ما هو مشترك بين الشعب

حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 652 - 2003 / 11 / 14 - 01:45
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

يدور نقاش في أوساط الجمعيات السياسية وفي المجتمع حول تقييم الندوات الجماهيرية التي تقيمها هذه الجمعيات أو سواها من هيئات المجتمع المدني لمناقشة ما بات يدعى بـ "الملفات الساخنة"، والمقصود هنا القضايا الاجتماعية والسياسية الرئيسية التي تشغل بال المواطنين والناشطين في الحقل السياسي، ومن بينها، على سبيل المثال، قضايا التجنيس والتمييز والفساد المالي والإداري وسواها من قضايا مشابهة. وينشأ هذا النقاش على خلفية عدد من هذه الندوات التي شهدت حشدا جماهيريا واسعا، وترتب على بعضها بعض التداعيات التي استدعت وقفة تقويمية، كما هو الحال مع ندوة التمييز والامتيازات التي نظمها مركز حقوق الإنسان، والتي كانت بعد انفضاضها، موضوعا لتعليقات ومعالجات مختلفة في الصحافة وفي المنتديات وفي الحوارات العامة الدائرة في المجتمع.
وفي البدء من المتعين أن نسجل أن تنظيم الندوات والتظاهرات والاعتصامات وسواها من أنشطة ذات طابع جماهيري، بصرف النظر عن مدى اتساعه، هو حق يضمنه الدستور وميثاق العمل الوطني للمواطنين وللجمعيات والهيئات المندرجة تحت تصنيف المجتمع المدني.. والممارسة الديمقراطية المنشودة تتطلب تكريس هذه الحقوق وتعميقها، فضلا عن أن الناس، وكذلك المنظمين لمثل هذا النوع من الأنشطة، بصرف النظر عمن يكونون، سيعتادون بالممارسة والمران والتدريب توجيه مثل هذه الأنشطة لتكون أنشطة سلمية، متحضرة، يطرح فيها الرأي والرأي الآخر، وتعبر فيها قوى المعارضة عن أهدافها وبرامجها وشعاراتها، ولدى الحركة السياسية في البحرين تقاليد ذات شأن في هذا السياق، لكن حين تنطلق دعوة صادقة ومخلصة لترشيد بعض الفعاليات والندوات، بحيث تحقق الهدف المصبو من وراء إقامتها، فإنما يتم ذلك انطلاقا من وقائع محددة تتصل بطبيعة المعالجات أو المقاربات التي تمت لبعض القضايا الحيوية الحساسة وبينها قضية التجنيس أو قضية التمييز، ولا يدور الحديث هنا عن مدى وجاهة هذه القضايا التي باتت تشكل عبئا على المجتمع، وإنما يدور حول الطريقة التي يتعين من خلالها تناول هذه القضايا، خاصة حين تشتبك أو تتداخل باعتبارات طائفية ناجمة عن طبيعة التركيبة الطائفية في المجتمع البحريني، وهي تركيبة علينا التعاطي معها بمنتهى المرونة والحذر، في ظرف يشهد صعود الميول والنزعات الطائفية هنا وهناك، وبإمكان مقاربة تنحو المنحى الطائفي، بصرف النظر عن النوايا، أن تلحق الضرر بقضية أو قضايا عادلة، وتغيب ما هو جوهري في الأمر على نحو ما حدث في الفترة القريبة الماضية، وما يمكن أن يحدث في المستقبل إذا لم يجر الالتفات إلى هذا الموضوع والتنبه إلى ما ينطوي عليه من مخاطر، خاصة حين تتحول بعض الأنشطة إلى أن تكون أنشطة مناطقية أو فئوية، بمعنى أن يقتصر الحضور على جمهور مناطقي أو فئوي معين، حين يشير عنوان أو موضوع هذه المحاضرة أو تلك أو هذه الندوة أو تلك بأنه يتصل بهموم تعني هذه الطائفة أو تلك، وتجري التعبئة في هذا الاتجاه، وليس في اتجاه إبراز ما هو مشترك بين أبناء الشعب عامة. والحق انه لا سبيل أمام أحد لنكران أو تجاهل وجاهة وجدية القضايا المطروحة وضرورة البحث عن حلول لها، لكن الأمر يبدو مختلفا حين تخفق في إضفاء الطابع الوطني العام على هذه القضايا، وحين تبدو المسائل كما لو كانت تعني وحدها، ولا تعني المجتمع كله، مع ما يستتبعه ذلك من إثارة لمشاعر الغيظ الطائفي، لدى هذه الطائفة أو تلك، وما ينجم عنه من تعريض وحدتنا الوطنية للخطر.

 

#حسن_مدن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات