|
معاهدة مشبوهة.....تتناقض مع مصالح شعبنا !
جاسم محمد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2127 - 2007 / 12 / 12 - 02:05
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
يتبادل السياسيون العراقيون ونظرائهم الأمريكان الزيارات المكوكية ، بين واشنطن وبغداد، سرآ وعلانية، تمهيدآ لعقد معاهدة للشراكة الإستراتيجية بين البلدين، مما أثار قلقآ واسعآ بين أوساط العراقيين ، على إختلاف مشاربهم الفكرية، واللذين سبق وان حذروا من هذه النهايات غير السعيدة للتواجد العسكري الأمريكي في العراق، كما تباينت مواقف الأحزاب السياسية والتكتلات الإجتماعية من هذا الحدث المنتظر، تبعاً لتباين المدارس الفلسفية التي تنتمي إليها، ودرجة وضوح الرؤى الإستراتيجيه لديها. ولعل من نافل القول الأشارة الى أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، كنظام رأسمالي متوحش في زمن العولمة والقطب الأوحد، وعلاقاتها مع النظم الدولية المحيطة بها، وإيقاعات حركة نظمها التحتية الإقتصادية والإجتماعية، إنما تتحدد بمجموعة القوانين الموضوعية للرأسمالية (والتي يشكل الإستغلال الناشئ عن تراكم فائض القيمة جوهره وقوامه الأساسيين)، تلك القوانين التي لايمكن أن تسمح للأنظمة الفوقية ممثلة بمؤسسة الرئاسة أو غيرها، بأن تصيغ سياسة خارج نطاق المصالح العامة للرأسمالية وقادتها المحافظين الجدد. ومن هنا فأن الوضع السياسي والإقتصادي الذي خلقته الولايات المتحدة الأمريكية في بلادنا، بكل تعقيداته وعلى النحو الحزين الذي نعيشه، قد خطط له، بوعي ودقة متناهيتين، لجعل القوى المتنفذة اليوم تشعر بعدم اليقين الدائم من قدرتها على التعايش مع غيرها من الفعاليات السياسية والمكونات الإجتماعية العراقية، دون إسناد لها من الولايات المتحده الامريكية، مما وفر للأخيرة حرية المناورة في إبتزاز هذه القوى وفي تمرير مشاريع تتناقض مع مصالح شعبنا الوطنية. ولذا فإن هذه القوى ستظل لوقت طويل تنوء تحت وطئ ثقل عار توقيع هذه المعاهدات، التي عسى أن لاترشح العراق مكاناً لنصب شبكة الدرع الصاروخي، الذي يلاقي معارضة روسية لإقامته على أراضي دول آوربا الشرقية. ولإن عدم إنجاز العراق لإستقلاله الفعليلن يجعل منه حرآ وقادرآ على التكافؤ مع الآخرين في صياغة وتأمين مصالح شعبه في أية إتفاقية دولية يعقدها، ولأن دستوره الدائم لا يجيز توقيع معاهدات أمنية مع أطراف دولية متورطة في صراعات أو تشكل سياساتها الخارجية تهديدا للإستقراروالأمن الدوليين، ولأن "نظامه؟ الجديد يؤكد ليل نهار على الطابع السلمي لنهج الدولة العراقية الجديدة في حل النزاعات الدولية، فأن من الحكمة والمصلحة الوطنية عدم التورط في مثل هكذا مشاريع مثيرة للخلاف والإنقسام السياسي والإجتماعي وتتعارض مع الطبيعة السلمية لشعبنا ومناهضته للأحلاف . إن الإدعاء بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستسعى بعد توقيع المعاهدة الى تحرير العراق من قيود الفصل السابع ، الذي فرضته الإمم المتحدة بعد غزو الكويت، لا يستقيم مع فكرة إستبدال تلك القيود بالتبعية السياسية والإقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية، تلك القيود التي ستكلف الاجيال القادمة ثمنآ باهضاً قبل التحررمن أغلالها. إن هذه الأدعاءات وسيلة بآئسة للابتزاز وخدعة كبيرة ، تذكرنا بلقاء – كوبنهاكن – سنة 1991 والتي اعلن فيه ـ غورباجوف ـ عن حل حلف وآرشو وتخفيض الميزانية العسكرية السوفيتية، على أمل أن يقوم الغرببالمقابل بحل الحلف الأطلسي، إلا أن العكس قد حدث، فها هو الحلف يتمدد الى حدود روسيا ويهدد أمنها القومي. كما إن العديد من دروس التاريخ وتجارب الشعوب الأخرى تثبت تناقض مصالح المستضعفين مع مصالح الولايات المتحدة الامريكية، وإن من العبث الكبير الإطمئنان الى وعودها، أو الأستسلام لضغوطها التي يتوقع اشتدادها للأسباب التالية : 1 – تنامي هواجس الخوف من قبل المخططين الإستراتيجيين الأمريكان من التطورات السياسية الكبيرة الجارية في العالم، وخاصة روسيا، التي تسعى لإستعادة مكانتها الدولية، ولعب دورها في مناهضة الهيمنة الأمريكية والعالم ذو القطب الواحد. 