صائب خليل
الحوار المتمدن-العدد: 2129 - 2007 / 12 / 14 - 10:58
المحور:
ملف مفتوح : نحو مشاركة واسعة في تقييم وتقويم النشاط الفكري والإعلامي للحوار المتمدن في الذكرى السادسة لتأسيسه 9-12-2007
احتفلنا قبل ايام بميلاد الحوار المتمدن وجاء دور فتح الهدايا ولدي هديتي المشاغبة التي اعتدت ان اهديها لمن اجده قادراً على تحملها وثم الإستفادة منها من الأحبة. لقد حصل الحوار المتمدن بفضل جهود القائمين عليه وجهود كتابه وتفاعل قرائه على موقع في قمة الإعلام العربي الألكتروني. والبقاء على القمم حرج وصعب ويتطلب اضافة الى الجهد المستمر، نقداً مستمراً وصريحاً وقدرة على التفاعل معه وإلا انزلق الموقع الى اسفل وارتفع المنافسون فوقه.
في هذه المقالة اود لفت الإنتباه الى بضعة نقاط لاحظت بعضها بنفسي واستقيت الباقي من مقالات ناقدة للموقع كتبها اخرون في الحوار المتمدن نفسه او في مواقع اخرى, وهذه النقاط هي: توزيع المقالات على صفحة الحوار المتمدن، وما يحدد رفض او قبول نشر بعض المقالات، واخيراً مسألة تشجيع او السماح بمقالات شاتمة للمسلمين والعرب.
من المفهوم ان موقع المقالة واولويتها يؤثر على فرصة قراءتها, ومفهوم ان الموقع يود ان يري متصفحيه افضل ما عنده. لكن العديد من الكتاب انتبه الى تفضيلات تتعلق بالأشخاص انفسهم وليس قيمة المقالات نفسها.
ورغم ان مقالاتي توضع عادة في الثلث الأول من الصفحة وانني قد اخسر اكثر مما اربح من هذا الإعتراض إلا ان المسألة مسألة مبدأ. لقد لاحظت ان بعض الكتاب يحتلون دائماً القمم وهؤلاء واحد من ثلاثة. اولاً المقيمين على الصفحة، وهذا من حقهم، وان كان اجمل ان يختلطوا معنا ويدعوا مقالاتهم تقيم لذاتها فيقدموا مثالاً اقوى عن نكران الذات والمساواة، كما يفعل البعض منهم فعلاً.
والثاني هم الكتاب اليساريين او الشيوعيين الكلاسيكيين القدماء حيث تؤخذ مقالات او اجزاء من كتبهم وتنشر. ورغم اهمية هذه النصوص إلا انها بالتأكيد ليست دائماً اهم ما ينشر في الصفحة حيث الجديد له اهمية اضافية، كما ان الكثير من قيمة المقالة برأيي يتأتى من اجابتها عن مشاكل الحاضر الملحّة وفي البلدان التي يأتي منها معظم قراء الموقع، وبالطبع لايمكن لكتابات لينين او تروتسكي او غيرهما من عمالقة الشيوعية، رغم قيمتها العالية لليسار، ان تكون لها اهمية حرجة في تلك اللحظة، الا ما ندر.
والنوع الثالث من الكتاب الذي تنشر مقالاته فوق الآخريات هم الشخصيات المعروفة (ليس بالضرورة عالية الثقافة اوتكتب جيداً او حتى يسارية التوجه، ووفاء سلطان خير مثال على هذا ويمكن مطالبتي بالبرهنة على كلامي). قمت ببحث سريع لمقارنة موقع مقالاتي في صفحات الحوار المتمدن مع بعض الشخصيات, ووجدت ان بعض الكتاب لم تهبط اي من مقالاتهم الى مستوى اعلى مكان وضعت لي فيه مقالة. ولا يسهل اقناعي ان اسوأ مقالة كتبها فلان هي اعلى قيمة من افضل مقالة كتبتها. وإذا كان هذا صحيحاً بالنسبة لي, وانا اعتبر نفسي مدللاً في الحوار المتمدن، فلا شك انه ينطبق بشكل اقسى على اخرين.
