|
التحسن الامني في العراق اشاعة رخيصة وباهتة !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2120 - 2007 / 12 / 5 - 11:14
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
حتى يتحقق القارئ العزيز من الامر ، اي ان يصل وبشكل موضوعي الى استنتاج مؤكد ، ويجيب على مثل هذا التساؤل المطروح بنفسه : هل هناك حقيقة تحسن امني في العراق ام ان الامر كله لايعدو عن كونه اشاعة مغالطة ومغرضة لذر الرماد في العيون عن رؤية الخراب اليومي والشامل ، ورؤية حقيقة ان مسببي الجرائم الجنائية الاجرامية المنظمة ، والقتل المجاني والمستهتر للمدنيين العزل ، وسياسة الترويع بالتفجير والتفخيخ ، هم انفسهم المحتلون وفرقهم الخاصة ومرتزقتها من عراقيين واجانب ، انهم انفسهم ازلام عصابات وميليشيات الاحزاب الطائفية والعرقية ، وهم انفسهم من يتحكم بمصباتها وحجم مصائبها ، وعندما يخففون من وطأتها فانما يفعلون ذلك لغرض معاكس يريدوه ، وكانهم يريدون الترويج لاشاعة خسيسة تقول : ان من يعاديهم ويقاومهم هو المسؤول عن الافعال المشينة تلك ، والتي ارتكبوها هم وما يزالون ! هذه الاشاعة القذرة لا تختلف في جوهرها عن اخواتها السابقات من الاشاعات المغرضة والتي ثبت فعليا كذبها ـ كاشاعة اسلحة الدمار الشامل في العراق ، واشاعة تحرير العراق ، واشاعة زرع الديمقراطية فيه ، واشاعة لامصلحة نفطية اواسرائيلية في الحرب عليه واحتلاله ، واشاعة لا وجود لمقاومة عراقية تتصدى للمحتلين ؟ في البدأ اسقط الامريكان كل جرائمهم على اكتاف الزرقاوي ، وبعد ان تخلصوا منه كما اعلنوا هم انفسهم ، راحوا يعلنون ان القاعدة تتكاثر وهي المسؤولة عن الفوضى الامنية ! ومعروف انهم في حروب مخابراتهم التي خاضوها في بلدان امريكا اللاتينية الثائرة كانوا قد استخدموا ذات الاسلوب اي ترويع المدنيين الابرياء ثم الصاق التهم بالثوار ، لغرضين اساسيين اولهما لاجبار المدنيين على اللجوء التلقائي لطلب الحماية ، حتى لوكانت من المحتلين انفسهم اوشرطتهم ، وثانيهما لابعاد المدنيين عن الانخراط بصفوف المقاومين والثوار ، اي تسويد صورة المقاومين امام المدنيين ومن ثم جر المدنيين للتعاون مع المحتلين واعوانهم ، ومعروف ايضا ان نغروبونتي هو واحد من اشهر خبرائهم المتمرسين في هذا المجال ، وفعلا جرى استخدامه في العراق لهذا الغرض الخبيث ! لقد اعترف العديد من رموز مايسمى برجال الصحوة انفسهم انه ليس للقاعدة في مناطقهم تنظيمات بالقوة والتضخيم الذي يرد على لسان الامريكان ، انهم جماعات مقاتلة صغيرة يمكن لاي قوة منظمة ومدربة ان تحاصرهم وتنهيهم ، فالعراق ليس افغانستان ، لكن كانت هناك مصلحة امريكية في تركهم ، واعترف بعضهم وعلنا ايضا ان هناك مقاومة عراقية اصيلة وقوية ، وهم يسمونها بالمقاومة الشريفة وهي من اذاق الامريكان الامرين وماتزال ، ولا هم لها غير مقاتلة الامريكان وخلاص البلاد ، ومن الامثلة الموثقة في هذا الاطار : حديث مفصل لعلي حاتم احد رجال الصحوة في الرمادي حول هذا الموضوع ، اذيع من قناة الفرات العراقية ! هل يعقل ان تتزايد اعداد الاصابات بين الامريكان حتى تصل الى حدود 17 الف اصابة ، فقط خلال هذا العام من اصل 55 الف اصابة بين قتيل وجريح ومعوق ومجنون ـ منذ 9 نيسان 2003 وحتى الان حسب مصادر الحزب الديمقراطي صاحب الاغلبية في الكونغرس الامريكي ـ ثم يأتي من يقول ان قلة اعمال التفخيخ والتفجير بين المدنيين ، هي دليل على انحسار المقاومة ؟؟ فما علاقة هذه بتلك ؟ ان محاولة التغطية على الفشل في انهاء مقاومة شعبنا الباسلة باتهامها زورا وبهتانا بالجرائم ذاتها التي يرتكبها المحتل ذاته واعوانه ، والتي يعمد حاليا لتخفيفها تكتيكيا ، هي دليل اخر على عقم سياسته وعمق مازقه ، وعلى قرب نهايته ! لقد ظهرت قاعدة جديدة في قائمة الاتهام الامريكي غير الزرقاوي والقاعدة والجماعات المتمردة ، انها لائحة الارهاب الايراني ، فقد اتهم الامريكان ايران بتفجير سوق الهرج الاخير ، ونحن هنا لاننفي ولا نؤيد ذلك فكل الاحتمالات قائمة ، والذي يجري بالبصرة وغيرها ليس بحاجة لدليل ، ولكن لماذا لايكون الامر مدبر امريكيا لاتهام ايران فالوضع يسمح للطرفين بارتكاب جرائم وتنسيبها للاخر في عراقنا المستباح ؟ تفجيري سامراء مثلا ، مازالا عليهما الفي علامة استفهام ، والجهتين المستفيدتين من تداعياتهما هما امريكا وايران ! فالجرائم المصنعة امريكيا متوفرة وحسب الطلب ، وكذلك التهم جاهزة وحسب الطلب ايضا ، واشاعة اللغط ايضا مهارة يجيدها رجال السي اي اية في العراق وغيره !