2 – مخاوف الدوائرالإستراتيجيةالأمريكية، من عدم إمكانية تطويع المواقف التركية لصالح برامجها ، بنفس الكيفية التي جرت عليها أيام الحرب الباردة، لذا وجب على العراق لعب ذلك الدور ـ المحزن وغير اللائق ببلاد ما بين النهرين ـ والتي قدمت للبشرية أول أبجدية وأولى القوانين وأول عجلةمهدت للثورة الصناعية! 3 – الرغبه الأمريكية المعلنة في نقل معاركها مع الآخرين (بحجة الإرهاب الذي لا يوجد إجماع دولي على تعريفه حتى الأن) خارج أراضيها، وجعل العراق ساحة لهذه المعارك، لما يتمتع به من موقع إستراتيجي وخزين هائل للبترول، الأمرالذي سيضاعف من تبعية العراق للسياس الأمريكية، لتأمين شروط الأنتصار في هذه المعارك، وسينجم عن ذلك النهج الخطير، تضحيات بالأرواح والممتلكات والبيئة العراقية ، فضلآ عن خسارة مكانته وسمعته الدوليتين، دفاعآ عن مصالح الآخرين. 4 – تعميق المخاوف وزرع بذور الشك، بين حكومات الشعوب الفقيرة، لمنع إصطفافها في جبهة واسعة في صراعها ضد الدول الغنية ، باعتبار إن هذا الصراع سيكون سمة هذا القرن ومحدد للعلاقات الدولية في ظل العولمة، بعد ان كان جوهرالصراع العالمي يدور بين الإشتراكية والرأسمالية ابآن حقبة الحرب الباردة في القرن الماضي. 5- تعطيل دور العراق في مناصرة القضايا العادله للشعوب المناضلة من أجل التقدم والتنمية الإقتصادي –الإجتماعية، فضلاً عن الرغبة الأمريكية في المرابطة قرب آبار نفط الشرق الأوسط . إنني لعلى يقين بأن التجارب الغنية للشعب العراقي وقواه السياسية، في الكفاح من أجل التحرر والتقدم الإجتماعي، ستفشل مساعي التوقيع على هذه المعاهدة (مثلما أفشلت معاهدة حلف بغداد السيئة الصيت من قبل) شرطة إستنهاض الجماهير للدفاع عن مصالحها الوطنية وحثها لمواصلة نضالها الشجاع من أجل التحرير الناجز وتحقيق بناء الدولة الديمقراطية المنشودة ، وإقامة العدالة الإجتماعية والمساواة . وعلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أن لا تتنصل عن إلتزاماتها القانونية والأخلاقية في إعادة إعمار العراق ،الذي وقع ضحية للسياسات الطائشة و المغامرة للبعثيين، ومن ثم الإحتلال العسكري الامريكي خارج الشرعية والمواثيق الدولية.
#جاسم_محمد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انقذوا فقراء التيار الصدري من اعدائهم الطبقيين من الافندية و
...
-
على هامش تحضيرات الحزب الشيوعي العراقي لمؤتمره الثامن: لتتوث
...
-
مازالت الثورة-ياسمير- معفرة ازقتها با لتراب
-
التمسك بالنهج الديمقراطي. ..طريقنا الاكيد نحو عراق الحلم
-
ألطائفيون العرب..يحرقون بغداد وبيروت لوقف البناء الديموقراطي
...
-
أمساجد تفرخ الارهاب..-اكرم عند الله- أم بيوت تأوى اليتامى وا
...
-
اخرجوا من دائرة الوهم المزعوم بالقدسية الدينية
-
نعم ياسيدي...........نحن في ازمة سياسية خانقة
-
قمامة الاحياء الفقيرة، لاتوجد فيها نفائس
-
لتتسع بوحدتنا كوى الضوء والهواء
-
لا لدستور لا يضمن أحلام الفقراء
-
العراق بين مستشار الرئيس ووكيل الولي الفقيـه
-
حين يخشى الكّلُ الكّلَ في حفلات بوس اللحى
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|