أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العلمانية والأخلاق:رفض تدخل الدين














المزيد.....

العلمانية والأخلاق:رفض تدخل الدين


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 11:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أبرز ما يميز العصر الحديث، انه يستند إلى أساسين هما: العقلانية، والإنسانية. لذا يسمى عصر العقل، وعصر احترام حقوق الإنسان. وكذلك يسمى عصر الحداثة، الذي من أهم أسسه أنه يستند إلى مرجعية العقل، وإلى أصالة الفردانية.
كذلك ما يميز عصرنا هو أن ميادين العلم والسياسة والأخلاق "تحررت" من أسر رجال الدين، ليس ذلك فحسب بل سار تفسير الدين على نفس المنوال، إضافة إلى "استقلال" هذه الميادين عن الدين أيضا. وهذه التطورات لم تكن لتتحقق من دون بروز أمرين هما: العقلانية، والإنسانية. فمفكرو الحداثة اعتمدوا على أسس غير دينية في تفسير الأخلاق، والتي على أساسها أصبحت الأخلاق علمانية. وتلك الأسس هي: الطبيعة، والعقل.
كذلك صار العصر الحديث يعبر عن فكر يدّعي أن علاقة الإنسان بالباري وبالإنسان الآخر أصبحت متساوية، وأنه لا ولاية أو وصاية لأي إنسان على الآخر. وفي حين اعتبر الإنسان في الخطاب الديني خليفة الله في الأرض، استطاع في الخطاب الحداثي أن يحل محل الباري ومحل الدين في شأن التعاطي مع الموضوعات المتعلقة بمشكلات الدنيا وقضاياها. بمعنى أن كل فرد بات يتحكم بنفسه وبمصيره ومصير مجتمعه، وأن حظوظ كل فرد في إدارة المجتمع الذي يعيش فيه أصبحت متساوية، وأن الثقافة المهيمنة باتت ترفض السماح بوجود مواطن من الدرجة الأولى وآخر من الدرجة الثانية، كذلك ترفض إعطاء فرد ما أو جماعة ما أو فكر ما حق نقض الرؤى والأفكار الأخرى أو حق الوصاية على الحياة.
وفي الوقت الذي كانت "التقوى" هي معيار العلاقة بين الإنسان وبين الباري، فإن المعيار الذي أصبح يتحكم بمسؤوليات الحياة وحقوقها وحرياتها ومشكلاتها وقضاياها هو "العدالة" وليس التقوى. إن هذا الفصل بين الدين وخالقه من جهة، وبين الإنسان وأمور الحياة وقضاياها ومشكلاتها من جهة أخرى، تعلّق في العصر الراهن بالأخلاق أيضا، التي بات قانونها ينطلق من إرادة الإنسان وعلمه وليس من إرادة الدين. وعقل الإنسان والطبيعة أصبحا المرجع في إصدار القوانين الأخلاقية، فلم تعد هناك حاجة للوحي أو النص الديني في ذلك. كما أن التزام الإنسان بالقوانين الأخلاقية بات ينطلق من مسؤولياته الشخصية وتوجهاته العقلانية وإرادته الطبيعية الحرة، وليس من الأوامر الدينية الصادرة إليه. بعبارة أخرى فإن الأخلاق العلمانية وعلمها وقوانينها باتت لا تستند إلى الدين.
من جانب آخر، نجد ان الأخلاق العلمانية أصبحت تعبر عن الأخلاق الاجتماعية، أي الهدف منها هو تحقيق الرفاه والسعادة الاجتماعية الدنيوية ولا علاقة لها بالدنيا الآخرة، في حين تهدف الأخلاق الدينية الإسلامية إلى تحقيق السعادة الفردية والأخروية. لذلك لم يملك الخطاب الديني الإسلامي تصوّرا واضحا حول دور الأخلاق في تنظيم العلاقات الاجتماعية، وهو ما جعله وأخلاقه الدينية غير مباليين بقضايا حقوق الإنسان وانتهاكات الإنسان وظلمه وتعذيبه وقتله لأخيه الإنسان، رغم ان آلية طرد الرذائل زُرعت فيه. فالخطاب الديني الإسلامي حرك الضمير الأخلاقي لمسلمي السودان ضد المدرّسة البريطانية جيليان جيبونز بسبب اسم دمية اعتبر "إهانة" لرمز المسلمين، فيما لم تتحرك ضمائر هؤلاء مع استمرار قتل مئات ألوف المسلمين في دارفور.
ففي حين أن الفردية في الأخلاق لا تتمثل إلا في تهذيب النفس وإصلاح الروح وبث الفضائل في الإنسان وإبعاده عن الرذائل التي من شأنها أن تنقذه من النار في الدنيا الآخرة لا أن تساعده في تنظيم علاقاته الاجتماعية مع الآخرين في الحياة الدنيا وتحقيق رؤى اجتماعية إنسانية، نجد أن الأخلاق الاجتماعية العلمانية لا تركّز في الأصل على إصلاح الروح رغم انها ترى أن الفضائل والرذائل الاخلاقية الفردية لابد أن تخدم في النهاية العلاقات الاجتماعية والسعادة الاجتماعية ورفاه الجماعة. فالأخلاق العلمانية الاجتماعية تركّز "في ذاتها" على تحقيق علاقات أخلاقية إنسانية بين فرد وآخر، أي بين أفراد المجتمع، كما لا يقتصر الأمر بالنسبة إليها على العلاقات الاجتماعية فحسب بل يتعلق أيضا بالمؤسسات الاجتماعية، التي تتعرض للمراقبة والنقد إن هي لم تلتزم بالمعايير الأخلاقية للمجتمع. لذلك فالمؤسسات السياسية والاقتصادية والقانونية في المجتمعات العلمانية لابد أن تبقى تحت مجهر المراقبة والنقد لكي تلتزم بالمعايير الأخلاقية العلمانية.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعتزلة والأخلاق:النص يتبع العقل
- مبدعون كويتيون.. ومجزرة معرض الكتاب
- الأشاعرة والأخلاق: النص يغلب العقل
- في العلاقة بين الدين والأخلاق
- من هو المثقف الديني..؟.
- في دلالات إقالة قائد الحرس الثوري الإيراني
- هل الديموقراطية العربية تعرقل التنمية؟
- الفقه.. والحرية والحداثة
- القانون المعيب لعمل المرأة.. كيف نغيّره؟
- بين المقدس.. وفهم المقدس
- مفاهيم دينية لا تتوافق مع الديموقراطية
- الدين.. والحداثة
- هل انتهت معركة المرأة؟
- الحجاب الإسلامي.. وفساد المجتمع
- الحجاب الإسلامي.. من عرضيات الدين
- الدبلوماسية تؤتي أكلها بين طهران وواشنطن
- من أجل دين يرفض الوصاية على العقل
- حول انفتاح الديمقراطيين على طهران ودمشق
- الدين ضحية لصراع -الهوية- السني الشيعي
- تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العلمانية والأخلاق:رفض تدخل الدين