هناء أدور
الحوار المتمدن-العدد: 2127 - 2007 / 12 / 12 - 11:40
المحور:
حقوق الانسان
السيد رئيس الوزراء المحترم
السيدات والسادة الوزراء وأعضاء مجلس النواب المحترمون
السيد رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق - يونامي
الحضور الأفاضل
أن نحتفي باليوم العالمي لحقوق الإنسان ، على المستوى الرسمي وغير الرسمي ، هو مؤشر له دلالته في التعبير عن إرادة العراقيين وطموحهم المشروع نحو ترسيخ نظام حكم يعترف بكرامة الإنسان ويضمن حقوق المواطن والحريات العامة ، التي طالما انتهكت من قبل الأنظمة المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية.
وإذا كان التعبير احتفالياً في مهرجانات ومؤتمرات ، إلا أنه في الوقت نفسه مسؤولية شرف وعمل تقع على عاتقنا جميعاً كأجهزة حكومية ومؤسسات المجتمع المدني ، وخاصة في هذه الظروف العصيبة ، التي نجتاز فيها نفق الظلام والارهاب والتخلف نحو الحرية وتأسيس دولة القانون والعدالة والمساواة والديمقراطية .
أن أتحدث باسم منظمات المجتمع المدني العراقية ، لابد أن أشير باعتزاز إلى تجربتنا الفاعلة في الحياة العامة في البلد منذ بداية سقوط النظام الدكتاتوري ، ومشاركتنا في عملية التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وخاصة في أثناء الانتخابات والاستفتاء على الدستور ، من خلال حملات الرصد والضغط والمناصرة والتوعية وأجراء البحوث والدراسات وبناء القابليات والمهارات ، عبر برامج نشر ثقافة الحوار والتعددية والتفاهم وحقوق الإنسان ، بما فيها حقوق المرأة والطفل ، والترويج لمفاهيم اللا عنف وحل النزاعات وبناء السلام والأمن الإنساني ، والتركيز على مبادىء وقيم المواطنة والكفاءة والنزاهة والوحدة الوطنية وسيادة القانون والعدالة الانتقالية والديمقراطية . لقد تمكنت منظمات المجتمع المدني ، بشكل عام ، بتشكيلاتها المتنوعة وبرامجها وأنشطتها، من تجاوز الحدود والحساسيات الطائفية والمناطقية والعصبيات العرقية والعشائرية والحزبية الضيقة ، وأثبتت أمكانياتها في التعبئة والتحشيد على المستوى الاجتماعي ، وكوسيط محرّك لنهضة وطنية ومدنية في العراق .
لقد سعينا ، ولا نزال ، للعمل مع السلطات الحكومية المختلفة، لإيجاد الآلية المناسبة لنشر وحماية حقوق الإنسان ، قائمة على أسس الشفافية وحق الوصول للمعلومات ، والشراكة في صياغة السياسة العامة للدولة وفي تنفيذها ومراقبتها وتقييمها ، وبما يضمن للمنظمات غير الحكومية حرية واستقلالية عملها كما أكد عليه نص الدستور ، وكفالة مساءلتها ومحاسبتها وفق القانون ، وتقديم أجهزة الدولة التسهيلات اللازمة لعمل المنظمات ودعمها مادياً وفق معايير معلنة . وفي هذه المناسبة نتمنى على الحكومة التشاور مع المنظمات غير الحكومية حول مسودة القانون الخاص بها ، والاسراع بتقديمه لمجلس النواب لمناقشته ، لما له من أهمية آنية في تحديد صيغة الشراكة وإيجاد الآلية الواضحة والصلاحيات غير القابلة للتأويل والاجتهاد في تسجيل المنظمات ومتابعة أنشطتها ومحاسبتها ، حيث تتعرض العديد من منظماتنا لضغوطات روتينية وشروط تعجيزية غير قانونية من قبل مكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية وأجهزة رسمية أخرى . ويؤسفني أن أذكر هنا ان تجربة وزارتي الدولة لشؤون المجتمع المدني والمرأة ، خلال السنوات الماضية ، لم تثبت نجاحها في تعزيز العلاقة والشراكة مع المنظمات غير الحكومية ، كما لم تقدم برنامجاً ملموساً في دعم المنظمات غير الحكومية ، أو في تمكين النساء والارتقاء بدورهن في الحياة العامة .
