أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البهادلي - الفلسفة الإنسانية العلمانية 















المزيد.....

الفلسفة الإنسانية العلمانية 


محمد البهادلي

الحوار المتمدن-العدد: 2106 - 2007 / 11 / 21 - 11:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعتبر الفلسفة الإنسانية العلمانية  من أهم الفلسفات الحديثة في العالم والتي انتشرت مع مطلع القرن العشرين مع الاكتشافات العلمية الحديثة والتي تعتبر عنصرا رئيسا في بناء هذه الفلسفة، كما استفادت من طرح العولمة الثقافية لتتجاوز الكثير من العوائق الجغرافية والفكرية. وهناك كوكبة من أتباع هذه الفلسفة في مختلف القارات منهم صادق جلال العظم المفكر السوري العلماني والفيلسوف المصري فؤاد زكريا كما ضمت عالم الفلك الأمريكي الشهير كارل ساجان الذي توفي عام 1998 و اسحاق عظيموف كاتب الخيال العلمي الشهير وفرانسيس كريك مكتشف الحمض النووي عام 1953 والحائز على جائزة نوبل في البيولوجيا.
وقد أعلنت مجموعة من أتباع هذه الفلسفة عن البيان الإنساني العالمي في بداية العام 2000 ليكون هذا البيان (مانفستو) للحركة الإنسانية العلمانية وقد ترجم إلي اللغة العربية من ضمن لغات عدة أخرى حيث تحاول مجموعة من أعضاء هذا التيار في الدول الإسلامية تأسيس تجمع الإنسانيين العلمانيين  في العالم الإسلامي بدأت نواته بالظهور.
والواقع أن الإعلان الإنساني العالمي الذي أطلقته الحركة يعتبر وثيقة فكرية مهمة حيث تعامل بوضوح مع المستجدات الاقتصادية والثقافية والعلمية في عالم ما بعد الحداثة وقدم العديد من التصورات الفكرية المهمة بخصوص الفلسفة  الإنسانية العلمانية نستعرض أهمها في هذا السياق .
 العلمية الطبيعية:
تلتزم الحركة الإنسانية بالعلمية الطبيعية باعتبار أنها تقدم الإطار الفكري الملائم لهذه الحركة. وتطالب الحركة بأن تتوسع مناهج تطبيق العلوم لتصل إلى الحقول الإنسانية وأن لا توضع القيود علي البحث العلمي إلا إذا شكل البحث اعتداء علي حقوق الآخرين. كما يهتم فكر الحركة بالقيم النفعية للتكنولوجيا في مواجهة الآثار السلبية التي تولدت عنها مثل أسلحة الدمار الشامل وعلوم التقنية الحيوية إذا أسيء تطبيقها.
المبادئ الأخلاقية:
وفي مجال العقل والأخلاق يركز البيان الإنساني علي أن الأخلاق الدينية تعكس منظومة متعارضة موروثة من التصورات ما قبل ــ العلمية حول الطبيعة أو حول الإنسان كما أنها تختلف في العديد من التطبيقات مثل العبودية ونظام الطبقات الاجتماعية والحرب والإعدام وحقوق المرأة والزواج الأحادي والتعامل مع المختلفين في الديانة وانتهاج العنف، ويرفض البيان قبول الادعاء بأن التقوى الدينية هي الضمانة الوحيدة للفضيلة الأخلاقية. كما يطالب الفكر الإنساني بفصل الدين عن الدولة بحيث تكون الدولة علمانية لا تقف مع الدين أو ضده كما ترفض استبدادية الحكم الديني الذي يفرض أحادية أخلاقية للجميع.

