العمر ، و تطور الفهوم من مجرد حاجز أو ساتر أو باب إلى حجاب متحرك ترتديه المرأة تلبسه و تأخذه معها إلى كل مكان ترتاده متى ما نزلت إلى الحياة العامة.. كأنها بالرغم من وجودها في الشارع مازالت وراء الحجاب أو الستار أو الجدار الذي نصت عليه سورة النور ، أعتقد هي الآية 33..
• تركزين بشكل خاص على الحجاب ، هل هذا هو القصد من إنتقاد التفسير الذكوري للقرآن و السنة النبوية؟ أم أن هناك أمور أخرى ممكن طرحها للإنتقاد في هذا المجال؟




لا هي بالواقع هي مجرد أمثلة ، لأن حينما أقول التفسير الذكوري للقرآن و للسنة ينم عن النظرة الذكورية و أن الرجال أساؤوا إستغلال موقفهم الإحتكاري هذا و فسروا الآية تفسيراً خاطئاً ، لذلك لا أحب أن أرمي الكلام هكذا جزافاَ و أعطي دائماً أمثلة لما أقوله ، فكانت هاتين السورتين ، السورة الخاصة بالحجاب ، بمعنى الزي النسائي و السورة الخاصة بالحجاب بمعنى إعتكاف النساء و اللذي كان المقصود بها فقط نساء النبي و عمموها على كل النساء المسلمات و هاتين الآيتين أذكرهما دائماً كمثال لسوء التفسير أو إستغلال منظق القوة و الإحتكار الذي أضر بالمسلمين و النساء المسلمات لأجيال طويلة و حرمهم من المشاركة في الحياة العامة في المجتمع ، لذلك إنتقادي لا يقتصر على الزي و الحجاب هذه الأمور لأن هذه فقط مظاهر خارجية لمشكلة أكبر ، المشكلة الأكبر هي مفهوم عدم المساواة بين المرأة و الرجل و هذا الشيء موجود بشكل أساسي في نظرة الإسلام للمرأة. هناك في هذه النقطة تتضارب الآراء بشكل كبير المسلمين تعودوا أن يقولوا أن الإسلام أعطى المرأة كل حقوقها ، و ساوا بينها و بين الرجل في كل شيء ، و يعتمدون في هذا الشيء على وضع المرأة قبل الإسلام مع وضعها بعد الإسلام .ز في الواقع بالنسبة لي و على أساس الدراسة التي أجريتها للقرآن و السنة و وضع النساء في الإسلام ، أستطيع أن اقول أن هذه المساواة متوفرة في مجال واحد فقط ، وهو المجال الروحي أو الروحاني ، بمعنى أن الله خلق المرأة و الرجل و العالم كله من نفس واحدة ، بمعنى أن تكليفهم نفسه و جزاءهم نفسه ، فهذه فقط هي الناحية الروحانية أو الناحية الدينية ، أما إذا إنتقلنا إلى كل المجالات الأخرى في الحياة هذه ، فنرى أنه من الناحية الإقتصادية ليس هناك مساواة إطلاقاً ، من الناحية النفسية ليس هناك مساواة إطلاقاً ، من الناحية الإجتماعية أيضاً ليست موجودة.. إذا الناحية الوحيدة التي تتساوى فيها المرأة بالرجل هي الناحية الروحانية أو الدينية ، هذا فيما يخص الحياة التي تسمى مابعد الموت ، لكن أنا شخصياً مهتمة بهذه الحياة أولاَ و قبل كل شيء ، و في هذه الحياة أرى نقص في المساواة بشكل خطير ، لما نعرف أن المرأة أن المرأة ترث نصف ما يرثه الرجل ، نعرف أن هذه هي عدم المساواة المالية ، أما المرأة إذا المرأة تريد أن تخرج من البيت للعمل ، تحتاج إلى موافقة الزوج أو الأب ، إذا تريد أن تسافر من أجل عملها تحتاج لرجل من العائلة ليرافقها ، و إلا ليس بإمكانها أن تغادر البلد.. و غير ذلك الكثير من الأمور ، فهناك إنتقاصات كثيرة للمرأة في حقوقها ، من ناحية نفسية الفتاةتربى على معتقدات تنتقص من كيانها و صورتها عن نفسها ، و أن المرأة ناقصة عقل و دين ، في مثل هذا الحديث ، موجود في أحاديث مسلم و أحاديث البخاري و هي تعتبر بالنسبة لجميع المسلمين هي الأحاديث الموثوق بها لأن هناك تفسيرات كثيرة ، لكن هذه تسمى صحيح مسلم و صحيح البخاري ، من الناحية الجنسية ليست هناك مساواة مثالنا هناك آية قرآنية تقول أن "النساء حرث للرجال" ، و هذا يبين عدم المساواة بين الرجل و المرأة من الناحية الجنسية..