مفهوم الامن في نظر المحتلين واعوانهم :
الامن مفهوم استراتيجي ويعني الحصانة الواقية من الاضرار بمختلف اشكالها ، فعندما تؤمن على حياتك هناك شروط يجب ان تتوفر، وعند توفرها ستكون مشمولا بالرعاية التأمينية ، والامن متعدد الاوجه ومنه الامن الشخصي والامن الاجتماعي والامن الغذائي والامن الصحي والامن التعليمي والامن الخدمي والامن الصناعي والامن البيئي والامن السياسي والاقتصادي وهكذا ، فالامن اذن هو مستوى من الضمان الكلي والجزئي وبمعدلات تكفل الحد الوسطي لاستقرار وتنمية المجتمع ، من خلال شكل عقده مع دولته ، ومن خلال قوة مؤسساته واستقلاليتها ، كدولة وكمجتمع مدني ـ الاحزاب والنقابات والاتحادات ، والصحف والاعلام والجمعيات الخيرية ـ فاين الامن في العراق من هذا كله ؟ هل الدولة في العراق حرة ام محتلة ؟ هل مؤسسات الدولة فيه حرة ومستقلة ؟ هل هناك فعلا مؤسسات للمجتمع المدني حرة ومستقلة ؟ اترك الاجابة للقاريء نفسه . كيف نقول ان بلادا يتحسن الامن بها ومازل الفرار منها بتزايد جنوني ، ومازالت البطالة الفعلية فيها تصل الى نسبة 80 % ، والفساد فيها شامل ويزداد شمولا ، بلاد لايعمل فيها اي من مباديء الادارة الضامنة ، ولا شيء يذكر من مباديء تكافوء الفرص ، بلاد السجون فيها مليئة بالمناضلين المقاومين اما المجرمين وشذاذ الافاق ومزوري الشهادات فهم حكام وقضاة ، واي قضاة ؟ لقد عينوا خصيصا ليعيثوا بارض العراق فسادا ! عن اي أمن يتحدث اصحاب "خطة فرض القانون " في بلاد اساس مشكلتها انه ليس فيها قانون ؟ فاللمحتل قانونه ولحكومة الدمى قانونها وللميليشيات قوانينها ، واللانفصاليين في الشمال قوانينهم ، ولكل مقاول من مقاولي العملية السياسية قانونه ! اي أمن واي ضمان عندما لا يملك المجتمع والدولة اي حق في محاكمة من يرتكب جريمة قتل جماعية بحق المدنيين ؟ حيث هناك قانون امريكي يمنع اي جهة عراقية من محاسبة اومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في العراق وهذا القرار يشمل شركات الحماية الخاصة ايضا ! تحسن امني ويوميا يقتل الامريكان من الابرياء في بغداد وغيرها من مناطق العراق ما لا نعرفه من الاعداد ثم تظهر الجثث بعد حين تطوف على مياه دجلة ! ؟ ساحة النسور تشهد ، ومجزرة المحمودية تشهد ، ومذبحة حديثة تشهد ، والفلوجة تشهد ، وتفجير جسر الصرافية يشهد ، وما خفي كان اعظم واشد ! لا أمن حقيقي وشامل الا بزوال الاحتلال وعمليته السياسية وانبثاق عراق حر مستقل قوي بدولته ومؤسساتها الفاعلة ، عراق لا وصاية لاحد عليه ولا قواعد عسكرية اجنبية فيه ، عراق لا مكان فيه لدويلات الطوائف والاعراق ، عراق سيد وحيد على ثرواته وعلى مستقبله ، ولن يكون غير شعبه الاصيل المرابط بمقاومته الباسلة المتوهجة نورا لشعبها ونارا على محتليه ، وكيل وكفيل في تحقيق هذه الاهداف الوطنية .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا الحاجة الامريكية الى اتفاقية عسكرية طويلة الامد مع الع
...
-
الغياب ممنوع والعذر مرفوع والرزق على أنا بوليس !
-
مقاومة الاحتلال وعمليته السياسية لاتؤتي ثمارها بالمساومات !
-
سلامة العراق سلامة لكل جيرانه !
-
المثقف الاعور !
-
وعد بلفور ووعيد هتلر!
-
التطور اللاراسمالي بين الخرافة الفعلية والامكانية النظرية !
-
وصفة مجربة :
-
عفاريت السيد والباشا والاغا والخانم والخاتون!
-
الناقص والزائد في ضرب العراق وتقسيمه !
-
من حزازير المنطقة الخضراء في رمضان
-
نار سوريا ولا جنة امريكا في العراق !
-
الامارات العراقية غير المتحدة !
-
احزاب وعصبيات غير متمدنة ؟
-
من الذي على رأسه ريشة في عراق اليوم ؟
-
الطواعين !
-
11 سبتمبر حقيقي في العراق !
-
زيارة الامبراطور الاخيرة !
-
لا مجتمع مدني حقيقي في ظل الاحتلال وحكوماته المتعاقبة في الع
...
-
لينين يحث الشعب العراقي على مقاومة المحتلين !
المزيد.....
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|