عمار ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 2130 - 2007 / 12 / 15 - 12:25
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لسنا نبالغ إن قلنا ، إنّ سوريا خسرت أهم مفكريها اليوم . وإنها من الصعب أن تعوض ذلك في العقود القادمة . إن الدكتور عصام الزعيم يحتل مركز الصدارة إلى جانب مفكري سوريا العظام منذ الخمسينيات . إنه كياسين الحافظ وإلياس مرقص وآخرين .
تجربتنا الصغيرة معه في مجال البحث أعطتنا الكثير الكثير ، أظهرت لنا أهمية الاهتمام بالكليات والجزئيات معاً. وان كل بحث يتغاضى عن ذلك هو بحث محدود القيمة.
لقد أوضح الزعيم في كتابه الأخير " التنمية المستدامة" أن التنمية المستدامة ليست تنمية اقتصادية فقط بل هي تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وبيئية . وإن حصة الأجيال القادمة من الموارد يجب أن يُحافظ عليها، وهي ليست مجالاً للاستهلاك لأبناء الحاضر. وبكلمة واحدة لقد كانت يفكر بالحاضر وبالمستقبل في آن واحد.
سنواته الأخيرة كانت مجال بحث مستمر في اتجاهين أساسيين :
اتجاه المناهضة للعولمة المتوحشة وضد كل أشكالها العسكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية واللغوية.
واتجاه المناهضة لسياسات الخصخصة وتحرير الاقتصادية وفتح السواق كيفما كان ، المعتمدة في سياسات حكومتنا العتيدة. وكان يصرّ على دور تدخلي للدولة في الاقتصاد والسياسة مع إعطاء الحريات العامة والديموقراطية للمواطنين.
مناهضته للعولمة ، الماثلة في كتاباته ومواقفه ومشاركته في المؤتمرات لم تكن على المستوى المحلي فقط وكان يعتقد بعدم القدرة على ذلك ، مع ضرورة ذلك . فالمناهضة لا تجدي نفعاً حقيقاً وقابلاً للتراكم إن لم تكن محلية وإقليمية وقومية عربية وعالمية .دون ذلك ستكون الخسارة للدول التابعة وللطبقات الفقيرة أمام تمظهرات العولمة المتوحشة.
لقد خانته التحولات التاريخية . فلم يَنعم برؤية بلده بلداً للتقدم والتطور الدائمين.
تجربته كوزير أو كمحاضر وناشط في الجمعية الاقتصادية كانت أكثر من مرّة وحصد الكثير من التجاهل والتغافل عن دوره وإمكاناته .نعم لقد كان الزعيم شخصية استثنائية ، ولكن سوريا عادةً ما تتأخر في اكتشاف مفكريها، إن اكتشفتهم؟!. والخشية كل الخشية ألا تكتشف طريق التقدم والتطور الذي لا يمكن قرأته دون قراءة مفكري سوريا ومن أهمهم الدكتور والمفكر عصام الزعيم.
تحية لروحه يوم وفاته ، خسارتنا كبيرة ، دعوة للباحثين وخاصةً الشباب منهم إلى اكتشاف هذا المفكر ، وتقديم الدراسات عن فكره ، ففي هذا إنصاف للرجل ، ومسعاً حقيقياً لتقدمنا كأفراد وكمجتمع.
#عمار_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