|
الكرد الفيلية والعثمنة : من يزكي من ... ؟
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2108 - 2007 / 11 / 23 - 08:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وشــر الأمور ما يضحـك .. ثـم يبكي الـى النهـاية ’ ان نـرى العراقي غريباً على جغرافيته ’ و العراق منكـوبـاً بأهله والوطن يرتـدي خجلاً عباءة الغـزات والمحتلين والدخلاء ’ بعـد ان سلخـوا عنـه جلـده الطبيعـي ــ الهويـة الوطنية المشتركة ــ لمكونـاتــه التاريخيـة ليحتـذوه اسمالاً . فتحنـا عيوننـا فوجدنـا التاريـخ يعيد كتابـة واقعـه عبـر المؤرخيـن المنصفين محليين ومستشرقين عبـر الحقائق الأثريـة والأدلـة والوقائـع فـي ادق تفاصيلهـا ’ قـراءنـا وسمعنـا واقتنعنـا ولم نجـد نقيضـ، لكينونـة العراق التي تشكلت مـن النهرين والنخيل والجبال والصحراء والأهوار والكرد الفيليـة مثلهـم مثـل عراقيـو الجنوب والوسـط وشعب كردستان والمكونات التاريخيـة الآخـرى ... العراق : جغرافيـة وبيئـة وانسان وحضارة وثقافات وهويـة وطنيـة تاريخيـة مشتركـة ’ تكونت وتواصلت وترسخت عبـر الآف السنين ’ وغيرهـا دخلت عراق الخصب والخير والثـراء والتآلف ’ اقوام مختلفـة بحضاراتهـا وتقاليدهـا وثقافاتهـا والغاتهـا واديانهـا والوانهـا ’ فأندمجت فيـه وامتدت جذورهـا فـي تربتـه للتسامـح والعطـاء وقبول الآخـر والتعايش معـه ’ وحتـى الغزات والفاتحين والمحتلين لم يجدوا امامهـم الا ان يندمجـوا مـع الحقيقـة التاريخيـة الخالدة لوادي الرافـدين . اخـر تلك الأجتياحات التـي اغتصبت عـراق ما بين وعلى ضفاف النهريـن هـي الحكم العثماني الذي اتخـذ الأسلام جسراً للعبور والأستقرار دماراً وتخلفـاً وانحطاطاً عـلى الجسد العراقي لأكثـر مـن اربعـة قـرون عجـاف ’ زرعـوا خلالهـا عاهات وشذوذات وتشويهـات وتخلف وخراب اجتماعـي مـدمـر الحق الأضرار الفادحـة بالهويـة الوطنيـة التاريخيـة المشتركـة لمكونات المجتمـع العراقـي . بعـد الحرب العالميـة الأولى وتقسيم كيان الأمبراطوريـة العثمانيـة التـي كانت اساسـاً متفسخـة وجاهـزة للفرهـدة ’ وبعـد مغادرة فلولهـا العـراق ورغبـة في نفوس المحتلين الأنكليز بشكل خاص تركت فيـه ارث معيب مـن التطرف الطائفـي العنصـري العدوانـي عبـر ايتامهـا مـن الغرباء والدخلاء مـن موظفيـن وعسكريين واداريين ومؤسسات واجهـزة جميعهـا مشبعـة بالثقافـة البغيضـة للتطرف الطائفي العنصـري ’ اي ان الأنكليز وبعـد طـرد الجيوش العثمانيـة مـن العراق احتفظـوا فيـه بعثمانيتهـا المـدمـرة ’ كانـوا قلقين مـن ان يستعيـد العراقيون هويتهـم الوطنيـة مـرة اخـرى ويعيدوا ترتيب واصلاح كياناتهـم وطنيـاً وانسانيـاً ’ فأستعاروا لهـم ملكـاً غيـر عراقـي وقيادات عسكريـة ومدنيـة ومؤسسات مختلفـة استبقـوا عليهـا مـن الماكنـة المؤسساتيـة البشعـة للدولـة العثمانيـة ’ اهـم ما يتوفـر فيهـا هـو التعصب والتطرف العنصري الطائفـي وضعف الروابط الوطنيـة والأنتمـاء للعـراق ’ وجعلوا العثمانيـة اساسـاً لهويـة المواطنـة للأنسان العراقـي واجتثـوا الأنتمـاء التاريخي الذي تمتـد جـذوره لألاف السنين للهويـة الوطنيـة التاريخيـة لمكونات ما بين النهريـن’ فكانـت الشهادة الجنسيـة العثمانيـة مثلاً احـدى بشاعات ذلك التشويـه الفض بعـد ان فرضوهـا بديلاً للأنتمـاء التاريخـي لأهــل العــراق . كان فـي مقدمـة ضحايـا تلك السياسـة المشينـة هـم الكـرد الفيليـة وعـراقـيي الجنوب والوسط وشعب كردستان والمكونات التاريخية الآخرى كالمسيحيين والتركمان والصابئة المندائيين والأيزيديين والأرمـن وغيـرهـم ’ اي الأكثـر مـن ثمانيـة اعشار مجموع المجتـع العراقـي ’ حيث تعرضت تلك المكونات الى دسائس انكار الهـويـة والأنتمـاء لعـراق مـا بعـد العثمنــة ’ فتعرضت لحالات تهجيـر وانفلـة واجتثاث وتصفيات وابادات جماعيـة متواصلـة على اسس عنصريـة طائفيـة ’ وعلـى نفس الأسس تـم استيراد الغـرباء والدخلاء مـن الجـوار العروبـي الأسلامـي بغيـة اتمـام تعريب واسلمـة