|
البدائل الستراتيجية وعملية الاختيار على المستوى الكلي
اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)
الحوار المتمدن-العدد: 2128 - 2007 / 12 / 13 - 11:58
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لموضوع الأختيار الستراتيجي اهمية خاصة للعديد من المفكرين في الادارة العامة وادارة الاعمال وعلم الستراتيجية بشكل خاص بغية اثرائه وتعميقه من خلال عرض نماذج مدروسة . وهو يجسد اسلوب نشاط المنظمة وعملية اتخاذ قراراتها الستراتيجية . وقد عبر عنه خلال ستينات القرن الماضي بأستراتيجية التنوع والتكامل ، وبرز اثره في تحقيق منظمات الاعمال للميزة التنافسية في بيئتها ، اذ ان دورة حياة المنظمة عبارة عن اختياراتها الستراتيجية المتعاقبة . وقد عرف بأنه ميل المدير لتنفيذ التغيرالتركيبي داخل مدى محدد في كل من البيئة والحجم والتكنولوجيا . واشير لاحقا الى انه ميل المدير لاستخدام تركيب معدل لحل مشكلات تظهر في مواقف توجه وحدات المنظمة . ويقول آخرون بأن صنع اختيارات ستراتيجية يحدد الكيفية التي توجد عليها المنظمة داخل محيطها الخاص . و الخيار الستراتيجي كما يذكر غلويك Glueck هو قرار اختيار الستراتيجية التي تحقق افضل توافق لاهداف المنظمة من بين عدد من البدائل على المستوى العام او على مستوى الاعمال او على مستوى الوظيفة . و يذكر سيرتو Certo ان الخيار الستراتيجي هو قرار يتم اختياره من بين مجموعة بدائل ، ويعتبر افضل طريق لتحقيق اهداف المنظمة . ويتمثل الاهتمام الاساسي لاستراتيجية المنظمة او الشركة في تحديد مجالات العمل التي يتعين على المنظمة ان تشارك فيها من اجل تعظيم القيمة على المدى الطويل . وفي معرض اختيارها لمجالات العمل التي سوف تنافس فيها ، يكون امام المنظمة او الشركة خيارات متعددة ، فيمكن ان تركز على نشاط واحد ، او يمكن لها ان تنتهج سياسة تنويع النشاط . فبعد وضع الاهداف الستراتيجية وتحديد رسالة المنظمة ، وما شخص من عوامل بيئية خارجية وداخلية وتحديد الفرص والتهديدات ونقاط القوة والضعف ، لابد من القيام بتوليد البدائل الستراتيجية ودراستها لاختيار البديل المناسب . والبديل الستراتيجي هو حصيلة تفاعل عوامل خارجية الفرص والتهديدات والعوامل الداخلية نقاط القوة والضعف ، لذا تسعى الادارة العليا وفقا لذلك الى خلق المواءمة بين البدائل ، واختيار البديل الافضل . وتتضمن عملية الاختيار مرحلة تكوين البديل او البدائل التي تساعد في سد الفجوة الستراتيجية ، من خلال تشخيص الفرص والتهديدات وعوامل القوة والضعف وتحديد ملامح الميزة التنافسية . كما تتضمن مرحلة تقويم البدائل الستراتيجية ، لتحديد مدى ملاءمة كل بديل مع موقف المنظمة الستراتيجي . اذ تخضع عملية التقويم لبدائل الستراتيجية لمعايير عدة منها،التوافق ، اذ لابد ان يكون البديل متوافقا مع عناصر البيئة الخارجية الكلية والصناعية وقوى التنافس ، ومع عناصر البيئة الداخلية كأهداف المنظمة وفلسفة الادارة ، ونمطها القيادي، وهيكلها التنظيمي والانشطة الرئيسة .. وكذلك تحقيق المنفعة سواء كانت مادية او مالية او بشرية . مع ضرورة ان يحظى البديل بقبول معظم الاطرف المتعاملة مع المنظمة ، والادارة العليا والعاملين . . اضافة الى اهمية ان يحق الميزة التنافسية ، والتطابق مع رسالة واهداف المنظمة . بعد ذلك تأتي مرحلة الاختيار الستراتيجي ، ومن خلالها تقوم المنظمة بأختيار البديل الستراتيجي الافضل من عدة بدائل امامها ، مما يجعل محور عملها تجاه البدائل هو الاجابة عن تساؤلات اساسية كما يحددها بوسمان Boseman وهي : 1. ما اعمالنا الحالية التي نقوم بها ؟ 2. هل علينا ان نســـــــــــــــــــــتمر في اعمالنا الحالية بنفس المستوى من الجهود و كما كانت في الماضي ؟ ( ستراتيجية الاستقرار ) . 