لقد وضعنا على أنفسنا كمنظمات غير حكومية التزامات متعددة بخصوص نشر وحماية حقوق الإنسان ، آخذين بعين الاعتبار مصادقة العراق على العهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وكذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة واتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان . اننا نسعى لتحقيق البعد الاستراتيجي للنهوض بحقوق الإنسان باعتبارها ليست فقط قضية آليات وقوانين ، بل هي أيضاً قضية تربية وترسيخ ثقافة تنعكس على السلوكيات والممارسات والرؤى ، وتندمج في بنية الثقافات المختلفة في المجتمع كي تصبح جزءً أصيلاً منها.
ومن هذا المنطلق تعمل منظماتنا في العديد من المجالات ، وأشير هنا إلى المحاور الرئيسية التي نعمل عليها :
1- أن ينص الدستور العراقي على اعتماد الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان كمصدر من مصادر التشريع الوطني .
2- تعزيز مبدأ المواطنة والمساواة أمام القانون لجميع المواطنين بدون تمييز من خلال تشذيب الدستور من المواد أو الفقرات أو العبارات ذات الصبغة المذهبية من ديباجته ونصوصه، ومن بينها المادة (41) ، اجتناباً لتكريس الطائفية واستمرار الإرهاب والعنف الطائفي ، وغرس الكراهية والتباعد بين مكونات المجتمع العراقي على المدى القريب والبعيد .
3- أهمية عملية رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في بلدنا من قبل جميع الأطراف المحلية والدولية، وما يتعلق بحماية المعتقلين وضحايا التعذيب ، والمهجرين وضحايا الارهاب والعنف .
4- التربية في مجال حقوق الإنسان ضمن منظومة القطاع التعليمي ومعاييره ، لا سيما المناهج الدراسية ، وتأهيل الكوادر العاملة في قطاع التعليم بحقوق الإنسان ، وتطوير الأنشطة المدرسية اللا صفية ، وغرس مفاهيم وقيم المواطنة والتعايش الاجتماعي والسلام ونبذ الطائفية والعنصرية بين أوساط الطلبة وفي المؤسسات التعليمية.
5- تأهيل مؤسسات الدولة ، وخاصة موظفي أجهزة انفاذ القانون على احترام حقوق الإنسان ، وأهميتها في تحسين أدائهم المهني .
6- حل المليشيات ودمج منتسبيها بالعمل المدني ، واصدار قوانين وآليات وطنية تخص أجهزة حماية الأمن والدفاع لا تقوم على أساس الانتماء الطائفي والعشائري والحزبي ، بل على أساس الولاء للوطن والدولة وحكم القانون واحترام حقوق الإنسان .
7- خلق الأجواء لتمكين النساء وتكافؤ الفرص لهن ، وتوسيع مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار في مختلف الصعد ، قياساً على نسبة التمثيل التي أقرها الدستور في مجلس النواب. وبهذا الصدد نؤكد على ضرورة تعيين عناصر نسائية في التعديل الوزاري المنتظر في وزارات سيادية وفق معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة .
8- التوعية بحقوق المرأة كجزء من حقوق الإنسان ، كمواطنة كاملة الأهلية والحقوق ، والعمل على تغيير العقليات السائدة بشأن نمطية دور المرأة ، بالتركيز على التعليم والتشريع والجانب الاقتصادي .
9- التصدي لممارسات الارهاب والعنف المسلط على النساء ، ولاسيما جرائم القتل والاختطاف والاغتصاب والاتجار بالنساء ، وما يسمى بجرائم الشرف ، وكذلك العمل على تقييد العادات والتقاليد العشائرية أو الفتاوي ، التي يحاول البعض تغطيتها بستار الدين والشرع ، المنافية للكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان وحرياته. ومن الأهمية إيجاد الحماية القانونية والمأوى والرعاية الصحية والاجتماعية للضحايا ، وتشديد الجزاء على مرتكبي هذه الجرائم .
وفي الختام ، نتمنى ان جهودنا المشتركة مع مؤسسات الدولة لتعزيز سيادة القانون والعدالة واحترام حقوق الإنسان واستكمال السيادة الوطنية ستؤتي ثمارها في العام المقبل ، وأن تشهد مسيرة بناء السلام والديمقراطية واعادة الاعمار والتنمية تقدماً ملحوظاً في عموم الوطن .
==================================
كلمة ألقيت من قبل هناء أدور / سكرتيرة جمعية الأمل العراقية ، باسم منظمات المجتمع المدني في الحفل الذي أقامته وزارة حقوق الإنسان في بغداد في 9 كانون الأول 2007 ، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، وحضره السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ونائبه السيد برهم صالح ، والسيدة وجدان سالم – وزيرة حقوق الإنسان ، وعدد من أعضاء مجلس النواب وممثلي الوزارات ، إضافة الى السيد ديمستورا رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق – يونامي وكذلك عدد من سفراء الدول .
#هناء_أدور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