• تنتقدين تفسير الأحاديث النبوية و القرآنية ، بدعوى أنها لا تتناسب مع التطور المجتمعي الحاصل ، لكن هل أن العالم الإسلامي في مرحلته هذه ، و تزامناً مع المد الديني المتخلف و الإرهاب الحاصل الآن بإسم الدين ، هل ترين أنه وقت مناسب لإطلاق مثل هذه الطروحات؟


في الواقع تأخرنا ، كان المفروض أن تطرح هذه الأفكار قبل الآن ، و إذا الناس تنتظر حتى تكون هناك مرحلة ليس فيها أي نوع من النزاعاتأو التوتر و الأزماتو المشاكل من الممكن أن ينتظرون إلى مالا نهاية ، و الغريب أن هذه الأمور لم تطرح مسبقاً في كل محاولات الإصلاح الديني التي تمت من قبل ، فنحن نعرف أنه في منتصف القرن التاسع عشر و القرن العشرين كانت هناك محاولات للإصلاح و الإصلاح الديني و التي يسمونها حركة اليقظة ، و حركة الإصلاح الديني ، فلم تطرح هذه الموضوعات بشكل كافي.. رغم أنه يذكر لقاسم أمين و لو أنه ليس دينياً إطلاقاً ، كان معلم و أستاذ ، أنه طرح هذه الأمور في بداية القرن العشرين سنة 1898 و 2002 أصدر كتابين هما (تحرير المرأة) و الكتاب الثاني (المرأة الجديدة) و فيما بعد نشأت حركات نسائية تدافع عن حقوق المرأة لكن المشكلة أن لا يجرؤون على طرح الأمور بشكل صريح ، مثلاً موضوع مثل موضوع تعدد الزوجات الذي يؤدي إلى مظالم إجتماعية و إلى وباء في العلاقات الإجتماعية بين أفراد المجتمع و لم يعالج لم تتصدي له لا الحركات التحررية و لا الحركات النسائية بما فيه الكفاية ، بحيث أنه في كل البلدان العربية و الإسلامية حالياً نجد آفة تعدد الزوجات هذه منتشرة بشكل شنيع حتى في البلاد الآسيوية مثل أندونيسيا التي لم تعرف هذه الظاهرة إلا بعد المد الإسلامي العربي المنتشر هناك أيضاً ، و ماليزيا و بلاد شرق آسيا التي تنتشر فيها هذه الظواهر.. و أنا أعتقد أن الأزمة السياسية التي توجد في الوطن العربي و العالم الإسلامي الآن و المد الديني المتطرف يحتاج إلى وقفة ثابتة من المصلحين و المتحررين ، و موضوع المساواة بين الرجل و المرأة هذه تقع في جوهر الخلافات ، إحتمال أن التطرف الديني هذا – و هذا تفسيري أنا – هو أن هؤلاء يريدون تجميد شكل الحياة و شكل العلاقات العامة و العلاقات بالذات بين النساء و الرجال بالشكل الذي كان سائداً في القرن السابع الميلادي و يخشون أن سيطرتهم على المرأة إخطاعها لهم بقوة الدين في سبيل التغيير و ربما هذا هو سبب أنهم مستميتين بهذا الشكل للإحتفاظ بمميزاتهم التي يستمدوها من الدين إما بالحق أو الباطل.. أعتقد أن أحد المحاولات التي ستساعد على وقف هذا المد الديني المتطرف هو نهوض كل المتحررين لأن لإيقافهم عند حدهم فيما يخص بالذات هذه الأمور الخاصة بعلاقة الرجل و المرأة..


• هل كل من إنتقد الدين ، كان هدفه الإصلاح الإجتماعي؟ و هل أن الإصلاح في مجال الدين و ملائمته مع روح العصر كفيل بحل كل المشاكل التي نعاني منها كبشر خصوصاً في الشرق المتخلف؟


في الواقع هذا ليس بهذه البساطة لأن الإصلاح الديني يجب أن يكون ملازم لإصلاح إجتماعي و إصلاح إقتصادي و إصلاح سياسي ، لكن نحن نعرف أن كل هذه المجلات الأخرى من الإصلاح التي هي ضرورية ، تعطل المجهودات بشكل كبير بسبب التخلف الديني ، فالإصلاح الديني هو أحد الشروط لنجاح الإصلاحات الأخرى ، لكن لا يكفي وحده لأنه لا يؤدي من نفسه إلى إصلاحات أخرى ، لكن يجب أن يتم بشكل ملازم و إذا لم يحدث هذا لابد مثل ما حدث في تركيا ، لإصلاحات في كل النواحي الأخرى ، حيث تم فصل الدين كل مجالات الحياة الأخرى ، و مجالات السياسة بشكل كبير ، لكن لم يحدث بالفعل تقدير للمسائل ، الذي حصل في تركيا إبتداءاً من أتاتورك و حتى الآن هو أنه وضعوا الدين على جانب و مضوا بكل الإصلاحات الأخرى بينما الدين فقد سيطرته على الحياة العامة ، لكنه لم يتغير و لم يتم إصلاحه ، فما نراه اليوم هو أنه من الممكن أن يعود الدين إلى تركيا بنفس الشكل الذي كان عليه قبل الفترة التي تلت حكم أتاتورك.. هذه هي الخطورة إذا أهمل الإصلاح الديني و لم يجروء الناس على المواجهة و مضوا بالمجتمع بإصلاحات أخرى ، سوف يمكن في أي لحظة أن يأتي جيل جديد ليقول نريد أن نرجع إلى جذورنا الروحانية و نريد أن نرجع إلى اصول الإسلام للشكل المثالي للإسلام و يعودون بنا للخلف مرة أخرى. فلهذا الإصلاح يكون يكون متزامناً من كل النواحي بما فيها الناحية الدينية..

