أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن حاتم المذكور - عقدة الخوف العراقي ...















المزيد.....

عقدة الخوف العراقي ...


حسن حاتم المذكور

الحوار المتمدن-العدد: 2114 - 2007 / 11 / 29 - 11:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخـوف : الظاهـرة الأخطر التـي لازمت العراق منذ مئآت السنين ’ والتي تجذرت مأزقـاً تاريخيـاً وثقافـة مـدمرة للعلاقات بين مكونات المجتمـع العراقـي ... وبعيداً عـن جذورهـا التاريخيـة التي ابتداءت مـع الفتـح العربي الأسلامي للعراق ( خاصـة بعـد غلبـة السلطـة السياسيـة على السلطـة الدينيـة ) والدمـاء العراقيـة تسفك بغزارة ’ وعلى جماجم ودماء وارواح العراقيين واذلالهم تشكلت هيكلية الخلافتين الأموية والعباسية ’ ثـم الصراعات الدمـويـة بين الدولتين الصفويـة والعثمانيـة ’ اضافـة للجور والمهانـة والدمار الذي لحق بالعراقيين نتيجـة تحكـم الغـرباء والغزات والمحتلين بمقدراتهـم ’ الى جانب تمـزيق القيم السماويـة للدين الأسلامي وقتـل روحـه ثـم تشظيـه بين طوائف ومذاهب وفرق وشيع وشرائع واجتهادات حادة التقاطـع تبتكـر وتشرعن العداوات والخلافات والصراعات حـد التكفيـر والأقتتال والأبادة الجماعيـة على الهويــة والأنتمـاء ’ تلك الأمـور وكثير غيرهـا تركت بصماتهـا السلبيـة على التطورات اللاحقـة للمجتمـع العراقي ’ وعبـر تجارب دمـويـة وبشاعات مرعبـة اخـذ الكردي يخـاف العربـي والتركماني يخشـى الأثنين والكلدواشوري والكرد الفيلي والأيزيدي والصابئي المندائي واليهودي والأرمنـي وغيرهـم يخافون الجميــع ’ وحتـى على صعيدي الأغلبيـة الأسلاميـة فهناك خـوف مخضب بالدمـاء والمعاناة يعتري الشيعي هلعـاً مـن شقيقـه السنـي ’ والسني لا يثق بشقيقـه الشيعـي ’ فكلا الطائفتين تعيش حالـة قلق وخوف وانعدام للثقـة فيمـا بينهمـا ’ هـذا الواقـع المرير جعـل مكونات الشعب العراقي كـل تبحث لهـا عـن ظهيـر وامتداد وانتمـاء وحمايـة مـن خارج العـراق ’ الى الحـد الذي ( وخاصـة بعد الحرب العالميـة الآولى وانحلال وتفسخ ثم سقوط الدولـة العثمانيـة وخروج العراق مـــن عنـق زجاجتهـا ــ كدولـة ذات سيادة ــ لـم يتفق اهـل العراق نتيجـة لخوفهـم وعدم ثقتهـم ببعضهـم ان يتفقوا على رئيس عـراقـي مـن بينهـم فأستعار لهـم المحتل الأنكليزي ملكـاً غيــر عراقـي ) وصـل فيـه الأمـر اخيراً ونتيجـة القسوة والهمجيـة التي مارستهـا الأقليـة العنصريـة الطائفيـة المتمثلـة بالنظام البعثي العروبي بحق المكونات الآخرى للمجتمـع العراقي ’ كالتعريب والتهجير والأنفلـة والأجتثاث والأبادات الجماعيـة ’ ان يستنجـدوا بالأحتلال الأجنبـي بديلاً ( محـرراً ) عـن الوحشيـة المدمـرة للآحتلال العنصري الطائفـي المحلي كأهون الشرين وتلك نقطـة الضعف التاريخيـة لعقـدة الخوف مـن الآخـر التي استغلهـا المحتـل واستثمرهـا بنجـاح لصالـح مشاريعـه ومخططاتـه واطماعـه القريبـة والبعيـدة ’ كذلك تـم استغلال عقـدة الخوف تلك التي تتحكـم فـي فكـر واهداف ونوايـا واخيلـة واهواء ومناورات الطبقـة السياسيـة البديلـة للنظام البعثـي الساقط ’ والتي كانت معارضـة لـه قبـل سقوطــه ’ وجعلهـا مادة جديدة طيعـة لتمزيق المتبقـي مـن وحـدة الصف الوطنـي ’ واضعاف الأرادة الجمعيـة وتدمير ايـة محاولـة مهمـا كانت متواضعـة لأنقاذ العراق مـن مأزقـه التاريخـي .
ان المأزق العراقي الراهـن يعبر بوضوح غيـر مسبوق عـن تقاسيم عقـدة الخوف في الحالـة العراقية الراهنـة ’ والمتمثـل بسهولـة تمـرير النهـج الفوقـي للتحاصـص والتوافق والأبتزازوالتساوم والتنازل والتصالح السياسي ثـم القبول بنصيب ما تستبقيـة الأطماع الدوليـة والأقليميـة مـن فضلات حفلـة تقاسـم العراق .
عقـدة الخوف تلك اصابت في مكونات تشكيلـة الطبقـة السياسيـة الحاكمـة مقتلاً فـي صميـم وطنيتهـا فأصبحت ازدواجيـة الأنتماء هويتهـا ’ وهي في احضان الأرادة الأمريكية تتطلـع الى جوارهـا الخارجي تبعية ’ تطلب الحمايـة مـن قسـوة الشقيق الداخلــي ويساعدهـا على قمعـه واذلالـه وانهـاء دوره ثـم استعباده بعـد ان تملــي شراهتهـا للثـروة والجاه والتسلط ’ فالعربـي السني يتطلـع الى جـواره القومـي الطائفـي الذي يطوق العراق جنوباً وغرباً والشمال الغربي ’ كأمتداد ونصير داعـم لأستعادة السلطـة والتسلط على رقبـة شقيقـه الشيعـي والأخرين حتى ولو اضطـره الأمـر ومستعداً اصلاً ليكون وسيلـة لتحقيق اجندتـه وخدمـة اطماعـه فـي وطنـه العراق تحت صيـغ ومبررات قوميـة وطائفيـة واهيــة .
العراقـي الشيعـي يتطلـع الى جاره الشرقـي وامتداده المذهبـي داعمـاً ومسانداً ومنقذاً فـي الشدائد والفواجـع المحتملة من شقيقه السني حتى ولو اضطره الأمر ان يكون جـزاءً منه او طابوراً لأجندته واطماعه ’ التركـي العراقي هو الآخـر يدفعـه خوفـه التاريخي مـن اشقاءه ان يمـد الخيوط غير الوطنيـة بأتجاه الجار الشمالي التركي ليبتز الآخرين ويساومهم على امنه واستقراره ’ الكردي الذي لم يتخلص لحد الآن من صدمات المجازر والأنفلـة ومشاريع تعريبـه ’ ولم تعـد الثقـة لهـا ارضيـة مقنعـة ’ والوحـدة الوطنيـة لا تعنـي شيئـاً بالنسبـة لمصيره المهـدد دائمـاًمن من قبل اشقاءه ’ ويجعلـه اليأس والخوف مضطـراً ان يبحث عـن امنـه واستقراره وسلامـة شعبـه حتـى مـن قـوى خارجيـة تشكل بالنسبـة لـه اهـون الشرين على الأقـل هروبـاً مـن وضعـه البائس ’ الكلداشوري يرفـع راسـه مـن مأزق الأبادة والتهجير والأجتثاث الدينـي بأتجـاه الغرب المسيحـي املاً في مستقبل تفرضه حالات التدخـل عنفـاً او عولمة سلميـة ’ المكونات الآخـرى كالكردي الفيلي والصابئ المندائي والأزيدي واليهودي والأرمنـي وغيرهـم ’ سلمت امرهـا لثمــة بقايـا مـن رحمـة قـد تنضحهـا الأخطاء والصدف مـن ثقوب همجيـة وقسـوة الأشقاء .
هـذا هـو الواقـع العراقي الذي تتحكـم فيـه سلبـاً عقـدة الخوف تلك ’ فأي وطـن فـي الكون اكتسبت مياه انهاره لون دمـاء اهلــه ’وشعب فقـد رؤوسـه بعـد ان اينعت واصبحت جاهـزة للقطـف ’ وازدحمت تربتـه بمقابره الجمـاعية ’ اي شعب في الكون مـربه طغات وعتات مثـل الحجاج وهولاكو وصـدام حسين وكثير غيرهم ’ اي وطـن وشعب هكـذا تاريخهمـا لا تتحكـم فـي حاضـره وتشوه تاريخـه عقـدة الخـوف تلك ... ؟
دول الجوار بكاملهـا ونتيجـة لتلك العقـدة والتي هـي ( دول الجوار ) اساس صناعتهـا ’ وجدت مـن السهولـة اختراق الجسد العراقي وتكوين طوابيـر وحواضـن اجتماعيـة لهـا وعلى مستويات المجتمـع والدولـة ’ تتحكـم سلبـاً فـي اخلاقيـة وممارسات السلطـة واجهزتهـا وحتى القمعيـة منهـا ومختلف مؤسساتهـا ’ فهي في الواقـع الراهـن تتحكم فـي المصير العراقي عبر وكلاءها وسماسرتها وعلاسيها ’ احـزاب ومنظمات ومليشيات وفـرق موت واجهزة مخابراتيـة خطيـرة ’ وهـي مـن حيث عمـق وسعـة الأختراق تستطيـع ان تبتز قـوى الأحتلال وتضغط عليهـا بالدم العراقـي وتساومـهـا لتصبـح طرفـاً مؤثـراً يستحوذ على ما يزيـد عـن حصتـه مـن ما يسمـى بالكعكـة العراقيــة .
