|
الإعلام الأمازيغي المكتوب، بين النضالية والمهنية
سعيد باجي
الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 10:12
المحور:
الصحافة والاعلام
1- واقع الصحافة الأمازيغية المكتوبة: تقدم مقولة "الصحافة الأمازيغية المكتوبة "،سواء الورقية أو الرقمية، للباحث فضاء متميزا للدراسة والبحث، ليس من حيث هي منتجة لمادة يمكن الإشتغال عليها، بل بكونها، هي بالضبط، موضوع هذه الدراسة. وواقعها، أنها محطة تساؤلات، سواء في وجودها الشكلي أو في مضامين المواضيع التي تعالجها. لكن، بين هذا وذاك، يمكن الحديث، تجاوزا، عن شدرات عناوين أمازيغية، ذات صياغة علائقية، متحددة، بواقع الفعل والنضال الأمازيغيين، وبما يعرفه الشأن الأمازيغي من تغيرات، وبدا أن العامل في هذا المجال، يشتغل على أرضية الصحفي وبغير أدواته. وهو ما يطرح تداخل المهام، بين الصحفي-العامل في منشأة صحفية- بينه وبين المناضل الأمازيغي، ذاك والحال أن الفاعل الأمازيغي ، أبدى، في سياق المرحلة الراهنة، اهتماما وانفتاحا ملحوظين، نحو "الصحافة الأمازيغية المكتوبة"، التي تظل ذلك الوسيط الذي ينقل المعلومة الثقافية والسياسية المتعلقتين بانشغالات الحركة الأمازيغية، إلى القارئ من جهة، وبلورة ملفات ، يغلب عليها الطابع المطلبي، موجهة إلى مختلف المحاورين والمعنيين من جهة ثانية. يمكن أن يكون هذا الأمر، مناسبة لطرح مجموعة من التساؤلات حول علاقة التماثل بين النضال و"الممارسة الصحفية" المشتغلة على ملفات مرتبطة بالشأن الأمازيغي، والبحث عن مخرج للإنتقال من الصحافة الأمازيغية المدبلجة_ بكسر اللام- للمواضيع، ذات الصلة بالأمر، نحو "صحافة أمازيغية"، أمازيغية المنهج واللغة، وما مدى بروز مؤشرات منهجية لمشهد إعلامي يمكن أن تتحدد معالمه كمجال قائم ومستقل بذاته. والتساؤلات ذاتها، تلمس جوانب رهانات هذا الحقل وانتظاراته ومناهج عمله، وعما هي حدود الحديث عن "صحافة أمازيغية"، وما إلى ذلك من تساؤلات تقارب مدى تجسيد، معالم صحافة ذات مرجعية أمازيغية تتقاطع مع الإشكال والمناهج المتناولة للموضوعة الإعلامية. لقد اعتاد الصحفي/المناضل أن يقارب الموضوعة الإعلامية، من داخل ترسانة مفهومية، وأدوات تحليل، تستأثر اهتمام المؤرخين والسياسيين واللسانيين والأنتروبولوجيين والسوسيولوجين....، حتى بتنا نتساءل ، عما إذا يمكن الحديث عن التداخل أم التكامل في الأدوار، من حيث إخضاع المسلمات للتفكيك وإعادة التركيب، من خلال الإشتغال أكثر على جنس صحفي وحيد، هو الرأي، ولكن وفق إواليات مفاهيمية مختلف ، ضمنيا حولها، والأمر مرتبط بقراءة الماضي لفهم الحاضر ولرسم معالم المستقبل. 2- العوائق المهنية للإعلام الأمازيغي المكتوب: لن نوفي موضوع هذه الإشكاليات حقها من التشخيص، في استجواب لا نطمح منه سوى إلى أن نحاول تحديد البعض منها بتحديد الشروط التي فيها تطرح، والعوائق هذه مزدوجة، إنها من جهة، ذات عوامل موضوعية، وعوامل ذاتية من جهة أخرى. فالجانب الموضوعي في الإشكاليات، يسائل التأطير القانوني والمؤسساتي والأخلاقي و الجهاز الذي يقع عليه ، في الوقت الراهن، عبء القيام بعملية التخطيط الإعلامي ببلادنا، من حيث إعطائه سلطة في رسم السياسة الإعلامية واستراتيجيتها العامة. وأولى علامات هذه الإشكاليات، تتحدد في جوهرالسياسة القائمة على التمييز، في المجال الإعلامي على الخصوص، تجاه الإنسان والحضارة الأمازيغيتين، وهو ما يطرح، من خلال ثاني هذه العلامات، وظيفة الجهاز الإعلامي هذا، الذي تزداد الحاجة إلى تأمين دوره في تكافؤ الفرص، لا يمكن بدونه تصور ديموقراطية حقيقية للمنظومة الإعلامية. وثالث هذه العلامات، هي مستوى الإعلام، ولاسيما