|
افكار في الديمقراطية
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 11:30
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الديمقراطية وصعوبات المستوى العملي في التطبيق 1) ثقافة الديمقراطية وديمقراطية الثقافة..
لا شك إن العراقيين خارج الوطن ينجذبون بدافع المزاج أحيانا وبدافع التشبث في أحيان أخرى نحو أية نظرية تلعب أيديولوجيتها دورا هاما في التاريخ . فأنهم أمام حالة وأفكار وبعض مناخ وتطبيقات (الديمقراطية ) التي يشهدونها في أماكن منفاهم في أوربا ، يجدون فيها الأسباب الوجيهة التي تحدو بهم إلى الاتجاه نحوها ومحاولة تطبيقها كمنهج في بناء مجتمع مدني في العراق مؤملين اعتبارها القاعدة الأولى للتطور المستقبلي فيه إذا ما تم استيعاب ليس فقط مبادئ الكلاسيكيين الديمقراطية بل استيعاب أسباب فشل او سقوط بعض ألواح التجارب الديمقراطية او تقهقرها في هذا البلد او ذاك من بلدان العالم الذي شهد حرارة تحرك العمل الديمقراطي او تثليجه . الديمقراطية بالمفهوم الثقافي بدأ يتطور بسرعة خلال السنوات العشر الأخيرة داخل ظاهرة المتغيرات العالمية والإقليمية وسط تيارات عديدة هبت في السياسة والثقافة والعلم والمجتمع ، وقد بلغت جميعها من القوة حداً لا يستطيع معه أي إنسان أن يقاومها أو يتجاهلها. الأمثلة العامة كثيرة لكن الأمثلة الخاصة تقدم دلالات عديدة . فلو تطلعنا قليلاً إلى حياة فاتسلاف هافيل رئيس تشيكيا السابق لوجدنا فيها واقعة موت الديمقراطية وحياتها في آن واحد . فبعد تحول تشيكوسلوفاكيا إلى حكم الحزب الشيوعي عام 1948 صودرت أملاك عائلة هافيل ، وكان من تلك الأملاك بناية كان والده يؤجرها إلى الحزب الشيوعي ليعقد مؤتمراته فيها، فظل هافيل خلال أربعين عاماً عرضة للحرمان وللبطالة والعوز و للمضايقات والسجون لابتعاد ثقافته عن الثقافة الرسمية للدولة . بعد ذلك هبت رياح الديمقراطية في بلده فقاد هافيل بنفسه نصف مليون مواطن في الشارع عام 1990 يخطب وسط الجماهير في أحد ميادين براغ مطالباً بانتخابات ديمقراطية حرة ، فتشاء التجربة الجماهيرية في الشارع الملتهب ان تختاره بالذات رئيساً بأغلب الأصوات. ومنذ أكثر من عقد من الزمان يقود هذا (المثقف ) بلده الجديد نحو علاقة تبادلية أكثر حرية بن الناس والمجتمع. ألا يقدم هذا الأمر أنموذجاً خارج التوقعات السياسية .. ؟ أن وقائع الديمقراطية الجارية في تشيكيا أو غيرها من دول أوربا الشرقية ليست عملية سهلة بل هي موضوع ينطوي برمته على جملة من التجارب المتواصلة حتى تتعمق وتثرى تجربة الجماهير نفسها. فتغير البيئة الاجتماعية إلى حدود مفتوحة غير متصورة كما الحال بالنسبة إلى فاتسلاف هافيل وغيره من الحالات الكثيرة يتطلب زمناً يؤثر ويتأثر بالبيئة الاجتماعية التي قد تستجيب لها وتتجاوب معها أو تلفظها أو تعدلها.. أن ديمقراطية ما بعد الأنظمة الشمولية ليست هي المطلب الأساسي لشعوب أوربا الشرقية ، ولا هي رغبتها ولا هي هدفها ، أنها مجرد خطوة تستمد دلالتها الحقيقية من سنوات المعاناة ، وأنها بالتأكيد في الواقع القائم لن تخدم ، بمستواها وواقعها الحاليين ، سوى التطور الرأسمالي والاستثمارات الأجنبية. قد يتصور البعض أن بناء الديمقراطية في العراق إنما هو صورة في الخيال ليس غير . البعض الآخر يظن أن رسم الصورة الديمقراطية هي واقعة ممكن نقلها وتطبيقها بسهولة معتقدين أن مجرد وجود برلمان منتخب فأن التطبيقات الديمقراطية تتساوى في كل جوانب المجتمع . لا يدرون ان التطبيق الديمقراطي في الغرب مليء بالأخطاء بشهادات قادة ديمقراطيين غربيين . باختصار يمكن ان نقول ان التطبيق الديمقراطي هو خلاصة تجارب كغيرها من تجارب