 
ويحدد الإنسانيون مبادئهم الأخلاقية بتسعة مبادئ شاملة هي:
1 - تعتبر كرامة الفرد واستقلاليته مركزية: تلتزم الأخلاق الإنسانية بأقصى مدى ممكن من حرية الاختيار وحرية الضمير والتفكير والعقل والبحث والسعي وراء أنماط حياة خاصة ملائمة طالما لا تتسبب في إيذاء الآخرين وينسب هذا المبدأ إلى المجتمعات الديمقراطية التي تتضمن أنظمة أخلاقية متعددة بديلة.
2 ـ إن دفاع الإنسانيين عن حق الفرد في تقرير مصيره لا يعني تبريرهم لعشوائية السلوك الإنساني: كما أن تسامح الإنسانيين مع تنوع أنماط الحياة لا يتضمن بالضرورة تأييدهم لها لذلك يصر الإنسانيون علي اقتران الالتزام بالمجتمع الحر مع الاعتراف الضروري لرفع المستوي النوعي للذوق والتقدير فالحرية يجب أن تمارس بمسؤولية.
3 - الدفاع عن رفعة العقل: مقاييس الأخلاق الرفيعة تتضمن القدرة علي الاختيار المستقل والإبداع والتقدير الجمالي والعقلانية وتهدف النزعة الإنسانية إلي استخراج أفضل ما في الطبيعة البشرية لكي يمكن للبشر أن يتملكوا أفضل ما في الحياة.
4 ـ الإقرار بالمسؤولية تجاه الآخرين: يتمسك الإنسانيون بمبدأ يجب أن يعامل كل فرد بشري علي نحو إنساني بالإضافة إلي القاعدة الذهبية يجب أن نعامل الآخرين بالطريقة التي نرغب أن يعاملونا بها . يجب أن نقبل الغرباء بيننا مع احترامنا لاختلافهم عنا فنحن جميعا غرباء بطريقة أو بأخرى بسبب تعددية العقائد لكننا نستطيع أن نكون أصدقاء ضمن مجتمع أوسع.
5 - فضيلتا التقوى والرعاية أساسيتان للسلوك الأخلاقي: وهذا يعني أنه من الواجب علينا تطوير اهتمام غيري بحاجات الآخرين وتطلعاتهم حيث أن آداب السلوك المشتركة هي من أسس السلوك الأخلاقي مثل قول الحقيقة، الالتزام بالوعود، الاستقامة، الإخلاص، الإحسان، الثقة، المصداقية، التقدير والعرفان.
6 ـ ضرورة تأمين ثقافة أخلاقية للأطفال واليافعين: من أجل تطوير الشخصية، يجب تشجيع التنمية الأخلاقية والقدرة على التفكير الأخلاقي.
7 ـ استعمال العقل كهيكل للأحكام الأخلاقية: علينا الولوج في حوارات مفتوحة لكي نستطيع التوصل إلى حل للمعضلات الأخلاقية لأن البحث التأملي هو أفضل ما يمكن أن يلجأ إليه الإنسان لتبرير قيمه ومبادئه فنحن بحاجة إلي التفاوض كلما ظهرت خلافات بيننا نعالجها بواسطة الحوار العقلاني بكل ما أوتينا من قوة.
8 ـ الاستعداد لتعديل المبادئ والقيم الأخلاقية علي ضوء المستجدات والتوقعات المستقبلية: نحن بحاجة إلى تطوير حلول جديدة للمعضلات الأخلاقية سواء كانت قديمة أم جديدة مثل الموت الاختياري والتخصيب الصناعي والاستنساخ وهندسة الجينات.
9 ـلزوم احترام المبادئ الأخلاقية: فالغاية لا تبرر الوسيلة بل العكس هو الصحيح. إن غاياتنا تتشكل بوسائلنا نظرا للتحديدات التي ترسم لنا ما هو جائز لنا فعله، ويكتسب هذا المبدأ أهمية استثنائية علي ضوء الدكتاتوريات الطاغية في القرن العشرين التي تعاضدت معها ايديولوجيات سياسية وعصبيات دينية قامت بالتضحية الوسائل الأخلاقية من أجل الوصول إلى غايات رؤيوية.
التعددية الثقافية:
يوضح التيار الإنساني رؤيته للتعددية الثقافية كالتالي: يجب علينا أن نبدي تسامحا مع التنوع الثقافي باستثناء الثقافات القهرية اللامتسامحة. لقد آن الأوان للارتفاع فوق العشائرية الضيقة من أجل التوصل إلي أساس مشترك. فالإثنيات كانت نتيجة للعزلة الاجتماعية والجغرافية في الماضي والتي لم تعد مناسبة في مجتمع كوني مفتوح حيث التفاعل والزواج المختلط ليس ممكنا فحسب ولكن يجب تشجيعه. إن ولاء الفرد إلي بلده وعشيرته أو جماعته العرقية يمكن أن يرفع الأشخاص فوق اهتماماتهم الأنانية إلا أن العصبية الشوفينية بين مجموعة إثنية أو دول وطنية غالبا ما تصبح تدميرية. لذلك يجب أن لا تقف العناية الأخلاقية والولاء عند حدود الوطن. علي هذا النحو هناك ضرورة لأخلاقية عقلانية تربط بيننا من أجل بناء مؤسسات تعاونية ودعمها لتضم أفرادا من أصول إثنية مختلفة. وهذا يعني واجب التعامل مع جميع أفراد البشرية بوصفهم كذلك كما يعني دفاعنا عن حقوق الإنسان في كل مكان.
الحقوق والواجبات:
من أجل تنفيذ مطالب هذا البيان ومبادئه أعد التيار الإنساني مذكرة كوكبية للحقوق والواجبات تتضمن الإعلان الشامل لحقوق الإنسان لكنها تتجاوزه أيضا في تقديمها لمبادرات جديدة. ومن أهم مبادئ الحقوق والواجبات:
1 ـ الكفاح لإنهاء الفقر وسوء التغذية وتقديم العناية الصحية والسكن المناسب لجميع البشر.
2 ـ ضمان أمن اقتصادي ودخل مناسب للجميع ويتضمن ذلك إعطاء الناس فرصا عادلة للعمل.
3 ـ تقديم الحماية لكل شخص من أي أذى او خطر أو موت مفاجئ: وهذا يعني الحماية من العنف الجسدي وسرقة الممتلكات الشخصية والخوف الناتج من الترهيب والحماية من الاعتداء الجنسي والمضايقات المستمرة.
4 ـ للأفراد حق اختيار العيش ضمن وحدة العائلة أو حياة منزلية يختارونها بما يلائم دخلهم المادي بالإضافة إلي حقهم في إنجاب الأطفال أو عدم إنجابهم.
5 ـ يجب أن تكون فرص التعليم والإغناء الثقافي شاملة.
6 ـ يجب أن لا يمارس التمييز العنصري ضد أي شخص بسبب عرقه، أصله الإثني، جنسيته، لونه، طبقته، جنسه أو اتجاهه الشخصي.
7 ـ يجب علي المجتمعات المتحضرة أن تحترم مبادئ المساواة بمعانيها الأربعة الكبار: المساواة أمام القانون، المساواة في الاعتبار، إشباع الحاجات الأساسية، ومساواة الفرص.
8 ـ لكل شخص الحق في أن يعيش حياة جيدة ويسعي للسعادة وتحقيق الإشباع الخلاق والاستمتاع بأوقات الفراغ بالطريقة التي يراها ملائمة طالما أنها لا تؤذي الآخرين.
9 ـ يجب أن يمتلك الأفراد الفرصة لتقدير الفنون والاشتراك بها.
10 ـ يجب أن لا يتعرض الأفراد إلي التقييد غير الضروري أو المنع من ممارسة الاختيارات الشخصية علي أوسع نطاق ممكن.

وعلي الرغم من المبادئ الأخلاقية العالية لهذا التيار فمن الواضح أن تأثيره علي مجمل أنماط الحياة سواء في الغرب أو الدول النامية محدود جدا حيث لا يوجد هذا التيار بشكل مميز في الكثير من الدول أو المناطق الجغرافية والقومية ولا يملك برنامجا محددا أو أحزابا أو مؤسسات إعلامية تتبناه كما يحدث مثلا في حالة الفكر الاشتراكي والقومي والأصولي وحتي الفكر الليبرالي في العالم الثالث فإنه متأثر بالليبرالية الأقتصادية ومبادئ السوق أكثر من مبادئ الأخلاق والليبرالية الإنسانية كما أن تواجده في العالم العربي محدود ويقتصر علي بعض الشخصيات الفكرية والثقافية المستقلة ولا يتمتع بإطار محسوس يمكن أن نلحظ له تأثيرا جمعيا على بنية الثقافة العربية، وهذا يتطلب الكثير من جهود التنوير والتجديد في الحياة الثقافية العربية.



#محمد_البهادلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البهادلي - الفلسفة الإنسانية العلمانية