• مع توسع دائرة الإرهاب على نطاق دولي و تنامي التشدد الديني (الإسلامي) ، ترتفع الإصوات التي تنتقد الدين الإسلامي على أنه دين يساعد على الإرهاب ، فهل صحيح أن الدين الإسلامي يحمل بذرة الإرهاب؟


أعتقد أن من أجل أن نحكم على أي نرجع إلى مراجعه الأصلية ، هذه نقطة ، ثم نرجع إلى تطبيق هذه المراجع الأصلية ، و بعد ذلك نرجع إلى كل التطور التأريخي الذي تم في هذه المرحلة ، منذ نشوء هذا الدين.. نطبق هذا على الدين الإسلامي ، ما هي المراجع الأصلية التي تشرح لنا ماهو الدين ، و هذه المراجع هي بشكل أساسي القرآن و الأحاديث و السنة النبوية ، ثم ثم نجد تطبيق هذه الأحاديث في السنة و في سلوك الرسول و الخلفاء الراشدين ، و بعد ذلك ننظر إلى الفترة التأريخية التي مرت منذ ذلك الوقت و حتى الآن.. فبالنسبة للإرهاب نواجه في القرآن آيات كثيرة تدعوا و تنص على الجهاد ، هي ليست آية أو إثنتين ، حسب الكثيرين ممن أحصوها هي ما يقارب الستين آية ، إذا المفهوم "الجهاد" بمعنى إقامة الحرب على الشعوب الأخرى من أجل نشر الدعوة الإسلامية ، هذا الشيء طبقه الرسول بنفسه في حياته و قام بقيادة الغزوات ، جزء منها كنت غزوات دفاعاً عن النفس ضد الغازيين ، و جزء منها كانت للغزو لأنه تم خارج حدود المدينة ، كان إذاَ قبائل أخرى و قد وصل في حياته حتى اليرموك ، أقصى غوة و هي منظقة على الحدود السعودية الأردنية في الوقت الحالي ، غزوة اليرموك هذه على أساسها نستطيع أن نقول أن الرسول قام بالغزو لنشر الإسلام ، نشر الإسلام هذا في الشعوب الأخرى نسميه الآن حروب هجومية و ليست حروب دفاعية ، إذا إذا حدذت الحروب بهذا الشكل الجماعي فهي بالطبع ليست تماماَ الإرهاب ... الإرهاب يتم في شكل جماعات و أفراد و عصابات و ليس هناك شروط القيادة الإسلامية ، مثل الخليفة أو الإمام الذي يصدر الأوامر و و كل هذه الأمور ، من هذه الناحية هناك إختلاف شيء ما في نوعية النشاط الإرهابي و بين الحروب الهجومية.. و لكن الإرهابيين يستخدمون نفس الآيات القرآنية التي تعطي الحق للمسلمين أن يحاربو شعوب أخرى و يقهرونها يرغمونها على الإسلام ، و بتطور المفاهيم الذي حدث في قرننا هذا يعتبر هذا نفس الشيء مثل الحروب التي يفتقدها المسلمين و هي هجوم الدول الأوروبية و إحتلالها للبلاد الإسلامية ، فلا أرى فرق بين الإثنين.. اما من ناحية الإرهاب فهناك بالطبع الآيات القرآنية التي تحث على الجهاد ، هذه تعطي العذر للمنظمات الإرهابية من أجل القيام بالنشاط الإرهابي ضد غير المسلمين و هي لا تتساوى بالتحديد مع الحروب التي قام بها المسلمون من أجل نشر الإرهاب.. خلاصة القول هناك بذرة تعطي التشجيع ، و تعطي المبرر للإرهابيين حتى يقومون بنشاطهم ، و بنفس الوقت هناك مجال لشيوخ المسلمين و الأئمة يعرفون و يعون الشعوب أن هذا ليس الجهاد الذي منصوص عليه في الإسلام.. لأن لا تتوافر فيه تلك الشروط و إن كان بتقديري هذا الجهاد و إن لم يكن إرهاباً و لكن لم يختلف كثيراً عن الحروب القهرية لقهر الشعوب الأخرى..

• يعتبر الكثير من المسلمين المتشددين أن كل إنتقاد للدين هو تمرد على الدين ، أو إنتقاص من شأنه.. فهل هذا يعني أن الدين غير قابل للتأويل و الإنتقاد ، و هو ثابت و غير قابل للتغيير؟ في حين أن الكثير من الباحثين و المتخصصين في علم الدين يقولون أن (الدين) كممارسة و طقوس يندرج تحت خانة الحريات الشخصية.. ماهو تعليقك؟


أعتقد أن أي دين يجب أن يكون قابلاً للدراسة و الإنتقاد ، لأنه حينما يدرس الإنسان شيء ما يصل إلى واحد من نتيجتين ، إما موافق و إما غير موافق على ما يقال ، فالدين يجب أن يتواكب مع ضروف و حياة الإنسان و هي في حال تطور تغيير دائم ، فإذا لم يخضع الدين للنقد و للتغيير و للتأقلم سوف يكون في حالة متحجرة ، و سينتهي بالنهاية إلى الإندثار لأنه من غير ممكن أن يكون حياة الإنسان عرضة للتغيير الدائم ثم يتبع دين ثابت لا يتغير.. فيكون إنفصام خطير بين الإثنين.. أعتقد أن النقد ليس بتمرد و لكن هو ظاهرة صحية و ضرورية جداً و بالعكس هو شرط لإستمرارية أي دين و أي نظرية فلسفية أو سياسية أو اي شيء آخر.. أنا لا أعتبره تمرد ، لكن بنفس الوقت يجب أن نسأل أنفسنا الدين هل هو تجربة شخصية ، هل هو نصوص نلقي عليها صفة القدسية؟ برأيي القدسية هي صفة لله وحده ، و ليس هناك اي شيء آخر له تلك القدسية.. القرآن ليس مساوياً لله ، و السيرة النبوية ليست مساوية لله. في الواقع الذين يضعون نفس القدسية في القرآن و نفس القدسية في السيرة النبوية ، مثل تقديسهم لله ، هو بالواقع نوع من الإشراك بالله.. النقطة الأخرى كيف تم تسجيل هذه الأحاديث؟ كيف سجل القرآن؟ من الذي كتبه؟ متى كتب؟ ماهي الطبعات المختلفة و النسخ التي كانت موجودة ، هذه كلها أمور يجب أن نكون متفتحين لدراستها و لإستخلاص الدلالة الناتجة عن ذلك و المدلول هو لا يمكن أن لا نكون واثقين مئة بالمئة بأن المكتوب في القرآن و في الأحاديث يساوي مئة بالمئة بالمقصود الإلهي الذي أراده الله للإنسان..فنهاك مجال إذا لدراسة القرآن و دراسة الدين و الإعتماد على التفكير السليم لأن ليس هناك دليل ثابت على الإطلاق ، بالعكس الأحاديث النبوية و السيرة النبوية كتبت بعد وفاة الرسول ، بفترة تترواح بين مئة و ثلاثون و مئة و خمسون عاماَ ، في كتابي شرحت أنه ليست هناك ذاكرة إنسانية يمكنها أن تتذكر كل هذا الكم من الأحاديث على مدى أربع أو خمس أجيال حتى ثبتت و كتبت على يد دارسين و جامعين سنة ، فهذه خلاصة بأن الأحاديث النبوية تناقلتها الأجيال و بعد ذلك وصلت إلينا بكل الصحة و الثقة بأنها قيلت بهذا الشكل. و هذا الشيء أن لا أعتقده..

