عبد العالي الحراك
الحوار المتمدن-العدد: 2106 - 2007 / 11 / 21 - 06:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
همت وكيف عاش العراقيون هناك
همت ليس مدينة ولا قرية ولا مكانا يسكنه البشر. انه ساتر ترابي من بين سواتر ترابية عديدة ممتدة وسط اهوارالجنوب المترامية الاطراف , التي تفصل ايران عن العراق , عملها الجهد العسكري الهندسي للقوات المسلحة العراقية عند بدء وخلال الحرب العراقية الايرانية(1980-1988), لتأمين حماية القوات العسكرية العراقية و لتسهيل حركتها والعجلا ت العسكرية الضخمة بعد ان تم تبليط معظمها ومنها ساتر همت. وهمت هذا يعود الى اسم اول جندي ايراني قتل هناك اثناء تلك الحرب , حيث ترفع لافتة تحمل اسمه موضوعة عند بداية الساتر , الذي اصبح شارعا ثم مخيم لجوء للعراقيين الذين منعتهم ايران من دخول اراضيها.. والهاربين من جحيم الحياة بعد فشل انتفاضة آذار 1991 . هذا الساتر الشارع طوله يقارب الخمسة كيلومترات وعرضه لا يتسع ليسيارتين صغيرتين الا بصعوبة . قام العراقيون اللاجئون انفسهم ببناء اكواخ مهلهلة متهرئة لا تصمد امام ريح ولا تقاوم جرف تيار مياه الهور..بنوها من القصب والبردي( يباع هناك بكميات كبيرة) ليسكنوها بأعداد كبيرة وبصورة مزدحمة , تتراوح اعدادهم بين ثلاثة الاف وخمسمائة الى خمسة الاف شخص , من مختلف الانحدارات الاجتماعية , غالبيتهم من فقراء الريف ومراكز المدن , من الاطباء والمهندسين واساتذة الجامعات والمعلمين وموظفي الدولة . هذه الاكواخ لا تحمي من حر الصيف ولا تقي من برد الشتاء , غير متوفرة فيها ابسط الشروط الصحية , تغطس بمياه الهورعند ارتفاع مناسيبها , يشرب الناس منها ويغتسلوا فيها ويطهون طعامهم بواسطتها ,كما تنحدر اليها الفضلات الادمية . لهذا تكثر الاصابة بالالتهابات المعوية وحالات الاسهال المتكررة.
تحصل العوائل العراقية على قل من البطانيات التي تستعمل كفراش وغطاء في نفس الوقت , من جمعيات مختلفة , تدعي انها خيرية للأغاثة , بعضها مرتبطة بالاحزاب السياسية الاسلامية العراقية او تابعة لها , وبعضها ممولة من مصادر اجنبية , اتخذت من وجود العراقيين هناك وسيلة للتجارة والغش والابتزاز. يعاني ساكنوا هذا المكان من الجوع ويحصلون على القليل من المواد الغذائية واذا سأل انسان عن عدد الاحزاب والجمعيات الخيرية , التي تزور يوميا شارع همت والوعود الكثيرة بالمساعدات , لقلت بان الانسان يعيش هناك بالكفاية المطلوبة... الا ان شيئا لم يتحقق الا الندر اليسير. معظم المساعدات تسرق على مراحل قبل شحنها , وفي الطريق قرب الاسواق العامة والمحلات التجارية , ولدى لجان التوزيع في نفس المكان , لهذا تصل مختزلة الا العشرتقريبا الى مستحقيها واصحابها الحقيقيين . لقد فتحت دكاكين في المنطقة لبيع بعض من تلك المساعدات يا للعجب.. ياتي المصورون يوميا, يحملون اسماء وعناوين مختلفة من الاحزاب الاسلامية والجمعيات الخيرية والشخصيات الغنية التي تدعي استعدادها للمساعدة , تصور الناس والمنطقة والبؤس الذي يعيشون . كما تصل لجان من جمعيات خيرية اجنبية يشرف عليها عراقيون امثال (مؤسسة عمار الخيرية للأغاثة ) وصاحبتها البرلمانية البريطانية عن حزب الاحرار البريطاني (ايما نيكلسون) التي تبنت معالجة عمار, هذا الطفل العراقي الذي كان مصابا بحروق شديدة نتيجة حرب الخليج الثانية وما تبعها اثناء انتفاضة آذار 1991, و سميت بأسمه والتي كان يديرها الدكتور صاحب الحريري من مكتب ضخم في طهران بالتعاون والتنسيق مع عبد العزيز الحكيم الذي يزكي المؤسسة واعمالها ورجالاتها لدى السلطات الامنية الايرانية المرتبط بها , والا لما سمحت تلك السلطات لهذه المؤسسة بالعمل والنشاط على الأراضي الايرانية( أي ان عبد العزيز الحكيم يستطيع ان يزكي البريطانيين للنشاط ؟؟؟؟ في ايران ولا يستطيع ان يزكي العراقيين اللاجئين المضطرين الى التوجه الى ايران وهم ان لم نقل ابناء جلدته فهم اتباع نفس المذهب ( شيعة اهل البيت) كي يستقروا مؤقتا داخل ايران ويتمكن اطفالهم من دخول المدارس الرسمية المعترف بها.. ام ان لدى البريطانيون الجنيهات الاسترلينية اما العراقيون فمعظمهم هربوا حفاة عراة ) .... اما الدكتور امين السادن وآل البطاط فكانوا يشرفون ويديرون فرع المؤسسة في مدينة الاهواز وتوابعها , ومن ضمنها همت البائسة . في طبابة هذه المؤسسة لاحظت وعايشت انواع الفساد الاداري والمالي والغش والسرقة.. من نقص في الادوية الضرورية او قرب انتهاء مفعولها او تبديلها كونها انكليزية بادوية تصنع في ايران.. و كذلك المواد الغذائية والبطانيات وحليب الاطفال.. هناك جمعية خيرية اخرى تمول من بريطانيا ايضا , يشرف عليها وزير النفط العراقي الحالي حسين الشهرستاني مقرها فللا فارهة تقع في ارقى مناطق شمال طهران , ومخازنها الرئيسية تقع في مدينة الخفاجية التابعة للاهواز. يفترض ان تقوم هذه المؤسسة بنشاط صحي لخدمة اللاجئين العراقيين هناك , ولوجود طبابة تابعة لمؤسسة عمارالخيرية للأغاثة فقد ارتآى صاحبها حسين الشهرستاني بالاتفاق مع الدكتور صاحب الحريري ان تقوم هذه الجمعية الجديدة بنشاطات انسانية اخرى كتوزيع علب مسحوق الحليب على الحوامل والاطفال دون السنتين من اعمارهم وكذلك المواد الغذائية الاخرى والمستلزمات المنزلية البسيطة . لكن بماذا يختلف الامر وبماذا يختلف النشاط ؟ .. الامران صنوان والنشاطان متطابقان ومعاناة العراقيين ذاتها , سوى ان يزداد غنى اصحاب هذه المؤسسات والمشرفين والقائمين عليها وحاشيتهما.. الشحة والقلة في المواد الطبية والغذائية الموزعة صفات نشاط هاتين المؤسستين ونصيب العراقيين منها الذلة والهوان. عندما عملت في فترة من الفترات طبيب في مؤسسة اغاثة عمارفي همت والمحمرة , اطلعت على حجم السرقة و الفساد ورفضت التوقيع على تلك القوائم الوهمية المزورة التي تحتوي على ارقام كبيرة غير حقيقية من علب الحليب وبقية المواد الغذائية الموزعة على الناس في المنطقة... فاضطر المسؤؤل في الاهواز وهو السيد مكي البطاط ( الذي استحوذ على ادارة المؤسسة بعد انتقال الدكتور امين السادن الى بريطانيا الذي كان يتذمر ذرعا من