3. هل نخطط للنمو من خلال اضافة اعمال جديدة لمحفظة اعمالنا ، او تطوير مستويات جهودنا في اعمالنا الحالية ؟ ( ستراتيجية النمو ) . 4. هل نسعى الى تقليص النشاط او المغادرة التامة لاعمالنا ؟ ( ستراتيجية الأنكماش ) . 5. هل نخطط لتنفيذ الســـــــــــــــــتراتيجيات بالتزامن ام بالتتابع اعتمادا على العمل او الانتاج ذي الصلة ( ستراتيجية المركبة ) ؟ العوامل المؤثرة في تحديد البدائل الستراتيجية : لم يتم الاتفاق على تصنيف موحد للعوامل المؤثرة في عملية المفاضلة بين البدائل الستراتيجية . فمنهم من يقول انها العوامل البيئية الخارجية وبيئة الصناعة والبيئة الداخلية . ومنهم من قال انها العوامل التنظيمية متمثلة بالهيكل التنظيمي ، النمط القيادي ، دورة حياة المنتج ، الانشطة الداخلية ، ومعايير الاداء . فيما اشار آخرون الى انها العوامل الشخصية للمدير الستراتيجي كالمهارات ونمط القيادة والاتجاهات والنفوذ والشخصية . وذهب آخرون الى العوامل السلوكية . وبالرغم من هذا التباين في الاراء فان هناك اتفاق على الاطار العام الذي يشمل الاهداف التي تسعى الى تحقيقها المنظمة .والعوامل الخاصة بالفرص والتهديدات البيئية .والعوامل الخاصة بنواحي القوة والضعف .والعوامل المرتبطة بفلسفة المنظمة ، كنمط ادارتها وهيكلها التنظيمي ، او القيم التنظيمية والثقافية السائدة فيها ، والعوامل السلوكية المتمثلة باتجاهات وميول العاملين . البدائل الستراتيجية على مستوى المنظمة : ان مناقشة هذه البدائل المتاحة على المستوى الكلي للمنظمة يساعد على اختيار البديل الافضل . اذ تتوفر امام المنظمة بدائل ستراتيجية عموما ، الامر الذي يفرض انتخاب واحد او اكثر منها . وهذه البدائل تنقسم الى اربع ستراتيجيات رئيسة ، هي ا ستراتيجيات الاستقرار ، واستراتيجات النمو ، واستراتيجيات الانكماش ، والاستراتيجيات المركبة او المختلطة . اولا : ستراتيجيات الاستقرار ـــــــــــــــ وتسمى ايضا بستراتيجيات النمو المحدود . وهي افضل البدائل لمنظمة ناجحة ، وتعمل في صناعة مستقرة نسبيا وفي بيئة خارجية غير مضطربة . ووفقا لها ، تسعى المنظمة للاستمرار بنهجها واساليبها المتبعة حاليا ، من خلال التركيز على ما تقدمه لتعزيز ميزتها التنافسية . وقد تقود للدفاع عن وضعها الحالي وما حققته من نجاح ، عبر خيارات تقليل التنافس . وتستخدم في منظمات النشاط الواحد ، او المنظمات الصغيرة ، وكذلك في المنظمات الكبيرة ذات الانشطة المتعددة والمتنوعة . وتضم ستراتيجيات فرعية ، هي ستراتيجية الثبات النسبي ، وستراتيجية التمركز ، وستراتيجية الربح ، وستراتيجية ، وستراتيجية الحركة البطيئة . مبررات تبنيها : • المحافظة والتركيز على جهودها الادارية في الاعمال الحالية . • وجود تصور بان الكلف الاضافية للاعمال الجديدة اكثر بالمقارنة مع نقفاتها الحالية . • القناعة بنسب ارباح متواضعة والرغبة في الحفاظ عليها عند تلك المستويات • عدم القدرة على توفير الموارد المالية والمادية والبشرية لتحقيق النمو . • عندما تكون المنظمة في مرحلة الشيخوخة فان اتجاهات الاداء تصبح غير مرغوبة . • توقي المخاطر الناجمة بسبب التوسع . ثانيا : ستراتيجيات النمو ( التوسع ) : ــــــــــــــــــــ ويتم تبنيها عن طريق الزيادة في المبيعات والارباح او حصة السوق . وتتبع عندما تحاول المنظمة التوسع في اعمالها . والتركيز في قراراتها الستراتيجية على زيادة انشطتها وادائها الوظيفي . وتضم ستراتيجيات فرعية منها ، ستراتيجية النمو الداخلي ، وستراتيجية ، التركيز ، وستراتيجية الاندماج ، وستراتيجية المشروعات المشتركة ، ستراتيجية التنويع المتصل/ غير المتصل ،ستراتيجية التنويع الداخلي / الخارجي ، ستراتيجية التنويع العمودي/ الافقي . واهم المبررات او الاسباب الداعية لها : • اضطراب الصناعات المتسمة بالسرعة العالية التي لايستمر نجاح الستراتيجيات المستقرة خلالها ، لذا فان