سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2117 - 2007 / 12 / 2 - 11:37
المحور:
الادارة و الاقتصاد
التحية واجبة للزميل رشاد كامل رئيس تحرير "صباح الخير"، ومجلته الرشيقة، لأنه يكاد أن يكون قد انفرد بالاحتفال بمرور 140 عاماً على ميلاد طلعت حرب الذى ولد فى 25 نوفمبر 1967. أى أن هذه الذكرى صادفت يوم الأحد الماضى لكنها مرت دون أن يأبه بها أحد فى الصحافة أو الدوائر الاقتصادية التى كان الأجدر بها أن تنبه الغافلين فى الإعلام، وغيره، إلى هذه المناسبة المهمة.
ثم إن "صباح الخير" لم يكن لها فقط فضل النجاة من "التوله" القومية الشاملة التى جعلت الكثيرين يفقدون الذاكرة الوطنية، بل إنها أحسنت الاحتفال بهذه المناسبة، بنشرها مقالاً نادراً كتبه منذ 53 عاماً محمد رشدى عضو مجلس الإدارة المنتدب لبنك مصر، وكان من كبار رجال الأقتصاد والقانون المصريين فى زمانه، كما أنه زوج كريمة طلعت حرب. ولهذا فإن مقاله لم يكن مجرد مقال عادى بل كان – كما يقول الزميل رشاد كامل – "وثيقة تاريخية وسياسية واقتصادية".
وفى هذا المقال النادر يقول لنا صهره أن طلعت حرب "استهل أداء رسالته فى مكافحة صدوف المصريين عن الأعمال التجارية بأن اقتراح على صديقا له كريم المحتد مرموق فى وسطه، هو المرحوم فؤاد سليم الحجازى، أن يفتتحا محلا لتجارة البقالة والألبان لكى يضربا لأخوانهما المثل الصالح فى ميدان يعود على طائفة كبيرة منهم بالخير والبركات".
لكن "حلم" طلعت حرب لم يكن مجرد "محل بقالة"، فقد أصدر بعد عامين كتابا فى سنة 1907 يكشف فيه عن حاجة البلاد إلى بنك وطنى ينشأ بمال المصريين، وتعمل فيه أيد مصرية. وتستخدم فيه اللغة العربية. وقد نبه فيه الأذهان إلى الأموال الوفيرة العاطلة التى يستثمرها الأجانب فى غير صالح مصر والمصريين. وناداهم إلى واجب وطنى مقدس هو استثمار مالهم، والأموال الفائضة، فى صالح الاقتصاد القومى. وأبان لهم أثر المال فى حياة الأمم واستقلالها، وشوقها إلى أن يعتمدوا على أنفسهم فى جميع حاجاتهم، ومازال ينشر الدعوة ويجددها فى كل مناسبة، حتى كانت الثورة المصرية (أى ثورة 1919) فألقى فى أحضانها بذور هذه الدعوة المباركة، وهو على يقين أنها ستنبت نباتا حسناً بأذن ربها، وكان هذا فى 7 مايو سنة 1920 حينما افتتح البنك وقدر له الوجود".
وكان البنك بداية ملحمة وطنية عظمى قادها طلعت حرب ترددت اصداؤها فى كثير من مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. لكنها لم تمنع حزب أعداء الاستقلال الاقتصادى من أن يتربصوا بالرجل ومنجزاته وأن يضعوا نهاية حزينة لحياة طلعت حرب ويجبروه على التخلى عن قيادة بنك مصر .. لتبدأ مرحلة جديدة من خضوع الاقتصاد المصرى للتبعية، أطلقت بدورها شرارة النضال الوطنى من أجل استعادة الاستقلال الاقتصادى والسيطرة الوطنية على البنوك باعتبارها عصب الاقتصاد الوطنى.
إن حياة طلعت حرب، بحلوها ومرها، ونجاحاتها وانكساراتها، حافلة بالدروس التى تحتاج اليوم أن نستعيدها .. ونتعلم منها.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