• التطرق إلى موضوعة الدين و إنتقاده ، بعد كان أحد المحذورات في الوقت الراهن من قبل الكثير من الكتاب و مؤخراً الكاتبات ، أصبحت مسألة تتكرر ، و يفسرها البعض من النقاد الدينيين على أنه إستعراض و طريقة للحصول على الشهرة..


لا أعتقد أن التعرض للنقد الديني يعطي الإنسان شهرة ، بالعكس يجلب المشاكل أكثر من أي مجال آخر ، الباحث عن الشهرة أمامه مجالات أخرى كثيرة ، و مثمرة أكثر من النقد الديني ، أعتقد أن كل هذه الأمور هي بمثابة عراقيل لأن الناس لم تتعود بعد على أن جواز النقد الديني و على أن هذه ظاهرة جيدة و صحية جداً ، الذين يعرفون المصادر الدينية بشكل كافي يعرفون ايضاً أنه و طبقاً للقرآن آيات الله لم تظهر فقط في القرآن و إنما ظهرت في ثلاثة اشياء.. في الكون بشكل عام ، بإستطاعة الإنسان أن يرى آيات الخلق ، و يتعاطا معها بعقله.. و في نفسكم ، أي في داخل أجسامنا نستطيع أن نجد آيات الخلق.. و المصدر الثالث هو الآيات في الكتب المقدسة أو في القرآن.. إذا نقد القرآن لا يعني إطلاقاً الرفض الديني بشكل قاطع ، بالعكس هناك مصدرين آخرين لهم نفس الثقل في الإحساس الديني و هو إنه الإنسان يتفقد العقل و يفهمه و يستخدم عقله ، و يتفقد نفسه و يفهمها و كل هذا يدل على وجود الخالق ، فإذا كان القرآن به آيات كثيرة متعارضة و متضاربة مع بعضها ، فهذا الشيء يجب أن لا نغمض أعيننا عنه و إذا كانت هناك آيات كثيرة متعارضة مع الفكر السليم و حركة المعتزلة بالمناسبة أشاروا إلى هذه النقطة كثيراً و قالوا: إذا تعارضت آيات مع التفكير و الفكر السليم بنأخذ بالفكر السليم و نؤل القرآن أو نصدق عقلنا.. فهذه كانت حركة عقلانية مبكرة في التأريخ الإسلامي للأسف لم تصمد و لم تنجح في تخليص النفوس من الخضوع التام و محو التفكير و هذا في الواقع هو سبب التخلف في البلاد الإسلامية كثيراً..

• الكثير من التلفزة و وسائل الإعلام أصبح الدين و إستفزاز المسلمين في العالم من خلال طروحاتهم ، و تفسر من قبل المسلمين المتشددين على أنها دعوات تكفيرية و هم مدفوعون من قبل الغرب.. لكن لماذا كل محاولة لتخطي الخطوط الحمر و كسر المحذورات ، خصوصاً ما يتعلق بالدين يقال أنه كفر و مدفوع من قبل الغرب؟ لماذا لا يقال أنه ممارسة حرية طبيعية مثل باقي الحريات التي يجب أن تمارس و يمتلكها المواطن في العالم الإسلامي؟ لماذا عند الحديث عن الدين الإسلامي يكون الحديث عن الكفر و الإساءة للمقدسات و ما إلى ذلك؟


في الواقع الذين يقولون هذا الشيء لديهم عقدة نقص شديدة تجاه الغرب و هم يعتقدون أنه ليس ممكن لمسلم أو مسلمة أن يمتلك التفكير و العقل بما يكفيبأن يفكر بشكل مستقل ، و يستنتج إستنتاج يكون مخالفاً لما هو متعارف عليه ، فهذا نقص في الثقة شديد في النفس عند هؤلاء الأشخاص.. هم يعتقدون أن التفكير لا يمكن أن ينشأ للمسلم في هذا المجال إلى إذا كان مدفوعاً من الغرب ، هذه تهمة غريبة تشير إلى عقدة النقص الشديدة عند هؤلاء الأشخاص ، لأن الإنتقاد هو محاولة للإصلاح و ليست ظاهرة عدائية كما يعتبروها ، بالعكس هي ظاهرة تنم عن كم كبير لإنتماء هؤلاء لهذا المجتمع ، فعندما ينتقدون عن طريق النقد يحاولن معالجة علة أو نقص معين ، و هذه الظاهرة لا تدل على الأنانية إطلاقاً ، بالعكس فهي تدل على التضحية لأنه تنسي أن الإنسان الذي يتعرض لهذه الأمور بيثير عرضها للمشاكل و هجومات عديدة ، فالواقع من المفروض أن نكون مشجعين لهؤلاء الناس الذي مع كل هذه الصعوبات لا يريدون أن يتعرضون لذلك الخلل و ينتقدون و يصرفون جهدهم و دراساتهم لهذه الأمور..

