|
صحوة اسلامية أم غفلة؟
عمار تسقية
الحوار المتمدن-العدد: 2105 - 2007 / 11 / 20 - 10:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تتردد عبارة "الصحوة الاسلامية" في كثير من الصحف و المجلات وبعض أدوات الاعلام والكتاب المسلمين وغيرهم وقد صاحب هذا الاعتقاد ظهور بعض الجماعات و الحركات الاسلامية في منطقة الشرق الأوسط خصوصا مطلع القرن الماضي و بدأت هذه الحركات الاسلامية تتوسع و تأخذ شكلا تنظيميا منسقا متبنية فكرة الأمة الاسلامية الواحدة سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و كل أشكال الاندماج ألأيدولوجي و السياسي و الديني, حيث لاقت قبولا منقطع النظير لدى شعوب المنطقة و سرعان ما أخذت هذه الجماعات تروج لفكرة الخلافة الاسلامية الواحدة و الثقافة و الدين الواحد التي يكون الخليفة فيها بمقام ظل الله في الأرض ووجوب طاعته لأن طاعته من طاعة الله و بدأت هذه الثقافة الخيالية تغزو عقول الأجيال فانطلقت هذه الحركات تنظم صفوفها وتجند الشباب و الطاقات مستغلة العاطفة الدينية معلنة الجهاد في سبيل الله ورفع راية الموت امنية لتحقيق هذه الغاية و الوصول الى الخلافة الاسلامية الواحدة. ففي منتصف القرن الماضي بدأت الصدامات و المواجهات بين هذه الحركات المعبئة جماهريا بالثقافة المتشددة الواحدة وبين الحكومات و التيارات اليمينية أو اليسارية أو التحررية فأريقت كثيرا من الدماء و انتهكت الحرمات ودمرت كثيرا من المؤسسات المدنية تحت شعارات مختلفة وقامت الحكومات بقمع هذه الحركات و التنكيل بها و استئصالها و اقصائها ومنعها. و بائت أنشطة هذه الجماعات و الحركات الاسلامية في معظمها بالفشل الزريع و الهزيمة تلو الهزيمة وشردوا من أطانهم وانتهى كثيرا منهم الى الموت المحتم أو السجن أو النفي ولازالت هذه الحركات تردد عبارة "الصحوة الاسلامية" مبررة هزيمتها بأنه امر الهي مطلوب ولازال بعضهم يطلب المزيد من هذه التضحيات ويقنع اتباعه بالصبر وبعد مرور قرن لهذه الحركات الاسلامية ارى انها "غفلة اسلامية" ولاتمت بشئ الى مفهوم الصحوة فهي لم تحق اي شئ من الأهداف و الشعارات سوى التي قالت أن" الموت امنيتنا" ولعلي أذكر بعض اسباب الفشل و"الغفلة الاسلامية" 1 – كانت هذه الحركات أو الجماعات تعتمدا اعتمادا اساسيا على منهج التشدد و التطرف و التكفير احيانا والاستبداد بالفكر الاسلامي واقفال العقل بالتفكير قي أي شئ خارج عن اطار الاسلام واعتبار سواه خطا أحمر ينحرف من تجاوزه 2- خلو هذه الجماعات أو الحركات من البرامج الاجتماعية و الاقتصادية و التنموية الواقعية فكان تصورها للخلافة الاسلامية الواحدة و العدالة المطلقة ونزاهة المجتمع وخلوه من الأخطاء هو أشبه مايكون بحلم أو بمدينة أرسطو المثالية. 3- أكثر هذه الجماعات أو الحركات طرحت مشروع "الاسلام دين و دولة" وهي دعوة الى أسلمت السياسة وهي من البدع الحديثة التي تحمل الدين الاسلامي أكثر مما يحتمل, فكثير من هذه الجماعات وضعت تصورا للنظام السياسي من خلال قراءة متشددة للقران الكريم و الحديث النبوي فاعتبرت أن السياسة ومشروع الدولة لايمكن أن يكون الا من خلال القرأن او الحديث النبوي مسوقة نصوصا يحتمل تأويلها لهذا المشروع ولكن يصطدم بالواقع فبدأت تسيرا ضد تيار حضاري متقدم جارف لم تكن هي الا صخرة معرقلة لمسيرة النهضة المدنية الحديثة. 4- أنطلقت تصورات و برامج هذه الجماعات او الحركات الاسلامية لجميع امور الدنيا من خلال القرآن الكريم أو الحديث النبوي فبدأت بأسلمت السياسة ثم بأسلمت الاقتصاد وبعدها بدأنا نسمع عن الطب الاسلامي وبعض علمائهم بدأ يأول بعض ايات القرآن ليشتق منها بعضا من علوم الطب و الفلك و الحساب و التشريح والفيزياء....الخ وكل هذه التأويلات اما غلوا في الفهم أو تحريفا لفهم النصوص أو تحميلا للدين الاسلامي أكثر مما يحتمل. 5- اعتبرت هذه الجماعات أو الحركات الاسلامية أن المدنية الحديثة و الثقافة الغربية ما هي الا جاهلية أشد جهلا من تلك التي سبقت عصر محمد ص و يجب مجابهة الجاهلية الحديثة بالفكر الاسطوري و القوة المادية.
هذا بعض لأسباب الفشل و الهزيمة التي منيت بها هذه الحركات و الجماعات وبقي أسئلة كثيرة اترك القارئ أن يتسائل: هل الاسلام دين يشمل كل العلوم الدنوية؟ و هل يتحمل الدين الاسلامي فشل السياسة الاسلامية أو الاقتصاد الاسلامي ؟ هل استحالة استنباط النظريات السياسية أو الاقتصادية من القرآن الكريم أو الحديث النبوي يجعل الدين الاسلامي في مقام العجز وعدم الصلاحية؟ أم أنه من الأفضل فهم الدين الاسلامي في اطاره الصحيح بأنه دين للفرد يهتم بتعريف الانسان بخالقه وصلته به دون اقحامه في علوم الدنيا وشؤونها؟ هل جاء الرسول محمد ص بمشروع دولة سياسية أم بدين اسلامي؟ هل كانت الدولة السياسية الأولى بقيادة محمد رسول الله بالمدينة دولة عقلانية حديثة مرجعها العقل و الحكمة أم الوحي و السماء؟ وهل ستبدأ هذه الحركات و الجماعات بالتفكير في أسباب الفشل ومراجعة المناهج الفكرية التي قامت عليها وأثبتت فشلها؟ هل ستتحرر هذه الحركات و الجماعات من نظرية المؤامرة التي تحاك ضدهم؟ هل ستبدأ التفكير في كيفية جلب الأصدقاء و تحبيب الناس بهم بدل من البحث عن أعداء جدد؟ هل ستتحرر من عقدة المشروع السياسي الاسلامي الى المشروع المدني العقلاني؟ هل تملك هذه الحركات أو الجماعات أدوات التحررالفكري ؟ أم أنها ستبقى سجينة المراجع الصفراء غير القرآن و الحديث؟
عمارتسقية كندا - تورنتو
#عمار_تسقية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
-
ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
-
الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس
...
-
عاجل| يديعوت أحرونوت: الكنيست يصدق بقراءة تمهيدية على مشروع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|