تدخلات آل البطاط في عمله وعمل المؤسسة) الى نقلي الى فرع الأغاثة في المحمرة . وهناك ايضا لاحظت نفس مستوى الفساد , بل اكثر لانه يشترك فيه مسؤؤل المخيم ومدير ومنتسبي الهلال الاحمر الايراني.. فأعفيت من عملي خلال شهر من مباشرتي هناك بحجة عدم التعاون معهم. وفعلا لا اوقع على قوائمهم المزورة , ولهذا سموني (غير متعاون). لقد زرت الدكتور صاحب الحريري في طهران لشرح الموقف وتبين لي من خلال الحديث معه بان( السمكة تالفة من رأسها) فهو يدافع شديد الدفاع عن عمل المسؤؤلين في المؤسسة وقال لي بصريح العبارة ( يرغب العمل فيها يجب عليه ان يتعاون ويطيع والا فالباب مفتوح ويسع الف جمل) ولكني لم اتركه في نشوته بل شرحته ومن معه في تلك المؤسسة وعرضت له اشكال الفساد والسرقة التي تزكم الأنوف جيفتها , واجبرته على ان يدفع لي مبلغا استقطع من راتبي ظلما عندما كنت في همت, قبل انتقالي الى فرع الأغاثة في المحمرة , ولم أسمح له بالاتصال بمكتبهم في الاهواز للأستفسار بكتاب رسمي عن الوضوع لأن ذلك يتطلب وقتا طويلا وليس في نيتي اطالة الوقت معهم . كان الشيخ مهدي العطار امام حسينية الشهيد الصدر و مسؤؤل حزب الدعوة في قم , يكرر ويقول بان الحزب يساعد بشكل كبير اللاجئين العراقيين في همت ولكنه تفاجئ عندما قلت له باني طبيب في همت والناس تشكو هناك من الجوع والبرد والامراص المعدية ولا الاحظ من تلك المساعدات الا القليل , تعجب ايضا عندما اخبرته بموقف الحريري السلبي اتجاهي( الذي يناسبه عائليا) , والذي اعفاني من العمل وعرض حياتي وحياة عائلتي الى فاقة اشد , لأني لا اشاركهم فسادهم.. اوعدني بالتدخل لصالح سمعة الدين والايمان كما كان يقول الا انه لم يتدخل بل اصبح موقفه مني ضعيفا , لاني احرجته و وضعته امام الامر الواقع... ومرة اخبرني بأن مساعدات كبيرة ستصل الى همت من حزب الدعوة وطلب مني ان الاحظها واخبره عن كمياتها وانواعها وكيفية توزيعها على العوائل في همت. وفعلا وصلت سيارة بيكب صغيرة تحمل قليلا من السكر والرز والمعجون وكان المشرف عليها والمرافق لها شخص من( اقاربي) فقلت له يقول الشيخ مهدي العطار بان مساعدات كبيرة ستصل الى همت لتوزيعها على العراقيين هناك , ولكنه يبدو سيارة بيكب صغيرة , فقال نعم .. لأننا سلبنا في الطريق , فأبتسمت وقلت له انه بيكب ومملوء لو كانت سيارة كبيرة لأتضح الموقف ولتبين امر التسليب ..هذا مثال واحد وليوم واحد . وقد استمر ما يسمى بمخيم همت للاجئين الى اكثر من ستة سنوات قبل اغلاقه وادخال قاطنيه من العراقيين الى مخيمات اكثر بؤسا داخل الاراضي الايرانية.. علما بان همت لم تعتبرها ايران ارضا ايرانية ولا العراق فهي اذن ارض حرام وهي فعلا ارض فيها الحياة حرام ان تسمى حياة. لحسن الحظ فقد كانت مياه الاهوار تمتلأ بالاسماك والطيور التي يصطادها سكان همت.. فكانت غذائنا الوحيد خلال الاسبوع في الطبابة وقليل من المواد الغذائية التي تزودنا بها اغاثة عمار. سألت مرة الطبيب المسؤؤل عن الاغاثة وهو جارنا في البصرة وقريب عائليا من المهرب سابق