الحياة وكما هو حال أية تجربة فان الديمقراطية واقعة وظاهرة اقل درجة من حقيقة وجودها. لا تقوم على استنتاجات بل على فلسفة ومناهج وأفعال. أنها ثقافة عصر أنساني بكامله يمكن أن توجد وتنمو وتتطور على قدر ما تزخر به روح الديمقراطية من قدرات على تغيير الإنسان والمجتمع. في المنحى نفسه نستشف من واقع ما نسمعه من أحاديث المواطنين الذين نعيش بين ظهرانيهم ، كما نستشف من واقع ما نشهده من دور البرلمانات والبلديات الأوربية في أيجاد نظام إداري صارم يشدد الرقابة على التجاوزات والتصرفات التي قد تؤدي إلى الأضرار بالديمقراطية السائدة المعززة بالتجارب التاريخية. من مظاهر الجدل في الأوساط الحزبية والسياسية ـ في العراق وغيره من البلدان ـ بعد انهيار المنظومة الاشتراكية بصفة خاصة هو الحديث عن الديمقراطية ، مرتبطة جدلياً مع عدد من الظواهر الأخرى كالعولمة على النطاق الأعم ، كصيغة وطريقة لحياة الشعوب التي عانت من مآسي التحكم والسيطرة الفردية أو الدكتاتورية كما هو حال النموذج العراقي. فمنظومة التصورات الموجودة في أحاديث وبرامج القوى المعارضة تحمل اليوم ، بالهوية الورقية والإعلامية ، استدلالات التوجه نحو الديمقراطية كأفضلية قصوى في التطور المستقبلي للشعب العراقي. من المفيد الاعتراف أولاً ان الديمقراطية كمعرفة وثقافة ما تزال في أوساطنا حسب الرأي التقليدي ، وهي مسألة ذات طابع شخصي تتعلق في المقام الأول بصفة هذا القيادي أو ذلك أو بمعرفته المبادئ الديمقراطية . ليس هناك ، حتى الآن ، ما يدل على وجود برامج أو دراسات أو إجراءات لبناء ديمقراطية جديدة من قبل أحزاب وقوى المعارضة في العراق . أي أنه لا توجد حتى الآن بؤرة حقيقية للديمقراطية في العراق. كما كان الحال مثلاً في ما بعد عام 1946 حيث بإجازة بعض الأحزاب من قبل وزارة الداخلية برزت إلى الوجود أحزاب وتكتلات ذات مناهج إصلاحية ديمقراطية كحزب الشعب ( عزيز شريف ) وحزب الاتحاد الوطني ( عبد الفتاح إبراهيم) والحزب الوطني الديمقراطي ( كامل الجادرجي ) . وكما هو متوقع عم النشاط والحوار ، أنذاك ، في العلاقة بين الأحزاب وكانت تتنافس في ما بينها على الحصول على تأييد الجماهير لبرامجها المختلفة . في الوقت الحاضر لا نجد أحزاباً تعيد صياغة برامجها على ضوء التغير العالمي كله. فالمعارف الديمقراطية تعتبر في نظر الكثير من الأحزاب وقياداتها هي معرفة تجريبية بحتة ، وأنها تغير نفسها حسب حاجة المجتمع العراقي وليس بمساهمات نخبه ومثقفيه . نتيجة هذه الفروض فأن ثقافة الديمقراطية أو ديمقراطية الثقافة العراقية ما زالت على سطح الأحزاب ولم تنزل بعد إلى جدل حقيقي يساعدها على رؤية ما هو محتمل فيما بعد التغيير . (التغيير رغم الظروف الصعبة فأنها حالة غير منغلقة برغم إنها غير موقوتة بعد) . أورد هنا مثالاً فأقول أنني أردت عام99 أن أخلق تواصلاً صحفياً جدلياً بين العناصر القيادية في الأحزاب والحركات المعارضة من خلال تبادل الآراء حول الديمقراطية ودعوتهم إلى تطوير ظاهرة الصحوة الديمقراطية من خلال بذل قليل من الوقت لكتابة أجوبة على أسئلة وجهتها حول تحديد خاصية الديمقراطية العراقية وكيفية إبقائها في الساحة الحيوية الإعلامية والثقافية بين المعارضين للدكتاتورية. الغريب أن أحداً من زعماء الأحزاب والثقافة العراقية في المهجر لم يتجاوب مع التجربة أو يتعامل معها كمادة لها مفهوم وغاية . أخشى انه باستمرار الأحزاب الوطنية المعارضة للدكتاتورية ، بلا برامج ديمقراطية واسعة ومعمقة ، ستجد نفسها ذات يوم وفجأة أنها لا تستطيع أن تتلمس وجودها وطريقها السليمين إذا شاءت الظروف ووجدت نفسها في لجج تغيير مفاجئ في بغداد.
