معد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 2129 - 2007 / 12 / 14 - 01:49
المحور:
الصحافة والاعلام
هنالك جملة من الحقائق والمفاهيم الأساسية، المتعلقة بدور الإعلام في المجتمع، والتي هي بالتأكيد تقوم على تصور مهني لهذا الدور المهم والحيوي لقنوات الاتصال الجماهيرية، التي تنطلق من تفهم لخصوصية المجتمعات ومنها المجتمع العراقي(موضوع المقال)، في ضوء مايمر به اليوم من مخاضات عسيرة سياسية واجتماعية.. ولا خلاف على دور الإعلام الذي ينبع من كونه أحد أدوات التوعية والتثقيف والتغيير، وتشكيل الفكر الاجتماعي وترشيده. كما أن للإعلام دوره كسلطة رابعة مدافعة عن حقوق المواطنين. ولها تأثير كبير في المجتمع يعادل، بل يفوق قوة وتأثير الحكومة. ولايخفى ما لوسائل الإعلام من دور بارز ومؤثر في تشكيل الرأي العام وتوجيهه وفي التنوير وتعميم المعرفة.
أما مايخص الإفصاح عن المعلومات ونشرها بين الناس، فهي مَهمة لعمري عظيمة، ولايمكن التهاون معها، بل يجب أن يتم التعامل معها بحيادية ومصداقية؛ ويأتي ذلك بطبيعة الحال انطلاقاً من حق المجتمع في الاطلاع على تلك المعلومات؛ على اعتبار أن إحدى وظائف الإعلام هي توصيل تلك المعلومة إلى المواطن بحيادية مشفوعة بمصداقية ومؤطرة بحرفية ومهنية عالية.
لكن دعونا نرى كيف تتعامل بعض أكرر بعض وسائل الإعلام العراقي مع هكذا فهم، ومن أي منطلق تؤسس مشروعاً للتعامل مع القاعدة العريضة للجماهير، وبالتأكيد أن هذا موضوع يطول بحثه، ولاتسعنا هذه المساحة المتوفرة للحديث عن ذلك، ولكن لايسقط الميسور بالمعسور- كما يقال-، حيث سنكتب بين الحين والآخر بعضاً مما نراه مناسباً وربما يساهم مساهمة متواضعة في توضيح مفاهيم مغلوطة أو هكذا تبدو حتى اللحظة.
ولاضير في أن يكون هنالك تعدد في وجهات النظر والاختلاف حول عدد من القضايا الرئيسة المشتركة موضوعة الاهتمام.
وعليه نقول يعلم الجميع الفرق الكبير بين وظيفة رئيس أي حزب سياسي و منظمة أو رئيس جمعية وربما هيئة خيرية، وبين وظيفة مدير محطة فضائية مثلاً..! فالأول له واجباته السياسية التي تحتم عليه التواصل مع الجمهور من منطلقاته الحزبية، وتعبئة الجماهير لصالح حملاته الانتخابية، وسعيه الحثيث وحزبه للوصول إلى السلطة، ولعب دوراً مهماً وأساسياً في الحياة السياسية وفي صنع القرار السياسي، وكذلك لعب دور الوسيط بين السلطة والمواطنين، والتأثير بفعالية كبيرة في سياسة السلطة بغية اعتماد سياسة معينة في مجال معين. أو قد تكون تلك الوظيفة بشكل آخر، كأن تكون وظيفة خيرية تساهم في مساعدة وسد احتياجات المواطنين ومايعانون منه بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها بلدهم، بالإضافة إلى لعب دور الوسيط بين الأسرة والسلطة وهو دور مقدس تكون الريادة فيه- بطبيعة الحال- لمنظمات المجتمع المدني الفاعلة.
وقد يلمس الكثير منا ذلك الاختلاف ويلحظ البون الشاسع، فيما يخص دور أي إعلامي داخل تلك المؤسسة، فالأخير يتحدد واجبه ووظيفته الأساسية، بدور الناقد والرقيب لمؤسسات الدولة والمجتمع، وهو الدور الذي تمارسه في الحقيقة السلطة الرابعة، كسلطة مضادة، تراقب السلطات الثلاث التقليدية(التشريعية، التنفيذية والقضائية)، وتتصدى لأي خرق قد يحدث؛ والهدف واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، إنه التقويم والتسديد وبالتالي البناء.
وعلى اعتبار أن مفهوم الإعلام يتحدد بكونه عملية جمع المعلومات وتداولها ومن ثم نشرها بأساليب وطرق متعددة، لتصل في النهاية للمتلقي، وهو الدور الذي يقع على عاتق تلك المؤسسات الإعلامية، أي نشر تلك المعلومات وتداولها.
وهنا لا أجد من خلال ماورد في الأدبيات الإعلامية أية مهمة محددة أو أية أشارة تجبر موظف أو مدير محطة فضائية، بالقيام بمهمة عقد مؤتمرات للمصالحة بين المتخاصمين، أو حضور تلك المؤتمرات كمتحدث رسمي(لا أعرف يمثل أية جهة) أو كشرطي- ربما- يراقب عملية صلح بين عشائر سفكت دماء بعضها والعياذ بالله!
إن البعض بات لايفرق اليوم بين وظيفة المؤسسة الإعلامية، ووظيفة ودور مؤسسات الدولة أو الأحزاب السياسية!
حيث باتت تلك المؤسسات الإعلامية تقوم بدور الأحزاب السياسية، ومديرها العام أصبح بمثابة رئيس حزب سياسي، ولم يتبق سوى إعلان القناة الفلانية كونها حزباً سياسياً، بعد رفع برقع الإعلام عن وجهها، والدخول في حلبة الصراع السياسي مع القوى السياسية والدينية الأخرى.
إن هذا الطرح يدفعنا إلى فرضيتين الأولى تعبر عن جهل وعدم دراية ومعرفة بمفاهيم وماهية العمل الإعلامي، وبالتالي رؤية واستراتيجية خاطئة تسير عليها تلك "المؤسسات" أو الدكاكين الإعلامية. أما الثانية فتدفعنا للقول إن هنالك مشروع تحزب لجهات معينة على حساب الوطنية والحيادية والاستقلال، الأمر الذي يدعو إلى مراجعة حقيقة ودقيقة للنظم والقوانين الموضوعة وخاصة القوانين الخاصة بممارسة العمل الإعلامي، والشروع بعملية فصل بين مايمكن أن يطلق عليه وسيلة إعلامية، وبين من هو في الحقيقة جهة حزبية أو مؤسسة لها ارتباطاتها الخارجية وأجندتها التي تحاول تنفيذها طبقاً لستراتيجية الممول، الذي يتقمص اشكالاً وأدواراً مختلفة( دولة أو شبح أوكيان هلامي وربما غير ذلك).
إن العمل الإعلامي لن يكون عملاً مهنياً، حيادياً، مستقلاً، وخاضعاًُ للشروط والمعايير النظامية والقانونية، عندما يكون بتماس مع الميول والأغراض والمنافع الشخصية، وهو مايقوم به اليوم بعض الإعلام العراقي.
ختاماً نقول إن الإعلام وسيلة يبحث من خلالها المواطن على المعلومة، للوصول للحقيقة، ومتى ما استمر تواصل المواطن مع هذه الوسيلة، أو تعلقه بها، فقد نجحت(الوسيلة الإعلامية) في أن تكون سلطة رابعة بحق، وجسراً يتواصل من خلاله هذا المواطن مع حكومته المنتخبة.
http://altaif.maktoobblog.com
#معد_الشمري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