الذكر, عن مقدار المبلغ المخصص لأعاشة منتسبي الطبابة فقال انه ( فقط اربعين الف ريالا ايرانيا شهريا) أي ما يعادل مائة دولار وهو مبلغ كبير نسبيا في ذلك الوقت قياسا بمستوى المعيشة هناك واسعار المواد الغذائية , اذا ما لوحظ بان مرتبي في تلك الفترة كان عشرة آلاف ريال ايراني ولدي عائلة من خمسة اشخاص , وادفع ايجار سكن في قم وانا طبيب ومن يديرني وعملي هم من الاطباء.. فأي تعاسة كنا نعيش تحت رحمتهم؟؟ واي تردي اخلافي في نفوس اولئك المسؤؤلين؟؟ فلا عجب ان يعاني الآن العراقيون.. فالمسؤؤلون الحاليون هم ذاتهم المسؤؤلون الذين لا اريد ان اقول ما يجب ان اقول بحقهم... وشعبنا يعاني اقسى المعاناة .. قلت له الا تعطيني عشرة الاف ريال فقط وانا مسؤؤل عن اعاشة منتسبي الاطبابة خلال الشهر واتنازل عن البقية لك او للمؤسسة؟ ,فضحك وأمتنع وكيف لا يضحك.... كنا ثلاثة اطباء نتناوب على العمل لعشرة ايام ليل نهار في الشهر, نستلم خلالها عشرة الاف ريال فقط لكل منا . الامراض مختلفة معضمها امراض معدية وألتهابات جرثومية للجهاز التنفسي في الشتاء والاسهال في الصيف , بالاضافة الى الامراض الجلدية ومنها الجرب الذي لم يستثني احدا ومن ضمنهم كاتب هذه السطور. مشكلة اخرى كبيرة نواجهها في عملنا كأطباء هي عدم توفر وسائط لنقل الحالات المستعجلة الى المستشفيات الأيرانية القريبة في الخفاجية , الا سيارة اسعاف واحدة كانت دائما تحت تصرف الطبيب المسؤؤل, الذي يستخدمها في تنقلاته الشخصية وتلبية احتياجاته العائلية والعشائرية.. وان توفرت واسطة نقل ما فلا توافق على الارسال نقاط السيطرة والتفتيش العسكرية الايرانية في الطريق , وقد توفي بعض الاشخاص لهذا السبب , وعانت كثيرا احدى قريباتي من نزف مهبلي وهي حامل , وارسلت بصعوبة بالغة الى المستشفى في الخفاجية لأيقاف النزف , وقد دفعت اجور الفحص والعلاج . لقد كان البعوض بالملايين ومن الحجم الكبير وفي الايام الاولى تورمت وجوهنا وخاصة اطفالي من لدغاته , كما كانت الجرذان والفئرا ن تعيش بيننا ومعنا , وقد ثقبت حقيبتي الشخصية بحثا عن طعام.. حتى الجرذان كانت جائعة في همت. اذن كان هناك في همت بشر عراقيون من النساء والاطفال والشيوخ معزولين عن العالم لا احد يعترف بوجودهم. تدعي الاحزاب الاسلامية والجمعيات الخيرية المرتبطة بها والشخصيات الغنية انها تساعدهم ولكن باليسير اليسير بل (بالقطارة ) قياسا بما يقال ويدعى. عانى هؤلاء من الجوع والحر والبرد ومختلف الامراض وتفشى بين الاولاد والبنات الجهل والامية بسبب عدم وجود المدارس.. ما عدى التعزيات الحسينية , فبالاضافة الى بؤس العراقيين وحزنهم يضاف لهم الحزن على الحسين الذي لا يحتاج الى حزن لانه بطل وسيد الشهداء. كان الحكيم( شهيد المحراب) يزور هذا المكان بعض المرات يقرأ بين الجميع (تعزية حسينية) يبكيهم ويبكي معهم ( بل كان ينحب نحيبا) ويقول للحضور (كما كان الحسين مظلوما .. انتم مظلومون , وانا ايضا مظلوم , وليس لدينا الا الدعاء والبكاء تذرعا الى الله ان يفك عنا هذا القيد ويزيل هذه المحنة ووو....) . الحكيم لا يساعد احدا بشيء مهما تكن الظروف ومهما يكون السائل, بل يجلب طعامه وماؤه معه , لانه يعرف ماذا يأكل وماذا يشرب العراقيون هناك.. ويفعل هكذا جميع المترفعين الذين زاروا المنطقة لأستغلال ساكنيها والعيش على مأساتهم.. فكلما تدخل سيارة فيها عمامة او كاميرات تصوير, حسبها الناس سيارة اغاثة او تحمل مساعدات , فيهرعون خلفها ويتعلقون بأبوابها وجوانبها, ولكنها تحمل الكاميرات الكبيرة والمصورين البارعين لتصوير التعاسة والبؤس وتسويقه في (عواصم الكفر... لندن وغيرها) لجمع الخيرات والتبرعات التي هي في احسن الاحوال صدقات او هبات تشترى بها ذمم الابرياء وتباع اوطان . او في جوامع وحسينيات دول الخليج لجمع التبرعات التي سرعان ما تصبح مسروقات بيد سراق بارعين يلتحون ويحملون العمائم على رؤؤسهم. اشهد على ذلك لأنهم يلتقون جميعا في مقر الطبابة في همت , التي اتواجد فيها لمدة عشرة ايام في الشهرواسمع من بقية الاطباء وسواهم نفس الحكايات ونفس الروايات .. اتذكر تلك الشابة وهي من اهالي الهوير في البصرة عندما حملها والديها الى الطبابة لانها ترتعش بشدة من البرد , واعتقدوا بانها مصابة بمرض عصبي خطير, ولكن عند فحصها لم الاحظ عليها الا علامات فقر الدم الشديد , ومن خلال الحديث معها بعد ان غطيتها ببطانيتين لدي في الطبابة انتبهت ولم ترتجف بعد , فتبين ان ارتجافها كان بسبب البرد وانهم لا يملكون الاغطية الكافية وتشكو من الجوع ايضا ... اعطيتها كذلك قطعة من الخبز فتناولته كانها صائمة منذ اسبوع. وبعد ساعة من الحديث معها ووالديها اكتشفت عفة هذه العائلة ورقي تربيتها وان الارزاق المخصصة لهم تسرق اكثر من مرة وما يصلهم لا يكفيهم ولا يطلبون من احد , وقد اطلعوا على مستويات مختلفة من السرقة والفساد وهم صابرون مصابرين.. ومرة زاني في الطبابة شاب يتقيء دما وليس للحالة علاج ناجع الا بالاحالة الى أقرب مستشفى للتشخيص السليم والعلاج المناسب , وما فعلته له ان اعطيته سائلا مغذيا في الوريد بأنتظار ارساله الى المستشفى , ولكن كل محاولاتنا مع نقطة التفتيش باءت بالفشل , وبعد ساعات تدخل رجل دين زار الطبابة لأمر ما ولم يعرضه امامي لانه وجدنا مشغولين بهذه الحالة , وسمعني اتعرض بالكلام الشديد ضد نقطة التفتيش والنظام في ايران الذي لا يحترم الأنسان ولا يفهم معنى الدين من جوانبه الانسانية .. اراد ان يستفسر مني عن الحالة , فأعطيته موجزا وطلبت منه ان يتدخل ويستخدم عمامته انسانيا , ومرافقة هذا المريض الى مستشفى الخفاجية , وفعلا استجاب محاولا وحمل المريض في سيارته ولم اسمع بعد اخبار ذلك المريض , الا بعد ذهابي بأجازتي الدورية الى قم ثم عودتي الى همت, حيث توفي هذا الشاب لان المستشفى رفضت معالجته الا بعد دفع مقدمة اجور الادخال الى المستشفى والعلاج ايضا ...