فإذا راموا قيادة البلاد بعد خلاصها من الدكتاتورية فأنهم سيجدون أنفسهم عندئذ ، متجولين في مدينة بغداد باحثين عن أهداف مشتركة لمادة اجتماعية قد توجد بعض المتغيرات المطلوبة نحو الديمقراطية ، متجاوزة صراعات داخلية محتملة تحدث بين الإسلامية والعلمانية ، بين الماركسية والوضعية ، بين الجدلية والشمولية ، بين الطبقات والمذاهب والعرقيات ، بل وحتى احتمال حدوث اختلافات داخل تنظيمات الديمقراطيين أنفسهم ، وغير ذلك من الصراعات التي تبدو راكدة في قاع الأرض إن لم تفلح الديمقراطية منذ الآن في معرفة كيفية معالجة التباينات واستقبال الأعمال والتغييرات الحتمية القادمة. بعض القوى ينتقي بدايته في الدعوة إلى التطبيق الديمقراطي انتقاء غير مدروس بل يؤكد على مألوف النوايا الطيبة فيفردون فصولا عديدة في (برامجهم) ومقالاتهم معتبرين أنفسهم ورثة الديمقراطية الملكية التي سادت بأسم الشرعية ردحاً من الزمن ( 1921 ـ 1958 ) لكنهم في الواقع العملي ينسون إن النوايا وحدها تشكو عجزاً في القدرة على رسم اللوحة الديمقراطية ، لذلك فأن الآلة المعارضة للدكتاتورية لا تستطيع ان تحرك المستقبل الديمقراطي اعتمادا على نظرة غير بانورامية ، فكل نظرة قصيرة تزلّ بقدمي صاحبها ، فالأصولية الديمقراطية قناعة وليست إدعاء ، وحضارة و ليست اندماجا مجرداً بالعصر. إذا كان من الصواب جداً الاتجاه نحو الديمقراطية فهل من الصواب العودة إلى البحث في إمكانية تطبيق ديمقراطية العشرينات التي أراد الملك فيصل الأول تطبيقها..؟ هل أن تلك (الديمقراطية) لها مواصفات عصرية أم أن مواصفاتها محدودة لتلك المرحلة حسب..؟ هل تضمنت مبادئ دستورية ديمقراطية أم أنها لم تتضمن غير بضعة ميول نسبية نحو مبدأ المساواة والعدالة والحرية وبعض مبادئ دستورية أخرى..؟ بين مرحلة الملك فيصل الأول ومرحلة الألفية الثالثة زمن طويل مليء بتجارب وحركات أفترض بعضهم أن الحرية والديمقراطية تمنحان بالمكاييل والمقاييس ، وأفترض آخرون أن عصب الديمقراطية يرتبط بالمنافسات الأيديولوجية ، فأوجدت الفرضيتان تناقضات سياسية ونظرية كثيرة اتصفت بالسفسطة والجريمة معاً. ما بين المرحلتين حدث تغير كبير في الإنتاج العقلي والسياسي للنخبة السياسية العراقية وللديمقراطية نفسها في المسيرة الطويلة للدول وللأحزاب الحكومية والمعارضة ليس في العراق حسب بل على النطاق العالمي في دول غرب أوربا وفي شرقها خاصة ( الديمقراطية المركزية) التي سبق للأحزاب الشيوعية العالمية أن تبنتها داخلها على أمل الانتفاع بها خارجها أي في الحكم والمجتمع . وصورة التغيير شملت أيضاً مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المدينة والريف . أولى الإشارات الضرورية هنا هي في الرأي الذي مفاده : أن جوهر التطبيق الديمقراطي في الغرب هو غيره في أميركا الجنوبية وغيره في أوربا الشرقية (الاشتراكية سابقاً) . تقودنا هذه الإشارة إلى فترة زمنية مضت. فمنذ أواخر العصور الوسطى شهدت أوربا الغربية تطوراً كبيراً في نظمها السياسية إثر اضمحلال النظام الإقطاعي ، فظهرت الدولة القومية ذات السيادة ، أو ذات النظام السياسي والقانوني الموحد ، وضعف النظام البابوي ، واضمحلت سلطة الكنيسة ، ونما التبادل التجاري ، وظهرت المدن ، وانتشر التعليم المدني ، وبرزت أهمية الشعب ، وظهرت البرلمانات التي كانت مظهراً من مظاهر مشاركة الطبقات الشعبية في الحياة السياسية.. ( انظر محمد فريد حجاب في البحث الموسوم أزمة الديمقراطية الغربية وتحدياتها في العالم الثالث. المستقبل العربي عدد 164 لسنة 1992) . خلال كل هذا التغير كانت أهم متضادات الحياة هي علاقة الإنسان بالعالم ، وخاصة علاقة الإنسان بالدولة بعد نشوئها ونشوء أنواع كثيرة منها. وستظل هذه العلاقة مشكلة إنسانية وحضارية معاً ، تؤثر سلباً وإيجابا في الفكر الإنساني المستقبلي أيضاً. في الغرب الأوربي وجدت الديمقراطية وتطورت كفقه دستوري وكتطبيقات سياسية بالدرجة الأولى على أساس التراكمات الجزئية في كل بلد من تلك البلدان على مدى ما يقرب من مائتي عام ، متجمعة، بصورة خاصة ، منذ ما بعد عهد الإرهاب في الثورة الفرنسية . هناك فروق واختلافات في تطبيقات السلطات الرأسمالية للديمقراطية.. فما أنتجته الثقافة الغربية حول مفهوم أو تعريف الديمقراطية كان نتيجة خليط من عدة نظريات كما جاء بها (برتراند دي جوفنيل) وهي تقوم على الأفكار التالية : 1 ـ فكرة (الحكم الذاتي) بمجلس يدير المجتمع على نمط ( المجلس العام في أثينا) أي السلطة التنفيذية. 