الحوار الكردي الفلسطيني

علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 107 - 2002 / 4 / 20 - 11:14
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

بدأت قطرات المطر الكبيرة الواعدة تتساقط ، ومادت أغصان الأشجار في غابة كثيفة تسمى الشرق الأوسط بتأثير من الريح التي هبت باردة و قوية . جلس صديقي الكردي يداري غضبه من صديقنا الفلسطيني .لقد قال هذا الأخير في تصريح صحافي أن حالة فلسطين هي آخر حالات تصفية الاستعمار في العالم . تحفز الكردي للعتاب، ودون أن ينظر الى وجه الفلسطيني مباشرة وكأنه يخاطب شجرة عمياء قال :
-معنى كلامك يا صديقي أنك لا تعترف بأننا – نحن الكرد - أمة مضطهَدة ومستعمرَة ومحتلة أرضها من قبل أربعة دولة ، أليس كذلك ؟ فقال الفلسطيني : كلا على الإطلاق، أنا لم أقصد ذلك فقضيتكم معروفة وانتم أمة كبيرة ومظلومة مثلنا ولكن شدة معاناة شعبنا ومأساته المريرة ربما جعلتني أتسرع في اعتبار حالتنا آخر حالات تصفية الاستعمار . لم يهدأ الكردي فأردف : ولكن معاناتنا ليست أقل من معاناتكم ، على الأقل أنتم عرب ولديكم اثنتين وعشرين دولة عربية باثنين وعشرين رئيس أو ملك أو أمير عربي أما نحن فلاشيء عندنا من هذا القبيل . فقال الفلسطيني : ولكن تلك الدول الاثنتين وعشرين لأصحابها وليست لنا، وإذا حدث وأشفق علينا أبناء عمومتنا المنفوطون ورحبوا بنا فسنذهب الى دولهم كعمال وممرضات ومهندسين وما الى ذلك . بعضنا يصل سليما و بعض آخر يموت في صهاريج التهريب على مشارف الكويت ألم تقرأ رواية غسان كنفاني " رجال في الشمس " ؟ فقال الكردي : نعم قرأتها ولكنني ما زلت مصرا على أن مأساتنا نحن الكرد أشد من مأساتكم أنتم الفلسطينيين . ازداد تساقط المطر شدةً وعنفاً فقال الفلسطيني: أنت تنسى يا صديقي إننا لم نخضع لاستعمار تقليدي كما هي الحال في تجارب الشعوب الأخرى، فعدونا لم يحتل أرضنا فحسب بل طردنا منها بالملايين وحلَّ محلنا ومازالت تلك الملايين تعيش في مخيمات اللجوء . أما انتم الأكراد فما زلتم على الأقل تعيشون على أرض وطنكم المقَسَّم . نظر الكردي الى الأرض المساطة بخيوط المطر العنيف ثم قال : أنتم -الفلسطينيين- على أية حال لم تعانوا من الأسلحة الكيمياوية مثلنا. رد الفلسطيني بسرعة: ولكننا عانينا من القنابل الفراغية والانشطارية وأف ستة عشر ودبابات المركافاه وصبرا و شاتيلا ودير ياسين وكفر قاسم وقبية فقاطعه الكردي قائلا : لو بدأت أنا بذكر أسماء المجازر التي ارتكبت بحق الكرد لما انتهيتُ من القائمة حتى صباح الغد . لك أن تعلم يا صديقي أن في كل مدينة أو قرية أو شجرة زيتون كردية تحمل اسم مجزرة مرعبة .إنني لا أحسدكم أيها الأخ ولكنني أتساءل فقط لماذا يعترف الغرب و العالم كله بحقكم - أنتم الفلسطينيين - في تقرير المصير وإقامة دولتكم المستقلة في حين يعتبر الكردي المطالب بنفس الحقوق شخصا إرهابيا وانفصاليا ومخربا وينبغي إطلاق الرصاص عليه ؟ وضع الفلسطيني يده على بندقيته الباردة وقال : سؤالك حقيقي و مشروع ولكن عليك أن توجهه الى الغرب وليس الى فلسطيني مظلوم مثلك لم ينل حقه حتى الآن ومازالت دماؤه تنـزف.. بدأت السحب بالانقشاع وهاهو خيط من النور الذهبي يمسح الوجود ، في تلك اللحظة أزت رصاصة وخرقت الهواء الذي يفصل بين الرجلين ثم تبعتها زخة من الرصاص . أسرع الكردي والفلسطيني الى خندقهما الموحل و شرعا بإطلاق النار باتجاه الغرب حيث يقع الخندق المقابل لهما والذي أنطلق منه الرصاص الديموقراطي .

#علاء_اللامي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات