أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالخالق حسين - حزب البعث والإرهاب















المزيد.....

حزب البعث والإرهاب


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 649 - 2003 / 11 / 11 - 02:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما نصف حزب البعث العربي الإشتراكي بالفاشية والنازية، فليس ذلك بدافع العاطفة أوالإبتعاد عن الموضوعية، وإنما لأن هذا الحزب هو هكذا، فكراً وعملاًُ، منذ تأسيسه ولحد الآن، حيث مارس أبشع أنواع الإرهاب ضد الإنسانية، سواء كان في السلطة أو خارجها. ولعله أول تنظيم سياسي في البلاد العربية تبنى ومارس الرعب واغتيال الخصوم  كمنهج عمل لتحقيق أغراضه. لذلك يمكن إدراجه ضمن الأحزاب العنصرية وبنسخة متطرفة ومتطورة، متبنياً الأسوأ ما في الأحزاب العنصرية من أساليب شريرة عبر التاريخ. وقد قام هذا الحزب بتهجير ما يقارب المليون من العراقيين بحجة التبعية والحفاظ على نقاء الدم العربي في العراق. فإن لم تكن هذه السياسة عنصرية، فما هي العنصرية إذَنْ؟

 

فمؤسس الحزب وواضع آيديولوجته، ميشل عفلق، كان من أشد أعداء الديمقراطية ويبغضها بهوس بالغ، لأنه فشل مرتين في الإنتخابات البرلمانية السورية في الأربعينات من القرن الماضي. وهذا الفشل ترك بصماته الدائمة على نفسيته وتفكيره، لذلك ناصب الديمقراطية العداء واعتبرها فكرة استعمارية مستوردة من الغرب، معادية للأمة العربية و"رسالتها الخالدة" وتبنى سياسة العنف والإنقلابات العسكرية بدلاً من التداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع. كما وشحن عقول الشباب بالنزعات العدوانية وتقديس العنف وأحالهم إلى أدوات صماء لتنفيذ الإرهاب وقتل أبناء جلدتهم وتدمير بلادهم بدلا من أن يكونوا أعضاء مسالمين لخدمة مجتمعاتهم.

 

وقد ابتلى شعبنا العراق بهذا الحزب العنصري-الطائفي منذ أواخر الأربعينات وانتمى له العديد من الذين انخدعوا باللعبة وتأثروا بشعاراته المعلنة (وحدة حرية اشتراكية.. أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) واعتقدوا بها ربما بنوايا صادقة، والقلة منهم لما تكشفت لهم حقيقة هذا الحزب ابتعدوا عنه، ولكن هناك كثيرون تم غسل أدمغتهم بالآديولوجية رغم ما بها من كذب وزيف بحيث اقتنعوا بها وبدوافع قومية وعاطفية وتزييف الوعي بشكل لا رجعة منه، راحوا ينفذون سياسات الحزب كوحوش كاسرة. وبرز هذا الحزب على حقيقته وتمادى في جرائمه بعد ثورة 14 تموز 1958، حيث انضم إليه أبناء الإقطاعيين والملاكين الكبار والمتضررين من الثورة من بقايا العهد الملكي والعنصريين والطائفيين، فتم توظيف البعث لضرب الثورة وتحت مختلف المبررات والواجهات.

 

وفي تلك الفترة، أي في عهد الزعيم عبدالكريم قاسم الذي تعرض لمحاولة الإغتيال، تم اعتقال العديد من البعثيين لقيامهم بأعمال معادية للوطن، وكانت المعتقلات آنذاك أشبه بفنادق خمس نجوم كما وصفها البعض منهم، حيث كانوا يقيمون الحفلات والندوات من داخل السجون وينظمون من يلتقون بهم من السجناء المجرمين. وبهذه الطريقة استطاع البعثيون ضم عدد كبير من المجرمين الإعتياديين إلى صفوفهم كما أكد ذلك الأستاذ حسن العلوي، البعثي السابق، في كتابه القيم (عبدالكريم قاسم، رؤية بعد عشرين عاماً).

وتم استخدام المجرمين العاديين من الأشقيائية لتنفيذ مخططات البعث في بث الرعب بين الناس واغتيال الخصوم السياسيين في عهد ثورة 14 تموز وما بعدها. فبعد مؤامرة الشواف في الموصل وحدها اغتالت فرق الإجرام البعثي  أكثر من 400 من اليساريين والوطنيين الديمقراطيين مما اضطر آلاف العوائل الموصلية بالفرار إلى المدن العراقية الأخرى مثل بغداد والبصرة أو حتى مغادرة العراق.

أما بعد إنقلابهم في 8 شباط 1963 الأسود فحدث ولا حرج، حيث قتلوا ما يقارب عشرين ألفاُ خلال أسابيع قليلة، من اليساريين والوطنيين الديمقراطيين وحولوا قاعات الأندية والملاعب الرياضية وحتى بعض الشوارع إلى معتقلات مزدحمة بالوطنيين. وأطلقوا العنان لمليشيات الحرس القومي للاعتداء على أعراض الناس وممارسة أبشع أنواع القتل العشوائي والتعذيب، حتى بزوا أعمال هولاكو وجنكيزخان.

 

أما بعد انقلابهم "الأبيض" في 1968 وما تلاه فقد حولوا العراق كله إلى أكبر سجن في العالم حيث اختلطت فيه المقابر الجماعية بالسجون وزنزانات التعذيب وأحواض الأسيد والمسالخ البشرية فوق الأرض وتحتها في طول البلاد وعرضها. ولحد كتابة هذه السطور تم اكتشاف 250 مقبرة جماعية في العراق ويقدر البعض عدد الضحايا إلى مليون وثلاثمائة ألف قتيل (تقرير في الشرق الأوسط، 9/11/2003). فهل هناك إرهاب أشد هولاً من هذا؟

 

وبعد هذا كله يطلع علينا نفر من السذج أو الخبثاء المتسترين بنوايا "ديمقراطية" ينتقدون حل الحزب ومؤسساته مطالبين بأنه يجب التمييز بين البعثيين الأشرار والبعثيين الأخيار!!. طبعاً لا نقصد بذلك المغلوبين على أمورهم الذين انتموا مضطرين لضمان معيشتهم وتركوا الحزب بعد سقوط النظام. ولكننا نقصد أولئك الذين يطالبون بحق الحزب في العمل السياسي وتحت قيادة جديدة وإلقاء كل جرائم النظام على صدام حسين وحده وتبرئة الأعضاء الآخرين وشرور الآيديولوجية البعثية العنصرية. وهذا منطق مغلوط، لأن الحزب في جميع مراحله، مارس الإجرام. فهل الجرائم التي ارتكبها البعثيون بعد انقلابهم الدموي في 8 شباط 1963 كانت بسبب صدام حسين؟  من هنا نعرف أن هذه الجرائم هي من صلب الآيدولوجية البعثية، وعليه يجب معاملة هذا الحزب كحزب عنصري مقيت لا يتفق مع النظام الديمقراطي، بالضبط كما عوملت الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا والعنصرية في جنوب أفريقيا.

 

نعم، قلنا أن هذا الحزب اتخذ الإرهاب وسيلته المفضلة لتحقيق أغراضه، سواء كان في السلطة أو خارجها. وقد ظهر هذا الإرهاب بأبشع صوره بعد سقوطه الأبدي في 9 نيسان/أبريل حيث راحت فلوله تنشر الموت والرعب والخراب في ربوع الوطن وذبحوا فرحة الشعب بخلاصه من الفاشية. وهذا دليل واضح على ما يكنه هذا الحزب من عداء سافر للشعب والوطن. فقارن بين الزعيم عبدالكريم قاسم وبين صدام حسين وحزبه الفاشي. ففي بوم 8 شباط 1963 تدفقت مئات الألوف من الجماهير الشعبية على وزارة الدفاع مطالبة الزعيم بتزويدها بالسلاح لسحق المتآمرين، ولكنه رفض ذلك خوفاً على أرواح الناس من حصول حرب أهلية وزهق أرواح الأبرياء، ففضل أن يضحي بنفسه بدلاً من إلحاق الأذى بالشعب. قارن هذا الموقف مع موقف صدام حسين الذي هدد بأن الذي يحكم العراق من بعده سيستلمه خرائب بلا شعب. فأين الوطنية والقومية في هذا الموقف الإجرامي. وهذه ليست سياسة صدام وحده، بل سياسة البعث الذي راح يمارس الإرهاب في بث الرعب وقتل الأبرياء وتدمير الإقتصاد الوطني، لا لشيء إلا من أجل تدمير البلاد وعودة حكم القتلة.

