|
سورية بلا لواء اسكندرون . . . هل تحتمل خريطة الوطن السوري عبث العابثين
حسين خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 10:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هو واحد من عشرات المؤتمرات والندوات وحلقات الحوار والمهرجانات التي تدعو إليها جهات حكومية أو خاصة وتخصص لها موازنة من جيوبنا نحن دافعي الضرائب يتوافد إليها الضيوف وأصحاب الدعوة يلقون أبحاثهم ومقترحاتهم ثم تتلى توصيات المؤتمر في اليوم الأخير لتدخل بعدها في غياهب النسيان على الغالب. الاسم هذه المرة حملة إعلامية وإعلانية لمنع هدر الطاقة وترشيد استخدامها تحت شعار: إذا كان هدر الطاقة آفة فلنقتله معاً من أجلك يا سوريا.بمشاركة دكاترة مختصين من كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية وبرعاية من عدة منظمات شعبية (اتحاد الطلبة، الشبيبة، الاتحاد النسائي) إضافة إلى الهيئة العامة لشؤون البيئة وجريدة الاعتدال الاغترابية ومجلة Z الاغترابية أيضاً، وعقدت في مدرج الهندسة المدنية بجامعة دمشق.ً و«قتل» هدر الطاقة هو هدف نبيل نسعى إليه جميعا رغم انه ليس السبب الرئيسي للأزمات التي تنهال على رأس مواطننا وبلدنا، فقبلها ينبغي أن نتعاون لقتل الفساد والنهب المنظم والعلني للشعب والدولة الذي تمارسه الفئات التي اغتنت و«تمليرت» بالتعاون مع متنفذين في أجهزة الدولة وبعض القائمين على عد أنفاسنا وخلجات قلوبنا. لكن هذا ليس موضوعنا، موضوعنا ما كشفته فتاة جامعية وأثارته في المؤتمر وهو خطير وجدي، انه الخريطة الموضوعة أعلى بروشور الندوة، وهي خريطة سورية منزوعا منها لواء اسكندرون السليب نتيجة مؤامرة استعمارية جاءت استكمالا لسايكس بيكو ووجهت بمقاومة شعبية وسياسية شارك فيها كل الطيف السياسي السوري حينذاك من شيوعيين وبعثيين وأحزاب برجوازية وطنية ( وهي غير البرجوازية الهجينة التي نمت منذ الثمانينيات على حساب عافية الشعب واقتصاد البلد) الصبية التي تكلمت بجرأة قالت: الهدر يبدأ من هدر الطاقات البشرية والأرض المغتصبة طاقة بشرية وتنموية مهمة، ويسوءني أن تكون خريطة سورية في حملتكم الإعلانية والإعلامية مقتطع منها لواء اسكندرون ونحن على مقربة من ذكرى سلخ اللواء عن وطنه الأم سوريا المصادف في 29/11 لمن أصيب بفقدان الذاكرة. وأضافت: سألت قبل بداية الندوة إحدى المسؤولات عن التنظيم من مجلة Z عن سبب هذا الخطأ فأجابت: ليش اللواء من سوريا؟ فإذا كانت الظروف السياسية والإقليمية لا تتيح فتح ملف استعادة اللواء الآن فهذا لا يعني أن نزيله من الخرائط، لا استطيع أن أعلم أولادي خريطة سورية مقتطعا منها اللواء السليب. وأكثر ما حز في النفس أن احد المنظمين وادعى انه من اللواء ردّ على السؤال قائلا: قبل أن تحاسبينا اذهبي إلى الفورسيزنس وشاهدي خريطة سوريا هناك بلا اللواء، وكأن الفورسيزنس هي مرجعنا في تعيين حدود وطننا. .. .نسي هذا «الإعلاني» أن الفورسيزنس هي مال نفطي تموضع في قلب دمشق ولا يهمه إن كانت سورية مع الجولان واللواء أو بدونهما ما يهمه هو المزيد من الأرباح والإعفاءات. . . . نعرف جيدا أن هناك «شيء ما يحترق» في الطبخة الوطنية في سورية، وان التردد والارتباك هما ميزة السياسة السورية الحالية، فتارة ترمي بكل أوراقها مع تركيا التي تحتاج هي إلى من يخرجها من ورطاتها وأزماتها الداخلية والخارجية، وتارة يقف بقوة مع حزب الله والمقاومة ويرمي المطبعين و«عرب الاعتدال» بأقذع الأوصاف ثم لا يلبث أن ينضم لهم راكضا إلى أنابوليس. هذا التلعثم السياسي السوري ربما كان أودى في لحظة ضعف أمام الجار التركي باللواء كما أودى بسمعة سورية لدى أطراف مهمة في العراق خاصة الأطراف الكردية بعد تصريحات أنقرة حول شرعية التدخل التركي في شمال العراق رغم التراجع عنه لاحقاً. ولأننا نمر بذكرى سلخ اللواء عن سورية عام 1939 لا بأس من التذكير ببعض المعلومات عن هذا الجزء العزيز من وطننا: يقع اللواء في أقصى الشمال الغربي من سوريا ، وتبلغ مساحته نحو 18 ألف كيلو متر مربع ، وقاعدته مدينة الاسكندرون الواقعة على الخليج المعروف باسمها : خليج الاسكندرون ، وكان يسكنه في العام 1939م نحو 