• بالرغم من أن مواضيع الإرهاب الإسلامي و التشدد الإسلامي و توسع دائرة نشاط الأصوليين المسلمين تحتل مساحة كبيرة من برامج القنوات الفضائية و وسائل الإعلام الأخرى ، لكن بالتوازي مع ذلك ذلك و بشكل خفي هناك خط ديني آخر يعمل بإتزان و معقول و مناسب مع روح العصر ، لكنه ينشط بصوت خافت. و مثالنا على هذا النوع موجود في تركيا.. ألا يعني هذا أن الإسلام بمقدوره أن ينسجم و يتأقلم مع التغييرات و مستجدات العصر؟


أعتقد أن هذا ممكن لكن بشرط واحد و هو أن تتخلى الناس عن فكرة قدسية المصادر الإسلامية و عن تقديس الأشخاص العاملين في الدين و الخضوع لهم و نفي التفكير الذاتي عند الشخص نفسه.. فلإسلام بمقدوره التطور و التزامن و الحاة العصرية و التطور الطبيعي ، لكن هناكشروط معينة لذلك و هي أن المصلحين و الذين يدعون إلى التغيير أن لا يدفعوا حياتهم ثمناَ لذلك ، لأن هذا هو التقليد الذي حدث بتكفير المصلحين و قتلهم على مدى التأريخ الإسلامي و إعتبارهم مرتدين أو حتى عدم تقبل المرتدين.. فلماذا لا يقبل المرتد؟ المرتد الذي ما أصبح عنده ثقة بالدين أو أراد أن يعتنق ديناَ آخر ، لماذا لا يقبل هذا منهم؟ الإصلاح هو عقلنة الدين تحتاج لمجهودات ليس في مقدور شخص واحد ، لكن يجب من خلال أناس كثيرين و هؤلاء الناس لا يمكن أ، يعملون هذا إلا إذا كانوا آمنين على حياتهم ، و الفكرة السائدة حالياً هو أن اي شخص و أعطيكي مثال للشيخ محمد محمود طه الذي كان شيخ لحركة روحانية السودان ، الذي طور نظرية معينة بالنسبة لأصول القرآن ، و قال أن هناك جحزء من القرآن يعتبر تأريخي يعني مرتبط بفترة زمنية معينة و هي الآيات القرآنية التي نزلت في المدينة و هناك جزء آن التي تعتبر اساس الدين و هي الآيات المكية التي نزلت في مكة و هذه هي التي من المفروض أن نعتبرها المصدر الدائم للدين الإسلامي ، أما الآيات المدينية (التي نزلت في المدينة) فكانت مرتبطة بحقبة معينة في حياة الرسول أو في تأريخ الدين الإسلامي.. هذه حركة كان من الممكن أن تعمل تجديد خطير في الدين الإسلامي ، لكن بدلاَ من أن يتاح له الفرصة ، لنشر هذه الأفكار قبض عليه و أصدر الأزهر فتوى ضده و أعدم على ما أ‘تقد في بداية الثمانيات أو بداية السبعينات ، عن عمر واحد و سبعين سنة.. هذا هو الذي يحدث تقريباً مع كل المفكرين و المصلحين أو الذي أرادوا التحرر من الدين بشكل كامل.. تعرضت حياتهم للخطر و أعدموا ، فهذا هو التفسير ، و أنكي قلتي أن هذه الحركة هي خافتة ، بالطبع تبقى خافتة إذا أصحابها لا يؤمنون على حياتهم إذا خرجوا بفكرة أو نظرية جديدة ، ليس هناك بديل للناس إذا تعرضت حياتهم للخطر..

• في البداية تحدثنا عن تفسير القرآن ، و قلنا أنه تفسير ذكوري و كمثال كتابك (نساء النبي) ، و لكن هل لو يدعون المرأة هي التي تفسر القرآن ، هل كانت ستفسره بإنصاف؟ و هل هناك تفسير لآيات نزلت قبل خمسة آلاف عام بحيث ينسجم مع روح هذا العصر؟ و هل هناك آيات سواء فسرها الرجل أو المرأة يعني آية قد تنسجم مع روح العصر و يحقق المساواة الإنسانية بين الجنسين؟


هناك البعض من النساء يعتبرن متشددين على جنسهم أكثر من الرجال ، هؤلاء أيضاً موجودين حنتى في الوقت الحالي و حتى في أوروبا ، لكن بشكل عام أعتقد أن المرأة حينما تفسر القرآن من واقع تجاربها الحياتية و وضعها و تجربتها الذاتية لن تكون مجحفة بالنساء بهذا الشكل مثلما فعل المفسرون الرجال.. باإضافة غلى ذلك أعتقد أن كلا من المنظور النسوي و المنظور الذكوري مكملين لبعضهم فأعتقد أن حرمان مجتمع من المجتمعات من المنظور النسائي في تفسير الآيات القرآنية يعتبر حرمانه من نصف الإمكانيات المتواجدة و قصر التفسير كله على منظور واحد ، مؤكد سيكون محدود أكثر من إذا كان متاح للإثنين.. المرأة لها مفعول آخر ، فبالنسبة للإسلام العادي لم يكن للمرأة دور كبير ، فإذا نظرة لـ(الصوفية) ، فنجد أن المرأة إستطاعت أن تكون أيضاً مفسرة و تكون مثال متقارب للرجل أو تكون في نفس منزلة الرجل.. رابعة العدوية على سبيل المثال و هي تنتمي للقرن الثامن الميلادي و التي توفيت في البصرة ، أحدثت طفرة كبيرة جداً في مفهوم الثواب و العقاب.. من الحكايات التي تحكى عنها مثلاً أنها شوهدت في الشارع و بيدها سطل من الماء و مشعل أ, شعلى ملتهبة باليد الأخرى ، و عندما سئلت ماذا تعملين بهذا؟ أجابت: بسطل الماء أريد أن أطفيء النار ، و بهذه الشعلة الملتهبة أريد أن أشعل النار في الجنة. فعندما سألوها: و لماذا تفعلين هذا؟ أجابت: أنا أريد أنه أحببت الله و أحببت أن أعمل الأشياء المحببة أن يكون هذا بسبب أن هذه الأشياء جيدة و ليس طمعاً بالثواب بالجنة ، و إذا أردت أن أتجنب الأمور الكريهة أريد أن افعل هذا حباً بالله ، و أن أفعل هذا من دافع إقتناعي أنه شيء خاطيء و يجب تجنبه.. و ليس خوفاً من النار ، فأريد أن أحرق الجنة و أطفي النار حتى يصير إسلام المسلمين صافياً أكثر ، فهذا الشيء لم يخرج به رجل قبلها. فهي أدخلت مفهوم الحب الذاتي الحب الروحاني من أجل الحب نفسه و ليس من أجل الثواب و العقاب.

• نأتي إلى موضوع آخر و هو تجربة الإسلام السياسي كيف ترين هذه التجربة؟ و ماهو تنبئك لمستقبل هذه التجربة؟ هل من المحتمل أن تكون لهذه التجارب في المستقبل حضور أو أشكال أخرى لحضورهم في الأوساط السياسية و الدينية؟


نحن الآن نسمية الإسلام السياسي ، في حين أن الإسلام لم يكن في أي مرحلة من مراحله إلا سياسياً.. لأن منذ نشأته و بواقع أن الرجل جمع بيده السلطة الدينية و السلطة الدنيوية ، كان قاضياً و زعيما و كان حتى قائداً في الحرب. فلم يكن الإسلام بأي شكل من الأشكال إلا سياسياً.. حدثت على مدى التأريخ محاولات فصل الدين عن السياسة ، و حصل بالفعل هذا الفصل غلى حد ما و كان هذا في الفترة التي تكلمنا عنها و التي كان بها صفوة مدنية و دينية فرأينا مثلاً أتاتورك عندما أنشأ دولته العلمانية و نفس هذا الشيء إنطبق على شاه إيران الذي أيضاَ تمكن من أن يفصل بين الدين و الدولة و الدين و السياسية و على هذا المنوال نشأت النظم السياسية العربية الإشتراكية ، فشفنا هذا في العراق و مصر و سوريا و التي تعتبر إشتراكية ، فصلت بين الدين و الدولة و فيما بعد في مرحلة لاحقة ، من نهاية السبعينات ، حيث بدأتها إيران بالثورة الإيرانية عام 1979 و أنشأت دولة إسلامية تجمع مرة أخرى الدين والسياسة ، بيد نفس الأشخاص ، تلتها دول أخرى مثل السودان و باكستان.. و آخرون ، فموجود حالياً حوالي أربع إلى خمس دول فيها الدين و السياسة مجتمعين في يد واحدة.. فهذا هو الإسلام السياسي و الذي كثير من الدول الإسلامية التي أتيحت لها فرصة الإنتخاب ، في مصر مثلاً ، غذا كان الإنتخاب حقيقة حرة فسوف تكتسب حركة الإخوان المسلمين و تنشأ أيضاً دولة إسلامية في مصر ، فهذا تطور خطير و يعتبر نكسة رجعة للخلف مرة أخرى بالنسبة للدول الإسلامية ، لأن هذا النظام في الإسلام السياسي أو الدولة السياسية الدينية في نفس الوقت ، لم تجلب للمواطن أية حريات تذكر ، بالعكس كانت هذه الأنظمة من أشد الأنظمة ضغظاً على الحريات الفردية و على حياة الناس العاديين ، لأن لم يكن هناك جهة أخرى يلجأ إليها الإنسان ، الحاكم و الشيخ و الإمام هم نفس الشيء و، ليست هناك أية ضمانات للحريات الفردية.. فبموازات ذلك نرى النظام الذي ساد في أوروبا في القرون الأخيرة ، مدة ثلاثة أو أربعة قرون ، وهو فصل بين الدين و السياسة قد أدى غلى تقدم كبير في كل المجالات و إلى زيادة الحريات الفردية و الضمانات على إحترام حقوق الإنسان ، فأنا لا أرجوا أن هذا الإسلام السياسي يستمروا هكذا ، أرجوا أن الدول التي تسود فيها هذا النظام و منها إيران ، و الذي أثبت أن الظلم في ظل آيات الله كانت حتى أشد و أعنف من ظلم في ظل النظم التي كانت قبله.. فأعتقد أن واجبنا كلنا أن نقاوم هذا الشكل من الإستبداد المشترك ، لأن الحاكم يميل للإستبداد و الشيخ و الملا ايضاً يميلون للإستبداد في أمور الناس و تصريف أمورهم برغبتهم الشخصية و إذا إجتمع هذين النوعين من الإستبداد في شخص واحد فالويل للمرأة الرجل العاديين..