 

فخلال أربعين عاماً من حكم القوميين والبعثيين بالنار والحديد، صار الشعب يعيش حالة رعب مستديم ضارب جذوره في أعماق العقل الباطن للإنسان العراقي إلى حد أن العراقيين صاروا حتى بغياب حكم البعث الجائر يتجنبون نقد صدام خوفاً من الانتقام. وهناك نكات يتندر بها الناس في العراق حول الخوف المتفشي من صدام وحزبه. إحدى هذه النكات تفيد أن راكباً في الباص في بغداد تجرأ وشتم صدام حسين قائلاً: (ألف لعنة عليك يا صدام، جبت علينا الأمريكان)، فصرخ عليه راكب آخر بغضب قائلاً: ( إخرس يا خائن، حذار أن تشتم إبن عمي صدام). فخيم الرعب والسكون على الركاب جميعاً ولم يتجرأ أحد بالكلام...وبعد فترة صمت رهيبة، فجأة ضحك إبن عم صدام المزعوم قائلاً (شوفوا كم أنتم جبناء.. ألعن أبو صدام لا أبوا الذي جاء به علينا). هذه النكتة الشائعة الآن في بغداد، تدل على مدى الرعب الذي مارسه هذا الحزب في تشويه نفسية الناس خلال حكمه الطويل، خاصة إذا ما عرفنا أن ما يقارب 70% من الشعب العراقي ولدوا بعد 1968. فأية حالة نفسية مرعبة يعيشها هذا الشعب؟ ومن هنا نعرف مدى ضرورة اجتثاث هذا الحزب وآيديولوجته العنصرية المعادية للإنسانية، من الجذور دون رحمة كإجراء ضروري لمعالجة الحالة النفسية الرهيبة التي يعيشها أبناء الشعب المرعوبين من هذا الغول الرهيب ولمنع عودة الفاشية مرة أخرى.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إرهابيون في بلادهم... مقاومون في العراق!!
- هل ستنسحب أمريكا من العراق قبل تحقيق الأهداف المرجوة؟
- فشل اجتماع دمشق صفعة في وجوه حكام سوريا وانتصار للعراق
- الإنصاف معاقبة الشعب العراقي بجرائم صدام ؟
- إلى متى يُترك مقتدى الصدر يشعل الحرائق في العراق
- القرار 1511 إنتصار لأمريكا وإنقاذ لماء وجه معارضيها
- سجال حول إعادة حكم الإعدام في العراق
- أخطر رجل على العراق الجديد
- قراءة في كتاب الدكتور جواد هاشم: مذكرات وزير عراقي مع البكر ...
- عودة إلى مسودة قانون الجنسية العراقية الجديد
- المساعي الفرنسية المحمومة في إجهاض دمقرطة العراق
- ملاحظات حول صياغة قانون الجنسية العراقي الجديد
- إستشهاد الحكيم دليل آخر على خسة ما يسمى ب-المقاومة
- الزلزال العراقي والمثقفون العرب
- لماذا الإصرار على حكومة عراقية منتخبة الآن؟
- الاحتلال تحرير ومقاومته جريمة
- خطاب مفتوح إلى مجلس الحكم الإنتقالي
- 14 تموز 1958.. ثورة أم إنقلاب؟
- الخراب البشري في العراق...أوضاع أغرب من الخيال
- اضواء - امرأة سومرية


المزيد.....




- قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
- زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص ...
- إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد ...
- تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
- لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
- الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
- لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال ...
- سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
- مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م ...
- فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالخالق حسين - حزب البعث والإرهاب