|
عيدية المالكي لشعبه
صائب خليل
الحوار المتمدن-العدد: 2133 - 2007 / 12 / 18 - 10:37
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هدية المالكي و وزير تجارته بمناسبة العيد والعام الجديد الى جائعي شعبه، حذف نصف طعامهم من المواد البائسة التي كانت الحكومة تقدمها الى "مالكي النفط"، لذا ستصبح خمسة مواد بدلا من عشرة، بسبب "عدم توفر المخصصات المالية الكافية". يقول الوزير إن الإبقاء على مفردات البطاقة التموينية يتطلب 8 مليارات دولار وقد خصص لها 3 مليارات فقط.
ذكرني هذا بإعلان وزير المالية باقر جبر الزبيدي أن العراق وقع اتفاقا مع الوكالة الدولية لحماية الاستثمار يقوم البنك الدولي بموجبه برصد 17 مليار دولار لحماية المستثمرين في العراق من "أية إجراءات تعسفية محتملة." وهذا يقودنا الى سؤال: "هل تمثل حكومة العراق مصالح الناس ام المستثمرين"؟ وهذا يقودنا الى سؤال اخر حقيقي:"هل انتخب حكومة العراق، الناس ام المستثمرين"؟ البنك الدولي يجبر الحكومة العراقية على دفع 17 مليار دولار متى ما اقدمت على "اجراءات تعسفية" بحق المستثمرين، فمن يقوم بإجبارها على شيء ان هي قامت بـ "اجراءات تعسفية" ضد الفقراء؟ من الذي قرر ان حاجة الإستثمار 17 ملياراً والناس تكفيهم ثلاثة؟
في بلاد الرافدين يحرم اليوم 70% من السكان من الماء الصالح للشرب! وفي بلاد النفط تعيش اليوم معظم العوائل على اقل مما ينفق على بقرة واحدة في اوروبا! لايقتصر اذى الفقير على نقص المال والغذاء والصحة، بل يجعله ذلك ضحية سهلة لكل الشرور، ويجعل من اطفاله مختبراً للتجارب وسرقة الأعضاء ومن بناته هدفاً للدعارة ومن شبابه مرتزقة ومجرمين وبلاده مقبرة للسموم والنفايات النووية. لاحدود للكوارث التي يفتح بابها الفقر، وللعراق حصة اسد.
تنبأت الإندبندنت بكارثة انسانية مرعبة وكتبت اوكسفام عن انتشار الجوع والمرض في العراق وقالت اليونسيف ان حالة اطفال العراق تسير من سيء الى اسوأ. هؤلاء الأطفال صار احدهم يستيقظ من الصباح الباكر ويحمل فأساً صغيرة على كتفه الى منطقة "خلف السدة" لعله يحظى بفرصة لدفن احد المقتولين المجهولي الهوية مقابل أجر بخس من منظمة خيرية و برهم صالح لايزعجه ذلك، بل يذهب الى ديك شيني ليطمئنه على الإجراءات الإقتصادية التي ستؤمن الحياة الآمنة للشركات... فمن يذهب والى من، ليطمئنه على إجراءات لحماية المواطن؟
البطريرك العراقي عمانوئيل دلي : «في احدى البلدان العربية التي زرتها كانوا يطرقون الابواب يستجدون الأكل، ناهيك عما يعانيه الآخرون في مناطق آمنة بالعراق مثل كردستان». في سوريا توزع لهم اغذية تالفة... ويتخلى ثلث اللاجئين العراقيين عن أحدى وجباتهم اليومية من أجل توفير الطعام لأطفالهم. وفي لبنان يقبع واحد من كل تسعة عراقيين من 50 الف انسان، في السجن ولفترات طويلة لعدم الخروج من البلد، وفي دبي وغيرها تتم المتاجرة بـ "المهاجرات العراقيات"، وفي الأردن يعاملونهم كالمنبوذين والمجرمين، وحالهم يصيح بأغنيتهم الحزينة: "جي مالي والي"!
البنك الدولي يقول ان المهاجرين العراقيين انعشوا الإقتصاد الأردني وانقذوه من الكساد الذي كان يهدده فكيف يقول الأردن ان العراقيين يكلفون الإقتصاد الأردني ما لاطاقة له به؟ بسيطة! اولئك العراقيين غير هؤلاء! 4000 من هؤلاء، استثمر عام 2006 ما يقدر بـ 140 مليون دينار اردني منهوبة من الفقراء الذين جاءوا فيما بعد ليثقلوا الإقتصاد الأردني الذي انعشته اموالهم المنهوبة. والأردن يريد اؤلئك دون هؤلاء.