• في بداية حديثك قلتي أن الدين لم يكن إلا سياسياً ، فهل هذا يعني أنه من غير الممكن عزل الدين عن السياسة ، و إذا لم نتمكن من عزل الدين عن السياسة كيف يمكن الإصلاح في المجال السياسي؟ هل في أن نصلح الدين؟ أم تغيير الدين و تطوره و ملائمته مع روح العصر؟ كيف سنغير السلطة السياسية إذا كان الدين متعمق هكذا في الحكم ، هل في إمكانية عزله أو في تغيير و إصلاح الدين؟


الدين بشكله الحالي و منذ نشأته متخلخل في السياسة و السياسة متخلخلة في الدين ، لكن من أجل أن نفصل الدين عن السياسة و السياسة عن الدين ، يحتاج هذا لمجهود و للتطوير و لإصلاح المفاهيم الدينية.. هذا معناه أن كل الآيات التي تشير غلى الخضوع للسلطة و الإجماع و محاربة كل إنسان له رأي متفرد ، كل هذه جذور لجذور دينية تمنع فصل الدين عن السياسة و علينا إنتقادها بشدة و الإصلاح بمعنى أ، هناك مفاهيم معينة نضظر أن ننتقدها و أن نقنع الناس بأنها لم تعد صالحة للإستمرار و بأن من أجل التطور المستمر و التكييف مع الزمن الحديث هناك معتقدات معينة و مباديء معينة يجب أن نعتبرها قد إنتهت و إستنفذت مرحلتها التأريخية.. لم يتم فصل الدين عن السياسة سيتم بمجهود كبير لتحقيق هذا عن طريق تصنيف و تقييم لكل الأفكار المتوارثة و التخلي عن الجزء الذي إستنفذ مرحلته و ؤسالته التأريخية و لم يعد صالحاً في يومنا هذا.. فهذا معناه أنني أدعوا لحركة إصلاحية شاملة من ناحية دينية و بنفس الوقت علينا أن نتبع و نتبنى التجارب الإسلامية التأريخية التي قام بها غيرنا و أثبتت صلاحيتها و أثبتت جودة مبدأ فصل الدين عن السياسة ، ضمانا للحريات الشخصية و حماية حقوق الإنسان.. كل هذه أثبتتت فعاليتها و صلاحيتها و ما الذي يمنع أن نستفيد من تجارب الآخرين ولا نبدأ كل مرة بإعادة العجلة إلى البداية.. فهذا يعني أن الإصلاح السياسي الإجتماعي يجب أن يتم بتبني التجارب الإسلامية الأخرى التي أثبتت مفعولها ، من ناحية و من ناحية أخرى كل العوائق الدينية التي ستقف و تعيق تبني هذه الأفكار الجديدة و التجارب الإسلامية الأخرى علينا إنتقادها و إقناع الناس بالتخلي عنها..

• كيف تعرفين تجربة (لجنة المسلمون السابقون في هولندا) ، هل بإمكان هذه اللجنة أن تجري تغييرا واضح المعالم على خارطة الحريات الشخصية ، و من ضمنها حرية إعتناق أو ترك الأديان ، و خصوصاً بين المسلمين؟ هل من جدوى من مثل هذه الحركات ، خصوصاً بين مسلمي الغرب؟ بكلمات اخرى ، في الغرب الحريات مكفولة بالقانون ، إذا بإمكان كل إنسان أن يعلن عن مثل التوجهات ، لكن الصعوبة تكمن في ظهور مثل هذه الحركات في قلب العالم الإسلامي ، إذا هل سيكون هناك تغيير لحركة مثل هذه و قد نشأت في الغرب؟


و حتى هنا في اوروبا هذه الحركات تواجه أيضاَ ضغط من جانب المسلمين المتشددين ، بالرغم أن الحريات من حرية تغيير الدين مكفولة بالقانون الهولندي و كل القوانين الأوروبية و إن كان ربما تعرفين في محيطك ، كما أعرف أنا في محيطي ، أناس حالياً تركوا الدين الإسلامي لكن لا يتجرؤون بالتصريح بهذا ، في الغالب يكون رد فعل المحيطين بهم و أهاليهم و في بعض الأحيان خوفاً من إنتقام المسلمين المتشددين ، فأعتقد أنه في أوروبا هذه الحركات مهمة جداً لمواجهة المسلمين بانهم يفتقرون إلى عدم السماحة ، بالرغم من أنهم يتوقعون من الناس الآخرين و يسالوهم منهم و يطلبون منهم التسامح في حين أنهم لا يدركون أنهم غير متسامحين على الإطلاق. فأنا أعطي أهمية كبيرة لنجاح هذه الحركات في غرب أوروبا ، لأن نجاحها و شعبيتها قد يؤدي إلى إمكانية تطبيقها ايضاً في البلاد الإسلامية.. لكن يجب أن يقبل من مجمل أو غالبية المجتمع الإسلامي.. لأنهم يدعون إلى مبدأ حرية الدين ، لكن يريدونها غذا كانت لصالحهم لكن معنى حرية الدين أيضاً هو حرية ترك الدين ، و ليس هناك اي معنى من أن يظل الإنسان مسلماَ خوفاً من الإنتقام أو من التهديد و الوعيد ، فبهذا يتحول الإسلام إلى سجن كبير ، و لا أعتقد أن هذا هو الهدف من اي دين..

