|
هل تتذكرون بنك القاهرة ؟
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2127 - 2007 / 12 / 12 - 11:29
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الحكومة تريد بيع بنك القاهرة .. حسناً .. فهذا فى النهاية قرار "سيادى" رغم انه يتناقض مع تصريحات سابقة للحكومة ذاتها التى سبق وأقسمت على المصحف والإنجيل أنها لن تمس شعرة واحدة من رأس اى بنك من البنوك الثلاثة المملوكة للدولة، وهى البنك الاهلى وبنك مصر وبنك القاهرة . لكن يبدو ان الدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء قام- هو ووزراء المجموعة الاقتصادية بمن فيهم يوسف بطرس غالى – بالصوم ثلاثة أيام للتحلل من هذا القسم ، استنادا فيما يبدو إلى ان "الضرورات تبيح المحظورات" . وبصرف النظر عما إذا كانت هذه " الضرورات" منطقية ام لا، فان المصريين تصرفوا بطريقة واقعية جداً مع حكومتهم الموقرة . فلأنهم يعلمون انها ستركب رأسها ولن تتراجع عن قرار بيع البنك مهما اتسعت دائرة المعارضة لهذا القرار المباغت، فقد قرروا ان يكونوا " عمليين" وألا يضيعوا وقتهم فى معارضة يعلمون أنها لن تكون مجدية، لأن الحكومة ستنفذ قرار البيع وستضع أذناً من طين وأخرى من عجين أمام كل الاحتجاجات. وبناء على هذه الحكمة العملية المصرية" التاريخية"، التى اكتسبها المصريون نتيجة تجارب سابقة لا حصر لها، قرروا ان يدخلوا فى العملية كمشترين طالما ان الحكومة ستبيع .. ستبيع. وكان الاقتراح الأول هو أن يكتتب المصريون فى شراء البنك حتى لا يذهب الى الأجانب. ويبدو ان الحكومة فوجئت بهذا التحرك الشعبى، فارتبكت فى بداية الأمر لكن فلاسفتها سرعان ما وجدوا مخرجاً من هذا المأزق الذى وضعهم فيه الرأى العام، حيث أفتوا بان الاكتتاب غير قانونى، ثم أضافوا إلى هذه الفتوى "القانونية" نظريات اقتصادية خلاصتها ان "العوام" الذين يتسابقون للاكتتاب من اجل شراء البنك لا يفهمون شيئا فى إدارة البنوك ، ناهيك عن انهم ابعد خلق الله عن التقنيات الحديثة فى عالم المصارف التى لا يعرف أسرارها – بالطبع- سوى "الخواجات". وقبل ان يتبدد الجدل حول هذه القضية، فوجئت الحكومة بتحرك آخر، لكنه جاء هذه المرة من جانب رجال الأعمال الذين طالما قالت انهم قرة عينها وانهم رواد التنمية وأصحاب النصيب الأكبر من كعكة الاستثمار. حيث قام عدد من أهم واكبر رجال الأعمال فى مصر بالإعلان عن عزمهم تأسيس "كونسرتيوم" من اجل الاستحواذ على بنك القاهرة المعروض للبيع . ويضم الكونسرتيوم أسماء رنانة منها نجيب ساويرس ومحمد فريد خميس ومحمد ابو العينين ومحمد شفيق جبر وعبد المنعم سعودى. أليس هؤلاء أهم رجال البيزنس فى بر مصر؟! وألا تستحق هذه المبادرة التحية والتشجيع، لأن أقطاب جماعة البيزنس المصرية رأوا انهم أولى من الأجانب فى امتلاك بنك مصرى؟ وأليس هذا هو الدور الطبيعى للرأسمالية الوطنية؟! لكن المفاجأة ان الحكومة المتحمسة لبيع البنك رفضت عرض الشراء، وكأنها مصممة على البيع ولكن للأجانب فقط؟! أما الحجة التى تعللت بها الحكومة فقد جاءت على لسان مصدر مصرفى رفيع المستوى شدد على " تحفظ البنك المركزى الشديد على تملك رجال الأعمال للبنوك فى الاستحواذ على حصص رئيسية بها تزيد على الـ 50% من رأس المال " . وقال المصدر أن "سياسة البنك المركزى الحالية تتلخص فى بيع البنوك المصرية لمؤسسات مالية لديها سابقة خبرة فى إدارة الأموال والاستثمارات كما ان هذه السياسة لا تحبذ استحواذ رجال الأعمال على حصة رئيسية فى اسهم البنوك "، مشيرا إلى أن " أى شخص او مؤسسة ترغب فى شراء اكثر من 10% من اسهم بنك فلابد من حصولهم على موافقة مسبقة من مجلس إدارة البنك المركزى" . وتطرق المصدر الى منطقة أخرى تتعلق بالقدرة المالية لرجال الأعمال والتى تؤهلهم لشراء بنك فى حجم بنك القاهرة وتساءل: هل هؤلاء يمتلكون ثمن صفقة بنك القاهرة التى قد تزيد على مليارى دولار وربما تتجاوز 15 مليار جنيه . ومن من الأسماء المطروحة يمتلك سيولة نقدية تعادل ربع هذا المبلغ؟ وتساءل أيضا : هل سيلجأ هذا الكونسورتيوم للاقتراض من بنوك خارجية لتمويل صفقة بنك القاهرة ؟ وما الضمانات التى سيقدمونها لهذه البنوك؟ ام سيلجأون للبنوك المصرية للحصول على قروض قد تعادل كل الودائع المتاحة لدى بنك واحد؟ . والتساؤلات التى جاءت على لسان المصدر المصرفى تساؤلات مهمة بلاشك. لكنها تطرح بدورها تساؤلات لا تقل أهمية : فإذا كانت هذه هى الرؤية المتدنية التى تتبناها الحكومة لرجال الأعمال المصريين – بمن فى ذلك اكبر كبير فيهم- بحيث انها تشكك فى قدرتهم مجتمعين على شراء بنك واحد، فكيف قامت ببناء خطتها "القومية " التنموية على أساس أن الدور القائد والرائد فيها منوط برجال الأعمال أنفسهم. وكيف يستقيم ان تعهد الدولة لهم بهذا الدور الخطير فى استثمارات تقدر تكلفتها بمليارات فلكية فى حين أنها تستكثر عليهم شراء نصف بنك، وتشكك ان كانوا – مجتمعين – يمتلكون مليارى دولار؟! وحسنا أن يدقق البنك المركزى فى شروط استحواذ اى شخص او مؤسسة ترغب فى شراء اكثر من 10% من اسهم بنك.. لكن لماذا هذا التدقيق العظيم مع الشخص إذا كان مصرياً ، حتى لو كان يرغب فى شراء 10% من الأسهم، بينما تسقط كل الحسابات والتحفظات إذا كان أجنبياً حتى لو كان يرغب فى شراء البنك برمته؟! وهل تملك الحكومة المصرية أن تسأل المشترى الأجنبي عن مصدر أمواله وعما إذا سيلجأ الى الاقتراض لتمويل الصفقة ؟! هذه الأسئلة وغيرها تبين تناقض موقف الحكومة ، فهى تطرح أحد البنوك، للبيع رغم معارضة قطاع واسع من الرأى العام، وعندما يتقدم المصريون للشراء – سواء كانوا مواطنين او رجال أعمال – فأنها تلف وتدور وتنتحل الأعذار وكأن لسان حالها يقول ان البيع للأجانب فقط.. والمصريون يمتنعون؟ هل هذا استنتاج منطقى يستحق الرد أم انه سؤال استنكارى يستوجب الإحالة إلى ملف حبس الصحفيين فى هذا الأيام المفترجة؟!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماعة الإدارة العليا .. بامتياز (2)
-
القلق لا يليق بإسرائيل .. فقط
-
الكل فى واحد : مدارس صحفية متعددة ومطالب نقابية موحدة
-
رغم سلبيات تافهة وتجاوزات غير بريئة.. ألف مبروك للصحفيين ..
...
-
الثورة الفرنسية .. الثانية
-
نشرة حكومية .. لكنها تستحق الاحترام
-
يومان داخل عرين -حلف شمال الأطلنطى- .. يا حفيظ!
-
إنها الحرية .. يا غبى
-
أيها المجتمع المدنى الكسيح .. كم من الجرائم ترتكب باسمك؟!
-
جرثومة الكسل الاسلامية!
-
لا تقولوا أن -الفلوس- هى السبب !
-
أفراح وأحزان.. في احتفالية مكتبة الإسكندرية بعيد ميلادها الخ
...
-
ارفعوا أيديكم عن نقابة الصحفيين
-
برنامج الأخوان:طلب لجوء سياسى جماعى إلى الماضى
-
تصريحات ساويروس .. المهذبة
-
رسالة أمل .. من نوبل
-
الملك فاروق الأول .. والأخير!
-
فواتير الصيام -المضروبة- فى بنك تنمية الصادرات
-
النوبة تصرخ يا ناس!!
-
قرار شجاع .. حتى لو جاء متأخرا
المزيد.....
-
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكل مستقبل التجارة الدولية؟
-
أبرز 7 دول و7 شركات عربية تصنع الدواء وتصدره للعالم
-
في يوم استقلال لبنان: حضرت الحرب والأزمة الاقتصادية الخانقة،
...
-
دعوى في هولندا لوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل
-
هنغاريا: العقوبات على -غازبروم بنك- ستخلق صعوبات لدول أوروبا
...
-
أردوغان: نجحنا بنسبة كبيرة في التخلص من التبعية الخارجية في
...
-
بلومبيرغ: تعليق الطيران العالمي يترك إسرائيل في عزلة تجارية
...
-
موسكو: سوق النفط متوازنة بفضل -أوبك+-
-
سيل الغاز الروسي يبلغ شواطئ شنغهاي جنوب شرقي الصين
-
بيسكوف العقوبات الأمريكية على -غازبروم بنك- محاولة لعرقلة إم
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|