الكعكـة العراقيـة : هكـذا قـدر لنـا ان نسمي وطننـا ’ وبسكين عقـدة خوفنـا مـن بعضنـا نقسمهـا لغيرنـا ونهديهـا جهلاً وضياعـاً وعبوديـة مـذلـة .
الحديث الأنشائي عـن الوحـدة الوطنيـة ’ والعاطفـة المعطوبـة التـي نتكـي عليهـا والأرادة الخاويـة التي ندعيهـا مكابرة ’ والهروب بأتجاه تاريـخ كان لأجدادنـا وقـد اسئنـا اليـه ’ وهـز الذيول تبعيـة للآخرين ’ والتعامـل مـع بعضنا كراهيـة وحقداً وخديعـة وغـدر ’ كـل هـذا سوف لـن يوفـر لنـا مخرجـاً مـن مأزقنـا وطنـاً وشعبـاً ’ ولـن يخفف مـن النتائـج الكارثيـة المدمـرة لعـقـدة خوفنــا العراقيــة ’ ما نحتاجـه ’ مـع ان الطريق طويلاً مضنيـاً والجهـد استثناءيـاً ’ ويستغرقنـا الوقت اكثـر مـن جيـل ’ هـو ان نبـداء حالاً دون تردد وبلا رحمـة فـي اعادة تقييـم الذات ونقدهـا جلـداً فكريـاً ومعرفيـاً ’ وكذلك تقييـم تجاربنـا المريـرة قفـزاً الى الخلف حيث قبـل البدايات التي انتهت بنـا الى ما نحـن عليــه الآن ’ هنـاك حيث هويتنـا العراقيـة التاريخيـة المشتركة التـي اكتسبناهـا وتكونت لنـا وانتمينـا لهـا عبـر الآف السنين فـي احضان تربتنـا وبيئتنـا واسباب ديمومتنـا ’ ان نقفـز الى الخلف لنبـداء طريقاً سليماً آخراً ’ غيـر طريق الفتوحات والغزوات والأحتلالات التـي فرضت علينـا فواجعـاً وشوهت كينونتنا ومزقت هويتنـا وانتهت بنـا الى مآساة واقعنـا ’ ان نبداء مـع الوعـي والمعرفـة وادراك الذات العراقيـة والتسلح بأسس وجودنا على ارضنـا نقيـاً معاف مـن اصابات الثقافات الغريبـة للغزات والفاتحين ’ ونساعد على خلـق جيلاً جديداً وطنيـاً مـن السياسيين يحمـل بأستحقاق شهـادة حسـن سلوك الثقافـة الوطنيـة التـي يمنحهـا لهـم المثقف العراقي الوطني الأنساني لا غيــره .
هنـا تصبـح الحصـة الأكبـر مـن المواجهـة المصيريـة للهويـة الوطنيـة التاريخيـة المشتركـة تـقـع على كاهــل المثقف العراقي الوطنـي ’ فعليـه ان يستعـد لـدفـع ضريبـة الولاء للوطـن والشعب .
28 / 11 / 2007








#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سولف النه ...
- الكرد الفيلية والعثمنة : من يزكي من ... ؟
- دعونا واهلنا يا اورام في الطائفة ...
- لغة المتاريس ...
- المثقف والهوية الوطنية ...
- الغربه مو حجي بطران ...
- التمزيق المجحف للهوية العراقية ( 3 ) ...
- وجع عراقي يسمى ايران ...
- التمزيق المجحف للهوية العراقية ...
- التمزيق المجحف للهوية العراقية ( 1 )
- الوجه الآخر لأزمة العدوان التركي ...
- عود اليه ...
- فدرالية الجنوب والوسط الى اين ... ؟
- هجينية التهديدات والتدخلات التركية ...
- امنيات غير ممكنة ...
- مجزرة الوعي العراقي ...
- يا عيد مية هله ....
- الكرد الفيلية : استغاثة في دموع ام رشدي ...
- اقتسموا العراق ويتباكون على وحدته ...
- الوهابية : مشروع ابادة جماعية ...


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن حاتم المذكور - عقدة الخوف العراقي ...