220 ألف نسمة ، منهم 87 ألفـًا فقط من الأتراك وعندما عقد الحلفاء معاهدة الصلح مع الدولة العثمانية في 10/8/1920م (معاهدة سيفر) تـنازلت الدولة العثمانية عن منطقتي اسكندرون وكيليكيا باعتبارهما جزءاً متمماً للبلاد السورية ، ولكن هذه المعاهدة أثارت مصطفى أتاتورك الذي كان يقود حركته في شرقي الأناضول ، ورفض الاعتراف بمعاهدة سيفر ، ووضع "ميثاق المجلس الوطني الكبير" الذي أعلن بموجبه إعادة تكوين تركيا من جميع أجزاء الدولة العثمانية التي تسود فيها "أغلبية تركية" في 3/1/1937 قررت عصبة الأمم إيفاد لجنة دولية لدرس الوضع الراهن في اللواء، وفي 11/1/1937 وضعت هذه اللجنة تقريرها فعمت المظاهرات اللواء احتجاجا على المؤامرة الفرنسية التركية لسلخ اللواء عن سورية ثم عمت المظاهرات والإضرابات جميع أرجاء البلاد، كما ارتفعت أصوات الاستنكار العربية في العراق ومصر والأقطار العربية الأخرى. 29/11/1937- انزل العلم السوري في لواء اسكندرون بعد دخول القوات التركية.. .اقتطع اللواء من سورية بموجب استفتاء مزيف نظمته سلطة الاحتلال الفرنسي في 29/11/1939 وقامت تركيا على أثره بتغيير اسمه إلى إقليم هاتاي وتغيير أسماء المدن والبلدات من عربية إلى تركية ورحل كثير من أهل اللواء إلى المحافظات السورية القريبة (اللاذقية، طرطوس، حمص) ورغم ذلك يشكل العرب أغلبية في ثلاث محافظات. وبقي في اللواء أكثر من 900 ألف مواطن سوري، يتشبثون بتراب وطنهم على الرغم من الظلم الذي ينالونه من سلطات الاحتلال التركي وهم يعتزون دائماً بانتمائهم إلى الوطن الأم سورية اعتزازاً لن تزيله محاولات الأتراك الذين بدلوا أسماء عائلات المواطنين السوريين، ومنعوهم من التحدث باللغة العربية، وضغطوا عليهم بكل الوسائل ليهاجروا من أرضهم. يقول الدكتور عبدالرحمن الشهبندر في إحدى لقاءاته مع صحيفة فرنسية: (الإحصاء الذي نشرته السلطات في سنة 1932 يوضح بصورة جلية أن اللواء مأهول بعشرين ألف نسمة من العرب السنة، و55 ألفاً من العرب النصيريين، و25 ألفا من العرب المسيحيين وألفين من الأكراد وألف من الشركس. عدا عن الأرمن الذين يكرهون الأتراك ويقاومون انضمام اللواء إلى تركيا ويعدون نحو 14 ألفا، وقد قرأت في دليل السياحة أن الأتراك يعدون نحو 35 بالمائة.). إن اللواء مهما تغيرت السياسات وحاول البعض تشويه تاريخه أرض سورية لا يمكن التخلي عنها، ونزعها عن الخارطة عمل يسيء إلى السيادة الوطنية، وان افترضنا حسن النية في الموضوع (بعضهم قال إن الخريطة مأخوذة من الانترنت، وكأن الخرائط والأطالس لا تملأ الأسواق؟) ولا بد أن يصبح يوم 29 تشرين الثاني يوما وطنيا لتأكيد سورية اللواء وحتمية عودته ـ كما الجولان ـ إلى الوطن الأم.
#حسين_خليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد حسين فضل الله يقلب الطاولة على رؤوس الرجال و«فقهاء الظل
...
-
من طرائف المقامات العلية
-
في إعادة انتاج العراضة الشامية. . . باب الحارة أو «كاسندرا»
...
-
«ظل امرأة» . . .الدراما كمرآة لانكسار الأحلام
-
هل هي حرب على الدراما السورية؟! كساد الانتاج وهجرة والفنانين
-
أمير الشعراء و.. . شاعر الأمراء
-
حيث لم يبق مكان للخجل. . . . باهوز مبتدأ الفضيحة ومنتهاها
-
عشرون عاماً على اغتيال ناجي العلي. . . وعلى كتفي نعشي
-
فلسطين. . . . السلطة تغرق في خيارها التدميري
-
35عاما على استشهاده. . . . غسان كنفاني الذي دق جدران الخزان
-
أول الغيث من شرم الشيخ. . .. مشروع توسيع الحرب الاهلية في فل
...
-
نازك الملائكة . . . .الرائدة المنسية حتى الموت
-
باعة الوهم. . . اقتصاد العولمة الذي يغدق فقراً
-
«شهداء» السوبر ستار والشهيد الحي
-
«المعلم الأول» لجنكيز إيتماتوف. . . . . حكاية عاشقة وشجرتي ح
...
-
في عيد العمال العالمي عمالنا في لبنان. . . . . أنا سوري آه ي
...
-
عن بيلوسي الحقيقية والدلع العربي
-
مختارات من حملة مرشح سوري. . . .انتخبوني مالكون غيري
-
الفيل يا ملك الزمان . .. . . . المذمة يا ملك الزمان
-
المنطقة على شفا حرب امبريالية جديدة . . . . .أمريكا الامبريا
...
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|