أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غالي المرادني - لماذا خلق الله الألم؟؟؟2














المزيد.....

لماذا خلق الله الألم؟؟؟2


غالي المرادني

الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 10:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أن نكون أو لا نكون؟؟
قالها شكسبير على لسان هاملت.. إن إجابة هذا السؤال حين يوجه لأي إنسان عاقل هي أن نكون... ولكن لو قُدر للأشكال الأولية للحياة أن تختار بين "أن لا نكون" عن "أن نكون" في وجود فيه كدح وعناء فلعلها تختار "أن لا نكون".. هذا لو كان لها عقل تفكر به أصلاً!! ولو أن لها عقل تفكر به لاختارات "أن تكون" على "أن لا تكون"..

وبالعودة لمسألة المعاناة وعلاقتها بالعدل الإلهي وبالسؤال الذي طرحناه في البداية.. هل الله عادل؟؟ ولماذا لا يكون عدل الله مطلقاً؟؟ والحقيقة أن إجابة هذين السؤالين بحاجة للكثير من التعمق كونها أسئلة معقدة ومتشابكة.. وتحتاج للكثير من الشرح والتوضيح...

فلنأخذ الأطفال الذين يولدون بتشوهات خلقية.. لماذا كُتبت عليهم المعاناة؟؟ فلا يمكن القول بأن معاناتهم ناتجة عن خطأ من جانبهم.. وإذا كان هناك من خطأ فلا بد أن يكون من جانب والديهم.. على الرغم من أن هذا الخطأ يكون قد وقع بغير قصد منهما.. ولابد لنا من التأكيد على أن معنى "الخطأ" يشمل وقوع أمراض الولادة.. لأن مثل هذه الأخطاء هي أبعد من أن تكون جرائم مقصودة.. ومهما كانت طبيعة أي من الأسباب المؤدية لهذه التشوهات فإن الأمر المؤكد هو أن الطفل البريء الذي وُلد بأية إعاقة ليس مسؤولاً بأي حال عن هذه المعاناة..
وحتى نفهم هذه المشكلة حق الفهم فيجب أن نؤكد على أنه لا يمكننا تصنيف جميع أشكال المعاناة على أنها عقاب.. كما أنه لا يمكننا تصنيف جميع أشكال البهجة والفرح على أنها مكافأة وجزاء... فهناك نسبة صغيرة من الأفراد الذين يبدو أنهم يعانون كما لو كان ذلك دون مبرر.. وعلى الرغم من ذلك ومن خلال التحقيق العميق لمثل هذه الحالات سوف نكتشف أنه لا مجال لوجود ظلم متعمد.. فهذه الحالات ليست سوى نتاج ثانوي لخطة أوسع للخلق.. ولكنها أيضاً تلعب دوراً مفيداً في التقدم العام للمجتمع الإنساني..

ويجب ألا يغيب عن البال أن "العلل والمعلولات" شيء.. وأن "الجريمة والعقاب" شيء آخر مهما بدا أنهما يتماثلان.. فمن الصحيح أن نقول أن الجريمة هي من المعلولات.. ولكن ليس من الصحيح أن نقول أن كل معاناة هي عقوبة على جريمة ارتكبت.. وليس من الصحيح أيضاً أن نقول أن جميع الأطفال الذين ولدوا بصحة جيدة قد ولدوا هكذا كمكافأة لوالديهم على أعمالهم الطيبة.. ولا أن نقول كذلك أن الأطفال الذين ولدوا بأي نوع من التشوهات أو الإعاقة قد ولدوا هكذا عقاباً على جرائم أبائهم أو أجدادهم.. إن الصحية والمرض.. المهارة والإعاقة.. السعادة والتعاسة.. المزايا والأضرار التي ينالها المرء عند ولادته كلها أمور لا غنى عنها في النظام العام للخليقة.. حيث إنها تلعب جميعها أدوارها كعلل.. وهي منفصلة تماماً عن ظاهرة الجريمة والعقاب.. أو الخير والجزاء.. وكما قلنا سابقاً.. إن المعاناة مثل البهجة.. كلاهما ضرورة جوهرية لتطور الحياة.. وخلال تطورها لا ترتبط هذه الضرورات مطلقاً بظاهرة الجريمة والعقاب..

