أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمار السواد - فصل الديك !














المزيد.....

فصل الديك !


عمار السواد

الحوار المتمدن-العدد: 2136 - 2007 / 12 / 21 - 05:54
المحور: المجتمع المدني
    


دفعتني حكاية دفع مبلغ "مليون وربع المليون دينار" كفصل على موت ديك بحادث سيارة بعد "مفاوضات عشائرية" حركتها مخاوف ذوي "قاتل الديك" على ابنهم دفعتني الى التفكير مليا بمستقبل المجتمع العراقي في ظل هيمنة قيم تبرير وجودها الوحيد هو الماضي. هذه الحكاية ليست من الماضي البعيد انها جزء من الحاضر ومكانها ليس ريف العراق بل عاصمته.. عندما عرفت بالقصة وبدأت اذني تسمع تفصيلاتها وجدت خيالي يعود الى حرب البسوس كما صورها المسلسل التاريخي السوري الذي تحدث عن هذه الحرب، وهاجت الصورة في ذهني وكأني اعاصر جساسا وكليباً وناقة البسوس وهياج قبيلتي بكر وتغلب.
اذن اين التطور الثقافي الواجب حصوله بفعل الفاصل التاريخي والزمني الكبير بين حقبة صحراوية جافة الملامح وذات قيم قبلية ومرحلة بشرية تنتمي الى حقبة الدولة بمعناها الحديث؟ وهل نحن افضل حضاريا من جماعة يفترض ان يكون هناك الف سبب وسبب يلزم بتجاوزها ثقافيا وحضاريا؟
الفاصل الزمني بين الجماعات البشرية لا يعني بالضرورة تطورا حضاريا. ما يقوم به الزمن بالتحديد هو جعل الاشياء قديمة، وهنا يبدأ العقل البشري باكتشاف الطريقة المناسبة التي يتعاطى وفقها مع تلك الاشياء القديمة، كل بحسبه. فهناك جانبان يتحكمان بعملية التغيير وفق استحقاقات الزمن؛ التقادم الذي يعطي الاشياء قيمتها او يقلل من تلك القيمة، والجانب الاخر هو العقل البشري الذي يكتشف تلك التأثيرات السلبية او الايجابية للتقادم على الشيء او الفكرة او القيم، ويكتشف ايضا الطريقة اللازمة للتعامل مع ما اصبح قديما زمنيا. لكن اغلب الامور مهما هرمت لن تزول او تتبدل ما دام الانسان متمسكا بها، وحتى وان فقدت فاعليتها وقدرتها على الاستمرار فان الانسان، اذا لم يقتنع بضرورة التخلي عنها، سيصر على بقائها ولا يتنبه الى مخاطر استمرارها، وستكون دائما حاضرة امامه.
لذلك هناك حاجة لادراك قيمة اللحظة وادراك ما تفقده الامور من نجاعة بفعل الزمن كي يكون التغيير تطورا وليس انتكاسة، لان الاصرار على توظيف ما يفقد قدرته الوظيفية بفعل الزمن يؤدي الى نتائج عكسية. خصوصا وانا لا نتحدث عن امور مادية او ذات طابع فيزيائي بل عن قيم وافكار وثقافات وعادات وتقاليد وواجبات ومحرمات. فقد يكون التبدل في المادة اكثر وضوحا والعقل اقدر على ادراكه من القضايا التي لها علاقة بالقيم والثقافة والبنى الحضارية الواجب اخضاعها للتفكير.
وللأسف ان ادراك هرم القيم وتقادمها وفقدانها للفعالية السليمة يفتقر في بيئتنا العراقية بل وعموم البيئة العقلية في المشرق المتدين والقبلي الى تطور مستمر والى قابلية على التعاطي مع المتغيرات بمرونة كافية. وأي ترد او خلل في القيم او هرم فيها لا يمكن ادراكه الا بتطور الوعي وهذا التطور يستدعي وجود تطور في البنية العقلية، وتطور العقل لا يمكن ان يتم الا بوجود عمل انتاجي دؤوب للقيمة والفكرة وتواصل وانفتاح مستمرين على التطورات الثقافية والعقلية في العالم.
ولكن كيف يحصل هذا اذا كانت المنظومة الثقافية المنتجة للوعي ثابتة ويحرم اخضاعها للنقد والاصلاح او التغيير. واذا كانت المرجعية هي بنية دينية او ثقافية او سياسية او قبلية ثابتة فان الاجدى هو تفكيك واع لهذه البنية لانه لايمكن التطور باستمرارها مادام التطور مشروطاً بمجتمع مرجعيته الثقافية مرنة هوذا المأزق العراقي والعربي والاسلامي، فالعقلية التي صنعت حرب داحس والغبراء وحرب البسوس والتي صنعت وأد البنات وحرمانهن من الميراث... هي نفسها التي تطلب مبلغا كبيرا لموت حيوان داجن صغير وهي نفسها التي تفرز ما يعرف اليوم بـ"جرائم الشرف" وهي نفسها التي تحرك الغريزة والاندفاعة الجمعية غير المدروسة باتجاهات الكراهة والبغضاء المستمرة في مجتمعنا...
ورغم ان الدين سعى الى الاطاحة بتلك التفصيلات الا انه اكتفى بتغيير جوانب من العقلية المنتجة لها دون ايجاد تغيير شامل في تلك العقلية، بل اوجد عقلية ومنظومة وعي ثابتة لا تتطور الا في حدود خطوطه الحمراء.
[email protected]



#عمار_السواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار متمدن.. وليس مؤدلجا
- فتاة القطيف.. دعوة للوقوف بوجه القضاء السعودي
- تشيّؤ الوعي
- الخوف من التحلج
- غربتنا في العراق
- لمن هي مفاتيح جهنم؟ الحلقة الثالثة: عندما تكون الطاعة استعبا ...
- لمن هي مفاتيح جهنم؟ الحلقة الثانية: دفن الذات.. عندما يكون ا ...
- لمن هي مفاتيح جهنم؟ ح1
- اخشى ان نكون متطرفين على كل حال
- كي لا تصبح برودة الصراع الاقليمي ساخنة!
- كي لا تصبح برودة الصراع الاقليمي ساخنة!!
- -التمرغل بدم المجاتيل-
- اين ذهبت حكمة السعودية؟
- هو الهنا كما هو الهكم...
- قلبي معك يا مدينة الفقراء
- انه الشعر.. استبد بنا فجلعنا كلمات فاغرة!!
- الشهيد صدام حسين
- احمرار الصورة وانقطاع الصوت
- علاقات هامسة.. فوضى الجنس السري في مجتمع التحريم
- جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! .. الحلقة الأخيرة: في ال ...


المزيد.....




- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمار السواد - فصل الديك !