عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 2118 - 2007 / 12 / 3 - 10:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هي مناسبة أخرى للقطعان الغاضبة للتنفيس عن كبتها من جديد في كرنفال حرق الأعلام و المجسمات ورفع شعارات المهالك و النيازك، و مناسبة كذلك للنظام المجرم الملعون والسيئ الصيت في السودان لإشغال الناس بأمور تافهة لا تقدم و لا تأخر في شيء ،فبالأمس القريب كانت مظاهرات للتنديد بمملكة الدنمرك على خلفية الرسوم الكاريكاتيرية المضحكة ودعانا يومها أصحاب الفضيلة لمقاطعة أجبان و ألبان و عسل و زبدة الدنمرك ، و بعدها أحرقت مجسمات للبابا "بنيدكتوس"بسبب كلمة مقتبسة كانت بمثابة حصى صغيرة لكنه موجعة رمى بها البابا فأصاب عكرمة في العين فاستفاق و أفاق معه فيالق الجهالة لتملأ الدنيا نباحا وصياحا ، واليوم ها هي قضية دمية دب الخرطوم تثير زوبعة المظاهرات من جديد، فعوض أن تكون مظاهرة تدين النظام الشمولي الفاشل في تلبية متطلبات الجماهير و تطالب الوحش البشير الذي لم يشبع حمكا بعد بالتخلي عن السلطة، ها هي الجموع تهب عن بكرة أبيها للمطالبة بإعدام مدرسة تركت بلادها لتحل بالسودان لتنوير و فتح عقول أطفال صغار، وبدل أن تكون مظاهرة صاخبة ضد القهر و الجوع و الحرمان والمطالبة بمحاكمة أزلام النظام على ما ارتكبوه من جرائم موثقة في جنوب السودان و دارفور ، هاهم المغيبة عقولهم ينزلون للشارع بالسكاكين و العصي للمطالبة بذبح المدرسة البريطانية... يا الله !!
على المنتظم الدولي أن يتحمل مسؤوليته الكاملة اتجاه السيدة "جيليان غيبونز" ويجبر نظلم الخرطوم على ضمان عودتها سالمة لبلادها في أقرب وقت ، الغوغاء و الدهماء ليسو بحاجة لأطر تربوية مهنية كفئة من بريطانيا أو من دول غربية،بل بحاجة إلى مدرسين من الكيان السعودي ليقصوا على أطفال السودان علامات آخر الزمان و عذاب القبر ومناكح الله التي أعدها لعباده الصالحين، القطعان السائبة لا تريد لأبنائها أن يتعلموا الرياضيات واللغات والعلوم النافعة ، بل يريدون أجيالا تهتف لبيك يا عكرمة الشر، أجيال جاهزة للانتحار و القتل .
لابنتي الصغيرة دمية تعتني بها و تلبسها ألبسة الغجر الزاهية، تمشط شعرها الأشقر بمشط صغير، تزين أذنيها بقرطين و تضع أساور حول معصميها، ذات يوم سألتها ما اسم دميتك يا بنيتي فأجابتني اسمها "عائشة" يا أبي..ولابني لعبة على شكل قرد يعمل بالبطاريات ولهذا القرد طبل فسألته هو كذلك ما اسم قردك يا يوسف فقال لي اسمه "محمد"!!! فهل نحاسب البراءة على سذاجتها وصفائها ؟؟هل ندعو إلى مسيرات مليونية من الرباط غربا إلى جاكرتا شرقا أجل دمى و لعب اختار لها صغارنا أسماء فشاركناهم نحن الكبار فرحتهم و براءتهم ...
اللهم رفقا بعقولنا ...
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