• يعني تؤيدين هذه التجربة ، طيب هل هذا التأييد هو تأييد لممارسة حرية الإنسان في إعتناق الدين أو تركه ، أم أنه نابع بشكل من الأشكال من رفضك لبعض مباديء الدين الإسلامي و تفسيرات الدين و القرآن و من قبل الكثير من الأئمة و التفسيرات الخاطئة أو التي لا تنسجم مع روح العصر بشكل عام؟


في الواقع هو نابع من إيماني بمبدأ حرية الإعتقاد و حرية الضمير ، لأن الدين ليس له اي معنى ولا اي مفعول إذا لم يكن الإنسان مقتنع بشكل شخصي و عنده كل الحرية في هذا الإعتناق أو تركه.. انا أؤيد حرية المسلمين السابقين و تجربتهم ، لأن هذا حق إنساني لهم و للجميع و أنا أرجوا أن يحترم كل المسلمين هذا الحق. ربما تتابعين هناك صعوبات و هجومات مستمرة ضدهم و المصاعب التي تواجهها هذه اللجنة بينما أنا لا أرى اي سبب في عدم إعترافهم بذلك الحق الموجود بالفعل في القانون الهولندي؟ فإذا إقتصرت هذه الحقوق على مجرد حبر على ورق بينما هناك إنسان لا يستطيع أن يمارسها بسبب الخوف أو بسبب الإرهاب أو بسبب التهديد ستكون مجرد حقوق ورقية لا أكثر و لا أقل..

• ماذا ستكون نشاطات هذه اللجنة ، لجنة المسلميون السابقون ، خصوصاً أن أعضائهم المسيحيين أكثر من أعضائهم المسلمين.. لكن ماذا ستكون نشاطاتهم في المستقبل؟


في الواقع لا أعرف بالتحديد ماذا ستكون نشاطاتهم ، فأنا لست عضوة في اللجنة لكنني عضوة في اللجنة الداعمة لها ، لكن بتصوري أن المسلمين الذين تركوا الإسلام يواجهون ضغوط نفسية و إجتماعية كثيرة ، الكثير منهم يمارسون حياة مزدوجة ، بمعنى أنه في الظاهر بستمرون في الإدعاء بأنهم مازالوا مسلمين و في أعماقهم هم ليس لديهم اي إقتناع بالإسلام ، أعتقد أن كل مجموعة تتعرض لمثل هذه الضغوطات و هذا التقييد على حريتها ، لديها (أو لدى أعضاؤ اللجنة) الرغبة في الإلقتاء و تبادل التجارب و نوع من الدعم المعنوي ، هذا من ناحية ، من ناحية أخرى أعتقد أنه مهم لهذه اللجنة حتى لغير اللجنة ، و أنا شخصياَ أكتب كثيراً عن الحرية الدينية و على موضوع (في الإسلام معروف أن المرتد حكمه الإعدام) أنا أرى جحوفة هذا و كتبت مقالات إنتقادية كثيرة عن هذا الموضوع ، فأنصحهم أن يحاولوا أن يقنعوا بعض الجمعيات الإسلامية بأن تناقش هذا الموضوع بين أعضاءها.. فأنا أعتقد أن الشيوخ و الأئمة هنا أيضاَ يتحدثون في هذا الموضوع ، يعرفون المسلمين أن كل إنسان حر في إقتناعه و عقيدته ، و هناك من الآيات تقول أن لا إكراه في الدين ، و قسم آخر يقول أن كل من غادر أو ترك دينه فإقتلوه ، ففي كل الأحوال هناك تناقض واضح ، فعلينا أن نختار المبدأ الذي به إنسانية أكثر و هو أن لا إكره في الدين.. أنا أرى أنه ربما لجنة المسلمين و وجودها و كل وسائل الإعلام و كل الإهتمام الذي يحضى به ، سوف ينشط المسلمين بأن يفكروا في هذا المبدأ و يعترفون بهذه الحقيقة كواقع ، و بالفعل لا يمكن أن يكون هناك إكراه في الدين..


[email protected]
www.venusfaiq.com



#فينوس_فائق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغاني الخلاعية ، إرهاب أخلاقي
- مجموعة مستقبل العراق.. أين.. كيف و لماذا؟
- لا ديمقراطية فوق خراب الدكتاتورية
- مطلوب إعتراف عربي إسلامي بجرائم الأنفال و تعريفها على أنها ج ...
- مازالت المرأة العراقية مواطنة من الدرجة الثانية
- ذات صيف بتوقيت يدين
- هل إعدام صدام شأن داخلي أم شأن شيعي أم مالكي؟
- نظرية رجل يدافع عن حقوق المرأة *
- العلم و ملف الإنفصال و كذبة إٍسمها الديمقراطية
- قلبي معكم يا أهالي و ذويي ضحايا جريمة الأنفال
- لو كانت الحرب الطائفية.....!!!
- من فضائح نظام صدام ضد اطفال اكراد
- متى سينتهي فلم الإرهاب؟
- البرلمان الشيعي الهولندي تجمع طائفي أم وطني؟
- لا يحق للنساء العضوات في البرلمان سوى التصفيق للرجال
- سياسيون أم قطاع طرق ؟؟
- هذه المرة قناة الجزيرة تمارس الإرهاب العاطفي على الشعب العرا ...
- الصحافة الحرة و حرية الصحافة
- و إذا المؤنفلة سُئلت بأي ذنب أُنفلت؟
- المثقف و السلطة...علاقة معقدة و ثورة خفية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فينوس فائق - لقاء مع الكاتبة الهولندية المصرية الأصل ناهد سليم: حديث حولة إشكالية التفسير الذكوري للقرآن و الحديث و السنة النبوية