2 ـ فكرة ( حماية الفرد) أي سلامته وضمان حمايته من الآخرين والمجتمع، مما يفرض سن القوانين لحماية الفرد ومراقبة تطبيقها أي تكوين السلطة القضائية. 3 ـ فكرة (التمثيل الانتخابي) حيث يكون (الفرد) ممثلاً عن مجموعة (أفراد). وقد تجسدت صورة هذه الفكرة بالسلطة التشريعية. فالديمقراطية بهذا المعنى المتطور في العصر الراهن ، هي شكل من أشكال الدولة يقوم بتنظيم الإرادة العامة وتنظيم العلاقة بين الفرد والمجتمع والفرد والدولة على أسس الحرية والمساواة. من أهم الموضوعات المثيرة للجدل هي العلاقة بين الحرية والديمقراطية. فلا يمكن إغفال مناقشة الحرية واقتصار الكلام والحوار على بضعة مصطلحات أو مفاهيم مأخوذة من كتابات نظرية حول الديمقراطية . فمع انتهاء الحرب الباردة طلعت علينا مفاهيم جديدة من كتاب ومنظرين رأسماليين يبشرون بعالم جديد لا شيوعية ولا اشتراكية فيه ولا أحزاب ولا سياسة . من هؤلاء وأشهرهم فوكوياما الذي أعلن نهاية التاريخ مؤكداً ، كما فعل غيره ، أن الليبرالية ، وليست الديمقراطية ولا الرأسمالية ، هي التي تسود . ثم جاءت دعوات ونظريات العولمة معلنة ان العالم تحول إلى قرية كونية صغيرة وأن الحدود والحواجز الكمركية بين الدول في طريقها إلى التلاشي والزوال وحتى الكيانات السياسية في طريقها إلى الانتهاء حيث تسود نظريات اقتصادية حسب ويسود منطق الاقتصاد بين الدول ، وفي داخل المجتمعات يتم تحول كل شيء إلى سلعة مسعرة تتداولها الأسواق. في مثل هذه الأوضاع والأفكار يفطن الشرق و العالم الثالث ومنه قوى المعارضة العراقية إلى حوار الشروط الفعلية التي يرتكز عليها تحقيق الديمقراطية ، ثم تواجه المسألة التالية : لكي نعرف الديمقراطية علينا ان نعرف الحرية ، وفي الحالين علينا أن نعرف العوائق. أبدأ بفكرة قد تكون مستقرة في أذهان بعض الكتاب والسياسيين والمثقفين وهي : هل أن فكرة الحرية وتجربتها يمكن نقلها من الغرب إلى بلداننا في توليفة مركبة ، أو يمكن ان نخلق تجربة صميمية وصادقة في الديمقراطية منعزلة عن تجارب الغرب. أولاً لا بد من الإشارة إلى أن الفرق الرئيسي بيننا والغرب يتركز أساساً ومنذ زمن طويل بقضيتي الحرية والديمقراطية.
بعد الحرب العالمية الثانية وانهيار الفاشية والنازية ظهرت سلسلة من نجاحات النظرية الديمقراطية تجذب أنتباه العالم ، انتشرت مفاهيم وأبحاث جديدة عنها في الجامعات ، والمؤسسات السياسية ، والمؤسسات الاجتماعية ، وفي الأنشطة الثقافية وغيرها . لكن على الرغم من اتساع هذه الحركة ومفاهيمها وتطبيقاتها فأن الملفت للنظر أنها تميزت بضيق الانتشار في الشرق العربي وصار مجالها محدودا ً ، بل أن التحليل الواقعي يشير إلى تراجعها في بعض الأقطار العربية ومنها العراق. مع عقد الثمانينات بدأت مؤشرات ديمقراطية عديدة تتبلور بعد تضاؤل وانحسار الكثير من السياسات المضادة للديمقراطية وفشلها في البقاء في السلطة ففرضت مراجعات وتصديرات جديدة أثر حركات تغييرية و تحول كثير من الأنظمة السلطوية باتجاه الديمقراطية أو على الأقل القيام بإنجاز بعض الأسس الديمقراطية: 1 ـ في أوربا كانت دول ( اليونان، البرتغال ، أسبانيا) . 2 ـ في أميركا اللاتينية كانت دول ( بيرو ، الأرجنتين ، أورجواي، البرازيل ، شيلي ، نيكارجوا . ). 