|
الهاتف الرئاسي العربي بمواجهة دبابة مركافاه الصهيونية
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 106 - 2002 / 4 / 1 - 22:48
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الهاتف الرئاسي العربي بمواجهة دبابة مركافاه الصهيونية : العدوان الصهيوني الجديد شهادة وفاة جديدة للنظام العربي الرسمي ! الإنجاز الأول والمهم الذي حققه شارون وحكومته خلال العدوان الهمجي الجديد ضد الشعب الفلسطيني وقيادته هو دفعه النظام العربي الرسمي الى حالة من الهوان والذل والابتذال لم يبلغها من قبل حتى خلال احتلال الصهاينة لأول عاصمة عربية هي بيروت سنة 1982 .فمنذ الساعات الأولى للعدوان نسي الملوك والرؤساء العرب أن العدوان يستهدف شعبا بكامله وأنه جاء صفعة رنانة على وجوه من وقعوا على ما ُسميَ بمبادرة السلام العربية فتسابقوا الى أجهزة الهاتف للاتصال بالمعلم الكبير " جورج بوش الابن " طالبين منه ومتوسلين إليه الإبقاء على حياة الرئيس ياسر عرفات وكأن الأمر يتعلق بعراك بين شخصين وليس بقضية شعب يذبح علنا وأمام عدسات المصورين الصحفيين .ومع احترامنا الشديد للرئيس العربي الوحيد المنتخب بنزاهة حقيقية والقائد التاريخي الرمز للشعب الشهيد الحي ياسر عرفات ولكننا لم نسمع منه ما انتظرناه بحق الذين خذلوه وخذلوا شعبه من عرب أو عجم . فالدولة العربية الأكبر والتي دفعت و جرجرت القيادة الفلسطينية وزينت لها طريق الاتفاقيات السرية المنفردة على سكة كامب ديفيد السوداء ، هذه الدولة أي مصر أقدمت على الإجراء الأقصى بحق إسرائيل ألا وهو استدعاء السفير الصهيوني الى مقر وزارة الخارجية وأبلغته احتجاجها و هذا إجراء يتخذ من قبل الدول التي تحترم نفسها وشعوبها في حالات بسيطة لا تتجاوز نشر مقالة نقدية مع رسمة كاريكتير أو رمي لاعب كرة قدم بقنينة فارغة في الملعب وليس في حالة ذبح شعب كامل وتصفية قيادته ! إن مسؤولية النظام المصري ،من بين جميع الأنظمة العربية ، ثقيلة ونوعية وخاصة جدا وسوف لن يغفر التاريخ هذا الخذلان والتخلي بل والغدر الذي يمارسه من ورط القيادة الفلسطينية في سلام أوسلو الزائف و " فبركت " لها كيان دولة ظهر فيما بعد إنها ليست سوى ديكور من الورق المقوى ، ثم ، وبعد هذا وذاك جاء الرفض العلني وعلى لسان الرئيس المصري لإرسال مراقبين دوليين الى الأراضي الفلسطينية المحتلة . و من جهة أقصى التطرف والشعارات الملتهبة جاء رئيس يقترح على الفلسطينيين في رام الله من على قناة الجزيرة الخروج مع أطفالهم ونسائهم والتوجه الى مقر الرئاسة الفلسطينية وحتى إذا أطلق الجنود الصهاينة النار عليهم وارتكبوا مجزرة بحقهم فهذه ليست مشكلة -كما يوضح الرئيس - لأن الناس كلها ستموت ! وهكذا ، و عوضا عن القيام بأي فعل حقيقي لإنقاذ الشعب الفلسطيني ، يقترح البعض عليه الانتحار . وربما يتذكر البعض أن هذا الاقتراح ليس جديدا بل سبق وأن طرح على الفلسطينيين المحاصرين في بيروت 1982 من طرف هذا الرئيس ذاته ولكن الفلسطينيين لم يصغوا للاقتراح بل واصلوا نضالهم فوصلوا الى حيث هم اليوم يمسكون بخناق الكيان الصهيوني ويقتربون من الانتصار يوما بعد يوم . لقد انتظرنا من صاحب الاقتراح أن يُنشط خياله قليلا فيفجر قنبلة سياسية تعيد شيئا من الاعتبار له ولشعاراته وللأمة كأن يقول مثلا : سأسافر غدا الى بغداد وبعدها الى دمشق وعمان للقيام بحملة لحماية وإنقاذ الشعب الفلسطيني وإحياء الجبهة الشرقية . ألا يجعل تصريحا صغيرا كهذا الصهاينة يعيدون النظر في جرائمهم وتصرفاتهم الدموية ! وإذا كان هذا التصريح قويا ولا تسمح به الظروف فلا بأس من تخفيفه كأن يقول :لقد اقترحت أن نقوم أنا وأخي الرئيس أو الملك فلان بزيارة الى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة ولمناقشة إمكانية قطع النفط عن الدول المساندة للإرهاب الصهيوني . وإذا كانت عبارة " قطع النفط " لاذعة المذاق على كروش البعض فليقولوا مثلا ( لم يعد لدينا بترول لقد حولناه الى عصير برتقال ! ) ثمة في علم السياسة فنون وطرائق عديدة منها المناورة والتلويح التكتيكي وإطلاق بالونات الاختبار فلماذا لا تجرب حكوماتنا العربية والإسلامية هذه الطرائق وتعطي استراحة قصيرة للشجب والاستنكار وتوجيه التحيات الى الشعب الفلسطيني الصامد الصابر المبتلى بهذه الحكومات قبل غيرها ؟ دول عربية أخرى حاصرت شرطتها المتظاهرين الذين تظاهروا سلميا تضامنا مع أشقائهم الفلسطينيين في المساجد والجامعات وضربت بعضهم واعتقلت البعض الآخر، وفي دولة أخرى أصدرت وزارة الخارجية بيانا شديد اللهجة فدمرت دبابتين إسرائيليتين ! وفي ثالثة امتشق ملك عربي هاتفه النقال وأسقط بواسطته طائرة أباتشي وفي رابعة خرجت الجماهير تهتف بحياة رئيسها هي وليس بحياة الرئيس الفلسطيني المحاصر وكأن ذلك الرئيس هو المحاصر في مكتبه وعليه إنما ينهمر الرصاص الثقيل والقذائف الذكية والغبية ! وقد تساءل البعض – بالمناسبة - أين ذهبت الملايين الخمسة من المقاتلين الذين جندتهم تلك الدولة بهدف تحرير فلسطين من النهر الى البحر أو بالعكس .. لماذا هذا الانتظار ؟ أ لم ينتهِ شحن بطارية هذا الجيش السمين ؟ ومتى سيتحرك -هذا الجيش -اللجب إذا لم يتحرك الآن والمذبحة ضد الفلسطينيين بلغت ذروتها والصهاينة المسلحون يجتاحون المسجد الأقصى ويعتدون على المصلين ؟ أما الدول الإسلامية وباستثناء إيران فلم نسمع من جانبها هشاً أو نشاً وكأن ما يحدث لا علاقة له بشعب مسلم وليس في بلد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بل يحدث على سطح المريخ . فأين أمة المليار مسلم ؟ أين حكومات وجماهير الباكستان وبنغلادش والبوسنة والهرسك تايلند والفلبين وأندونيسيا ؟ أين ذهب كل هؤلاء ما هذا الخرس والشلل التامين ؟ أم انهم لا يتذكرون العرب والإسلام إلا في موسم الحج وشراء الحلي الذهبية ؟ أما الجارة المسلمة تركيا فقد احتجت وأنذرت وحذرت واتصل رئيس وزرائها بصديقه شارون ووضع أمامه مطالب محددة وصريحة وقوية ولكن لا علاقة لها بالشعب الفلسطيني وقيادته بل بإطلاق سراح الصحافيين الأتراك الأربعة الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية خلال المجزرة ! لقد ترسخ تقليد "النضال والجهاد " بالهاتف الرئاسي والملكي العربي وأصبح أشبه بالفرض الواجب فبعد أن يتصل المجاهد هاتفيا بالرئيس الفلسطيني ويعرب له عن شجبه وتنديده واستنكاره يعمد بعد ذلك الى الاتصال بسلطان الكرة الأرضية جورج بوش ليرجوه ويتوسل إليه أن يتدخل لضمان حياة الرئيس الفلسطيني ومن ثم تصدر وزارة الخارجية بيانا تزف من خلاله البشرى الى الجماهير : بوش قال لنا اطمئنوا لن يقتلوا عرفات هذا اليوم ولكنهم سيشلون حركته بلطف وليونة فقط ! فياللعار .. ويا للخسة !
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مغامرة التأسيس والريادة في رواية السيرة العراقية : في مواجهة
...
-
من "ورقة الأمير فهد " الى " تصريحات الأمير عبد الله "
-
خطاب العقيد القذافي الأخير :لا جديد تحت شمس العقيد !
-
مناقشة لآراء " غراهام فولر" حول نهاية النظام العراقي
-
الإسلام السياسي وإشكاليات الديموقراطية السياسية المعاصرة
-
- بغدادُ ترتقي الجُلجُلة- فصلان من مسرحية عراقية جديدة عن ال
...
-
لغة التعميمات سلاح ذو حدين
-
قراءة في نداء حركة المجتمع المدني العراقي
-
التوازن الهشّ بين اليسار الجذري واليمين الليبرالي
-
حول الأسس الفلسفية لسياسات العولمة
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|