المكتوب منه، وضرورة قياسه بأدوات تتجاوز غلافه الإيديولوجي إلى حقيقته المهنية، كي يؤدي دوره في تعميم المعلومة بمختلف اللغات التي يتواصل بها الشعب المغربي. وتتحدد العلامة الرابعة في المنهج التأهيلي الإعلامي، الذي أصبحت ضرورة خلق مسالك تكوينية في الشأن ذاته، أكثر من ملحة. في حين أن خامس هذه العلامات يتعلق بمشكلية اللغة، التي تحيل بدورها على مشكلية اجتماعية وإيديولوجية، يتم من خلالها تجهيل أكثرية "الصحفيين" والقراء على السواء، باللغة وبالثقافة الأمازيغيتين معا. والحال أن للأمر انعكاسات تروم التردد في المواقف الذي طبع سلطة القوى الموجهة للنضال والفعل الأمازيغيين، وعدم تملكها لأدوات تواصلية، جعلها تصطدم بعقليات هي في موضع المساءلة، والرهان مطروح عمن سيكسب الرأي العام. وعبر الجانب الذاتي من العوائق والإشكالات ، ينطرح التأثير والتأثرالسلبيين للموارد المادية والبشرية، وهو ما يولد أزمة تشكل انشغالا يوميا للمستخدمين والعاملين، أو قل تجاوزا للصحفيين، في الحقل نفسه. وأن سمات انبثاق إعلامي أمازيغي، يجد أيضا في بعض المنشآت الصحفية عائقا له، في الهشاشة الواردة في تدبير الموارد المادية والبشرية وإمكانية توافرها أيضا. هذا فضلا عن الغموض المطروح على مستوى السياسة التحريرية للمنابر الصحفية، وعن انخفاض نسبة المقروئية، مع الأخذ بعين الإعتبار الخط التحريري المدبلج للمقالات، والتي ترى في صياغة المقالات الصحفية باللغتين الفرنسية والعربية، مع الإستئناس ببعض القصائد والإنتاجات الأدبية باللغة الأمازيغية، هي الوسيلة الرئيسية، لتخطي ما يعتبره البعض عجزا للغة الأمازيغية وعدم قدرتها على تحمل اللغة الصحافية. وهي كلها مؤثرات، تنعكس وعدم انفتاح المجتمع المغربي على الصحف والمنابر الإعلامية الأمازيغية، وأصبح مسألة ملموسة، يمكن إخضاعها للقراءة الماكروفيزيائية، من خلال ما تؤشر عليه ، على الأقل، هزالة مبيعات هذه الصحف.
3- آفاق الإعلام الأمازيغي المكتوب؟ استنادا إلى ما أشرنا إليه، باختصار، يتضح أن سير "الصحافة الأمازيغية المكتوبة"، محفوف بالألغام الإيديولوجية التي تتهدد البحث في كل خطوة تحاول فيها التقدم نحو المهنية، فلا بد لآليات اشتغالها إذن، أن تتسلح بما يشبه كاسحة الألغام، حتى يتم لها، بتفجيرها، شق طريق المهنية. وما تحتاجه "الصحافة الأمازيغية"، في بداية تشكلها، في الوقت الراهن، هو البحث عن توفير فضاءات إعلامية مستقلة، تكسب شخصية الصحفي، عبر التكوين المستمر، ملكات ومهارات الممارسة الصحفية المهنية، عبر القواعد المتعارف عليها، في أفق البحث عن مشروعية جديدة، والتمدد نحو حقول أخرى، كالسياسة والتاريخ مثلا، بترسانة لغوية أمازيغية متينة، لا سيما وأن هذه الحقول، يحتلها فاعلون مختلفون يعملون وفق أنساق وأدوكسات مختلفتين، وبنوع من الوعي بأهمية بناء حقل صحفي أمازيغي، المنهج واللغة، يظهر بمظهر الند والمنافس لباقي الفاعلين وليس بمظهر التبعية أوالتلمذة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لقد أفرز المنحى الصحفي بعض الأقلام والمنابر الإعلامية التي تركت مخطوطات لها أهميتها في هذا الإتجاه، إلا أن هذا المنحى لم يستطع أن يعكس وجود هيئات صحفية حقيقية وذلك في غياب استراتيجية واضحة، فهي أقلام ومنابر لم توحدها رهانات محددة ولم تعمل وفق نظم ضابطة لانشغالاتها، وذلك نتيجة موضوعية لغياب الحقل الإعلامي الأمازيغي. وأمام صعوبة تحديد ملامح الخريطة الصحفية الأمازيغية هذه، بدا أن أمر الحديث عن آفاق هذه الصحافة مجازفة، ما دام المناخ السياسي لم يفرز بعد ديموقراطيته.
#سعيد_باجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|