3ـ في أسيا كانت دول ( تركيا ، الفلبين ، كوريا الجنوبية ) . والى حد ما يمكن أن نعتبر ان الديمقراطية قابلة للحياة والنمو في الصين بسبب تحول أمور بالغة الأهمية فيها نحو الليبرالية الاقتصادية . أجتاح نفس الاتجاه بعض الأقطار العربية لكنه ظل في حدود الجدل بسبب الاغتراب الاجتماعي ، ومحدودية الحرية ، وطابع الإيمان ، واتساع الأمية ، والأهم وجود أنظمة سياسية لم تتشبع بعد بدعوات الديمقراطية والديمقراطيين. . فمن ديمقراطيي مصر وسوريا والجزائر من أراد مقاطعة الأصولية الأسلامية وليس الجدل معها ، فأدى ذلك الى ممارسات لا علاقة لها بالشرعية الديمقراطية بل لها علاقة بانحراف المسار الانتخابي عن الديمقراطية محولةً الديمقراطية إلى مأزق منشأه خطأ التعامل بينها وبين السلطة ، في نهاية المطاف تجعل الجماعة الحاكمة قوة ضاغطة تمارس القسوة وتجعل المعارضة في حرج من أمرها قد يدفعها إلى ممارسات متعددة الأنواع من العنف. تتعمق أزمة الديمقراطية كلما ظل النظام والمعارضة على طبيعته ومحدودية افقه في الديمقراطية مما يؤهل الوضع كله الى قطيعة وتواطؤ لا يجني منهما الشعب غير البؤس والتخلف والحرمان. أسهمت عدة عوامل في الإسراع نحو انتشار الديمقراطية في العالم ، بعضها يتعلق بعمليات الإصلاح الاقتصادي وما أستتبعها من اعادة توزيع الثروة والدخل وظهور تعددية في القوى الاقتصادية التي تسهم بدورها في خلق الركائز الأساسية للتعددية السياسية في المجتمع ، وبعضها يتعلق بتطور السياق الاجتماعي الذي يتمشى مع عمليات الإصلاح الأولى . حيث كان التوسع في التعليم والتنمية الإجماعية بشكل عام دافعاً لزيادة المطالب الخاصة بتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وفتح القنوات أمام الفئات الوسطى من المجتمع للتعبير عن نفسها من خلال الأحزاب السياسية ، والنقابات ، والجمعيات ، وغيرها. وبصورة عامة أقول أن ما صدر عن الديمقراطيين من جهد في ربع القرن الأخير يعادل بل يزيد كثيراً جداً عن جهود الأسلاف الديمقراطيين في خلال مائة وخمسين سنة. ان هذه التحولات الهائلة التي يشهدها العالم هي التي أطلق عليها عالم السياسة الأميركي (صاموئيل هانتجتون ) بالموجة الثالثة في كتابه الصادر عام 1991 تحت عنوان ( الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين) يؤرخ لها ما بعد 1974 الذي يرمز إلى سقوط النظام الدكتاتوري في البرتغال في أبريل من نفس العام ، وحتى الآن. يعرف الموجة الثالثة للديمقراطية بأنها مجموعة من التحولات التي تشكل مراحل انتقالية مختلفة للانتقال من النظم غير الديمقراطية إلى الديمقراطية التي تتجسد في عالم اليوم بأنظمة حكم تختلف الواحدة عن الأخرى في معناها ومظاهرها السياسية ( فالمؤسسات الديمقراطية تختلف في بريطانيا عنها في فرنسا ، وعنهما معاً في هولندا والسويد ). اما كونها تشكل موجة ثالثة فذلك على اعتبار أنها تتشكل بعد موجتين سابقتين عنها : *الأولى كانت في الفترة1828 ـ 1926 م وهي التي شهدت جهوداً من الرغبات الديمقراطية لدى المفكرين والشعوب. *والثانية من 1926 ـ 1975 م كانت موجة حملت الكثير من مغزى الالتزام الجاد في طريق الديمقراطية. ومن المؤكد ان الموجتين شهدتا في كثير من المراحل انتكاسات وتراجعات أثرت على الحريات السياسية وحقوق الإنسان وعلى السلم العالمي أيضاً. لكنهما معاً كانتا تقتربان من الأسس الديمقراطية بصورة وجودها الحالي. وفي هذا السياق ثارت قضايا عديدة تتعلق بمستقبل الموجة الثالثة للديمقراطية ، دعت كثيراً من علماء السياسة والدوائر الأكاديمية المختلفة لطرح سؤال رئيسي : هل يمكن ان تنتهي الموجة الثالثة بالردة ، بسبب ظهور موجة معاكسة لها كما حدث في السابق..؟ في ضوء التجارب الإنسانية هل تحمل الموجة المعاكسة نوعاً من فاشية جديدة ، عالمية أو إقليمية..؟ الإجابات الحاسمة على هذه التساؤلات ليست بالأمر السهل . فلا يمكن لأحد ان يقدم مثالاً نموذجياً للطريق الذي تتطور داخله جدلية الديمقراطية وتطبيقاتها أو ضمان عدم قابليتها للخطأ. فالديمقراطية عملية شديدة التعقيد تختلف درجتها من مجتمع إلى آخر ،كما تختلف نتائج تطبيقاتها من بلد الى آخر فليس ثمة طريق واحد للوصول إلى نقطة معينة من نقاطها ، ولا توجد خطوة من خطوات تطبيقاتها لا يرقى إليها خطأ أو شك. أنها تطرح العديد من القضايا سواء على المستوى النظري أو المفهومي ، أو على المستوى التجريبي وكلها قضايا تتسم بالنسبية وقابلة للجدل والحوار. بمقتضى الطبيعة اليومية في حياة العديد من الشعوب العربية ، العراق ، الجزائر ، السودان ، وكلها تدّعي الثورية والإسلام والدستورية نرى أن الديمقراطية الجزئية والشكلية الناشئة في تفسيرات حكامها ، تختفي من حياة الناس والمجتمع ويحل بدلها الرصاص والفأس لقتل المدنيين كنتيجة موضوعية00! خارجية تتحكم بمصائر الناس ، حيث تتكون بؤرة من الخوف داخل ذات كل فرد في المجتمع تؤثر وتتأثر موضوعياً بمسألة التقدم نحو الديمقراطية العربية . وسوف أركز لاحقاً على خواص التجربة الديمقراطية في العراق وتراجعها. مفهوم الديمقراطية مفهوم واسع يستمد قيمه الأساسية من أصول وتجارب وتراث العصور المختلفة والشعوب المختلفة ، وتقول (د.