النقطة الأخرى التي تم نقد الحوار المتمدن عليها هي سياسة رفض النشر، فهذه السياسة غير واضحة, ويبدو انها تخضع للرأي الشخصي اكثر من وجود قواعد محددة. انا سبق ان رفض لي النشر مرتين او ثلاثة على الأكثر وهي ندرة ان عرفنا ان لدي اكثر من 300 مقالة على الحوار المتمدن الآن، اضافة الى انني اعتبرت احد تلك الحالات جاء من صالحي، لذا الفت نظر القائمين الأعزاء الى ضرورة تحديد ذلك.
وفي الوقت الذي ادعوا فيه الى وضع قواعد محددة للرفض ومحاولة تحمل اكثر ما يمكن من اختلاف الرأي وتجنب العواطف الشخصية سلباً او ايجاباً، إلا اني ادعوا الى المزيد من الرفض في بعض الحالات. فمثلاً اقترح ايجاد مقياس لرفض المقالة التي لاتقول شيئاً مفيداً او شيئاً جديداً او المكتوبة بشكل سيء. كذلك ادعوا الى استحداث رفض على اساس المحتويات المغلوطة، ويمكن التعامل مع هذا الأمر من خلال تشجيع القراء على تنبيه الموقع الى مثل تلك المعلومات واللجوء الى انذار الكاتب في حالة تبيان ان مقالته كانت مظللة اكثر مما هي مرشدة، فأن تكررت مثل تلك المقالات وكانت نسبتها اعلى من حد معين يتم رفض النشر للكاتب ولو لفترة معينة.
يجب عدم التساهل في قبول المقالات الفارغة او المغالطة لمجرد انها "يسارية" الإتجاه، فالمحتوى والصدق تأتي في اهميتها قبل الإتجاه السياسي للمقالة, ومثل هذه المقالات تسيء الى اليسار ولا تنفعه. وتلاحظ ان اكثر المقالات الفارغة المقبولة هي التي تنتقد الدين (الإسلامي فقط). مثل هذه الحالة جعلتني مثلاً ابتعد عن فتح اية مقالة في هذا الإتجاه وبذلك كنت اخسر مقالات ناقدة للدين على قيمة عالية في الموقع اكتشف بعضها احياناً بالصدفة.
هناك في الحقيقة مقالات اشبه بالشتائم القبيحة للمسلمين وهو امر مخجل تماماً. فإذا كنا نرفض المقالة التي تشتم شخصاً واحداً فكيف بمقالة تشتم عشرات او مئات الملايين، دون ان تناقش فكرهم؟ كما ان روحية البحث عن اية ثغرة في "عدوك" مهما كانت تافهة، تحيدك عن أمور اكثر اهمية، وقد مرت موجة "يسارية" (الحقيقة ان اليساريين سمحوا لأنفسهم ان يختلطوا بالليبراليين بشكل لا فكاك منه) تفهم منها ان لم يمر حدث في التأريخ او الحاضر اكثر من مفاخذة رسول المسلمين لفتاة صغيرة، رغماً انها كانت مسألة شائعة وقتها وان قوانين بعض الدول الغربية كانت تضع حداً للزواج بعمر عشرة سنوات الى وقت متأخر كثيرا جداً عن ذلك الحدث. كذلك لاحظت ان الكثير من المقالات الناقدة للإسلام ينطبق نقدها واحياناً بشكل اقوى على المسيحية او اليهودية دون ان يخطر ببال كاتبها ان يشير الى ذلك او ان يوجهها الى نقد الدين عموماً. كل هذه امور بعيدة عن الحيادية العلمية ولا تعطي صورة ايجابية عن الموقع الذي تنشر فيه. والواقع ان الصورة المثالية هي ان يجد المسلم الإعتبادي في الموقع مكان يمكنه ان يقرأ فيه ويرد على كتاباته ويتعلم امكانية نقد تصرفه دون ان تدفعه مثل تلك الشتائم المجرحة بعيداً, وإلا فان هذا النقد موجه حصراً الى غير المؤمنين الذين هم ليسوا بحاجة اليه, انما يتبادلون التسلية بهذا الشتم للآخرين.