المجتـع العراقي بكاملــه والغـاء هويتـه الوطنيـة التاريخيـة بعـد اقتلاع جذور انتماءه لجغرافيتـة وبيئتــه ومجمـل عنـاصـر كينـونتـه . النظام البعثـي الدمـوي وليـد التلاقـح بين العنصريـة العروبيـة والطائفيـة العثمانيـة ’ كان همجيـاً فـي انجاز الأجنـدة الخارجيـة لأجتثاث المكونات التاريخيـة للعـراق ’ فأستهدف عـراقي الجنوب والوسط والكـرد الفيليـة ومواطنـي كردستان بأبشع حملات التعريب عبـر الأنفلـة والأجتثاث والأبادة الجماعيـة والتهجيـر’ فكان نصيب الكـرد الفيليـة هـو الأبشع والأكثـر وحشيـة ’ فتـم ابادة جيـل كامـل مـن تلك الشريحـة الصغيـرة عبـر اختطاف وتغييب اكثـر مـن عشرة الآف شابـة وشاب وتهجيـر اكثـر مـن مليون انسان مـن عوائلهـم بعـد تجريدهـم تماماً مـن ممتلكاتهـم وابسط مقتنياتهـم وكـل مـالـه علاقـة بتاريـخ وذكريات اسلافهـم ’ كانت طعنـة فـي خاصـرة العراق ’ وجرحهـم لا زال ينـزف ... اقتلعـوا كبـده العزيز فـي الكرد الفيليـة وتركوه معوقـاً بأعز اهلـه واقـدم احفاده واروع تقاسيمـه . بعـد التغييـر الذي حـدث فـي 09 / 11 / 2003 وسقوط البعث العروبي حزبـاً وعقيـدة ودولـة ’ كان مفروضـاً ان تسارع السلطات المنتخبـة مـن قبـل اهـل العراق على اصلاح مـا خربـه الدخلاء الطارئين واخرهـم النظام البعثي المقيت على حقيقـة ومعالم وانسانية الهويـة الوطنيـة التاريخيـة لاهـل العراق والغـاء كـل مـا هـو مخجـل مـن التراث العثمانـي الطائفـي والعروبي العنصري وفـي مقدمـة ذلك الشهادة الجنسيـة سيئـة الصيت والمعنى والأهداف والأغراض المشينــة لأبتكارهـا وفرضهـا . مـن يـزكــي مــن ... ؟ العراق التاريخي بجلـده وعظمـه ودمــه ’ ام غسيل الغزات والفاتحين والمحتلين المنتشرة تشويهـاً علـى جسـده التاريخـي ...؟ الهويـة الوطنيـة التاريخيـة التي تكونت بالتفاعـل الأنساني عبر الآف السنين بين مكونات المجتـع العراقي . ام الأوراق الدخيلـة التي ابتكرتهـا البقايـا مـن ايتام الغزات والفاتين والمحتلين طفحـاً غريبـاً تقيئتهـا مراراً الطبيعـة والكينونـة العراقيـة ... ؟ شهـادة التاريخ والحضارة والثقافات والتقاليد والعادات والتكوين النفسي وتمازج الدمـاء والأنتمـاء للجغرافيـة والبيئـة وعمق رسوخ الجذور الأجتماعيـة فـي التربـة الوطنيـة . ام شهادة الغزو والأحتلال والفتوحات المدمـرة للهمجيــة العثمانيــة ... ؟ واخيراً ... الكـرد الفيليــة بأصالـة عراقيتهـم وارتباطهم المميـز بعراقهـم ورسوخهـم الروحي والأنساني عميقاً فـي تربـة التكوين العراقـي توامـة مـع رسوخ البيئـة العراقيـة الشاملـة ’ بتاريخهـم الوطنـي ومساهماتهـم المميـزة ببنـا الجوانب المشرقـة فـي تاريخ العراق وحضارتـه ’ ببسالتهـم وتضحياتهـم وافتدائهـم للعـراق واخوانهـم فيـه مـن المكونـات الأخرى ... ام العثمنــة الطارئــة بشهاداتهـا واوراقهـا ووثائقهـا وايتامهـا وكامـل ارثهـا البغيض عنصـرياً وطائفيـااً .... ؟ اترك الجواب مفتوح الجـرح امام المثقفين الوطبيين وحكومتنـا المنتخبـة بكـل ما لهـا وما عليهـا ’ وكـل مـن يرى العـراق بعيـون اهلـه . 22 / 11 / 2007
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعونا واهلنا يا اورام في الطائفة ...
-
لغة المتاريس ...
-
المثقف والهوية الوطنية ...
-
الغربه مو حجي بطران ...
-
التمزيق المجحف للهوية العراقية ( 3 ) ...
-
وجع عراقي يسمى ايران ...
-
التمزيق المجحف للهوية العراقية ...
-
التمزيق المجحف للهوية العراقية ( 1 )
-
الوجه الآخر لأزمة العدوان التركي ...
-
عود اليه ...
-
فدرالية الجنوب والوسط الى اين ... ؟
-
هجينية التهديدات والتدخلات التركية ...
-
امنيات غير ممكنة ...
-
مجزرة الوعي العراقي ...
-
يا عيد مية هله ....
-
الكرد الفيلية : استغاثة في دموع ام رشدي ...
-
اقتسموا العراق ويتباكون على وحدته ...
-
الوهابية : مشروع ابادة جماعية ...
-
يا هلي ...
-
الأستقلالية : موس في بلعوم المستقلين ...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|