إن للمعاناة دوراً هاماً وحيوياً في صقل وتهذيب السلوك البشري.. فهي تطور وتنقح المشاعر وتعلم التواضع والوداعة وبأكثر من وسيلة.. كما أنها توقظ الحاجة إلى البحث والاكتشاف وتخلق الحاجة التي هي أم الاختراع.. ولو قُدر لنا أن ننزع المعاناة كعلة مسببة لتحفيز القوى الكامنة في النفس البشرية لدارت عجلة التقدم إلى الوراء آلاف المرات..

فليحاول كل إنسان على ظهر هذه الأرض أن يغير ما شاء في نظام الكون.. ففي النهاية لن يجني سوى الخيبة والفشل.. وبناءً على ذلك فإن المحاولة اليائسة التي يقوم بها البعض في إلقاء اللوم على الخالق عز وجل بسبب المعاناة لا أساس لها على الإطلاق.. فالمعاناة بدورها الخلاق المتواري الذي تلعبه إنما هي نعمة حقيقية..

ولنرجع مرة أخرى لمسألة الأبرياء الذين يعانون بغير ذنب.. الأطفال الذين يولدون بتشوه أو إعاقة.. أو الذين يقعون فريسة للأمراض فيما بعد.. فهل يكون من الصواب أن نسأل: لماذا يصاب هذا الطفل "1" أو ذاك الطفل "2"؟؟ ولماذا لا يصاب طفل آخر وليكن "3" أو "4"؟؟ وهكذا فإن السؤال سوف يتكرر مرة بعد مرة..
إن السؤال الوحيد الذي قد يبدو معقولاً هو: لماذا يصاب أي واحد من الأطفال على الإطلاق؟؟؟ وهكذا فيكون الخيار الوحيد أمام الخالق هو أن يخلق جميع الأطفال سالمين وبصحة جيدة حتى يكونوا في ذلك سواء.. أو يخلقهم جميعاً مرضى فيكونوا سواء أيضاً.. وهذا يقودنا إلى إدراك أن صحة الطفل في حد ذاتها ليست سوى أمر نسبي.. فمن الصعوبة أن نجد طفلين متشابهين تمام الشبه في كل شيء..

وقد يرى البعض أن هناك سؤال آخر ضد الخالق عز وجل: فإن كان أحد الأطفال يولد بعينين ضيقتين وأنف أفطس كريه المنظروأعضاء أخرى غير متناسقة الشكل.. ألن يقاسي هو ويعاني طوال حياته حين يقارن سوء منظره بغيره من المحظوظين من أقرانه؟؟؟؟
إن عدم المساواة في الصحة أو في الشكل تسبب الضيق والمعاناة المستمرة لدى معظم الأفراد.. والبعض يقاسي الأمَرّين عندما يجدون أنفسهم أقل حظاً من غيرهم.. ألا يستدعي هذا – باسم العدالة المطلقة – أن يخلق الله تعالى كل فرد من البشر ليكون متماثلاً تمام التماثل في الصحة والشكل مع باقي الأفراد؟؟؟
وحين توسيع النطاق ليشمل المواهب العقلية والقلبية والجسدية والتناقضات بين المتميزين والمحرومين يصير التشابه الكامل بين الأفراد ضرورة أكثر أهمية وأشد تأكيداً..
إن التنوع والتغاير والتعدد لا بد أن يبدأ في مكان ما لكسر حدة التماثل الممل.. ولكن حيثما وُجد التنوع والتغاير فلا بد للتناقضات أن توجد.. وهكذا فإن وجود البهجة والمعاناة ليس إلا امتداد لهذا التنوع والتغاير والتعدد..

إن الاعتراض الذي أبداه البعض على نظام الخلق باسم الشفقة على الأطفال المعاقين أو المرضى شيء.. واستبدال هذا النظام بآخر أكثر شفقة ونافعاً بلا عيوب شيء آخر تماماً.. وليحاول المرء أن يغير هذا النظام.. ولكنه حتى ولو حاول لدهور طويلة فلن يستطيع أن يستبدل النظام الذي وضعه الله تعالى للخلق بنظام آخر أفضل منه.



#غالي_المرادني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا خلق الله الألم؟؟؟ 1
- الماركسية، والمزيد من التناقضات
- الماركسية.. تناقضات متأصلة
- دين الله.. دين الكهنة.. والتشريعات البشرية
- العلمانية في ميزان العقل


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غالي المرادني - لماذا خلق الله الألم؟؟؟2