أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إدريس ولد القابلة - محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 24















المزيد.....

محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 24


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 655 - 2003 / 11 / 17 - 04:11
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


شخصية الإرهابي
إن ما حدث بالدار البيضاء يوم الجعة الأسود 16 مايو 2003 يدعو إلى التساؤل حول الإرهاب كظاهرة. كما أن طبيعة و سيمات الانتحاريين الذين قاموا بتفجير أنفسهم وسط أبرياء تدعو هي كذلك إلى التساؤل حول شخصية الإرهابي.

فالإرهاب من الظواهر المعقدة، و هو فعل مكوناته الأساسية هي الرعب كنتيجة أو محصلة للأفعال و ضحايا مقصودين لذو اتهم كوسيلة لإرهاب الآخرين و أهداف محددة توجه إليها الأفعال الإرهابية و استخدام العنف بصوره المختلفة.

و مختلف تعريفات الإرهاب كادت تتفق في وصفها للإرهاب على جملة من العناصر، و هي أن الإرهاب يتضمن دائما و أبدا استخدام العنف أو التهديد به و عنصر المفاجأة و كذلك ضحايا و البحث عن صدى إعلامي و وجود أهداف يراد تحقيقها سواء أعلن عنها أم لم يعلن.

و الإرهاب كذلك شكل من أشكال الحرب النفسية التي تستهدف التأثير على أفراد المجتمع. و من أسبابه حسب علماء النفس رفض المجتمع بطريقة ما من طرف أفراد معينين يدفعهم رفضهم إلى حد العزلة و الشعور بالاغتراب، مما يؤدي إلى تحقير الذات. و هكذا تسهل عملية لجوء هؤلاء إلى جماعات منغلقة على نفسها لتستقطبهم من حيث لا يدرون و تعطيهم "هوية"، أو ما يفهمونه كهوية أيا كانت معالم تلك الهوية.

و حسب البعض عندما تصبح حالة الإحباط الفردي  و الجماعي هي الحالة السائدة و التوازن القيمي-الانفعالي مختلا و قنوات التواصل مقطوعة عندئذ يمكن أن يبرز الإرهاب كوسيلة للدفاع عن الذات.
و يرى جل علماء النفس أن الحرمان عموما من شأنه توليد درجات و مستويات مختلفة و متباينة من العنف. و بتوفر شروط مواتية و تدخل عوامل خارجية يمكن أن يتحول هذا العنف إلى إرهاب. و لعل أبرز نوع من الحرمان الذي يمكن أن يشعر به أي إنسان_ متعلما كان أو غير متعلم، مسيسا كان أو غير متسيس- هو الحرمان من متع الحياة (لاسيما الحاجيات الضرورية لضمان العيش الكريم) و التي يعاين استفادة البعض منها دونه.

و يمكن القول أن علماء النفس قد اتفقوا على ظرفين أساسيين يسببان العدوان و هما الإحباط و الهجوم (أو تهديد الحياة أو مفهوم الذات و تقديرات الذات). إلا أن عدة دراسات بينت أن نظرية الإحباط – العدوان ليست نظرية مطلقة، و بالتالي فهي ليست كافية لوحدها لتفسير الخلفية السيكولوجية للإرهاب. و ذلك لسبب بسيط و هو أنه ليس كل عدوان ارهابا مع العلم أن كل إرهاب هو عدوان بامتياز. و هكذا يتضح أن العلاقة بين العدوان و الإرهاب هي علاقة جزء بكل و بالتالي ما يفسر الجزء لا يمكنه بالضرورة أن يفسر الكل.

و إذا وسعنا مفهوم الإحباط ليشمل الحرمان من جملة من الماديات و الحاجيات و الحيلولة دون إشباعها، مادية كانت أو اجتماعية أو جسمية أو نفسية أو كذلك روحية، يمكن أن يكون هذا الإحباط و بهذا الفهم العام و الشامل يكون فقط مساعدا لتفسير بعض أشكال الإرهاب.

و هذا الإحباط قد يتحول إلى عدوان ضد الآخر و قد يأخذ شكل إرهاب، كما يأخذ في حالته القصوى الشكل الانتحاري.

و قد ركز بعض علماء النفس، في عملية تحليل الإرهاب، على دور مفهوم التوازن القيمي-الانفعالي في العدوان البشري. و حسب وجهة النظر هذه، هناك ارتباط وثيق بين المنظومة القيمية و المنظومة الانفعالية عند الإنسان.  فالقيم مرتبة حسب الأهمية و تنوع الطاقة الانفعالية عند الإنسان. إذ أن أهم قيمة يقابلها أكبر مقدار من الطاقة الانفعالية و العكس صحيح. و يشكل رد الفعل هذا محورا من محاور العدوان البشري.

 و يمكن إضافة عامل آخر، و هو عامل فقدان التواصل بين الجماعة التي تتبنى الإرهاب و الجهة أو الطرف الذي يوجه نحوه الفعل الإرهابي. و في هذا الصدد هناك من يعتقد أن الإرهاب يظهر عندما تنقطع خيوط التواصل و التفاهم.

فعندما تكون هناك حالة إحباط فردي أو جماعي حالة سائدة (على الأقل ضمن المجموعة) و التوازن القيمي-الانفعالي مختلا و قنوات التواصل مقطوعة عندئذ تتجمع الشروط الكافية لبروز الإرهاب. و الحل بالنسبة لأصحاب هذه النظرية هو العمل على إيقاف الإحباط و إعادة التوازن إلى المنظومة القيمية-الانفعالية. لذا يقال أن الإرهاب يتميز بطبيعة دائرية مفرغة، و بهذا المعنى يقال بأن العنف لا يولد سوى العنف.

لقد صنف أحد العلماء شخصية الإرهابي إلى ثلاث أصناف و هي صليبي و مجرم و مجنون. إلا أن هذا التصنيف يبدو مبسطا جدا. في حين يرى بعض العلماء لا وجود لخصائص شخصية معيارية للإرهابي و إنما هناك أنماط معينة من الشخصيات و هناك خصائص للنمط الأكثر تطرفا و انجذابا نحو سلوك الإرهاب أكثر من الأشكال الأخرى من العنف.

و مهما يكن من أمر فقد اتفق علماء النفس على أن هناك خللا في المكون الانفعالي لشخصية الإرهابي. بحيث يحول هذا الخلل دون الشعور بالذنب عند ارتكاب العمل الإرهابي و الذي غالبا ما يكون ضحاياه أناس أبرياء. و هذا لا يعني أن الإرهابي شخص مجنون أو مختل عقليا بالتعبير العام أو أنه مريض نفسانيا بالتعبير السيكولوجي لأن المجنون أو المختل عقليا مستبعد كليا و قطعا من دائرة الإرهاب لأنه لا أهداف له من وراء ذلك العمل و لا يستطيع السيطرة على أفعاله.

و عموما فان الإرهابي شخص منكفئ على ذاته متمحور حولها لا يقيم أدنى اعتبار لمشاعر الآخرين. و غالبا ما يميل إلى إسقاط نواقصه على الغير.

إلا أنه وجب التنبيه إلى أن خصائص الإرهابي تظل دائما مرتبطة بالخلفية التاريخية و الاجتماعية و الفكرية و بالتالي لا يمكن تعميمها على الأشكال و على جميع من ينعتون بالإرهابيين. و هكذا فخصائص الإرهابي الديني قد تختلف عن خصائص الإرهابي السياسي و ذلك اعتبارا لفعل الفوارق الحضارية و التاريخية و الفكرية. إلا أنه هناك جملة من الخصائص قد تكون مشتركة بين مختلف الإرهابيين. و لعل من أبرز تلك الخصائص العمر. فأغلب الإرهابيين يتراوح سنهم بين 20 و 35 سنة. و نقطة العمر هذه تثير الاهتمام و هي المرحلة العمرية التي تعد بداية الرشد و النضج العقلي و الانفعالي و الاجتماعي. و هناك خاصية أخرى قد تكون مشتركة و هي المتعلقة بالجانب الاجتماعي. فمن الملاحظ أن علاقة الإرهابي بأعضاء مجموعته تكون قوية جدا مما يوحي بأنها تعويض عن فقدان شبكة العلاقات الاجتماعية المفقودة، و التي يحتاج إليها المرء في أي مجتمع.

و بذلك فان حل قضية الإرهاب يجب أن يكون شاملا لكافة مناحي الحياة السياسية و الاقتصادية و التربوية و الاجتماعية و الدينية أي العمل على سد كافة المنافذ التي من شأنها أن تؤدي إلى بروز الإرهابي وبكلمة فان التصدي للإرهاب يستوجب الشمولية و ليس الاقتصار على الجانب الأمني و القمعي و الردعي.

و لعل تتبع حالة أغلب الانتحاديين المغاربة يؤكد بما فيه الكفاية و زيادة جملة الأفكار الواردة أعلاه.
فبالنسبة لحالة محمد العمري، الناجي من انفجارات فندق فرح، فان جميع معارفه يجمعون على أنه كان منعزلا. كما أنه لم تكن تربطه أية علاقة بساكنة الحي، و علاوة على ندرة ظهوره. فانه لم يسجل عليه أنه وقف مع أحد بالشارع أو تبادل أطراف الحديث مع الجيران. في حين أنه كان بين الفينة و الأخرى يستقبل بعض الملتحين المترددين على منزله، و كانوا يدخلون فرادى و يخرجون فرادى. لقد كان يمشي و عيناه في الأرض و قليلا ما كان يرفع رأسه.

أما رشيد خليل، فكان كتوما جدا لا يكاد صوته يسمع إلا لماما. ملامح وجهه لا تكشفان عن أية مشاعر و كأنه آلة ميكانيكية لتنفيذ الأوامر.

يتبع



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنحي عبد الرحمان اليوسفي ليس في مستوى مساره الطويل
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة23
- القضاء في محنة بالمغرب
- محاكمات الإرهاب - الحلقة 22
- الحرس الجامعي و حرمة الجامعة بالمغرب
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 21
- الجامعة المغربية و الحركة الإسلامية
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 20
- المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 19
- الحقيقة أولا ... الحقيقة دائما
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 18
- الديموقراطية و المساواة و حقوق الإنسان بالمغرب
- محاكمات الإرهاب بالمغرب- الحلقة 17
- مفهوم وحدة المدينة بالغرب و المشاركة المحلية
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 16
- الجهة بالمغرب كيان لخدمة التنمية أم لمجرد التأثيث؟
- الإصلاح الدستوري شرط أساسي للتحديث الفعلي
- الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بين الموت السياسي و الاستجا ...
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 15


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إدريس ولد القابلة - محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 24