ومثل هذه الحالة حالات وحالات اخرى مشابهة , فكم ستكون خلال الستة سنوات التي قضاها الناس هناك . علما باني عملت في هذا المكان خمسة اشهر فقط . لقد تصلبت قلوب ما يسمى بالمحسنين والاخيار والاغنياء او انهم لايعلمون بما يحصل في العالم من قبل حاشيتهم وسماسرة الدين.. ممنوع ان تذكر اسم بعض الاحزاب السياسية التي لا تخنع خنوعا كاملا لايران كحزب الدعوة الاسلامية ومنظمة العمل الاسلامية لانهما يختلفان في بعض المواقف السياسية مع ايران ولا يتفقون مع اطروحات وقيادة الحكيم بل يعارضونها , لهذا منع عليهم أي نشاط سياسي حزبي علني حتى صحفهم الحزبية لا يحق لهم توزيعها على منتسبيهم ولا توزع في المخيمات .. فكانوا سريين في عملهم الحزبي والسياسي .. الكلمة العليا هناك فقط للمجلس الاعلى وفيلق بدر واحزاب الله وثأر الله لأنها جميعا تابعة طيعة لايران في كل شيء.. في طريقة كلامها و لغتها .. في سلوكها وايمانها وتقليدها وشعاراتها وعزائها وطريقة لطمها وصناعة السلاسل الحديدية( الزنجيل) تتم هناك في (مصانع متطورة ) بمستوى معامل اليورانيوم.. التي اعتقد بأنها اقل خطورة (مجازيا) من الزنجيل الذي يحطم ظهور الصبيان ويجمد عقولهم منذ ما يزيد على الف عام والى الآن ... وهل سيستمر الحال؟؟ وهل سنستمر؟؟؟ عبد العالي الحراك 15-11-2007
ماذا جنى الشعب العراقي من تجربة الاحزاب السياسية الاسلامية العراقية البائسة في ايران ؟ .. وما ذا يجني الآن في العراق؟
في المحمرة...بؤس المخيم وبؤس الحياة (3 ) الحلقة الثالثة
في المحمرة وهي مدينة عربية تابعة لمقاطعة الأهواز , تقع في جنوب ايران , مقابل مدينة االعشار في البصرة.. يوجد فيها مخيم للاجئين العراقيين يتوسط الصحراء, حدوده من الشمال صحراء ومن الجنوب صحراء ومن الغرب صحراء ومن الشرق صحراء , ويبعد عن مركز المدينة عشرة كيلومترات تقريبا , يحتوي على ما يزيد على ألف ومائتين وخمسين لاجئا عراقيا تقريبا , يسكنون مع عوائلهم في غرف جاهزة مصنوعة من صفائح الالمنيوم المضغوط , باردة جدا في الشتاء وحارة لا تطاق في الصيف .. لا كهرباء متوفرة ولا مياه صالحة للشرب... قليل من النفط الابيض يوزع على العوائل للطهي وللتدفئة في الشتاء , اما في الصيف فلا يوجد أي مستوى من التبريد , لا مراوح منضدية ولا مبردات لان التيارالكهربائي ضعيف جدا , والذي توفر لاحقا عن طريق مولدة كهربائية واحدة لا تكفي لتغذية وتزويد جميع البيوت بالكهرباء .. تتوفر فقط (مهفات يدوية) تعرفها العوائل العراقية الريفية قبل اكثر من خمسين سنة . في منتصف الصيف لذلك العام الذي نقلت فيه من طبابة همت الى طبابة هذا المخيم .. جاء رجل دين معمم من مدينة مشهد ترافقه شاحنة كبيرة , محملة بالمبردات والمراوح المنضدية , قام بتوزيعها على العوائل بالقرعة وقد نقصت بعض العوائل فسلمهم نقودا بأثمانها لشرائها من سوق المحمرة وتعهد بنصب مولدة كهرباء كبيرة تغذي جميع البيوت وعلى حسابه الخاص . كان انسانا نبيلا متألما على حال العراقيين لأنه عاش زمنا في النجف ودرس العلوم الدينية هناك ويعترف بشيمة العراقيين ونبلهم وحسن تعاملهم مع الغريب خاصة , وقد طلب منا ان نزوره في بيته في مشهد كما طلب من مسؤؤل المخيم ان يرافق من يرغب من العوائل زيارة مرقد الامام الرضا هناك على نفقته الخاصة ولكن هذا لم يتحقق لأسباب امنية كما ادعى ذلك المسؤؤل. كانت المواد الغذائية قليلة ويسرق معظمها من قبل اتباع المتبرعين بها ومسؤؤل المخيم وحاشيته كما ان الشوارع غير مبلطة تمتلأ بمياه الامطار في الشتاء وتغطيها الاتربة في الصيف.. لا توجد مدارس بأي مستوى كان , كما لا يحق لأي شخص الدراسة في المدارس الايرانية في مدينة المحمرة لان الجميع بدون اقامة رسمية. مساعدات الاحزاب الاسلامية العراقية والجمعيات الخيرية المرتبطة بها لا يصل منها عمليا أي شيء سوى الدعاية والاعلام الكاذب.. كانت حجتهم انهم يمنعون من دخول همت لانها منطقة عسكرية وامنية ولا تعترف بها الحكومة الايرانية ولكن في المحمرة ما هي حجتهم؟ ... ليست لديهم حجة مقبولة سوى الطمع في المزيد من السرقة والفساد.. في هذا المخيم كانت توجد طبابة تابعة لاغاثة عمار مثلما موجود في همت اعمل فيها كطبيب ومعي معاون طبي ومضمد من اهالي البصرة وممرضة عربية من المحمرة.. كان النقص اشد مما هو في همت والادوية منتهية المفعول والاجنبية الصنع منها تستبدل بأخرى ايرانية اقل جودة.. الحالة الصحية سيئة للعراقيين وتنتشر كذلك الامراض المعدية وحالات الاسهال والالتهابات الرئوية.. كان العمل اسهل مما كان عليه في همت فيما يتعلق بأرسال الحالات الصعبة الى المستشفيات في المدينة بسبب تعاون مسؤؤل المخيم الايراني من اصل عربي... اعفيت من عملي بسبب عدم استجابتي لطلبات المسؤؤلين وخاصة السيد مكي البطاط في التوقيع على استمارة توزيع المواد الغذائية وخاصة الحليب والبطانيات لان قوائم وهمية مزورة تنظم لهذا الغرض وما يتم توزيعه عند قدوم لاجئين جدد الى المخيم كان قليل جدا لا يتناسب مع ما يريدون ذكره في تلك القوائم.. كان اعفائي مفاجئا حيث كنت بأنتظار استلام راتبي المتواضع والذهاب بأجازة اعتيادية الى عائلتي في قم والتي تبعد بالقطار 15 ساعة تقريبا واذا بالسيد هاشم البطاط ( محاسب الاغاثة) وهو ابن عم مسؤؤل الاغاثة السيد مكي البطاط يسلمني مرتبي ويبلغني بكتاب رسمي امر اعفائي مباشرة دون مهلة ودون انذار ودون ذكر الاسباب . وما علي الا ان اراجع الدكتور صاحب الحريري في طهران اذا اردت معرفة السبب .. سافرت من المحمرة الى الاهواز ومنها مباشرة الى قم وفي العربة سرق مرتبي بينما كنت نائما حيث صباحا وعند نزولي في محطة قطار قم لاحظت حقيبتي مفتوقة من جانبها والمحفظة الصغيرة التي تحتوي على الراتب مكسورة القفل ايضا ولم اعثر فيها على فلسا واحدا.. تجرعت همي وبلعت المي يجرحني وسرت مشيا على الاقدام الى داري التي تبعد ساعة تقريبا ع عن محطة القطار.. وصلت متعبا فوجدت ابني احمد قد ولد وهو يتمدد على فراشه جنب امه.. بكيت لان امهه كانت لوحدها رغم رعاية الاقارب لها كما لا اعلم بولادته ولم احمل له او لامه هدية وقد زاد الطين بلة سرقة مرتبي .. كان طفلا هزيلا ضعيفا شاحبا بسبب سوء التغذية على مدى ايام وشهور. كما كانت المساعدات المالية والغذائية تسرق كثيرا قبل وصولها الى اصحابها في مخيم المحمرة كانت تسرق الملابس التي تصل من الهلال