هالة مصطفى ـ مركز الدراسات الستراتيجية في الأهرام ) : أنه مفهوم يحتوي على العديد من الأنماط الفرعية التي تصل إلى ما يزيد عن خمسمائة نمط مثلما عدّدها كل من عالمي السياسة( ديفيد كولير) و (ستيفن ليفتسكي ) . إلاّ أن أكثر التعريفات شيوعاً للديمقراطية في الوقت الراهن ترجع إلى تعريف محدد قدمه (جوزيف شومبيتر) في عمله الكلاسيكي (الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية ) ويتفق معه صاموئيل هنتجنتون وآخرون ، والذي يعرفها بأنها ( نظام يتضمن توسيع قاعدة المشاركة في عملية صنع القرار السياسي ، والذي يتحقق من خلال الانتخابات التنافسية ) وهو تعريف يركز في الأساس على التنافس الانتخابي كمتغير جوهري للديمقراطية ، ويتفق على أن الأخيرة هي نظام للسلطة السياسية قد يتحقق بغض النظر عن أي سمات اقتصادية اجتماعية ، وذلك على عكس الأفكار التي كانت سائدة في الخمسينات والستينات ، كما ان هذه المفاهيم المعاصرة فندت المزاعم التي كانت تتهم الديمقراطية بأنها بدعة الطبقة البورجوازية أو ترفها. ويعد إسهام (روبرت دال) من خلال عمله الشهير (التعددية : المشاركة والمعارضة) من الإضافات الهامة في هذا الإطار ، حيث يضيف إلى جانب توسيع نطاق المنافسة والمشاركة السياسية ضرورة توفير مستوى دائم للحرية مثل حرية التعبير ، والصحافة ، والتظاهر وغيرها، أي توفير التعددية التي تمكن المواطنين من تشكيل اختياراتهم وتفضيلاتهم السياسية بطرق مؤثرة . وتعرف الديمقراطية من هذا المنظور بأنها (الديمقراطية الانتخابية) تميزها عن المفهوم الكلاسيكي للديمقراطية والذي يشير في الغالب إلى ( الديمقراطية الليبرالية) التي تولي أهتماماً فائقاً لمبدأ الحرية ، باعتبارها الغاية الأساسية التي يتطلع اليها الفرد بطبيعته . ومن ثم فان النظام الديمقراطي ـ وفق هذه الفلسفة ـ يتميز ليس فقط بالانتخابات التنافسية الحرة النزيهة ، وأنما أيضاً وفي الأساس بمجموعة من السمات الأساسية التي يأتي في مقدمتها ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم في الاعتقاد ،والرأي، والتعبير ،والتجمع ، والملكية ، وسيادة القانون لضمان تحقيق هذه الحريات بشكل متساو لجميع المواطنين ، إلى جانب وجود قضاء عادل ونزيه ، واحترام الاقليات الثقافية أو الأثنية أو الدينية ، ووجود قنوات مفتوحة ، أمام جميع المواطنين للتعبير عن مصالحهم بالشكل المناسب ، وأن تكون السلطة التنفيذية مقيدة دستورياً ، وتوافر شروط الكفاءة بالنسبة للمسؤولين المعينين أو المنتخبين ، الفصل بين السلطات وغير ذلك. هذه الحريات التي تؤكد عليها الديمقراطية الليبرالية الدستورية تختلف نظرياً وتتمايز عن الديمقراطية ، فكما أوضح عالم السياسة( فيليب شميتر ) فأن الليبرالية سواء كانت مفهوما للحرية السياسية أم مذهباً للسياسة الاقتصادية ، تميزت عن الديمقراطية برغم بروزهما معاً. في هذا السياق يكون هناك بعدان رئيسيان للحرية من المنظور الليبرالي: *الحرية السياسية ، أي حق المعارضة والمشاركة. *الحرية المدنية. أي أيجاد فضاء واحد مشترك بين المواطنين عامةً لصنع قرارات تخدم الجميع. من هذين البعدين تقف أمامنا نقطة مهمة وهي أن التجربة ، أية تجربة ، تكون في المقام الأول ، مسألة معرفة ، لكنها ليست معرفة مجردة بل هي ناتج عملية تفاعل بين قوانين الحياة وبين بيئتها الطبيعية . بسبب هذا التفاعل ربما تثور إشكالية بين الديمقراطية (الانتخابية) والديمقراطية (الليبرالية) في تقييم كل منهما لمبدأ الحرية ، إذ قد ينظر الى الحريات السياسية والمدنية على أنها مرتبطة بالأساس بالمدى الذي توفره (المنافسة) الانتخابية و(المشاركة) السياسية ، أو قد ينظر اليها على انها لازمة لضمان القيام بالوظائف