العراقيين لم لكن لهم "والي" منذ اكثر من اربعين عاماً، وكانت اموالهم نهباً لسلاطينهم يوزعونها على الأخرين. كان صدام يتبرع بـ 300 مليون دولار سنوياً لدعم الأردن في النفط، نفط هؤلاء المرفوضين انفسهم، حيث يقدم له نصف حاجة الأردن بسعر مدعوم ونصفه الآخر مجاناً ومنذ عام 91 وحتى 2003، أي في احلك فترة في تأريخ العراق واشدها املاقاً وفقراً! كانت حروب صدام قد خلفت مليوني ارملة وبضعة ملايين يتيم ونفوساً محطمة واقتصاداً منهاراً وحكماً ارهابياً.وحين كان البعض يفر من جور الحاكم، كان الأخوة في الأردن، دون بقية الجيران، يعيدونه الى الحاكم ليبطش به. واليوم تضع الحكومة الأردنية امامهم في الحدود فلتراً يمرر السارقين مجاناً، اما المسروقين فمطلوب مليار دولار مقابل بقائهم، او سيل مستمر من نفط الفقراء المدعوم من اموالهم! في العهد الجديد تسقط المشاعر القومية والدينية والإنسانية، وتحيا الأخوة الأردنية – النفطية!
لكن لم العتب على الأخوة حين تشترك حكومة البلد في تحطيم ابنائه؟ ولننس الإنسانية والوطنية، اليس في دين ساسة العراق رادع لهم؟ لماذا لا يخشون ما انتجته وستنتجه سياستهم من بغاء يغطي البلاد وبلاد الجيران، من سرقاتهم وبذخ رواتبهم وتساهلهم مع لصوصهم؟ كيف نسوا خشيتهم من ربهم وناره وهم يزيدون جوع الجائعين، فاستبدلوها بخشية اله الليبرالية "صندوق النقد الدولي"؟
"إله السوق" اوصى ان اكبر الكبائر "ان تدعموا السلع"! فلا "تدعموا السلع" حتى ان اصيب اطفالكم بسؤ التغذية, وحتى ان مرض شيوخكم من البرد وحتى ان صارت فتياتكم عاهرات. "صندوق النقد الدولي" أنزل لكم "حرية السوق" تهديكم وبعث "الإستثمار" يبشركم وقد رضي لكم "الليبرالية" ديناً فإن اطعتم ادخلكم جنة "الرأسمالية". لذلك توجب زيادة الفقراء فقراً والأغنياء غنى. ولذا توجب خفض مبلغ الحصة التموينية ورفع مبلغ تأمين الشركات، والغاء الدعم عن وقود الناس وزيادة الإعفاء الضريبي للإستثمار.
حين منع بوش قانون اقره الكونكرس لتوفير الحماية الصحية لأطفال اميركا الفقراء، تساءل كاتب امريكي:"كيف يمكنك ان تشرح ذلك لطفل؟" والسؤال الذي يخطر ببالي هو كيف يستطيع المالكي ان يشرح قرار حكومته للفقراء الذين انتخبوه ليمثلهم ويرعى مصالحهم ويدير لهم ثروة نفطهم؟ وكيف سيشرح لربه غداً ما سببه من جوع لأطفالهم؟
ولكن قبل ذلك...الن يسأله في الدنيا مطالب بحقه، قبل ان يسأله في الآخرة ربه؟ انها العلامات الأولى للدين الجديد، فليقرأ الفقراء ما يريد لهم الدين الجديد وليقولوا كلمتهم! فالأغاني الحزينة لا تكفي. ومتى استسلمت الحكومة "الديمقراطية" لرأس المال فلن تستحي ان تحول حتى مخصصات الحليب وماء الشرب الى ضمانات الإستثمار وهذا اول القطر، ثم ستنهمر عيديات الحكومة لشعبها الجائع تباعاً، فانتظروا المزيد يا ايها الجياع من حكومة جل مقياس نجاحها ارضاء صندوق النقد الدولي!
#صائب_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قال الإحتلال للشلاتية
-
إعلام العراق مغرق باخبار -المصدر المجهول-
-
وهذه هديتي المشاغبة للحوار المتمدن...
-
صراع الكلمات مع -فرق القوة- في إعلان مبادئ التعاون بين اميرك
...
-
احتفالية الحوار المتمدن تصل الى نجوم استراليا
-
دعوة خاصة جداً للإحتفال بميلاد الحوار المتمدن
-
الإعلام العراقي2 – امثلة من الإيحاء المغالط
-
لصان ارحم من لص واحد
-
إستغلال التحسن الأمني لتسجيل نقاط عراقية
-
ليس لحكومة منقوصة السيادة ان تفاوض على مستقبل البلاد والشعب
-
فيروز... افيون الشعوب!
-
الأخبار في الإعلام العراقي: -المصدر الموثوق- لايستحق الثقة و
...
-
هل اصابنا الهبل لنقبل هذا؟؟
-
الإنتقام من الظاء
-
معالجة ضمور الشخصية لدى البرلمانيين العراقيين بواسطة التصويت
...
-
عن العيش تحت مستوى سطح البقر
-
شعوب العالم تناصر القاعدة
-
اللوبي الكردي في واشنطن والطموح الى مكانة اسرائيل
-
صناعة القرار السياسي العراقي في حظيرة ملوثة بالفساد
-
عراق الحكيم وكاكه ئي وعدنان ام عراق فالح وسيار وكاترين؟
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|