الاحمر الكويتي والاماراتي وتستبدل الملابس الجديدية باخرى قديمة مستعملة وقد عثر عليها تباع في المحلات التجارية في مدينة المحمرة وقد كشف هذا الموضوع مسؤؤل المخيم نفسه لان مسؤؤل الهلال الاحمر الايراني في المدينة قد سرق هذه الملابس وباعها على اصحاب المحلات ولم يسمح لمسؤؤل المخيم بالاطلاع عليها في مخازنها. مما اضطره أي مسؤؤل الهلال الاحمر ان يشاركه بنسبة منها قبل ان يرفع شكواه الى المسؤؤلين في المدينة.. ثم ان سيارات الامن الايراني في المدينة تزورمسؤؤل المخيم ليلا وتحمل ما تشاء من المواد الغذائية حصة ساكني المخيم الذين تزداد شكاواهم شهر بعد شهر
لقد حاول مسؤؤل المخيم ومسؤؤل الهلال الاحمر في المدينة اعاقة او تأخيرامرغلق المخيم لاسباب امنية حسب اوامر الجهات الحكومية في المحمرة لغرض الاستمرار بالسرقة والاستفادة الدائمة من وجود العراقيين في هذا المكان ولكنه اغلق ووزع العراقيون على مخيمات اخرى ولم يمنح ايا منهم اقامة رسمية. ليس لأي حزب سياسي اسلامي عراقي او شخصية عراقية أي دور في الدفاع عن العراقيين ولا يؤخذ برأيهم وكلامهم من قبل المسؤلين الايرانيين وكان بعضهم ممن له علاقة سابقة بالسيد الخامنئي ان يلتقوا بهذا الاخير ويطلبون مساعدته للعراقيين في همت , ولم تنتج هذه الوساطات والتدخلات الا بعد سنين وبعد ان وصلت اخبارها اصقاع الدنيا ومنها الامم المتحدة حيث تظاهر بعض العراقيون في لندن حول الموضوع وانتشر الخبر فاستعجلت الحكومة الايرانية امرها فأمرت بادخال العراقيين في همت الى داخل ايران. لقد كانت الحكومة الايرانية تستلم من هيئة شؤؤن اللاجئين التابعة للامم المتحدة مبالغ كبيرة مخصصة للاجئين العراقيين الا ان الحكومة لا تدفع للعراقيين شيئا وتحسبها بدلا عن السكن البائس والخدمات الاخرى . وكذلك كانت الامم المتحدة على استعداد لدفع المزيد من الاموال الى اللاجئين العراقيين عن طريق الحكومة الايرانية بشرط ان يسمح لها بزيارة المخيمات والاطلاع عليها وعلى مستوى الحياة ومعيشة العراقيين فيها . ولكن الحكومة الايرانية كانت ترفض دائما زيارة أي لجنة من الامم المتحدة كي لا ينفضح امرها وحجم سرقاتها. كما ابدت مجموعة من الدول الاوربية استعدادها لبناء مخيمات لائقة للاجئين العراقيين في بعض المدن ومنها المحمرة الا ان الحكومة الايرانية وافقت على استلام المبالغ فقط وتقوم هي بالبناء.. الا ان هذه الدول لم توافق على طلب الحكومة الايرانية للتجارب السلبية معها في هذا المجال في مخيمات اخرى . كان مسؤؤل المخيم يتعاطى الرشوة من بعض العراقيين مقابل السماح لهم سرا بالخروج من المخيم للعمل في المدينة حيث يستلم حصة من عرق جبينهم وهم في ذلك مجبورين بسبب صعوبة الحياة والشحة في تلبية احتياجاتهم الاساسية . النشاطات السياسية في المخيم كانت مقتصرة على اتباع الحكيم والمجلس الاعللى اما حزب الدعوة ومنظمة العمل الاسلامي فيمنع عليهما زيارة المخيم ولا يسمح بتوزيع صحفهم الحزبية.
#عبد_العالي_الحراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