الديمقراطية للنظام وتوسيع نطاقها . وقد تعرض مفهوم (الديمقراطية الانتخابية) لانتقادات عديدة لأنه يربط بشكل آلي بين التعددية الحزبية والانتخابية ، وبين توفير أو كيفية كفالة الحقوق والحريات كجزء من علاقة تبادلية أكبر بين المواطن والمجتمع والحزب (أقلية أو أكثرية) والحكومة( ممثلة بالأكثرية) ، ودورهم جميعاً في القضاء على كل أنواع التفرقة والتمييز بين الفئات المختلفة والأفراد . هذا الخلاف بين وجهتي النظر هو ما دعا ( تيري كارل ) إلى الأعتقاد بأن الانتخابات ـ مهما رسمت من صور متخيلة لنزاهتها كما في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ـ قد لا تعبر عن الاختيار الحر للمواطنين لأنها لا تتيح لهم في النهاية الاختيار ألاّ من بين البدائل التي تقدمها لهم الأحزاب السياسية وقياداتها العليا. في الوقت الذي تتهمش فيه حقوق بعض الشرائح الاجتماعية مثل الفقراء والاقليات. أما في أقطارنا العربية وبسبب الوجود القبلي والتمسك به لدى الغالبية العظمى فأنه من غير الممكن تفادي الاحتمالات المؤاتية للأقوى في التغلب على الأضعف في المراتب الاجتماعية والمالية . برغم هذا الجدل ما زال هناك الكثير من علماء السياسة يميلون الى الاعتماد على مفهوم الديمقراطية الانتخابية بأعتبارها مالكة الخاصية النشطة في تفردها والواضحة في حيويتها وتكاملها لتقييم عمليات التحول الديمقراطي التي تشهدها نظم عديدة في العالم لأن صور التمايز مع غيرها تظهرها أنها أكثر مرونة ،قادرة على تشكيل وسائل في الرؤية الاجتماعية ،كما تشكل معياراً واضحاً للحكم على الأنظمة المختلفة خاصة في مراحل التطور والتحول والانتقال ، بخلاف المعايير المتشددة التي تفرضها الديمقراطية الليبرالية والتي قد يصعب قياسها في كثير من الاحيان . أحد المعترفين بمدى فاعلية الديمقراطية الانتخابية هو (لاري ديموند) إذ أنه وفقاً لمعيارها يمكن من وجهة نظره إدخال العديد من النظم تحت إطارها كمنطلق لحركة واعية متجددة في الديمقراطية. مثل( تركيا ، الهند ، سيري لانكا ، روسيا ، كولومبيا ) في حين ان المعيار الآخر الخاص بالديمقراطية الليبرالية قد يخرجها من الإطار الطبيعي الذي يراد منه أن يكون أساساً للتغيير الشامل ، والحد من انتهاكات حقوق الإنسان. الفجوة بين الديمقراطية الانتخابية والديمقراطية الليبرالية تعد واحدة من أبرز الإشكاليات التي تواجهها الموجة الثالثة للديمقراطية ، (التي يظل لها تداعياتها على مستوى النظرية السياسية والتحليل المقارن، ولذلك ، وكما يقترح ديموند يجب ان يفسح المجال للاهتمام بمستوى ثالث من النظم التي لم تصل إلى مرحلة الديمقراطية الكاملة ، ولكن يصعب في الوقت نفسه تصنيفها كنظم سلطوية بشكل مطلق ، حيث تتميز عن الأخيرة بوجود معارضة حزبية شرعية ، ممثلة في البرلمان ، ومقيدة لبعض الحريات السياسية والمدنية مثل حالة العديد من النظم في اميركا اللاتينية وأفريقيا والعالم العربي وأوربا الشرقية والجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفياتي السابق. هذه السمات تجعل تلك النظم أكثر تسامحاً مع المعارضة ، كما أن حرصها على اتباع نظم انتخابية تعددية حزبية ستؤدي بالتدريج الى التقليل من سيطرة واحتكار الحزب الواحد المهيمن وتفتح بالتالي المجال لمزيد من التنافسية السياسية ، بمعنى أنها اتجاه متطور ، وإذا نظرنا إلى الديمقراطية من منظور عملية التطور والنمو التدريجي وبشكل جزئي أحياناً فأن الطرح الأخير يؤكد على وجود احتمالات قوية ـ على الأقل من الناحية النظرية ـ للتحول الديمقراطي وفقاً لمفهوم الديمقراطية الانتخابية). هل لهذه التغييرات في التفسيرات النقدية الديمقراطية الجارية في العالم المتقدم أية تأثيرات على بلدان العالم المتخلف..؟ هل يوجد ترحيب حقيقي في العالم المتخلف لاستقبال الديمقراطية ..؟ هل هناك رغبة حماسية لدى بعض الأنظمة الخليجية (الكويت والبحرين ) في ركوب الموجة الثالثة من الديمقراطية..؟ الواقع إن الديمقراطية عابرة البحار..!! قد وجدت لها بدايات التلقي في بعض البلدان المتخلفة ، لكن هذه البدايات موضوعة داخل حقيبة ملأى بخليط متنوع من الأشياء والأفكار ، يدّعي حاملوها أنها تحوي مضامين منطوية على تقديرات للأوضاع الخاصة ببلداننا.. لذلك نجد أن الاختلاف حول الديمقراطية في العالم الثالث يظل بعيداً عن الدراسة المنهجية العلمية ، بل أن المناهج الأكاديمية حولها تخضع لسياسة الحكام أو لعقائدية الحزب الحاكم . من خلال الطراز الفريد من ديمقراطية الحزب الواحد ..!! كما في العراق وغيره نجد أن ما غذى الأوضاع الاستثنائية منذ العقد الأخير من القرن الماضي الأخيرة هو الجمود الشديد الذي أصاب الديمقراطية الليبرالية سواء على المستوى الثقافي او السياسي ، في كثير من البلدان المتخلفة ( الدول النامية مشمولة أيضاً) ، والتي تمر بمراحل تحول وانتقال ، بحيث اعتبرت هذه الظاهرة من اهم الظواهر التي تعاني منها الديمقراطية في النصف الأخير من القرن العشرين والذي شهد الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي في أغلب مناطق العالم حيث سجلت سنوات التسعينات هذه الفجوة الملحوظة بين النمطين ، فالتطور الديمقراطي الليبرالي ـ وفقاً لبعض التقارير الدولية الخاصة بتتبع حالة الديمقراطية في تراجع بنسبة حوالي 65% وذلك من زاوية حجم التوسع في الحريات السياسية والمدنية سواء بالنسبة للتجارب الهامة والمؤثرة في الموجة الثالثة مثل روسيا ، تركيا ، البرازيل، باكستان وغيرها، أو بالنسبة للتجارب ذات الخبرة الأطول في هذا المجال مثل الهند ، سيري لانكا ، كولومبيا ، فنزويلا، وخطورة هذا المؤشر تكمن فيما يمكن أن يؤدي الى خلق مناخ سياسي غير مؤات للديمقراطية الانتخابية ذاتها. ( د. هالة مصطفى. بحث في الأهرام ـ أبريل 2000). ربما تكون هذه بعض ملامح المشاكل والقضايا التي تثيرها عملية التحول الديمقراطي في الموجة الثالثة ، فهل نكون بذلك على أعتاب موجة معاكسة ..؟ إن مراجعة كثير من المؤشرات السابقة قد تعطي انطباعا سلبياً بعض الشيء ، ولكن الأمر الواضح الآن، أن التوسع في عمليات التحول الديمقراطي على مستوى العالم والذي تم على مدى ما يزيد عن عقدين من الزمان ، وأن كان يمر الآن ببعض حالات من الركود إلآ أن ذلك لا يعني الارتداد عن الديمقراطية ، فربما لا تكون في حالة ازدياد ولكنها أيضاً ليست في حالة نقصان أو تراجع. كثير من النظم السياسية التي مرت بعملية تحول ديمقراطي قد خطت بالفعل خطوات متقدمة في مجال بناء المؤسسات السياسية والدستورية والقانونية اللازمة لهذا التحول فضلاً عن توفيرها لكثير من الشروط الخاصة بتفعيل آلية الرقابة في المجتمع ، وفتحها المجال أمام التوسع في الحريات العامة والتعبير، خاصة الصحافة. إلى جانب الاعتياد على الديمقراطية الذي خلقته الممارسة ـ خاصة الانتخابية ـ لدى جمهور عريض من المواطنين ، والتي ساهمت في ترسيخ قناعة قوية بها لدى الرأي العام. رغم كل القضايا ستظل الديمقراطية هي العنصر الحاكم للتطور السياسي والاجتماعي ، فلم يعد هناك بديل في ظل المتغيرات العالمية والإقليمية والمحلية التي نعيشها اليوم عن بناء شرعية سياسية ديمقراطية بعد ضعف آو انهيار أسس الشرعية القديمة التي ارتبطت بلحظات أو مراحل تاريخية بعينها لم تعد هي الحاكمة لعالم اليوم. تظل مقولة سبينوزا عن الديمقراطية حية في الأذهان قابلة للمراقبة والاختبار : الديمقراطية هي إرادة (الكل) تحل محل شهوة وإرادة (الفرد). ــــــــــــــــــــــــــــــــ يتبع
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البنطلون رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ..!!
-
مسامير جاسم المطير 1413
-
مسامير جاسم المطير 1412
-
الى الدكتور علي الدباغ مع التحية
-
مسامير جاسم المطير 1406
-
مسامير جاسم المطير 1407
-
مسامير جاسم المطير 1405
-
مسامير جاسم المطير 1404
-
مسامير جاسم المطير 1403
-
مسامير جاسم المطير 1402
-
مسامير جاسم المطير 1400
-
بمناسبة رحيل المناضلة نزيهة الدليمي
-
كلمة
-
مسامير جاسم المطير 1397
-
مسامير جاسم المطير 1395
-
شاعر الشعب مظفر النواب
-
عن مسلسل الملك فاروق
-
مسامير جاسم المطير 1393
-
جهار اسمك هز أمريكا ..!! مسامير 1388
-
هل تسلم رقبة سلطان هاشم من الإعدام شنقا ... !!مسامير 1387
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|