ستراتيجيات النمو هي السبيل الوحيد للبقاء . • وجود مواءمة بين التوسع والفاعلية . • تسهم في تقديم فائدة للمجتمع . • تحقق دفعا اداريا كبيرا . ثالثا – ستراتيجيات الانكماش : عندما يكون اداء وحدات الاعمال في المنظمات متدنيا فلابد من اتباع ستراتيجيات انكماشية تتلاءم مع واقع اداء المنظمات المتدني الذي اذا ما استمر قد يعرض تلك المنظمات الى المخاطرة . وتتضمن اشكالا متعددة من اهمها ستراتيجية التخفيض واعادة التأهيل ، وستراتيجية التجرد او التخلي ، وستراتيجيةالتحول ، وستراتيجيةالتصفية . وتتبع للاسباب الاتية : • انخفاض معدل تحقيق الاهداف . • ضرورة تقليل خطوط الانتاج ، وتقليص الاسواق او الوظائف . • التركيز على التحسينات الوظيفية من خلال تقليل الانشطة في الوحدات ذات التدفق النقدي السلبي . رابعا :الستراتيجية المركبة : عندما تكون المنظمات صغيرة فمن الطبيعي ان تجد نفسها امام موقف لاتحسد عليه ، حيث تكون البدائل الستراتيجية امامها محددة ، ومساحة التحرك تصبح ضعيفة ، وبالتالي فان اتخاذ قراراتها بشأن البديل الستراتيجي قد يكون اضطرارا اكثر من كونه خيارا . عكس المنظمات الكبيرة ذات الانشطة المتعددة التي تحتل مركزا تنافسيا قويا في السوق ، تتنوع البدائل والخيارات المتاحة امامها ، وتكون مساحة التحرك كبيرة ، مما يتيح فرصة اختيار البديل الاكثر ملاءمة مع رسالتها واهدافها وامكاناتها وظروفها البيئية ونمط قيادتها وطبيعة هيكلها التنظيمي وثقافتها . وقد تستطيع اتباع ستراتيجية مركبة تضم اكثر من ستراتيجية . او قد تعمل على تكوين مزيج بما يتلائم ورسالة واهداف المنظمة . وتلجأ المنظمات لاتباعها في الحالات الاتية : • عندما تمارس انشطة متعددة وتضم وحدات نشاط واعمال متنوعة ، وكل نشاط ستراتيجي يتطلب تبني ستراتيجية تختلف عن ستراتيجية وحدة نشاط ستراتيجي آخر . • تأثير التغير في ظروف البيئة الخارجية الكلية او بيئة الصناعة ولو بدرجات مختلفة عن المنظمات في تبني ستراتيجية مركبة . • في حالة وجود اختلاف في مستوى اداء وحدات النشاط الستراتيجي في المنظمة .
المصادر : ــــــــــــــ
1 - الدكتور زكريا مطلك الدوري " الادارة الاستراتيجية ، مفاهيم وعمليات وحالات دراسية " دار اليازوري ، عمان ، 2005 2 - الدكتور فلاح حسن عداي الحسيني " الادارة الاستراتيجية .. مفاهيمها ،مداخلها ، عملياتها المعاصرة " دار وائل ، عمان ، 2000 3 - الدكتور عباس خضير الخفاجي " الادارة الاستراتيجية ، المدخل والمفاهيم والعمليات " دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2004 4 - Boseman & Phatak Arvind " Strategic Management ,Text and Cases" Johan Wiley & Sons, New York, 1989
#اكرم_سالم (هاشتاغ)
Akram_Salim_Hasan_Al-janabi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في نظريات الحداثة والتطوير التنموي وحلقة التبعية
-
نظرة في الادارة العامة المقارنة ونشأتها
-
الادارة الستراتيجية .. استخدامات متعددة ودور حيوي متجدد
-
الادارة العلمية وفق منظور تايلوري
-
الهيكل التنظيمي - سمات مميزة وتواؤم مع البيئة
-
في جوهر العملية القيادية
-
بيئة المنظمة والخيارات الستراتيجية
-
نظرة سريعة في تكنولوجيا المعلومات وادارة المعرفة
-
الموازنة العامة للدولة وعملية الدمج الاقتصادي الاجتماعي
-
اهمية التآزرية في المدخل النظمي
-
تحولات البلدان الصناعية في بدايات القرن الماضي ونشأة المدرسة
...
-
عملية اتخاذ القرار بين سيمون ولندبلوم
-
النظرية البيروقراطية بين الجذور الكلاسيكية ورؤى المعدلين
-
فلسفة التحول الى ادارة الموارد البشرية
-
دورة حياة المنظمة والمعايير البيروقراطية
-
الموارد البشرية وادوارها الستراتيجية
-
ادارة الازمات وسبل التعامل معها و مواجهتها
المزيد.....
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|