|
حوار مع موقع الإخوان المسلمين في سورية
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 2121 - 2007 / 12 / 6 - 11:41
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
أتابع في كل يوم ما يكتبه غالبية كتاب مركز الإخوان المسلمين الإعلامي. واذكر منهم احتراما على سبيل المثال لا الحصر، الدكتور محمد سيف، والسيد عبد الله القحطاني، والسيد محمد علي شاهين، ومقالات الصديق زهير سالم. وفي كل مرة اهتم بما يأتي ذكره في هذه المقالات، وبما لا يأتي ذكره مطويا تحت السطور، كثيرة هي القضايا التي باتت خلافية مع الأصدقاء، ولا بد من وقفة حوارية لا تدخل في الفقه من باب، ولكنها ترتجل ما يعانيه شعبنا في سورية أولا، وقبل أي شيء آخر. الأفضلية لا تعني مطلقا، أننا لا نهتم بفلسطين، أو بالعراق، أو بوحدة شعوب العالم العربي في دولة واحدة. لكنني ألمح في معظم مقالات الكتاب في الموقع، وفي معظم اختيارات الموقع لمقالات من الصحف، وخاصة القطرية منها، أن في الأمر توجه واضح. توجه يتنافى في غالب الأحيان مع ما يحاول القادة السياسيون للجماعة من طرحه. فكيف يستقيم مع الأخ محمد علي شاهين: دولة مدنية مع دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ هذه معادلة أولى تحتاج إلى حل في الواقع، لأنه في سورية بالذات لا يمكننا الحديث عن دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا أعتقد أن السبب خاف على أي من كوادر الجماعة وكتابهم. ولن أدخل من باب النقاش الفقهي والنظري، واكتفي بالسؤال فقط. ثم ما هذه اللغة التي تنز منها روائح عنصرية، حول الحديث عن الطورانية، ثم فعلا هل الأستاذ علي شاهين كان مقتنعا أن العثمانية كانت دولة خلافة إسلامية؟ على كل حال يبقى هذا الأمر هامشي بالقياس لقضية العودة إلى موضوعة الإسلام دين ودولة، والتي لم يكن لها وجود في التاريخ الإسلامي إلا بعد تنظيرات شيوخ الجماعة في مصر، مطلع القرن العشرين1928، فلم يكن أبدا الخليفة معصوما! من زاوية المقدس الديني. ولم يمر خليفة لم تكن هنالك حرب ضده. والحرب لا تنشأ فقط بفعل التآمر، بل لها أسبابها الدنيوية أولا وأخيرا، ولم تكن هنالك في تجربة الإسلام دولة دينية واحدة، بل جلها دول أسر وملوك، وبالتالي هي دول دنيوية تماما بمقاييس ذاك العصر. هذه أسئلة بحكم الموقف الأولي لما قرأته في مقالة الأخ شاهين. أما مقالة الدكتور محمد سيف والمعنونة(عندما يفقد الناس المرجعية الموحدة) مقالة تتحدث عن فقدان المرجعية وما يعنيه، هذه المرجعية المحصورة في اللغة، وهي بالطبع ليست لغة وكفى، بل هي لغة القرآن حصرا، وهذا ما يوضحه سياق المقال، وكأن العربي المسيحي، لا يحق له لغة عربية تكون له مرجعية غير لغة القرآن؟ لن أتحدث بالطبع عن ملحد يعشق العربية، شاعر كان أم روائي، فهذه ربما تجعل الأجواء أكثر حرجا. يقول الدكتور سيف في مطلع مقالته(إن أول خطوة في استيلاء الغير على لغتنا نحن العرب، تكون بتخلي أصحاب اللغة عن المرجعية، التي صنعت تاريخ وحضارة الأمة، تليدها وحاضرها، وهي المعولّ عليها لبناء المستقبل ذي الوجه المعروف والوجهة المعروفة، المبنيين فوق امتداد تاريخي غني وفعال، لا يمكن تجاوزه، إذا أردنا أن لا تتعرض لغتنا للاحتلال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، وكونوا كيف أراد الله لكم أن تكونوا، منافحين عن كلمتكم، عن لغتكم، عن شهادتكم، التي هي عهد بينكم وبين الله: (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) (المعارج: 33).. فإنكم إن فقدتم لغتكم شهادتكم.. فقد تم أصل اللون في وجوهكم..) لا أعتقد أنني تجنيت على المقال. وهل اللغة العربية خلقت بالقرآن، أم خلق القرآن باللغة العربية؟ أعتقد أن قبلية اللغة تفترض منا رؤية الهوية اللغوية كما يتحدث عنها الأخ سيف قبل الديانة، وإن كانت الديانة بالنسبة لبعض المسلمين لها الأولوية لأن مجتمعاتنا لم تنفتح على العالم بعد! رغم أنني من الذين يميلون إلى رأي، أن التيار القومي لم يستطع إيجاد مرجعياته إلا في التجربة الإسلامية! وهذا من أسباب فشله، أمر وحده يحتاج إلى نقاش خاص، لكنني هنا أحاول إثارة الأسئلة التي أزعم أنها سورية بامتياز. نحن شعب سوري أقله منذ تأسيس هذه الدولة القائمة الآن. وهذا الشعب الآن أيضا، ليس حاملا لرسالة الخلافة، بل هو ينوء تحت نير استبداد وتطييف ونهب وما إلى ذلك وأنتم أدرى. ويكمل الدكتور مقالته ليفاجئنا بأن المقالة لم تعد تتحدث عن القضية ذات العنوان، بل تريد أن تهاجم أنابوليس وتخون محمود عباس، دفاعا عن حماس التي لم تذكر وبقيت طية بين السطور واضحة الصورة. وهذا منسجم مع ما كتبه في السابق الصديق زهير سالم، حول وجوب عدم ذهاب العرب إلى أنابوليس ودعم دول الطوق. إنها نفس اللغة التي ترشح من الموقف الذي تتبناه السلطة صاحبة المرسوم 49، وكي لا نبقى ندور في الفراغ، هذه السلطة وفق هذا النسق الخطابي ووفق هذا السلوك السياسي، هي فعلا قائدة صف الممانعة والتمسك باللغة والهوية والثقافة القومية وليس صدام حسين أكثر قومية وتمسكا بهوية الأمة من البعث السوري. وهي مهما عقدت من صفقات إلا أنها تبقى الأكثر تمسكا وممارسة عيانية لهذا الخطاب، وذهابها إلى أنابوليس لا يعني مطلقا أنها تخلت عن الممانعة والتمسك بهوية الأمة وثوابتها، فهذا التمسك هو الحقيبة الثقافية التي يحملها رجل أمن هذه السلطة في حقيبته دوما. كأي سلطة تجد نفسها في موقع الاستفادة من كل ما شأنه إدامة سيطرتها، ولهذا يمكن لها أن تلعب بالورقة الأمريكية إن استطاعت، ويمكن أن تفاوض إسرائيل، وكثيرة هي الممكنات، لكنها أبدا لن تتخلى عن خطابها هذا. فهو سر إيقافها لتجدد الحياة في سورية. وما يتطلبه هذا التجدد من عصرنة، ومدنية ودولة قانون ومؤسسات وحقوق إنسان. مطلوب من الرئيس عباس أن يسلم القيادة لمن هم أهل للشهادة، ومن هم في فلسطين أهل الشهادة هؤلاء؟ وليس على أرضية حقوق الشعب الفلسطيني، بل على أرضية خطاب اليهود والنصارى، وبني قريظة.إنها عودة مفرطة لتناول القضية الفلسطينية كقضية دينية أولا، وهذا بالضبط ما تريده السياسة لإسرائيلية اليمينية، وفضاءها الديني أيضا. نحن لسنا أمة دين فقط، نحن شعوب موجودة قبل الدين الإسلامي، وككل الشعوب لديها أديان، ولديها مجاميع متنوعة، سواء في تعاطيها مع هذه الأديان أو في تعاطيها مع شؤونها العامة والخاصة. القضية الفلسطينية قضية شعب فيه المسلم وفيه المسيحي وفيه الملحد. لا تحاصرونا وتحاصروا أنفسكم في خطابات أقل ما يقال فيها أنه قوية المبنى إقصائية المعنى. أي لغة تريدون لمحمود عباس أن يتحدث؟ أليست لغة بن لادن هي لغة الشهادة؟ رغم أن التجربة الإسلامية منذ مهدها، كانت السياسية فيها قبل الدين، وإلا كيف يمكن لنا التعاطي مع تجربة المدينة؟ ثمة أمر آخر أليس في الرسائل التأسيسية للجماعة: حديثا عن أن الأندلس وغيرها هي مستعمرات إسلامية ويجب أن تعود إلى دار الإسلام؟ أبهذا المنطق يتم مواجهة، التعنت الإسرائيلي؟ في نهاية هذه العجالة التي ربما نسعى من خلالها إلى حوارا بناءا يضعنا أمام سوريتنا الآن، أقول: لا بد في الواقع أن نواجه أنفسنا بقوة، فلماذا من يريد الممانعة لا يذهب إلى التحالف مع السلطة في سورية وإيران؟ ولماذا تضعوا الآخرين في نفس معايير خطاب هذه السلطة: فهذه السلطة تتهمكم وتتهم المعارضة السورية بأنها ضد الممانعة ومع أمريكا، وأنتم تحملون لنا نفس الخطاب صباح مساء. تريدون وضع معيارا خاصا للممانعة حسنا، لكننا لم نجد هذا المعيار الخاص بل ما نجده هو خطاب قناة الجزيرة، وقناة العالم، وجريدة الثورة السورية. أليس من حق الآخرين اتهامكم بالتقية؟ وأنتم تكتبون بشكل عام، عن دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويخرج الأخ العزيز أبو أنس بوصفه المراقب العام للجماعة، ليلطف الأجواء ويتحدث عن دولة مدنية، أليست ازدواجية علينا التخلص منها جميعا؟ نعتقد أن المطلوب الخروج نهائيا من معيار الممانعة هذا كي نستطيع أن نخوض مع العالم معركتنا من أجل حرية شعبنا في دولة ديمقراطية عصرية؟ وفيما بعد مانعوا كما تشاؤوا، وبقدر ما تستطيعون؟ ليس عيبا أبدا وبشكل دائم مراجعة للذات الفردية والحزبية، بل التمترس خلف مقولات أثبتت فشلها هو الذي يزيد من معاناة شعبنا وانقسام نخبه السياسية والثقافية. هذا رابط موقع المركز الإعلامي للإخوان المسلمين في سورية. يمكن للمرء العودة لمقالات يوم1.12.2007 http://www.ikhwansyria.com
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلان دمشق الآن خطوة بالاتجاه الصحيح
-
الديمقراطية... السيادة للدولة... والحرية للمجتمع الآن!
-
السلطة السورية و الستراتيجية التركية-المحنة الكردية(2 - 2)
-
السلطة السورية والإستراتيجية التركية- المحنة الكردية-1من2
-
أختلف عنك لا معك!نحو أكثرية اجتماعية جديدة.
-
الطائفية والمواطنة-وعي سوري شقي2-2
-
الطائفية والمواطنة.. وعي سوري شقي 1-2
-
دولة بشعبين أم دولتان؟لعنة التاريخ.
-
سويسرا في القلب-4-
-
أل التعريف و ثابت الوهم! السياسي المستبعد
-
غياب السياسي تأصيل لغياب العقلانية
-
رد صريح على السيد زهير سالم نائب المراقب العام للإخوان المسل
...
-
عامان والسياسة غائبة إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي.
-
المعارضة والهوية...تأملات تجريبية سورية (2-2)
-
المعارضة والهوية...تأملات تجريبية سورية (1)
-
استقلالية الثقافة!هل هي علاقة قوة أم طيه سلطة؟
-
المؤتمر الثاني لجبهة الخلاص الوطني-3-القضية الكوردية
-
المؤتمر العام لجبهة الخلاص-2
-
المؤتمر الثاني لجبهة الخلاص الوطني-برلين
-
العلمانية ضد العلمانية-مساهمة في الحوار السوري
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|