العرب هم المجموعة الثانية بعد المسلمين التي تتعرض للشتائم الوسخة خاصة من بعض الكتاب الثابتين الذين يدعون انهم من الأقباط، وهؤلاء ايضاً يقودون حملة شتم المسلمين، وبالطبع علينا ان ننتبه ان الهويات على الإنترنيت ليست صحيحة بالضرورة، بل اني متأكد انها مزورة في حالة الشخصيات الأكثر عنفاً في شتمها للآخرين. هذه تعرفها غالباً من عدم وجود صورة, كما ان الأسم يبدو كأنه اختير بشكل ايحائي ليزيد من تأثير الشتيمة. لقد وقعت صدفة على واحدة من اوسخ المقالات العنصرية التي قرأتها في حياتي، موجهة ضد العرب في الحوار المتمدن وهذا ما لايفتخر به اطلاقاً. طلبت رفعها محتجاً من الأخ رزكار، وفعلاً تم ذلك, ولو بعد ان اخذت وقت نشرها كاملاً. مثل هذه المقالات الشاتمة لا تؤذي المسلمين او الإسلام ولا العرب او العروبة. انها تؤذي الموقع وسمعته، وقد تدفع بالبعض من الكتاب الى الإبتعاد عنه حرصاً على سمعة اسمهم.
تنشر بين الحين والآخر مقالات في مواقع اخرى ناقدة لموقع الحوار المتمدن وتهاجمه احياناً, ويقول اصحابها ان الحوار المتمدن رفض نشرها لهم رغم انها لاتحتوي اية شتائم او كلمات نابية بل انتقادات قد تكون صحيحة او خاطئة. وهنا يجب ان نقدر حيرة الموقع في ذلك. هل ينشر الموقع مقالة تحتوي نقداً محدداً وبلغة سليمة، حتى وان كان يشعر ان النقد مجاف للحقيقة؟ في رأيي نعم, ويضيف تحتها في نفس المقالة او في مقالة تنشر الى جانبها رد الموقع على تلك الإنتقادات حتى وان كان ببضعة سطور. هذا يعطي مثالاً متمدناً لقراء الموقع، كما هو اسمه.
إضافة الى ذلك, يعطي النقد، حتى الخاطئ منه، فرصة للموقع لتقديم رأيه في تساؤلات قد تدور في خلد العديد من قرائه، وهو ما اشرت اليه في مقالة لي سابقاً موجهة الى الحزب الشيوعي العراقي وتعامله مع النقد.
بعد هذا الخطاب المطول اود ان اهدي زملائي من كتاب الحوار المتمدن, وايضاً قراءه، هذا الرابط الهام الذي يساعد الباحث في الشؤون السياسية الحالية. انه تجميع زمني لأحداث وحقائق واسماء تهم كل مجموعة منها (تسمى مشروع، project) موضوعاً محدداً, لذا سيجد من يريد ان يكتب في احد هذه المواضيع مرجعاً مرتباً بالتواريخ والأسماء يساعد على اغناء مقاله بمعلومات محددة تزيد من قيمتها وحداثة اسلوبها:
http://www.cooperativeresearch.org/timelines.jsp
هذا ما لدي من هدية مشاغبة ارجو ان لايكون شغبها اكثر من فائدتها, متمنياً لنا جميعاً حواراً قوياً جريئاً لايشبع من طلب المزيد من التمدن اكثر واكثر.
#صائب_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